موقع «نيوز لوك» يسلط الضوء على دور إبراهيم العرجاني وأبناء سيناء في دحر الإرهاب    فوز توجيه الصحافة بقنا بالمركز الرابع جمهورياً في "معرض صحف التربية الخاصة"    رئيس جامعة الإسكندرية يشهد الندوة التثقيفية عن الأمن القومي    مصر تستعد لوظائف المستقبل    تتراجع الآن أسعار الذهب اليوم فى السودان وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأربعاء 8 مايو 2024    اعرف تحديث أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 8 مايو 2024    عاجل - "بين استقرار وتراجع" تحديث أسعار الدواجن.. بكم الفراخ والبيض اليوم؟    برلماني: الحوار الوطني وضع خريطة استثمارية في مصر للجميع    تراجع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأربعاء 8 مايو 2024    قبل بداية الصيف.. طرق لخفض استهلاك الأجهزة الكهربائية    «الألماني للسياحة»: توقعات بزيادة الليالي السياحية خلال بطولة يورو لكرة القدم يوليو المقبل    تأجيل محاكمة ترامب بقضية احتفاظه بوثائق سرية لأجل غير مسمى    غارات إسرائيلية على عدة بلدات جنوب لبنان    العاهل الأردني: سيطرة إسرائيل على معبر رفح ستفاقم الكارثة الإنسانية في غزة    الأونروا: مصممون على البقاء في غزة رغم الأوضاع الكارثية    أبطال فيديو إنقاذ جرحى مجمع ناصر الطبي تحت نيران الاحتلال يروون تفاصيل الواقعة    كيف صنعت إسرائيل أسطورتها بعد تحطيمها في حرب 73؟.. عزت إبراهيم يوضح    المصري يتمسك بالمشاركة الأفريقية حال اعتماد ترتيب الدور الأول    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    تفاصيل زيادة الحضور الجماهيري بالمباريات المحلية والأفريقية    جريشة: ركلتي جزاء الأهلي ضد الاتحاد صحيحتين    الحديدي: كولر «كلمة السر» في فوز الأهلي برباعية أمام الاتحاد السكندري    آنسات الأهلي يهزم الزمالك في بطولة الجمهورية للكرة الطائرة    هل نقترب من فجر عيد الأضحى في العراق؟ تحليل موعد أول أيام العيد لعام 2024    مصدر أمني يكشف تفاصيل إطلاق النار على رجل أعمال كندي بالإسكندرية    ارتفاع درجات الحرارة.. والأرصاد تحذر من ظاهرة جوية تؤثر على حالة الطقس الساعات المقبلة (تفاصيل)    ضبط تاجر مخدرات ونجله وبحوزتهما 2000 جرام حشيش في قنا    زاهي حواس: عبد الناصر والسادات أهديا قطعًا أثرية إلى بعض الرؤساء حول العالم    الأبراج التي تتوافق مع برج العذراء في الصداقة    ياسمين عبد العزيز: فيلم "الدادة دودي" لما نزل كسر الدنيا    معجبة بتفاصيله.. سلمى الشماع تشيد بمسلسل "الحشاشين"    ياسمين عبدالعزيز تكشف حادثًا خطيرًا تعرضت له لأول مرة.. ما القصة؟    «خيمة رفيدة».. أول مستشفى ميداني في الإسلام    بعد تصريح ياسمين عبد العزيز عن أكياس الرحم.. تعرف على أسبابها وأعراضها    صدمه قطار.. إصابة شخص ونقله للمستشفى بالدقهلية    دار الإفتاء تستطلع اليوم هلال شهر ذى القعدة لعام 1445 هجريًا    الكرخ: نرفض عقوبة صالح جمعة القاسية.. وسلكنا الطرق القانونية لاسترداد حقوقنا    طبيب الأهلي يكشف تفاصيل إصابة الثنائي ربيعة وكوكا    سليمان جودة: بن غفير وسموتريتش طالبا نتنياهو باجتياح رفح ويهددانه بإسقاطه    عزت إبراهيم: الجماعات اليهودية وسعت نفوذها قبل قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي    أسامة كمال يشيد بدور الشيخ إبراهيم العرجاني ويترحم على نجله الشهيد وسيم    ياسمين عبد العزيز: النية الكويسة هي اللي بتخلي الشغل ينجح    اليوم.. ذكرى رحيل فارس السينما الفنان أحمد مظهر    اليوم، تطبيق المواعيد الجديدة لتخفيف الأحمال بجميع المحافظات    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة لعام 1445 هجرية    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    ما هي كفارة اليمين الغموس؟.. دار الإفتاء تكشف    دعاء في جوف الليل: اللهم امنحني من سَعة القلب وإشراق الروح وقوة النفس    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    طريقة عمل تشيز كيك البنجر والشوكولاتة في البيت.. خلي أولادك يفرحوا    في يوم الربو العالمي.. هل تشكل الحيوانات الأليفة خطرا على المصابين به؟    