شهدت شوارع القاهرة خلال الأيام القليلة الماضية حادثاً صادماً اهتز له الجميع، وهو حادث خطف وقتل شاب يدعى فريد شوقى، فى مشهد درامى غير معتاد، خاصة انه وقع فى إحدى المناطق الراقية، وهو ما تسبب فى حدوث حالة من الهلع بين سكان المناطق التى تعانى قصوراً أمنياً، وفى مقدمتها مدينة القاهرة الجديدة خوفاً من تكرار مثل هذه النوعية من الحوادث. ففجأة تحولت المدن الجديدة من نعمة إلى نقمة، وتحولت أحلام سكانها إلى كوابيس مزعجة تلاحقهم ليلا ونهارا بعد أن أصبحت بمثابة مأوى للصوص والبلطجية الذين يستغلون غياب الدوريات الأمنية، وعدم تواجد سكان الڤيلات خلال ساعات النهار، ليتمكنوا من ممارسة جرائمهم ليعيش الأهالى حالة من الذعر والرعب يوميا، ويفاجأوا باختفاء سياراتهم من أمام المنازل وسرقة كل ما هو ثمين من داخل الشقق فيما تعانى الشوارع من الظلام، وهو ما أجبر معظمهم على الاستعانة بشركات أمن خاصة. 17 عاما مرت على إنشاء مدينة القاهرة الجديدة، التى تقدر بنحو 70 ألف فدان وتبلغ المساحة السكنية للمدينة نحو 43 ألف فدان، وهى من مدن الجيل الثالث التى تم إنشاؤها بقرار رئاسى رقم 191 لسنة 2000، وتتكون المدينة من عدة أحياء منها، الأحياء الأول والثانى والثالث والرابع والخامس بالإضافة إلى الجولف والشويفات وحى النرجس والياسمين والبنفسج والدبلوماسيين وحى جنوب البنفسج. وعلى الرغم من كون تلك المدينة ذاع صيتها فى السنوات الأخيرة الماضية، لكونها مدينة جاذبة للطبقات الغنية والأثرياء، إلا أنها انقسمت إلى جزءين، جزء يسكنه الأثرياء والآخر للطبقات المتوسطة ومساكن الشباب والقطامية، ولم تكن مدينة التجمع الخامس أفضل حالا من غيرها من المدن الجديدة إذ عانت مؤخرا من مشاكل عديدة كان أهمها غياب الأمن والأمان وانتشار السرقات والبلطجة، خاصة فى التجمع الأول والثالث والخامس وعجز حراس العقارات والڤيلات عن منع جرائم السرقات التى تتم علنا للمنازل والسيارات. وبين الحين والآخر تسقط عصابة جديدة فى أيدى رجال الأمن، فمنذ أيام تم ضبط تشكيل عصابى تخصص فى سرقة المساكن والسيارات، وسقطوا بعد ارتكاب 8 وقائع سرقة بالتجمع الخامس كما تمت سرقة مشغولات ذهبية تقدر بمليون ونصف المليون جنيه من شقة صيدلى، بعد أن تم اقتحام منزله عن طريق أحد اللصوص وسرقة محتويات الشقة أثناء غياب صاحبها، وكان أشهر وقائع السرقة التى وقعت فى نهاية شهر فبراير الماضى، قيام ربة منزل باستدراج سائق سيارة نقل أموال لموعد غرامى لسرقة مبلغ 2 مليون و900 ألف جنيه من داخل السيارة فى وضح النهار، والذين سقطوا بعد ساعات قليلة من ارتكابهم للجريمة كانت دوافع ارتكاب الجرائم فى المدن الجديدة نتيجة لحالة الهدوء التى تسود تلك المدن وأحياءها، فضلا عن عدم وجود دوريات أمنية متواصلة، الأمر الذى جعل الأهالى هناك يبحثون عن شركات أمن خاص لحمايتهم، بينما لجأ أغلب أصحاب الڤيلات إلى تربية الكلاب كوسيلة