يبدو أن الغيوم التي تكدست مؤخرًا في سماء العلاقات المصرية السعودية ستنقشع قريبًا، فبعد أشهر كثيرة من القيل والقال حول الأزمات والاختلافات التي جمعت القاهرةوالرياض، بعثت الشقيقتان اليوم برسائل عدة للعالم حول علاقتهما التاريخية. في لقاء جانبي، على هامش القمة العربية التي اختتمت أعمالها اليوم بالأردن، التقطت عدسات المصوريين مواقف عدة، جمعت الرئيس عبدالفتاح السيسي، ونظيره السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، خادم الحرمين الشريفين توضح أن هناك صفحة جديدة يفتحها الطرفان. عقب انتهاء كلمة "السيسي" التي تطرقت إلى قضايا عدة في المنطقة، انحرف جنبًا بالملك السعودي، وخرجا سويًا من قاعة القمة، فيما يبدو أن هناك نية مشتركة لتنقية الأجواء وتبديد الغيوم في سماء العلاقات المصرية السعودية. وفقًا ل"رويترز" البريطانية، التي نقلت عن المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية، فإن اللقاء الثنائي تلقى فيه الرئيس السيسي دعوة من نظيره السعودي لزيارة الرياض، ورحب بها، فيما وعد العاهل السعودي بزيارة مصر في القريب العاجل بناء على دعوة وجهها له "السيسي". كذلك فإن الاجتماع -ولازال الكلام على لسان رويترز- تناول مختلف جوانب العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وسبل تعزيزها، إذ أكد الزعيمان حرصهما على دعم التنسيق المشترك في ظل وحدة المصير والتحديات التي تواجه البلدين. وأكدا أهمية دفع وتطوير العلاقات الثنائية في كافة المجالات، بما يعكس متانة وقوة العلاقات الراسخة والقوية بين البلدين والتي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ. ومن المرحج أن يكون اللقاء تم الترتيب له بأيام قليلة قبيل القمة العربية، فقد تنبأ به عضو مجلس الشورى السعودي، "عساف بن سالم أبو ثنين"، القريب من دوائر الحكم السعودية، في مقال له بصحيفة "الشرق الأوسط" قبل القمة بثلاثة أيام. وألمح "عساف" في مقاله، إلى احتمالية عقد لقاء بين الرئيس "السيسي"، والملك "سلمان" في الأردن، لحسم الخلافات بين البلدين وعودة العلاقات السعودية المصرية إلى سابق عهدها، بمبادرة من العاهل السعودي شخصيًا. عقب اللقاء، خرجت التفسيرات تباعًا، والتي صبت في اتجاه واحد، وهو وجود نيه مشتركة لتبديد الغيوم، التي تجمعت خلال الأشهر الماضية؛ لأسباب عدة، بداية من اختلاف مواقف مصر والرياض بشأن الصراع في سوريا وفي اليمن، إلى جانب العقبات القانونية والقضائية التي تعوق تنفيذ اتفاقية بين البلدين لنقل تبعية جزيرتين في البحر الأحمر -تيران وصنافير- إلى السعودية. فضلا عن الواقعة الأكبر، التي علق عليها كثيرون بإنها شرخ كبير في العلاقات، وقتما صوتت مصر لصالح مشروع قرار تدعمه روسيا في مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا في أكتوبر 2016، وعارضته السعودية بشدة. وردت السعودية عقب التصويت المصري، بوقف شحنات منتجات بترولية، كانت الرياض قد وعدت القاهرة بإمدادها بها لمدة خمس سنوات، إلا أنها استئنفت الإمداد مؤخرًا. اللقاء الثنائي الذي تم اليوم، يعد تكملة واستئناف لخطوات أخذتها البلدين للتقارب مجددًا، وفقًا للسفير أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، الذي أكد في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، أن الفترة القادمة ستشهد تقاربًا أكثر بينهم، لاسيما بعد استئناف ضخ المواد البترولية واللقاء الذي جمع الملك والرئيس اليوم. وأوضح أن الفترة الأخيرة شهدت فتورًا في العلاقات بين القاهرةوالرياض، إلا أن المصالح الاستراتيجية والاستثمارية والأمنية بينهم دفعهما لنحي الخلافات جنبًا، فضلًا عن أن الأزمات بينهم ليست سوى اختلافات في وجهات النظر حول القضايا الإقليمية فقط. وأشار إلى أن اللقاء الثنائي نتاج مساعي وجهود كبيرة للدول العربية خلال الفترة الأخيرة على رأسها الكويت والإمارات، متوقعًا أن تشهد الفترة القادمة زيارات متبادلة بينهم لاسيما أن الرئيس السيسي كان ملحق دفاع في الرياض لفترة من الزمن ولديه علاقات واسعة مع الأمراء والملوك. ولم يختلف السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية الأسبق في وجهة نظره، إذ أكد أن اللقاء ليس فرصة لبحث أي قضايا أو موضوعات، سوى أنه بادرة طيبة لترطيب الأجواء بين القاهرةوالرياض. وأوضح في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، أن هناك توجهًا لإعادة التعاون بينهم، هو أمر هام للمنطقة الإقليمية ليحقق المصلحة الاستراتيجية للبلدين، لاسيما أن ما مرا به هي خلافات عابرة والشد والجذب الذي شهدتهما الفترة الأخيرة كان بسبب الإعلام بنسبة كبيرة، لذا فهما قادران على نحي الخلافات جنبًا وإعادة المصالح من جديد.