الابتزاز الإلكتروني.. جريمة منفرة مجتمعيًا وعقوبتها المؤبد .. بعد تهديد دكتورة جامعية لزميلتها بصورة خاصة.. مطالبات بتغليظ العقوبة    إجازة عيد الأضحى| رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك 2024    القيادة المركزية الأمريكية والمارينز ينضمان إلى قوات خليجية في المناورات العسكرية البحرية "الغضب العارم 24"    الشعب الجمهوري بالشرقية يكرم النماذج المتميزة في صناعة وزراعة البردي    مراقبة الأغذية بالدقهلية تكثف حملاتها بالمرور على 174 منشأة خلال أسبوع    محافظ أسوان: تقديم الرعاية العلاجية ل 1140 مواطنا بنصر النوبة    الجدول الزمني لانتخابات مجالس إدارات وعموميات الصحف القومية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهانون.. فى خريف العمر!
الحكومة تكافئ الخيول برصاصة.. والمتقاعدون بالتسول

خريف العمر بداية جديدة للاستمتاع بالحياة فى العديد من بلدان العالم بعيداً عن أعباء الوظيفة وقيود الحياة الروتينية لسنوات طويلة.
فى الدول المتقدمة وبعض الدول العربية تعد هذه السن هى الانطلاقة لعالم جديد برؤية مختلفة تحمل فى طياتها التكريم والاستمتاع بالوجه الهادئ للحياة.
وفى مصر الوضع مختلف تماماً وتكاد تكون الحياة عندنا تنتهى بعد الستين إلا لمن رحم ربى.. فسن التقاعد للعديد من المصريين يعنى مأتماً وجنازة تستحق المواساة وبعد سنوات طويلة من الكفاح والجد مقابل جنيهات يعلم الله وحده أنها لا تكفى أياماً قليلة من الشهر ينهى حياته بشهادة تقدير -إن وجدت- وجنيهات المعاش القليلة التى لا تسمن ولا تغنى من جوع.
9 ملايين مسن ومسنة فى مصر يعيشون فى صراع دائم مع الشيخوخة ونقص الخدمات وضآلة المعاش وقوائم انتظار لمن يستطيع لدخول دور رعاية.. صراع دائم مع أعباء الحياة والشيخوخة تخالف تصريحات المسئولين برعاية هؤلاء التى تؤكد بعض الدراسات السكانية والبحثية أن عددهم فى تزايد وصل ل20 مليون مسن بحلول 2050 ووفق تقرير صادر من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن نسبة المسنين فى مصر ستصل إلى 11.6٪ بحلول عام 2030 مقابل نحو 7.3٪ عام 2014، ورغم ذلك لا يزال هؤلاء الملايين من المسنين فى مصر يعانون الأمرين، فلا خدمات صحية، والدور رعاية مناسبة، التى لا يتعدى عددها ال172 داراً على مستوى الجمهورية تستحوذ القاهرة على نحو 50٪ منها تليها الإسكندرية، ثم الجيزة، بينما يتراوح العدد فى باقى محافظات الوجه البحرى من 3 الى 5 دور، وتصل إلى دار واحدة ببعض المحافظات، و194 نادياً يستفاد منها ما يقرب من 60 الى 70 ألف مسن ومسنة وفقاً لبيانات وزارة التضامن، وفى نهاية المطاف يجد بعض المسنين نفسه شديداً فى الشوارع بعد أن يضيق بهم الأبناء، ولا يجد الرعاية من الدولة والمجتمع وبشكل متفاقم وكارثى مع المسنين فى الريف فأوضاعهم اكثر صعوبة نظراً لحالة الفقر العامة التى يعانى منها المواطنون هناك.. الأمر الذى أحال مشكلة المسنين المتقاعدين إلى وصمة فى جبين المجتمع حيث لا يلقون التقدير الملائم لما قدموه عبر عشرات السنين، بل يعاملون كخيل الحكومة.. التحقيق التالى يرصد أوضاع وأحوال كبار السن فى مصر بعدما سقطوا من حسابات الحكومات المتعاقبة وأصبحوا منسيين فى صيحة تناشد صاحب كل ضمير حر من أجل التصدى لمشكلات هؤلاء؟!