لحمايتهم من اللصوص، وعندما تحدثنا مع الأهالى كانت علامات الخوف ترتسم على وجوههم، فالمدينة تبدو هادئة طوال الوقت باستثناء بعض الأحياء التى تسكنها الطبقات المتوسطة، وشكا أغلبهم من أزمات عديدة عجزوا عن حلها، حيث يقول أحمد رزق: أصبحت المدينة تفتقد للأمن والأمان، فعندما جئت للسكن فى المدينة منذ عامين، كانت هناك دوريات أمنية تجوب الشوارع باستمرار، ولم نكن نسمع عن حوادث سرقة أو قتل، أما الآن وبعد أن بدأ الزحف العمرانى على المدينة وازداد عدد السكان فى الأحياء أصبحنا نشاهد الكثير من العمال والصنايعية، الذين يظهرون لبضعة أيام ثم لا نجد لهم أثرا، بعد استكمال مهامهم فى بناء وتشطيب العقارات. ويستكمل قائلا: مع الأسف منذ ظهور هؤلاء العمال والسرقات لا تنتهى فى الأحياء، فهؤلاء لا نعرف من أين يأتون ولا نعلم عنهم شيئا، فهم على دراية كبيرة بالمنطقة أثناء تواجدهم وعملهم ونظرا للهدوء التام فى المنطقة، فإن ذلك يساعدهم على مراقبة السكان وربما يدفع الفقر بعضهم إلى ارتكاب جرائم السرقة. أما رمضان السيد فيشكو من تكرار سرقة السيارات من أمام المنازل قائلا: منذ أيام استيقظت على صرخات أحد الجيران الذى فوجئ بسرقة سيارته «كيا سيراتو» من أمام منزله ووقتها شعر جميع الأهالى بحالة من الرعب، فالبلطجية واللصوص أصبحوا يجوبون الشوارع والميادين ويمارسون جرائمهم فى أى وقت، وبلهجة غاضبة أكد عمر فتحى أن السبب الرئيسي وراء انتشار جرائم السرقة والقتل هو غياب التواجد الأمنى وعدم إضاءة أغلب أعمدة الإنارة ليلا ترشيدا للكهرباء ويقول: السرقات أصبحت عرضا مستمرا، وأصبحنا نخشى على أسرنا من البلطجية، فمنذ أيام تمت سرقة مبلغ مالى كبير من إحدى الڤيلات بعد ذهاب أصحابها لأعمالهم فى الصباح، وعلمنا أن اللصوص تسلقوا المواسير وقاموا بكسر زجاج المطبخ وتمكنوا من الدخول للڤيلا وسرقتها دون أن يشعر أحد. وعندما توجهنا لمنطقة التجمع الثالث وإسكان الشباب والنقابات، اكتشفنا أن تلك المناطق سقطت من حسابات جهاز المدينة، فكل شىء هناك مباح فى ظل غياب الرقابة، فسرقة المرافق لإدخالها للمنازل تتم علنا أمام الجميع، وهذا ما أكده لنا طارق شوقى أحد سكان التجمع الثالث، والذى عبر عن استيائه من الأوضاع السائدة فى الشوارع هناك، حيث يروى لنا مأساة الأهالى قائلا: استغل البعض عدم وجود رقابة من جهاز المدينة وقام الكثيرون بتحويل الشقق إلى محلات، كما قام آخرون باقتطاع مساحات من الحدائق الموجودة أمام المنازل وقاموا بفتح الكافيتريات التى يقبل عليها بعض البلطجية واللصوص، مما يهدد أمن المواطنين. ويشكو عادل صلاح من انتشار عصابات سرقة حقائب السيدات أثناء سيرهن فى الشوارع الهادئة وأثناء اصطحاب أطفالهن الصغار، حيث يستغل اللصوص انشغال السيدات بأبنائهن ويقومون بخطف الحقائب من أيديهن، ويفرون هاربين بالدراجات البخارية، ومع الأسف لا يتم استرجاع المفقودات لصعوبة اللحاق باللصوص.