قالت صحيفة "جابان تايمز" اليابانية إن تركيا التى ظلت حائرة طوال السنوات الماضية حائرة بين الغرب والشرق، وجدت ضالتها، مؤخرا فى الشرق الأوسط . وأضافت الصحيفة فى مقال ل "محمد أيوب" أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة "ميتشجان" الأمريكية، أن تركيا أصبحت حاليا اللاعب الأهم وحلقة الوصل بين الغرب والشرق الأوسط فى الأزمة السورية، كما كانت فى الأزمة الليبية. وأشارت الصحيفة إلى أن أزمات الشرق الأوسط ، مكنت تركيا من إعادة تقديم نفسها للغرب مرة أخرى كقوة إقليمية مهمة لا يمكن الاستغناء عنها. فبعد عامين من العلاقات الوطيدة التى أقامها رئيس الوزراء التركى "رجب طيب أردوجان"، تخلت تركيا عن حليفتها سوريا، وأصبحت حاليا القوة الأكبر التى يعتمد عليها الغرب فى إسقاط نظام الرئيس السورى "بشار الأسد". وأكدت الصحيفة أن هذا الموقف وهذا التحول تجاه سوريا، كلف تركيا الكثير . فقد تأثرت العلاقات مع إيران الحليف القوى لنظام "الأسد"، والمعروف أن إيران تدعم تركيا بالنفط. وأشارت الصحيفة إلى أن تركيا أعادت توجيه سياستها الخارجية تجاه العالم الإسلامى فى الشرق الأوسط، بدلا من الغرب. فقد ظلت تركيا تجرى وراء العضوية فى الاتحاد الأوروبى إلا أن بعض الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا ، تعارض انضمام تركيا ، نظرا لتوجهها الإسلامى. وأوضحت الصحيفة أن العلاقات بين تركيا وإسرائيل توترت خلال العامين الماضيين، بينما ازدادت قوة مع إيران وسوريا. ويبدو أن تركيا لم تلق تقديرا من الغرب على دور الوساطة الذى لعبته فى الملف النووى الإيرانى ، وهو ما جعلها تعيد النظر فى علاقاتها من جديد . وإذا كانت أمريكا تنظر إلى تركيا حاليا، نظرة مختلفة، وتقدر دورها فى الأزمات المشتعلة بالمنطقة، إلا أن علاقة أمريكا بتركيا تتحدد على أساس علاقة تركيا بإسرائيل. وقالت الصحيفة إن امريكا تعلم جيدا أنه من الطبيعى أن تدعم تركيا علاقاتها بالعالم الإسلامى سواء الدول العربية أو إيران ، لأسباب أيدلوجية ودينية، فى ظل وجود حزب العدالة والتنمية الإسلامى التركى فى السلطة. وربما لم تندهش أمريكا من أن تصوت تركيا فى مجلس الأمن ضد فرض عقوبات على إيران، عندما كانت العلاقات بين البلدين فى أفضل حالاتها ، بينما فى الوقت الراهن ، وبعد أن توترت العلاقات بين البلدين بسبب الملف السورى ، فإن ذلك يعكس حقيقة أن المصالح وليس الأيدلوجيات هى التى تحكم العلاقات بين الدول . وأضافت أن تركيا غيرت موقفها من النظام السورى لسببين ، الأول أن حزب العدالة والتنمية الإسلامى فى تركيا لا يمكن أن يظهر أمام الغرب بأنه ضد الديمقراطية، التى يدافع عنها ويتبناها كحزب إسلامى معتدل ، والثانى ، أن حكومة "اردوجان" تدرك جيدا أن نظام" الأسد" مصيره إلى زوال ، وبالتالى لابد أن تؤمن تركيا مصالحها فى سوريا، التى تعد منطقة استراتيجية مهمة لأنقرة ، حتى إذا كلفها ذلك العلاقات مع إيران. وقالت الصحيفة إن توتر العلاقات التركية الإيرانية، ليس مرتبطا بموقف تركيا من "الأسد" فقط ، بل بما يتردد عن احتمال استخدام الأراضى التركية فى ضرب المواقع النووية الإيرانية. وقالت الصحيفة إن التوتر بين البلدين يعكس ثلاث حقائق مهمة أولها، أن الربيع العربى وخاصة الانتفاضة السورية ، كشفت الصراع الإيرانى التركى على النفوذ فى الشرق الأوسط والعالم العربى . ثانيا، أن التوجه التركى نحو الشرق لم يكن مرتبطا بأيدلوجيات أو أمور دينية ، بل قائم على مصالح اقتصادية وأخيرا أن تركيا استثمرت كثيرا فى علاقاتها مع حلف "الناتو" وعلى وجه الخصوص امريكا ، من أجل ضمان سكوتهم عن مكاسب غبر مؤكدة من العلاقات مع إيران . وهذا لا يعنى أن أمريكا لن تعود الى الاعتماد على امريكا وحلفائها الغربيين ، كما حدث خلال فترة الحرب الباردة . فالحزب الحاكم فى تركيا يدرك جيدا أن الحفاظ على استقلالية البلاد والانغماس فى الشرق الأوسط ، لا يعنى على الإطلاق أن يكون ذلك على حساب التخلى عن التحالف مع الغرب . ولكن لابد من الحفاظ على علاقات متوازنة مع الطرفين.