«دفاع مستميت وأصوات متعالية «تطالب بحقوق المرأة وتنتقد سيطرة الرجل على مقاليد الحياة، ولكنها سرعان ما تحولت تحت القبة إلى صمت وردود مقتضبة تمثلت حصيلتها فى قانون واحد بدور الانعقاد الأول ومناقشات فى غرف مغلقة بالدور الثانى. فقد نجحت المرأة فى حصد 89 مقعداً فى البرلمان لأول مرة فى التاريخ النيابى منذ عام 1866 حتى الآن، وذلك بعد الأصوات التى لطالما دافعت عن حقها فى تمثيل عادل داخل المجالس النيابية، معلقين عليهن آمالاً فى إقرار قوانين ترسخ لمبادئ المساواة بينها وبين الرجل وتعمل على حل المشاكل المتراكمة التى عانت منها خلال السنوات الماضية، إلا أنها على أرض الواقع لم تجن شيئاً. وتواجه المرأة فى المجتمع مشاكل غابت عنها نائبات البرلمان، فمن معاناتهن فى مشاكل الطلاق والحصول على النفقة امتداداً إلى التمثيل السياسى جاءت حصيلة النائبات صفراً لتفشل فى سنة أولى برلمان، وفقاً لما أكدته بنات جنسهن والإحصائيات. وشهد مجلس النواب برئاسة د. على عبدالعال أداء وصفه الخبراء ب«العادى والفاتر»، والأقل منه، لنائبات البرلمان، اللاتى فزن بعضوية المجلس فى 2015 وبعد مرور ما يقرب من دور ونصف من الانعقاد الذى انطلق فى العاشر من يناير 2016، حيث فاز منهن 89 نائبة، لم يكن أداؤهن على أرض الواقع بالصورة المنتظرة، سواء من استخدام الأدوات الرقابية، والتشريعية، أو الدور المحلى بالدوائر الانتخابية. ووفق هذه الرؤية سجلت أروقة المجلس ومضابطه، حضور بعض النائبات للجلسات العامة واللجان النوعية للمشاهدة ليس إلا، فى الوقت الذى يوجد البعض منهن سيتم ذكره لاحقاً، يقوم بدوره التشريعى والرقابى على مستوى عال، ولكنه لا يقارن بالنسبة اللاتى حصلن عليها من مقاعد البرلمان، حيث شهدت الفترة المنقضية من عمر البرلمان عدم حديث قطاع كبير من النائبات ولو لمرة واحدة، سواء فى الجلسة العامة أو اللجان النوعية. وحصلت «الوفد»، على حصر لتحركات وأداء النائبات فى المجلس، وفق المضابط الرسمية، حتى الأول من فبراير الجارى، حيث لم تتقدم أى نائبة من النائبات ال89 بأى استجواب مستوفى لأى من وزراء الحكومة أو رئيسها، حيث يعد الاستجواب الأداة الرقابية الأقوى والأكبر فى الأدوات والسلطات التى منحها الدستور لنائب البرلمان، فيما كانت طلبات الإحاطة من الأولويات الكبرى للنائبات، حيث قارب ال70 طلب إحاطة معظمها من نائبات المحافظات بخصوص أوضاع دوائرهم الانتخابية، حيث تصدر كل من النائبة ثريا الشيخ، عن دائرة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، والنائبة غادة صقر، بمحافظة الدقهلية، والنائبة فايقة فهيم بمحافظة الشرقية، وسلاف درويش، بمحافظة القليوبية، وزينب سالم، موضوعاتهم مشكلات الكهرباء والمستشفيات والتعليم بشئون المدارس وارتفاع الأسعار. وشهدت طلبات الإحاطة المقدمة اهتمام النائبة سوزى ناشد بالقرارات الصادرة من رئاسة الحكومة، والعمل على تقديم طلبات إحاطة بشأنها، وكان آخرها قرار رفع الضرائب عن استيراد الدواجن من الخارج، حيث نجحت مع زملائها من النواب فى الضغط على الحكومة لإلغاء القرار، فيما تقدمت النائبة أنيسة حسونة بطلب إحاطة لوقف استيراد التوك توك، وهو الأمر الذى أثار قضية التوك توك بمجلس النواب، وتحركت الحكومة نحو تقنين أوضاعه، فى الوقت الذى شهد المجلس 45 بياناً عاجلاً وسؤالاً للنائبات أيضاً طوال المرحلة الماضية، تصدرت موضوعاتها