العزلة وعدم الاستقلالية.. الشعور بالوحدة والضيق النفسى.. الجحود من الأبناء والمجتمع هكذا يقول حال المسنين فى مصر، تلك الفئة الأكثر عرضة للمعاناة والألم والحزن والحدود، وهو عنوان واحد لهم جميعاً بعد انخفاض الوضع الاجتماعى والاقتصادى والمعيشى فى ظل التقاعد والعجز، ومن دون ذلك فكان كبر السن والشيخوخة والمرض والفقر والعوز مكافأة نهاية الخدمة من الدولة والمجتمع وتربية الأبناء.. هؤلاء وفقاً للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عددهم خلال 2015 بلغ 6 ملايين مسن، منهم 3 ملايين ذكوراً، و3 ملايين إناث، متوقعاً ارتفاع هذه النسبة إلى 11.5٪ عام 2030 ووفقاً لتقديرات السكان فى أول يوليو 2015 وتوقع بمناسبة اليوم العالمى للمسنين 60 سنة فأكثر أن البقاء على قيد الحياة طبقاً للنوع 71. 5 سنة للذكور و72.9 سنة للإناث خلال 2016، وأشار الجهاز وفقاً لبيانات مسح القوى العاملة 2015 إلى انخفاض نسبة الأمية بين المسنين من 63.2٪ إلى 59.4٪ من إجمالى المسنين عام 2014 وخلال عام 2015 بنسبة 45.7٪ ذكوراً و74.5 إناث، وأن نسبة الحاصلين على مؤهل جامعى فأعلى 8.7٪ ب 12.1٪ ذكور، و4.7٪ إناثاً من إجمالى المسنين.
وأوضح الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن عدد المشتغلين منهم مليون يمثلون حوالى 17.4٪ المسنين منهم 56.3٪ يعملون فى نشاط الزراعة والصيد، و16.8٪ يعملون فى نشاط تجارة الجملة والتجزئة و4.1٪ يعملون فى نشاط النقل والتخزين، كما أظهرت بيانات مسح الدخل والانفاق عام 2015 ارتفاع نسبة المسنين المدخنين من 11.2٪ خلال عام 2012/2013 إلى 12.5 من إجمالى المدخنين عام 2015، وأشار إلى أن نسبة عقود الزواج بين المسنين بلغت 1.9٪ من إجمالى العقود، وبلغت نسبة الطلاق 8.4٪ من إجمالى الإشهارات وفقاً لنشرة الزواج والطلاق عام 2015 وبحسب جهاز التعبئة والإحصاء تبين أن 61.5٪ هى نسبة وفيات المسنين من إجمالى عدد الوفيات بنسبة 56.7٪ ذكوراً، و67.3٪ الإناث، ووفقاً لنشرة الموالين والوفيات وأوضحت البيانات أيضاً خلال 2015 انخفاض عدد مؤسسات رعاية المسنين من 170 مؤسسة عام 2014 إلى 168 مؤسسة عام 2015 على مستوى الجمهورية، بينما زاد عدد المنتفعين بالخدمة من 3 آلاف و180 عام 2014 إلى 3 آلاف و961 مسناً وفقاً لبيانات نشرة الخدمات الاجتماعية عام 2015، ورغم أن المسنين فى أشد الحاجة لحياة كريمة، فالواقع يؤكد