فى غفلة من القيم والأخلاق.. تخرج للدنيا أطفال رضع مجهولة النسب، ترميهم أمهاتهم فى صندوق قمامة أو داخل سيارة خردة فى خرابة، كى تأكلها الكلاب الضالة، أما الأم التي لديها بعض من الحنان فتضعه على الرصيف أمام دار أيتام لا يعنيها مصيره ولا يحن قلبها خوفًا عليه.. ولا تشتاق له مع الأيام، وبالتالى لا يصحو ضميرها المعدوم. رحلة هذا الرضيع مع الحياة تبدأ من محضر فى قسم الشرطة وتنتهى بتسليمه لدور الايتام، وهناك تتفتح عيناه على العديد من المشرفات يقول لهن ماما، ومكان يطلق عليه دار أيتام، وأطفال كثيرين مثله، وعندما يتخطى الخمس او ست سنوات ويبدأ إدراك ما حوله، يعى جيدًا أن كل ما حوله كذب ووهم، ولا أساس له من الصحة، لا أب ولا أم ولا أسرة ولا عائلة، ولا بيت، حتى اسمه اختارته له الدولة. اختلفت مؤسسات الدولة فى تحديد أعداد هؤلاء البؤساء، فوزارة التضامن قالت إنهم 10 آلاف طفل فقط، ومنظمات حقوق الإنسان اختلفت فيما بينها حول الإحصائية، فمنهم من أكد أنهم 40 ألف طفل، وأخرى قالت إنهم 70 ألفًا فيما رفعت منظمات أخرى الرقم إلى 250 ألف طفل. سألت محمود البدوى، المحامى رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، عن السبب الحقيقى وراء اختلاف الأعداد او انعدام الإحصائيات. الخاصة بأطفال مجهولى النسب وكيف نصل للرقم الصحيح؟ فقال: الوصول للعدد الحقيقى لهؤلاء الأطفال صعب،، فكثير من الأسر ترغب فى كفالة الطفل الذى تعثر عليه ملقى فى الشوارع، وفى أحيان أخرى يتم تسليمه لإحدى السيدات التى لم تنجب. وأضاف «قانون الطفل نظم إجراءات معينة يجب اتباعها عند العثور على طفل فى الشارع وطبقًا للمادة 21، من ذات القانون، فإنه فى حالة العثور على طفل أو لقيط، يجب التوجه به إلى قسم شرطة لتحرير محضر بذلك، ثم يخطر قسم الشرطة النيابة العامة، والنيابة تخطر الصحة، حتى يتم قيده فى دفتر المواليد باسم اعتبارى دون أن ينسب.. اسم مكون من ثلاثة أسماء تختاره الصحة، ويكتب فى خانة الديانة «مسلم»، وخلال تلك الإجراءات يتم إثبات مواصفات الطفل بكل ما يرتديه تفصيليا، وفى النهاية تصدر النيابة العامة قرارا بإيداعه فى إحدى دور الرعاية التابعة لوزارة التضامن الاجتماعى. وأضاف البدوى: إن هناك مسارين فى حاله العثور على طفل، إما أن يأخذه من يريد ويقوم بعمل ورق ينسبه فيها لاسمه على أساس ساقط قيد وكأنه ابنه، وهنا يستحيل أن تعثر عليه أسرته الحقيقية، أما المسار الثانى: فهو اتباع الإجراءات القانونية، وفى هذه الحالة، تزداد نسبة عثور أسرة الطفل الحقيقية عليه. من داخل دار نور الرحمة للأيتام.. التى تضم 16 طفلًا لم أجد منهم احدًا جميعهم فى المدارس انتظرت حتى وصلوا فى الثانية والربع ظهرًا..، صعدوا إلى حجراتهم وبعد دقائق قليلة توجهت إليهم ..ملامحهم بريئة وأصواتهم حانية، خافتة، تخرج فى خجل وعلى استحياء، لا تظهر عليهم شقاوة الأطفال، بل كل منهم تبدو علي المثالية المصطنعة والمضطر إليها.. تتراوح أعمارهم بين 10 و11 عامًا، بعضهم تماسك أمامى بالشجاعة، والبعض الآخر بدا على وجه الشعور بالاضطراب والقلق، تجمعوا حولى، وجميعهم فى ترقب بما أنطق به أو أسأل عنه، وكأنهم أمام معلمة وقت الامتحان. من الحياة من داخل دار نور الرحمة للأيتام، التى تضم 16 طفلًا لم أجد منهم أحدًا