«الاتحاد»: عيد تحرير سيناء يحمل ذكريات الفخر على أغلى بقعة من أرضنا    وزير العمل يسلم 25 عقد عمل لذوي الهمم بجنوب سيناء    إحالة بيان الحكومة بشأن الموازنة إلى لجنة "الخطة".. ورفع الجلسة العامة حتى 7 مايو    «السعيد» تكشف خطة الاستثمارات في قطاع التعليم المدرسي والجامعي    بروتوكول تعاون بين "العمل" و"التربية والتعليم" لتأهيل الشباب السيناوي    البورصة المصرية تختتم بهبوط المؤشرات وتراجع رأس المال السوقي    فيديو| فتح باب التصالح على مخالفات البناء.. أبلكيشن لملء البيانات وتفاصيل استعدادات المحافظات    إيران تدين العقوبات الأوروبية المتوقعة وتصفها بأنها " غير قانونية"    روسيا تهدد بتعزيز الهجمات على أوكرانيا ردا على المساعدات الأمريكية لكييف    ترامب يهاجم جلسات محاكمته: وصمة عار وفوضى    محترفو الفراعنة × أسبوع| صلاح يخسر بطولة وغياب تريزيجيه والنني وفوز لمرموش ومصطفى محمد    الأهلي: عقود الرعاية تمثل أهمية كبيرة للنادي في ظل حجم الانفاق    نجم العين يتحدى الهلال قبل موقعة نصف نهائي أبطال آسيا    وزير الشباب ومحافظ شمال سيناء يشهدان ختام مهرجان الهجن    أستون فيلا يمدد عقد إيمري حتى 2027    إحباط تهريب "حشيش وماريجوانا" داخل مطار الغردقة الدولي    محافظ المنوفية يتابع استعدادت المحافظة لامتحانات آخر العام والأعياد والإزالات    11 معلومة مهمة بشأن امتحانات الثانوية العامة.. ما الضوابط الجديدة؟    استحل محارمه وتخلص من طفل السفاح.. الأب واقع ابنته وأنجب منها في الشرقية    رانيا يوسف وصبري فواز أول حضور ندوة سينما المقاومة في غزة    مكتبة الإسكندرية تشهد فعالية "مصر حكاية الإنسان والمكان"    في رمضان 2025.. محمد سامي يفجر مفاجأة بشأن مي عمر    أشرف عن ضوابط تغطية الجنازات: غدا نحدد الآليات المنظمة مع «الصحفيين»    بحضور "عبدالغفار والملا".. توقيع اتفاقيتين لدعم المجال الصحي بمطروح وبورسعيد    موجة حارة وعاصفة ترابية- نصائح من هاني الناظر يجب اتباعها    الرقابة المالية تسمح بحضور الجمعيات العمومية لصناديق التأمين الخاصة إلكترونيا    محافظ بوسعيد يستقبل مستشار رئيس الجمهورية لمشروعات محور قناة السويس والموانئ البحرية    الجامعة العربية تشهد اجتماع لجنة جائزة التميز الإعلام العربي    رئيس جامعة عين شمس يبحث مع السفير الفرنسي سبل تعزيز التعاون الأكاديمي    فيلم "شقو" يحصد 916 ألف جنيه بدور العرض أمس    عبير فؤاد تتوقع ظاهرة غريبة تضرب العالم خلال ساعات.. ماذا قالت؟    فتح أبواب متحف السكة الحديد مجانا للجمهور احتفالا بذكرى تحرير سيناء    وزير العدل: تشكيل لجنة رفيعة المستوى لوضع مشروع قانون ينظم استخدامات الذكاء الاصطناعي    التصريح بدفن جثة طفلة سقطت من أعلى بأكتوبر    محافظ المنيا: تنظيم قافلة طبية مجانية في مركز أبو قرقاص غدا    سيدات سلة الأهلي يواجه مصر للتأمين في الدوري    «نجم عربي إفريقي».. الأهلي يقترب من حسم صفقة جديدة (خاص)    دار الإفتاء: شم النسيم عادة مصرية قديمة والاحتفال به مباح شرعًا    هل يحق للزوج التجسس على زوجته لو شك في سلوكها؟.. أمينة الفتوى تجيب    «النواب» يوافق على اتفاقية بشأن منحة مقدمة من البنك الدولي لتحسين إدارة النفايات الإلكترونية    محافظ كفر الشيخ ونائبه يتفقدان مشروعات الرصف فى الشوارع | صور    مصرع سائق في حادث تصادم بسوهاج    نستورد 25 مليون علبة.. شعبة الأدوية تكشف تفاصيل أزمة نقص لبن الأطفال    هل مكملات الكالسيوم ضرورية للحامل؟