أنهم فى مصر يكرمون بتعرضهم للذل والمهانة ما بين نقص المعاشات وسرقة 600 مليار جنيه أموال المعاشات من قبل الدولة ممثلة فى وزارة التضامن الاجتماعى وبحسب البدرى فرغلى، رئيس الاتحاد العام لأصحاب المعاشات إلى جانب ذلك تتجسد ضآلة الخدمات المتاحة لرعاية المسنين حيث لا يوجد سوى 172 داراً على مستوى الجمهورية تستحوذ القاهرة تليها الإسكندرية، ثم الجيزة على نسبة ال50٪ ومن 3 إلى 5 دور فى باقى محافظات الوجه البحرى ودار واحدة ببعض المحافظات وما يقرب من 194 نادياً يستفيد منها ما يقرب من 60 إلى 70 ألف مسن ومسنة بحسب بيانات وزارة التضامن الاجتماعى وتستوعب دور المسنين بذلك نسبة لا تزيد على 6 آلاف مسن فقط، والباقون على الرصيف!
ودور الرعاية للمسنين فى مصر تنقسم إلى 3 فئات الأولى ذات الخمس نجوم تقدم الخدمة الكاملة للمسنين ويتراوح سعر الإقامة بها ما بين 3 الى 5 آلاف جنيه شهرياً، ويزيد مؤخراً بعد موجات ارتفاعات الأسعار المتتالية والفئة الثانية هى المجانية ولا يزيد عددها على 12 داراً على مستوى الجمهورية، بينما الفئة الثالثة بسعر يتراوح ما بين 500 إلى 2000 جنيه فأكثر شهرياً بحسب غرفة بسرير أم سريرين، حجرة أم جناح.. كما استحدث نشاط خدمة جليس السن من قبل وزارة التضامن الاجتماعى، وكذلك مكاتب خدمة المسنين بالمنازل.
وهى تتواجد بالنوادى أو دور المسنين سواء من أعضاء النادى أو من خارجه وذلك من خلال توفير احتياجات المسن المقيم داخل منزله بدون عائل كتوفير الغذاء والرعاية الصحية من خلال توفير بعض التخصصات الطبية التى يحتاجها المسن إلى جانب توفير بعض الاحتياجات المنزلية للمسن مثل سباكة كهرباء أو نجدة المسن عند الضرورة ورغم ذلك لايزال عددها لا يتعدى ال 75 مكتب خدمة المسنين بالمنازل على مستوى الجمهورية، ولذلك ومع تزايد أعداد كبار السن والمحتاجين إلى رعاية خارج نطاق الأسرة إلا أن قوائم الانتظار للالتحاق بهذه الدور خاصة المجانية تطول يومياً مع عدم إضافة دور جديدة، وأصبح الأمل الوحيد لأعضاء قوائم الانتظار أن يموت النزلاء حتى يحلو محلهم وتكون المعاناة أشد وأكثر، فهى لفئة المسنين غير القادرة على خدمة أنفسهم، وهم فى حاجة للاهتمام والرعاية ورغم ذلك لا تقبلهم المستشفيات بحجة أنهم ليسوا مرضى وهم فقط فى حاجة للرعاية والنظافة والطعام، وهى نوعية من الدور لا يتعدى عددها ال18 داراً فقط لرعاية مثل هذه الشريحة.
