يحل اليوم الذكرى العشرون على رحيل الأديب والروائي الكبير يحيى حقي والذي يُعد أحد رواد القصة القصيرة والرواية العربية والمصرية, فقد كان الأقرب من خلال رواياته إلى فئة البسطاء من الشعب حيث نالت أعماله استحسان جميع طبقات المجتمع, وقيل عن شخصيته إنها تتسم بالقوة والبساطة والخجل. فتميز حقي حسبما وصفه عدد من الكتاب والأدباء بنظرته الثاقبة واستشرافه للمستقبل الأدبي، وكان متمكنًا من الأداة اللغوية ومطلعا على تراث أمته وتاريخها، وهو ما أضفى على أدبه سحرًا فريدًا، حيث جمع بين جمال الصياغة وروعة الفكرة والتعبير عنها بإحساس مرهف، بالاضافة إلى اهتمامه بالقيم الدينية والأخلاق السامية وإعلاء المثل العُليا. وقد خرجت كتاباته في لغة قصصية متميزة في إيقاعها وتراكيبها، متوهجة بالمشاعر والأحاسيس ومتدفقة بالحركة ونابضة بالحياة، ذات قدرة فائقة على الإيحاء والتجسيد والتأثير في المتلقي. نشأته وأهم المناصب التي تقلدها ولد الأديب الكبير يحيى حقي في حي السيدة زينب بالقاهرة فى 7 يناير عام 1905، لأسرة ذات أصول تركية ميسورة الحال، ثم التحق بكتاب السيدة زينب وبعده التحق بمدرسة أم عباس باشا وحصل على الابتدائية عام 1917 بعدها التحق بالمدرسة الخديوية ثم كلية الحقوق وحصل على الليسانس منها عام 1927 وعمل بالمحاماة فى دمنهور والإسكندرية، حتى تم تعيينه عام 1927 معاونا للنيابة فى مدينة منفلوط بأسيوط فى الصعيد فى سنة 1929، ثم عُين حقي أميناً للمحفوظات فى قنصلية مصر فى جدة ثم فى اسطنبول ما بين سنة 1930 وسنة 1934، وبعدها انتقل إلى روما واستمر حتى عام 1939 ثم عاد لمصر وعمل مديراً لمكتب الوزير فى ديوان وزارة الخارجية المصرية، وفى عام 1949 التحق للعمل بسفارة مصر فى باريس، وفى عام 1952 عُين مستشاراً لسفارة مصر فى أنقرة ثم وزيرا مفوضا لمصر فى ليبيا وبعدها بوزارة التجارة المصرية. ترك عمله الدبلوماسي عندما تزوج في 22/9/1953م من فرنسية، وعاد إلى مصر ليستقر فيها، ثم عمل مُديراً لمصلحة الفنون ومستشاراً فنياً لدار الكتب المصرية حتى ترأس تحرير مجلة "المجلة" ما بين عام 1962و1970، وبعدها أعلن اعتزاله الكتابة والحياة الثقافية. أهم أعماله نشر أول قصة له في عام 1926م بمجلة الفجر، وأنتجت السينما المصرية له أربعة من الأعمال السينمائية المميزة ومن أبرزها "البوسطجي"، و"قنديل أم هاشم"، كما قدم حقي عددا من الروايات منها "خليها على الله" و"صح النوم" و "يا ليل يا عين" و"كناسة الدكان" و"تراب الميرى"، و"عطر الحبايب" وتُرجمت بعضها إلى الانجليزية والفرنسية. وتعد رواية "قنديل أم هاشم" من أهم الأعمال الإبداعية خلال القرن الماضي, لكونها أول رواية تناقش علاقة الشرق بالغرب في بدايات القرن الماضية. تكريم يحيى حقي حصل يحيى حقي في يناير عام 1969م على جائزة الدولة التقديرية في الآداب، كما منحته الحكومة الفرنسية عام 1983 وسام الفارس من الطبقة الأولى، ومنحته جامعة المنيا عام 1983 الدكتوراة الفخرية، وجائزة الملك فيصل العالمية "فرع الأدب العربي" لكونه رائداً من رواد القصة العربية الحديثة عام 1990م. وبالتنسيق بين منظمة "اليونسكو" والمجلس الأعلى للثقافة بمصر قام المجلس الأعلى للثقافة عام 2005 بالاحتفال بمئوية ميلاد الأديب يحيى حقي؛ وقدم المجلس عددا من الاحتفالات التي استمرت طوال العام . رحيله توفي الرائد الكبير في القاهرة يوم الأربعاء التاسع من ديسمير عام 1992 عن عمر يُناهز سبعة وثمانين عاماً بعد حياة حافلة بالإنجازات وتاريخ أدبي لن يمحوه الزمان.