- احذري أضرارها    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    فرج عامر: الفار تعطل 70 دقيقة في مباراة مازيمبي والأهلي بالكونغو    السفير طلال المطيرى: مصر تمتلك منظومة حقوقية ملهمة وذات تجارب رائدة    مجلس النواب يحيل 23 تقريرًا برلمانيًّا للحكومة -تعرف عليها    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مناطق لحزب الله في جنوب لبنان    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    رئيس الأركان الإيراني: ندرس كل الاحتمالات والسيناريوهات على المستوى العملياتي    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    الثلاثاء 23 أبريل 2024.. الدولار يسجل 48.20 جنيه للبيع فى بداية التعاملات    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شفيق ناظم الغبرا يكتب : شجاعة ريما خلف أمام ضغوط غوتيريش
نشر في الوفد يوم 23 - 03 - 2017

تعبر استقالة ريما خلف، الأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة (الإسكوا) ومقرها بيروت، عن موقف يتميز بالوضوح تجاه قرار الأمين العام للمنظمة الدولية الذي يتناقض مع مبادىء الأمم المتحدة. فتقرير «الإسكوا» الأخير عن إسرائيل بصفتها دولة فصل عنصري و «أبارثايد» ينسجم بالأساس مع مبادئ الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الانسان، فإسرائيل دولة تمارس العنصرية والاضطهاد من أوسع الأبواب، كما أن تقرير «الإسكوا» عن الظلم في العالم العربي والذي أنجز في أوائل هذا العام هو الآخر منسجم مع ميثاق الأممم المتحدة، ومع حقائق الأوضاع والعنف واللاعدالة في العالم العربي.
إن قيام الأمين العام الجديد أنطونيو غوتيريش الذي تسلم ولايته منذ كانون الثاني (يناير) الماضي برفض نشر التقريرين وطلب سحبهما، ما هو إلا رقابة على الفكر والحقائق وتدخل في صلاحيات مديرة «الإسكوا» ويعكس لا مبالاة من قبله تجاه الباحثين الذين عملوا في ظل تفاهمات وقّعت تحت سقف «الإسكوا» وفي ظل أمين عام سابق أكثر استقلالية وانفتاحاً (بان كي مون).
إن تدخل الأمين العام الجديد غوتيريش لسحب التقرير الأول ثم الثاني ثم إعلان أن الأمين العام الجديد لن يسمح بأن تقوم الأمينة العامة ل «إسكوا» ريما خلف بإصدار تقرير من دون موافقته الشخصية فيه الكثير من الامتهان للعالم العربي. في موقف ريما خلف دفاع عن العالم العربي، ففي «الإسكوا» مجلس أمناء مكون من 18 دولة ومجتمع عربي. لقد كانت الاستقالة شجاعة ولكن في الوقت ذاته محقة، فما وقع في الأيام الأخيرة يؤكد خضوع الأمين العام أنطونيو غوتيريش للقرار الإسرائيلي الأميركي، والجدير بالتنويه أنه لم يتم نقد التقريرين من زاوية الدقة ووسائل البحث والباحثين المشاركين سواء كانوا عرباً أم غربيين.
كان من الأفضل للأمين العام للأمم المتحدة أن يطلب من «الإسكوا» أن تضع مقدمة لكل تقرير ودراسة تؤكد أن هذا النص لا يعكس بالضرورة بكل تفاصيله الموقف الرسمي للأمم المتحدة وأمينها العام. لو حدد الأمين العام موقفه بهذه الطريقة لكسب الجميع ولخرجت الأمم المتحدة وأمينها العام بمظهر أكثر انسجاماً مع حقوق الإنسان والحريات وحق التعبير.
بسبب ما وقع لن تنجح «الإسكوا» في المرحلة القادمة في بلادنا العربية في أعمالها، لأنها ستخضع لهذا النمط من الابتزاز من أمين عام ضعيف أمام التدخلات الأميركية والإسرائيلية. وإذا كان لي أن أتنبأ فمدير «الإسكوا» العربي القادم الذي سيقبل بالعمل تحت هذه الشروط فسيكون أكثر تركيزاً على هوامش الأمور وأقل تركيزاً على المواضيع الجادة التي تفجر إقليمنا والتي يقف في مقدمتها الاحتلال الاسرائيلي والتدخل الأجنبي، بالإضافة إلى قضايا الظلم والعدالة والفساد والإصلاح والحكم الرشيد.