الفقر والعنف أهم المشكلات
دور الرعاية الحكومية ب600 جنيه.. والخاصة تصل إلى 10 آلاف جنيه
الرعاية التى يتلقاها المسنون على مستوى الجمهورية لا ترقى لاحتياجاتهم، بحسب الدكتورة نادية عبدالمطلب بقسم الأغذية الخاصة بمعهد تكنولوجيا الأغذية التابع لمركز البحوث الزراعية، موضحة أن الرعاية السريرية العلاجية عددها منخفض رغم الاحتياج إليها على مستوى الجمهورية.. وهناك أيضاً شروط لإلحاق أى مسن بإحدى دور رعاية المسنين أولها السن القانونية وهى ما بين 60 ل65 عاماً للرجال و55 فأكثر للسيدات وأن يكون خالياً من الأمراض المعدية منعاً لانتشار العدوى بين نزلاء الدور.. وقبل ذلك وبحسب بعض مصادر وزارة التضامن أن يكون المسن نزيل الدار حسن السير والسلوك ولديه كفيل لاستدعائه عند الضرورة، وهناك دور تشترط أن يكون النزيل المسن ذا معاش أو راتب أو رصيد يضمن الالتزام بسداد الاشتراك الشهرى.. ولكونهم فئة ذات طبيعة خاصة جداً فيما يتناولونه من أطعمة لكونهم محملين بأمراض عديدة وخطيرة ومزمنة كالسكر والقلب والضغط والأمراض الصدرية والجلطات بمختلف أنواعها.. وكشفت الدكتورة نادية عبدالمطلب أنها أثناء إعداد رسالتها العلمية فى طب وصحة المسنين تبين لها أن الأطعمة المتداولة بالأسواق المخصصة لكبار السن مخالفة تماماً لمواصفات واشتراطات أطعمة تلك الفئة تماماً!
جامعة عين شمس من أوائل الجهات التى اهتمت ولا تزال بوضع إطار للخدمات الصحية التى تقدم للمسنين فى مصر بالتواصل مع وزارة الصحة ووزارة الشئون لضمان تنفيذ وتفعيل الحقوق الصحية لكبار السن خاصة والذين سيبلغ عددهم لما يقرب من 20 مليون مسن فى مصر خلال 2050 بحسب المؤشرات والدراسات البحثية.. وهو ما يستدعى وفقاً للدكتورة هبة سويد رئيس قسم طب وصحة المسنين وكبار الأعمار بالجامعة.. الاستعداد من الآن بإعداد وحدات صحية متكاملة والوصول لمرحلة الشيخوخة النشطة عن طريق تغيير الفكر المجتمعى المعتمد فى تعامله مع كبار السن على انتهاء دورهم فى المجتمع وأن عليهم التزام الفراش والمنازل.. ولذلك ووفقاً لكلام رئيسة طب وصحة المسنين كان العمل على خلق امرأة أو رجل من كبار السن نشطين ذوى دور فعال فى المجتمع مع تقديم الخدمة الوقائية الصحية والعلاجية لهم.. إلا أن عدم وجود رعاية ممتدة لكبار السن تعتبر أهم المشكلات التى تحول دون تقديم أى رعاية للمسنين لأن مريض الشيخوخة يحتاج لرعاية مطولة!
وأجملت مشكلات المسنين فى مصر فى ارتفاع أسعار العلاج مع عدم توافره بالقدر الكافى وفقدان بعض الأماكن للرعاية الصحية بما يصعب على المسن الانتقال لمكان آخر بالإضافة إلى مشاكل اجتماعية تتمثل فى ترك الأبناء المسن بمفرده بالمنزل لفترات طويلة سعياً وراء الرزق وتكوين الأسرة خاصة مع اندثار فكرة بيت العائلة كذلك مشاكل مادية بعد فقدان المسن لعمله بسبب سن المعاش وما ينتج عنه انخفاض للدخل وقد لا يوجد معاش لبعض المسنين من الممارسين فيما مضى للأعمال الحرة.
