إيمانًا بأن الإرهاب يبدأ من الفكر والعقل، انطلقت ما تسمى قوافل "دعاة المقاهي"، التي نظمتها وزارة الأوقاف بالتعاون مع مجمع البحوث الإسلامية؛ لتوعية المسلمين بأمور دينهم من خلال تواصل الدعاة والوعاظ مع الشباب على المقاهي العامة والثقافية، والإجابة عن الاستفسارات التي تدور بذهنهم في مختلف القضايا. وكلف الأزهر عددًا من الدعاة بالانتشار في الأماكن العامة لتوعية روادها دينيًا، ووعظهم وإرشادهم والاستماع إلى أسئلتهم والإجابة عنها، ولاقت التجربة قبولًا بعد تدشينها بأيام لدى قطاع عريض من الشباب المسلم، لاسيما في مدن الصعيد وقيام الشباب بتوجيه العديد من الأسئلة التي باتت محل جدل بين دعاة الفضائيات، خاصة المتعلقة بالصيام والزكاة والمعاملات. وانطلقت الفكرة إلى الآن من الإسكندرية، تحت عنوان "دعوة إلى الله"، وشهدت منطقة العجمي تجول مجموعة من الدعاة على المقاهي مرتدين الزي الأزهري، وجلسوا وسط روادها، وألقوا عليهم الخطب الدينية وشرح مفاهيم الإسلام الوسطي، والرد على الأفكار المتطرفة. ظهرت الفكرة مؤخرًا، بعد الدعوات المتتالية للرئيس عبدالفتاح السيسي، بضرورة التخلص من الأفكار المغلوطة والمتطرفة، ووجود آلية لتجديد الخطاب الديني، بالتعاون بين الأزهر والأوقاف ومجمع البحوث الإسلامية. وبالرغم من أن هدف قوافل الأزهر هي الدعوة إلى الدين السليم والمفاهيم الصحيحة، إلا أن تخوفات عدة بدت تطفو على السطح من اندساس بعض المتطرفين أو من ينسبون أنفسهم للأزهر في تلك القوافل، لذا شدد أزهريون في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد" على ضرورة وجود رقابة على تلك القوافل ووضع معايير وشروط لاختيار الدعاة. يوضح الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن هناك أفكارًا مغلوطة ومتطرفة منتشرة بين العامة، ويقود عملية ترويجها الكثيرون في كل المناطق، لافتًا إلى أن فكرة المناقشة مع الجماهير ستجعلهم على وعي ودراية بأمور دينهم ودحض المتطرف منها، وتصحيح الخاطئ. ويشير إلى أن الفكرة تهدف لوجود تواصل بين الوعاظ والجماهير، فالاحتكاك خارج المساجد يولد نوعًا من التفاعل في جميع الأوساط لاسيما الشعبية، التي يستغلها البعض لترويج التطرف، موضحًا أن الدعوة لا بد لها أن تنشر خارج المساجد وفي كل مكان. وشدد على ضرورة اختيار نوع القضايا التي يتم مناقشتها في المقاهي، ووجود رقابة عالية عليها، حتى لا يكون للتطرف منفذ يلج منه إلى الجماهير، وضرورة وجود معايير وشروط محددة لمن يكون من هؤلاء الدعاة والوعاظ. الدكتور عبدالحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتاوى السابق، أوضح أن قوافل الدعاة لها مكانتها ووضعها، ولا بد أن تكون في الأماكن التي تصلح فيها الدعوة وبها تجمعات من الناس، مثل النوادي والمساجد وأماكن تجمع الفلاحين والعمال. وشدد على أن الأمر قد يدفع بعض المتطرفين للاندساس في تلك القوافل والادعاء بالانتماء لها والدعوة للأفكار المتطرفة، دون علم الأزهر، لذلك لا بد من وجود رقابة شديدة عليها وأن يكون العضو فيها من علماء الأزهر المعتدلين الفاهمين، ولديهم القدرة على توصيل المعلومة لمن يدعوا لهم، فهي من شروط نجاح الداعية وحتى تأتي الدعوة ثمارها. وأضاف: "زمان الواعظ كان بيروح لهيئة الدفاع الشعبي في المنطقة الموجود بها، أو رئاسة الحي التي تهيئ له مكانا ووقتا وجمهورا للقاء الواعظ ومناقشتهم في أمورهم الدينية، وحتى لا تكون الدعوة داخل المساجد فقط".