جميعهم فى المدارس انتظرت حتى وصلوا فى الثانية والربع ظهرًا.. صعودًا إلى حجراتهم وبعد دقائق قليلة توجهت إليهم ملامحهم بريئة وأصواتهم حالية خافتة تخرج فى خجل على استحياء ولا تظهر عليه شقاوة الأطفال تحمل ملامح وجوههم معالم أطفال غيرهم وتبدو عليهم المثالية المصطنعة، تتراوح أعمارهم بين 10 و11 عامًا بعضهم تماسك أمامى بالشجاعة والبعض الآخر بدا على وجهه الشعور والاضطراب والقلق، تجمعوا حولى وجميعهم فى ترقب بما انطق به أو اسأل عنه وكأنهم أمام معلمة وقت الامتحان. أدهم «11 سنة» جسمه يميل إلى الامتلاء سألته: كيف تقضى يومك؟ فأجابنى: أصحى من نومى فى الخامسة صباحًا، أتوضأ ثم أصلى الصبح، وأرتدى ملابس المدرسة، وآخذ سندوتشات الفطار، وأذهب إلى المدرسة، أعود إلى الدار فى الساعة الثانية والنصف ظهرًا، وأخلع حقائبى وأضعها فى الكيس داخل حقيبتى، ثم أضع شرابى فى حوض الحمام وأدخل حجرتى لتغيير ملابسى، ثم أبدأ المذاكرة وأنتهى منها وأنام الساعة 8 بالليل. لم يختلف هانى عن باقى إخوته نفس الكلام ونفس المشاعر، نعم يتحدثون ويتعلمون ويأكلون ويشربون، وكل شىء يسير بنظام وفق جدول ومواعيد محددة، ومن لا يلتزم بالصلاة أو النظافة أو المذاكرة أو أى من التعليمات الواردة إليهم، يقع عليه العقاب، وهو الحرمان من لعب الكمبيوتر، وذلك وفقًا لما رأيته خارج حجرات النوم.. ورق مطبوع وملصق على الحائط.. فى صالة الدار عبارة عن جدول مكون من 7 خانات، الأولى بها أسماء الأطفال، وباقى الخانات مدون بها التطبيقات اليومية أو انتهاء بخانة العقاب. وعلى كل طفل الانتهاء من كل مهمة ثم يضع علامة صح أمام الخانة الخاصة بها هؤلاء الأطفال، إذا كانوا يتلقون كافة الحقوق والرعاية، إلا أنها ستظل منزوعة حنان الأم وسند الأب، ويبقى لديهم شعور بالوحدة وعدم الأمان وعدم الانتماء، وأن هناك شيئًا ما ناقصًا يبحثون عنه طول العمر ولم يجدوه. أما إسلام، فكان أكثرهم خوفًا، ملامحه يعلوها الحزن، وفى صمته آهات وكلام لا يعلمه إلا الله.. جذبته من يديه التى كاد أن يمزقها من شدة التوتر، وبدأت معه كلامى حتى أكسر حدة الخوف لديه، جلس بجانبى على السرير وجدت نفسى تندفع لتقبيله واحتضانه وسألته.. مالك زعلان ليه: فى حاجة النهاردة حدثت فى المدرسة.. فهز رأسه بعلامة الرفض، وعندما شعرت بأن شدة خوفه تمنعه من الكلام، أسرعت معه فى حوار سريع مليء بالحب والبهجة. أنت أهلاوى ولا زملكاوى؟ أهلاوى مين أكتر حد بتحبه فى الدنيا؟ لم يرد. ألححت فى سؤالى؟ بابا.. وطبعًا هنا يقصد الأب البديل أو المشرف إيه أكتر مادة بتحبها ؟ العربى نفسك تطلع آيه ؟ لم يجد إجابة عن سؤالى.. عرضت عليه أكثر من مهنة.. لم يرد انتبهت فجأه بأن حديثى معه لم يشفع فى التهدئة من روعه بل كان يزيدها فقلت له: كفاية كده تحب تقوم، فرح إسلام وهز رأسه بالموافقة وتركنى وجلس بجانب إخوته فى الدار. أما مهاب، فهو بشوش الوجه، نحيف الجسم، يشع من عينيه الذكاء وسرعة البديهة فى الصف الرابع الإبتدائى، متفوق دراسيا وأشطر إخواته فى الدار بشهادة المشرف، أهلاوى، ويفضل مادة الرياضيات عن باقى المواد الأخرى. بيحب لعب الكرة، ولكن لا يمارسها إلا فى حصة الألعاب بالمدرسة، يتمنى أن يعمل مدرسا، وأكتر حد بيحبه كما قال: ماما نيفين وماما كريمة مسئولتا الدار.