وتزايد اهتمام الرأى العام العالمى بسوء معاملة المسنين منذ الثمانينات وتزايد معه الاهتمام بحقوق الإنسان ومن ثم الوعى بحقوق كبار السن فيما يتصل بحقهم فى الحصول على المنافع الاجتماعية وغيرها من الاستحقاقات الأساسية فى المجالات المدنية والسياسية والاجتماعية التى حددها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان ومبادرات الجمعية العامة الاستثنائية الرابعة والعشرين وإعلان الأمم المتحدة للألفية الذى اعتمده مؤتمر قمة الألفية بالأمم المتحدة خلال عام 2000 ولأن الشيخوخة هى إحدى الوسائل التى يحرم المسنون بواسطتها من حقوق الإنسان بحسب آراء الخبراء ونتائج الدراسات ووفقاً لكلام الدكتور أحمد يحيى أستاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة قناة السويس الذى أشار وغيره من علماء الاجتماع إلى أن مع الشيخوخة تتحول الصور النمطية السلبية للمسنين وإساءة معاملتهم إلى عدم اهتمام من قبل المجتمع لدرجة التهميش أو التمييز على أساس السن فى العمل إلى الاستبعاد والحرمان من المساواة فى الفرص ومن الموارد واستحقاقات عديدة فيتأكد التمييز ضد كبار السن فى الحياة الاجتماعية والسياسية والمجتمعية والاقتصادية.. ومن ثم ووفقاً لكلام الدكتور أحمد يحيى وفى ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة وارتفاع نسبة التضخم والفقر الذى من شأنه أن يزيد من حدة حرمان كبار السن من حقوق الإنسان الأساسية ويقلل من الخيارات والفرص المتاحة لحياة معقولة ومقبولة ولأن فى مجتمعات عديدة يوجد بين المسنين نسبة غير متناسبة من الفقراء أو أفقرهم.. ولذلك القضاء على الفقر والحد من العنف الممارس على بعض المسنين يجب أن يكونا هدفين مكملين لحقوق الإنسان فى العديد من المناطق وعناصر مهمة وضرورية من عناصر التنمية البشرية المنشودة.
وعلى نفس الصدد وفيما يتعلق بما ورد بكلام أستاذ الاجتماع السياسى أحمد يحيى.. فالعنف من أكثر المشكلات التى يواجهها كبار السن حتى داخل مؤسسات الرعاية وهو ما أكدته دراسة للدكتور عزت حجازى أستاذ متفرغ بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية التى أوضحت أن أكثر من 50٪ من المسنين المستطلعة آراؤهم يتعرضون لصور عنف مختلفة فى تلك المؤسسات وحريصون على تفادى الحرج مما يحول دون الإبلاغ والخوف من احتمال فقر من يرعاه أو للإحساس بعدم الجدوى فى الشكوى، وأشارت الدراسة إلى أن فقر إمكانات بعض هذه المؤسسات وخاصة الحكومية كان من أهم العوامل وراء تفاقم ظاهرة ممارسة العنف ضد المسنين، حيث يتمثل ضعف وفقر تلك الإمكانيات فى عدم ملاءمة مقار الإقامة وتدنى المرافق والقصور فى التجهيزات الطبية أو الترويحية.. وأظهرت الدراسة أيضاً أن من الظروف والأحوال التى تعرض مسناً لعنف أكثر من غيره تقدمه فى العمر وأنه يعيش بمفرده وأن ينتمى للطبقات الفقيرة وعندئذ تتعاظم الآثار السلبية على المسن مثل تعاظم الإحساس بضعف الحيلة والخوف والقلق والشعور بالخزى والعار.. كما كشفت دراسة ميدانية حديثة للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية بعنوان «رعاية كبار السن فى مصر» عن مدى الاهتمام المستشرى فى دور إيواء ورعاية كبار السن ومدى تباين مستوى الخدمة المقدمة ما بين الحكومية بأسعارها المنخفضة نسبياً والخاصة التى تصل لدرجة الخمس نجوم والتى تراوحت قيمة اشتراكها من 3000 جنيه ل10 آلاف جنيه، كما أظهرت الدراسة «السابق نشرها» صورة دقيقة لملامح حياة وعيشة كبار السن داخل هذه المؤسسات من عدم كفاية للتجهيزات الضرورية التى تتطلبها تلك المرحلة العمرية المتقدمة كعدم وجود مصاعد أو تليفونات، إلى جانب الضغط الشديد على بعض المرافق الحيوية كالحمامات ودورات المياه والازدحام وعدم الاهتمام بالنظافة، وسوء حالة الأطعمة وعدم احترام خصوصية المسن أو عدم وجود طبيب مقيم، وانعدام الأخصائيين فى التخصصات المختلفة وتحميل المسن تكاليف علاجه، وكذلك عدم ملاءمة الإقامة والخدمات الأساسية لظروف المسن الصحية ومعها تحولت دور الرعاية إلى أماكن لانتظار النهاية والموت خاصة فى دور الرعاية الحكومية التى تتراوح أسعارها ما بين 600 و1000 جنيه وعلى عكسها تماماً تكون معظم دور الرعاية الخاصة التى تكون فيها الدار مسئولة عن تنظيم حياة المسن وعلاقاته وحتى مواعيد زياراته أو خروجه فى رحلات جماعية ترفيهية!
