خبير فيروسات: الوزارة تعمدت التعتيم.. و«أدينو» معروف عالمياً المستشفيات عجزت عن علاج المتوفين.. وطالبت أسرهم بشراء الأدوية لا داعى للخوف.. مصر آمنة.. ولدينا نظم كشف مبكر قوية لرصد أى أمراض وبائية، بتلك الكلمات أراد وزير الصحة توجيه رسالة طمأنينة إلى المواطنين بشأن الفيروس الغامض الذى حصد أرواح 3 مواطنين حتى الآن فى شبرا الخيمة، إلا أن المواطنين رفضوا تلك التصريحات واعتبروا أن الغموض هو الإجابة النهائية لكل ما يحدث فى مصر، فالكشف عن الأمراض الوبائية أو الفيروسات القاتلة ما زال مجهولاً وغامضاً إلى وقتنا الحالى، مما دفع المواطنين للتشكيك فى مصداقية ما ينقل أو يذاع عن وزارة الصحة، وجعلهم يطرحون أسئلة كثيرة بلا إجابات واضحة. فهل وزارة الصحة تمتلك الإمكانيات الطبية والعلمية القادرة على الكشف عن الأمراض والأوبئة الخطيرة التى تعبث بحياة العديد من البشر؟ وما سر تكتم الوزارة على حقيقة هذا الفيروس الذى تسبب فى وفاة حالات عديدة؟ حالة من الفزع والخوف انتابت المواطنين بعد انتشار الفيروس الخطير الذى يطلق عليه «فيروس شبرا الغامض»، ورغم تأكيدات بعض الأطباء أنه فيروس «الروتا» إلا أننا ما زلنا ننتظر تقرير منظمة الصحة العالمية حتى الآن لقياس مدى خطورة هذا الفيروس. فى 30 يناير الماضى توفيت الطفلة جنى محمد لأسباب غير معلنة وسط صمت وتجاهل صريح من وزارة الصحة، التى لم تتخذ أى إجراءات أو تدابير صحية للحد من انتشار المرض، والأخطر أنها لم تعلن صراحة للجميع بل اكتفت بمشهد المتفرج ومع استمرار حالة التكتم فوجئنا بإصابة حالة جديدة وتوفيت أيضاً لأسباب مجهولة، وظلت وزارة الصحة عاجزة عن كشف أسباب انتشار المرض رغم انتقاله للحالة الثالثة، وهو الطفل مازن الذى تم نقله إلى حميات إمبابة، وهنا بدأت وزارة الصحة تتحسس خطورة موقفها فى إهمال متابعة الميكروب وبدأ بتوفير غرفة للحجر الصحى واتخاذ تدابير تمثلت فى عمل إجراء مجموعة من التحاليل التقليدية وخاطبت عدة جهات للتدخل. واستدعت الوزارة منظمة الصحة العالمية لمحاولة تدارك الموقف فى الوقت الذى انتشرت فيه قصص عن انتقال الفيروس المجهول إلى منطقة إمبابة وكل هذه الشهور وتفشل وزارة الصحة فى حماية صحة مواطنيها بل وتقوم بإخفاء الأمر. المركز المصرى للحق فى الدواء وثق عدداً من الممارسات والانتهاكات التى تمت وساهمت بشكل كبير فى زيادة الوفيات أهمها نقص حاد فى المستلزمات والأدوية فى مختلف المستشفيات التى ذهب لها عدد من الضحايا على مدار شهرين، ففى مستشفى ناصر العام فى شبرا الخيمة طالب الأطباء أهل الطفلة "جنى" بسرعة نقلها بسبب عدم وجود أسطوانات أكسجين ومستلزمات أخرى أما الفجيعة الأكبر فتمثلت فى قيام أطباء مستشفى حميات إمبابة بطلب أهالى المرضى تليفونياً فى أوقات مختلفة من اليوم ومطالبتهم بسرعة توفير أدوية متعددة وأنهم غير مسئولين أن يوفروا الأدوية لأطفالهم، واستدعى ذلك أن يذهب أهالى المرضى للبحث عنها توفيرها، كما أن المركز وثق شهادة من أب الطفلة ملك رضا يدعى أن هناك طبيباً كبيراً أخطر الأطباء المعالجين أن طريقة العلاج تتم على نحو خاطئ، الأمر الذى دفعه لعدم قيامه باصطحاب طفل آخر "مازن" إلى المستشفيات عندما ظهرت عليه العلامات بسبب خوفه الشديد من كلام الطبيب وقام بعلاج ابنه بعدد من الأعشاب وطالب المركز البرلمان المصرى باستدعاء وزير الصحة لمعرفة ما يتم ومعرفة الأسباب التى أدت لقيام الوزارة بعدم الإعلان عن الأمر وترك الشعب عرضة لسماع الأقاويل والشائعات وزيادة حالات الهلع والذعر عن وجود حالات متشابهة. الدكتور أحمد محمد، الطبيب الاستشارى بمستشفى حميات العباسية أكد أن أعراض الفيروس الذى أدى لوفاة 3 أطفال يشبه إلى حد كبير أعراض فيروس الروتا، وأن سبب وفاة الأطفال يعود لضعف مناعتهم، وهو ما نفاه أحد الأطباء بحميات إمبابة مؤكداً أن الفيروس الغامض لا يمكن أن يكون «الروتا» لأنه يصيب الأطفال فقط خصوصاً الرضع منهم ولا يؤثر فى كبار السن. و«روتا» هو فيروس يسبب التهاب المعدة والأمعاء وهو أكثر الفيروسات المسببة للإسهال الشديد والقىء بين الرضع والأطفال دون ال5 سنوات بشكل خاص وينتشر الفيروس عند الأطفال بين 4 شهور حتى 3 سنوات خاصة لدى الأطفال الذين يذهبون إلى الحضانات ويكون احتمال الإصابة بالفيروس أكبر فى فصلى الشتاء والربيع. كشف دكتور محمد عزالعرب أستاذ الفيروسات الكبدية والمستشار الطبى لمركز الحق فى الدواء عن طبيعة الفيروس الغامض واسمه العلمى «ادينو فيروس» وهو مرض معروف عالمياً وليس مجهولاً أو غامضاً كما أعلنت وزارة الصحة، وأعراضه تتسم بالتهاب القناة الهضمية التى تشمل كلاً من المعدة والأمعاء الدقيقة والتى تؤدى إلى مجموعة أعراض كالإسهال والقىء وألم بطنى وتشنج وهذه الأعراض تشبه فيروس «الروتا». وأكد «عزالعرب» أن بداية المرض كانت فى 30 يناير الماضى وتعاملت الوزارة مع المرض بصورة سيئة، حيث أكد أهالى المرضى أن مستشفى ناصر كان يتصل بهم لتوفير الأدوية وأسطوانات الأكسجين لعدم توافرها بالمستشفى حتى أصيب طفلان آخران وطوال تلك الفترة لم يتم الإعلان عن وجود أى ميكروبات. وأشار أستاذ الفيروسات إلى عدم وجود مصطلح "غموض" فى الطب كما صرح المتحدث الرسمى لوزارة الصحة، وكل ما حدث هو تأخر الوزارة فى سحب العينات من المرضى مبكراً للكشف عن طبيعة الميكروب، ومنها عينات للدم واللعاب حتى وإن كانت عينات للسائل النخاعى. وأوضح «عزالعرب» أن الوزارة استعانت بمنظمة الصحة العالمية وتجاهلت وحدة «النمرو» الموجودة بجوار مستشفى حميات العباسية التى لديها فحص عينات مسببات الأمراض المعدية، مثل البكتيريا والفيروسات.