لقد تعرض الأمين العام السابق بان كي مون (2007-2016) الذي عملت معه ريما خلف للضغوط ذاتها، وقد وضعت في لحظات حرجة استقالتها تحت تصرفه، لكنه أصر على بقائها واستمرارها في «الإسكوا»، بل وشجعها على تحمل مسؤوليتها تجاه قضايا الإقليم المعقدة. في هذا فارق كبير بين أمين عام يخضع للضغوط والابتزاز وآخر يقاومها، وهذا هو السبب الذي مكّن ريما خلف من البقاء على رأس «الإسكوا» على مدى سنوات تجاوزت الست (2010-2017).
وتمثل الدكتورة ريما خلف حالة الأقلية بين المسؤولين العرب ممن ينطلقون من ضرورة اعتبار الموقع القيادي فرصة لخدمة الصالح العام، وذلك من خلال تحريك عجلة العمل والمعرفة وطرح الأسئلة الأساسية. هذا النمط من المسؤولين العرب هو الأقل نفوذا في العالم العربي، بل إنه الفريق المستبعد، وذلك لأن النظام العربي بخيباته لا يتحمل هذا النمط من القياديين من ذوي القدرات والشجاعة، وهو حتماً لا يتحمل الاجتهاد والإبداع. هذه القيم العربية القديمة فقدها النظام العربي الراهن، لكن الاستثناءات تقع، وريما خلف هي أحد هذه الاستثناءات.
لقد عملت ريما خلف ضمن مؤسسات النظام الأردني من عام 1993 حتى العام 2000، وذلك من دون أن تخسر مكانتها واحترام الجمهور العريض لها في الأردن وفي الإقليم، بل تركت العمل الحكومي وهي في موقع نائب لرئيس الوزراء وذلك عندما اكتشفت مدى صعوبة تحقيق تقدم في مشاريع أساسية للتنمية. في تلك السنوات قلما ذهبت إلى الأردن إلا وسمعت من أطراف مختلفة وصفاً قلما أجده في مسؤول عربي. الناس في بلادنا العربية، وعلى رغم من نقدها الأنظمة واستفرادها، تثمن المسؤول العربي المخلص لندرته، وتحترم الأمانة لقلتها كما تبحث عن القيادي القادر على الدفاع عن سياساته وتصوراته والعاملين معه، وعندما تتداخل هذه الأبعاد مع كفاءة وقدرات فكرية ومنهجية، كتلك التي تمتلكها ريما خلف، يعرف الناس بغريزتهم أن هذا المسؤول يعمل لخدمتهم ويحب مجتمعه. لقد عرف الأردن ودول عربية أخرى شخصيات بهذا المستوى كمروان المعشر على سبيل المثال لا الحصر.
لهذا فعندما عملت ريما خلف ضمن مؤسسات النظام الدولي والأمم المتحدة استمرت بنهجها الذي مارسته وهي في الحكومة الأردنية، ومن موقعها كمساعدة للأمين العام للأمم المتحدة ومديرة إقليمية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي من عام 2000 لغاية 2006، صنعت الفارق لأنها أنتجت تقرير التنمية البشرية الأول والثاني وتقارير أخرى من خلال العمل مع عشرات الباحثين العرب. أوضحت تقارير التنمية البشرية تحت قيادتها مدى تشوه الحالة العربية في الاقتصاد والمعرفة والمعلومات والتعليم وأوضاع الشباب والعدالة. كان ذلك إنذاراً أخيراً للنظام العربي قبل ثورات 2011. وقد تحمل الأمين العام الأسبق كوفي أنان (1997-2006) الذي عملت معه ريما خلف خلال سنوات إصدار تقرير التنمية البشرية كل الضغوط ودافع عن حق الإصدار.
في ظل الاستقالة وكل ما قاد إليها من تدخلات وقرارات يتبين للمراقب أن ريما خلف تشربت باحتراف ودقة مبادئ الأمم المتحدة وقيمها وإعلاناتها، أكثر مما استوعبها وتبناها الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.