ومع ذلك نجدهم يعانون نكران الجميل من الدولة والمجتمع قبل الأبناء وصعوبة الحياة.. والتعامل معهم كخيل الحكومة، تلك الحكومة التى لم ترحمهم فى شيخوختهم بالرعاية بل وسرقت أموال معاشاتهم وتلاعبت بحقوقهم ومع ذلك فهم محظوظون مقارنة بكبار سن منسيين ومشردين فى الشوارع وعلى الأرصفة!
حياتهم كعب داير
يواجهون الموت على الأرصفة
رغم تضارب وتباين الأرقام حول الأعداد الحقيقية للمسنين فى مصر.. فمن المؤكد أنهم بالملايين، سن التقاعد لهم بمثابة نهاية الخدمة من الحياة وليس من الوظيفة بعدما سقطوا من حسابات كل الحكومات ومعهم آخرون هم أيضاً مسنون ولكنهم مشردون بالشوارع ويفترشون الأرصفة، ورغم أنهم هرموا لا يزالون يكدحون مع الفقر والمرض والعجز وكبر السن لمساعدة ذويهم على الحياة بظروفها الصعبة.. حول هؤلاء جميعاً قامت «الوفد» بجولة ميدانية داخل شوارع المحروسة فى القاهرة الكبرى لرصد معاناة هؤلاء وهم كثر.
أبوبكر عبدالعال يبلغ من العمر 73 سنة لديه 4 أبناء جميعهم عمال شيالة على أحد الأوناش ظروفهم صعبة بالكاد يكفون أسرهم، يحكى مأساته قائلاً: أنا باشتغل لكى أعينهم شوية وأشيل نفسى، فقد كنت فى صباى مساعد جزار باكسب كويس وعشان هى شغلانة تحتاج إلى قوة وصحة مع تقدم عمرى تركتها وألف طول النهار أبيع المقشات البلح الواحدة ب25 جنيهاً وقد ينقضى اليوم وساقى تتورم من اللف ولا أبيع سوى واحدة فقط وأيام أخرى أعود للمنزل دون جبر خاطرى.. والحمد لله على أى حاجة مكتوب أموت وأنا شقيان! ولا معاش ولا علاج ولا رحمة!
محمود طه موسى «58 سنة» من السيدة زينب لديه من الأولاد على وحسن ومنصور وزينب، يتنقل ما بين الإشارات ومستشفى قصر العينى ومعهد الكبد والأورام القومى.. هواء بارد جداً جعله دائماً مصاب بالبرد والزكام، ملابسه خفيفة لا تقاوم برودة وهواء كورنيش النيل ودائماً ما يتخفى وراء كرتونته التى يحمل بها عدداً من «أكياس» المناديل الصغيرة التى يبيعها، ومع ذلك فهو مريض أورام سبق وعمل عملية بالمعهد القومى للأورام.. 40 عاماً بحسب كلامه وهو يتنقل من شارع لآخر ويجلس على حافة الرصيف للراحة.. هو ومعه آخرون يعانون الأمرين من الحاجة والفقر وشرطة المرافق والمباحث الذين لا يرحمونهم من مطاردات مستمرة تحول دون الكسب الشريف.. يصرخ ويقول نعمل إيه يا حكومة نأكل عيالنا منين يا شرطة ما ينفعش كبرنا وهرمنا.
