أكد عدد من نواب البرلمان وأساتذة السياسة أن الأزمة التى تعيشها مصر فى الفترة الحالية تكمن فى اتباع سياسية خاطئة وفاشلة تتسبب فى إحداث العديد من المشكلات التى تواجه الدولة الآن، لافتين إلى أن التعديل الوزارى الجديد يعتبر تقليدياً وروتينياً إذا لم يصاحبه تغيير فى السياسات وبرنامج واضح الملامح تعمل الحكومة من خلاله. وأشاروا إلى أنه لابد لرئيس الوزراء أن يحدد خطط عمل مع الوزراء الجدد والقدامى تتبع سياسات جديدة يتم خلالها تدوير التوجيهات بما يتناسب مع خطة الإصلاح التى لابد أن تنتهجها الدولة فى الفترة المقبلة. أكد هيثم الحريري، عضو مجلس النواب، أنه بشكل عام مازالت أولوية التغيير تطلب إجراء تغيير لسياسات وليس للأشخاص، موضحًا أنه يدون تعديلاً فى السياسات فإنه سيحدث تفاوت نسبى بين حجم المشكلات التى تعانى منها الدولة وبين الحلول اللازمة لكل مشكلة. وأوضح أن تصويت البرلمان على التعديل الوزارى تم من خلال طرح ثلاثة أسئلة، أولهما: لماذا تم الإبقاء على باقى الوزراء، هل لأنهم حقوا نجاحات وتمكنوا من تطوير الأداء فى مجالاتهم. وأشار إلى أن السؤال الثانى الذى طرحه النواب قبل التصويت، كان بخصوص الوزراء المستبعدين وما هى أسباب إقالتهم، وما أوجه القصور، موضحًا أن ذلك ضرورى حتى يتم تجنب هذه القصور فى أداء الوزراء الجدد. وأعتبر أنه من أحد أخطاء اللائحة الداخلية للبرلمان أن يتم التصويت على التعديل ككل أو أن يتم رفضه ككل، لافتًا إلى أنه من الظلم أن يضطر النواب إلى أن يقبلوا بشخص فاسد أو سيئ لمجرد أن مجمل التعديل جيد. وقال سامى المشد، عضو لجنة الصحة بالبرلمان، أنه يجب تغيير السياسات الخاصة بالمنظومة، وليس مجرد أشخاص، موضحًا أن التعديل الوزارى إن لم يكن مصحوبًا بسياسات جديدة، فلن يحدث شيء، لأن المشكلة تكمن فى أن الحكومة عبارة عن موظفين أو سكرتارية لدى رئيس الجمهورية، ينفذون ما يملى عليهم. ولفت المشد، إلى أن أزمة الصحة فى مصر ليست مسؤولية وزير الصحة أحمد عماد الدين مفيدًا أن اختزالها فى شخصه لن يساهم فى حلها، وأن الشعب يريد عدالة اجتماعية، ولتحقيقها لا بد من تغيير سياسة تحميل الطبقات الفقيرة كافة أعباء الأزمة الاقتصادية والتوجه إلى أصحاب رؤوس الأموال، لرفع العبء عن الفقراء. وأشار المشد إلى أن بقاء السياسات الحالية كما هى لن يكون هناك أى تغيير، وستستمر معاناة المواطنين، متوقعًا عدم قدرة الطبقة الفقيرة على التحمل إذا استمرت تلك السياسات العامة للدولة. وقال الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسة، إن لجوء رئيس الوزراء إلى تعديل 9 حقائب وزراية، يؤكد وجود خلل بالحكومة تطلب معها تغيير هؤلاء الوزراء، مشيرًا إلى أن القضية ليست فى عدد الأشخاص الذين تم تغييرهم وإنما تكمن القضية فى متطلبات إجراء هذا التعديل والهدف منه بالإضافة إلى البرنامج والسياسات التى ستعمل عليها الحكومة عقب إجراء هذا التعديل. وأضاف أنه لابد من وجود برنامج عمل مع الوزراء الجدد ورؤية واضحة لخطة كلا منهم فى حقبته الوزارية، لافتًا إلى أنه إذا لم يحدث هذا فإن التغيير سيكون مجرد إجراء روتينى لا فائدة منه. وأشار إلى أن أداء الحكومة بتعديلها الجديد سيدعم الرئيس «السيسى» لتولى فترة رئاسية جديدة فى حالة تقديم هذه الحكومة لأى إنجازات تحسب لها وستحسب للرئيس «السيسى» أيضًا، متابعًا أن العكس سيحدث أيضًا، فى حالة إخفاق هذه الحكومة فإن ذلك سيؤثر على شعبية الرئيس لدى الشعب المصرى الذى لن يتحمل أى أعباء إضافية إذا لم تقدم الحكومة حلول وسياسات تنهض بالوضع الاقتصادى والسياسى. وقدم أستاذ السياسة بجامعة القاهرة عددًا من النصائح التى يجب أن يعمل عليها رئيس الوزراء حتى يضمن نجاح الحكومة فى الفترة المقبلة، أولها: أن يقوم المهندس شريف إسماعيل بتحديد مهام الوزراء بشكل عاجل، ثانيًا: وضع إطار زمنى فى إطار التكليفات الموكلة على عاتق كل حقيبة وزارية. وتابع: لابد أن يربط رئيس الوزراء هذا ببرنامج الحكومة، لافتًا إلى أنه مهم فى هذه الفترة أن يتم عمل تدوير للتوجيهات والسياسات وإعادة إنتاج سياسات جديدة. وانتقد عادل الصفتى، الخبير فى الشئون السياسية، الطريقة التى تم بها تغيير الوزراء، واصفًا إياها بالمهينة وقال: كان من المفترض أن يتم إبلاغ الوزراء الذين يتم تغييرهم قبل إجراء التعديل، ولكن لآخر لحظة كان الأمر مجهولاً ولم يعرف الوزراء أى شىء. وأكد «الصفتى»، أن الوزراء بمثابة معاونين لرئاسة الوزراء والجمهورية، وحتى إذا كان هناك خلاف على أدائهم فيجب أن يكون هناك نوع من الاحترام والخروج بطريقة تليق بما قدموه لمصر وللظروف الصعبة التى حملوا فيها المسئولية.