سماح ميخائيل.. فوق الثمانين سنة، هكذا بدأت كلامها معنا، وعندى 4 أحفاد دايماً على الرصيف بميدان الروضة، بناتى اثنين واحدة مطلقة وعندها 3 أولاد وأعيش معها وابنتى الأخرى هى وزوجها وابنها فى حجرة بالمقطم، أبيع الجرجير والبقدونس والشبت من صباحية ربنا واللى باكسبه أدفعه للتاجر الموزع للبضاعة وباروح بمكسب لا يتعدى ال5 جنيهات باشترى ب2 جنيه عيش و3 جنيهات فول، وعندما أشعر بأى مرض طارئ غير أمراض الشيخوخة اللى تعودت عليها أتوجه للتسول أو لرحمة ربنا بالدعاء وأهى عيشة وخلاص.
عثمان عبداللطيف طه «53 سنة» حاصل على دبلوم تجارة عام 84 ومصاب بورم بالكتف وعمل عملية بعد أن رأف بحاله بعض المترددين على معهد الأورام فكان وقوفه المستمر بحسب تعبيره ومعه زميله يشتكون من ضيق الحال ويتساءلون فين الحكومة فين رئيسنا ونحن نلف كعب داير يومياً حتى تتورم أرجلنا ولا نجد أملاً فى توفير أبسط احتياجات عيالنا.. ألا يكفى اجتماع المرض والفقر والشيخوخة علينا؟
عجوز مسنة من صفط اللبن تفترش أحد الأرصفة وتطلب المساعدة لعلاجها وأكل أحفادها لأن أولادها على «قد حالهم» بحسب تعبيرها يوم يشتغلون وعشرة مافيش، خرجت للشارع قبل أن يضيقوا بلقمتى الصغيرة جداً أو بعلاج لن يجدوه لضيق الحال وأنا أتألم أمامهم، بيقولوا الحكومة بتعالج وبتعمل معاش لأمثالي فين الكلام ده.. باطلب الموت والله كل لحظة يا بنتى لأن الجوع كافر.
وللمسنين المرضى.. حكايات ومآس لا تعد ولا تحصى.. من على أحد سلالم معهد الكبد بمنطقة قصر العينى دار حديثنا مع رمضان محمد أحمد ذي ال67 سنة والمصاب بفيروس C جاء من المنيا للعلاج وعلى مدار شهر كامل يتنقل ما بين أروقة مستشفى قصر العينى الذى طالبته ببحث حالة اجتماعى من وزارة التضامن الاجتماعى لتسمح له بالعلاج وعندما أحضره أرسلته ل«ليلة القدر» بأخبار اليوم لإحضار موافقة منهم على تحملها تكاليف التحاليل المطلوبة قبل منحه علاج فيروس C وهنا يصرخ ويتساءل عم رمضان الحكومة بتقول إنها بتعالجنا ببلاش ليه؟ بحسب تعبيره مضيفاً: والله العظيم أنا رايح جاى «كعب داير» ولوحدى فى هذه السن يا بنتى أنا كنت موظف وخرجت معاش مبكر من شركة المحمودية للمقاولات ومعاشى 900 جنيه يكفوا إيه ومين.
سامية محمد أبوالمعاطى 50 سنة مريضة بفيروس C هى الأخرى كعب داير وجدناها على سلالم معهد الكبد بجوار عم رمضان زوجها لديها 3 بنات فى مراحل التعليم من ابتدائى لثانوى، تقول: والله العظيم كل ما أطلب الموت أفتكر بناتى وأجرى على المستشفى لعل وعسى أحصل على برشام علاج الفيروس ولا أجده بامسح السلالم فى المنازل والأرضيات فى الشقق حتى أصرف على بناتى ومش مكفى وصحتى فى النازل ومش عارفة لو لم أعالج ماذا ستفعل بناتى وهل سيتركون المدارس ويذهبون للطريق اللى مافيهوش رحمة؟ كيف يقولون إن الحياة تبدأ بعد الستين عليهم أن يقولوا الموت جاى جاى ويا ليته يكون بسرعة فالإعدام أهون من الموت البطيء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.