فى الأحداث الجارية اليومية، بالإضافة إلى إشكاليات الدوائر الانتخابية لنواب المحافظات. وعلى المستوى التشريعى كان للنائبة سوزى ناشد، النشاط الأكبر فى اللجنة التشريعية، حيث تحرص على الحضور بشكل مستمر والمشاركة فى مناقشات الجلسات للجنة، أو الجلسة العامة، وعلى رأسها قانون بناء الكنائس، فى الوقت الذى شاركت بفاعلية أيضاً النائبة هبة هجرس فى مناقشات قانون ذوى الإعاقة والجمعيات الأهلية، والذى حسمته لجنة التضامن بمجلس النواب، ومعها النائبة مهجة غالب، فى الوقت الذى شاركت الكاتبة الصحفية لميس جابر بفاعلية فى مناقشات القوانين التى حسمتها لجنة الإعلام برئاسة النائب أسامة هيكل على رأسها قانون نقابة الإعلاميين، والهيئات الإعلامية، ونقابة الأثريين، ومعها النائبة جليلة عثمان، ودورها فى مناقشة طلب الإحاطة الخاص بالمسابقات التليفزيونية، فيما شاركت بفاعلية أيضاً النائبة بسنت فهمى فى مناقشات لجنة الشئون الاقتصادية، وأزمة الأدوية، والقرارات الاقتصادية التى تم اتخاذها بشأن تعويم الجنيه، فيما كان للنائبة شادية ثابت دور محورى فى الاهتمام بملفات الصحة، وأيضاً الأوضاع الصحية بدائرته الانتخابية بمحافظة الجيزة، حيث تصدرت اهتماماتها أوضاع المستشفيات والمستوصفات الصحية، واقترحت قانوناً بحظر سفر الأطباء، إلا أنها تراجعت عنه. وشاركت النائبة دينا عبدالعزيز بفاعلية فى مناقشات قانون لجنة الإدارة المحلية، الذى انتهت منه لجنة الإدارة المحلية، ومعها النائب منى جاب الله، فيما شاركت على المستوى التشريعى النائبة سحر الهوارى فى مناقشات قانون الشباب والرياضة، الذى تقدمت به الحكومة للجنة الشباب، وتم حسمه، فيما كان للنائب نادية هنرى صراع مع قانون خدش الحياء العام، حيث رفضت اللجنة التشريعية بمجلس النواب برئاسة المستشار بهاء أبو شقة، بأغلبية 21 صوتاً مقابل 6 أصوات، مشروعى القانونين المقدمين من النائبة نادية هنرى والنائب أحمد سعيد، بشأن تعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 المتعلقة بالعقوبات فى قضايا النشر الخاصة بخدش الحياء العام، فيما حرضت أيضاً على رفض قانون بناء الكنائس الذى تم تمريره بكل سهولة من قبل الأعضاء فى الجلسة العامة، فى الوقت الذى خسرت النائبة آمنة نصير معركة ازدراء الأديان، وتم رفض مشروع قانونها الخاص بذلك، حيث لم تشهد لها أى مشاركة أخرى فى أى من القوانين أو الحديث فى الجلسة العامة. وفيما يتعلق بوجود نائبات فى المجلس لم يتحركن إطلاقاً ولم يشاركن فى الأعمال الرقابية والتشريعية رصدت «الوفد» عدم وجود أى أعمال للنائبات على رأسهن المعينات كارولين أمازيس، مدير الموارد البشرية بشركة بيجو مصر، رانيا علوانى، طبيبة نساء وتوليد- مدير أكاديمية علوانى للسياحة، وماريان أمير روفائيل عازر، معاون وزير الاتصالات للمبادرات الاستراتيجية، ماجدة السيد بكرى، مدرس مساعد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، دعاء الصاوى، مدرس بقسم القانون العام بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وجهاد جلال أنيس عامر، مدير عام الإدارة العامة للعلاقات العامة والخارجية ورشا إسماعيل، رئيس مجلس قسم اللغة الإسبانية وآدابها بكلية الآداب بجامعة القاهرة، حيث لم ترصد المضابط أى طلبات إحاطة أو بيانات عاجلة لهن، بالإضافة إلى كلمات فى الجلسة العامة. وضمت القائمة نائبة محافظة الشرقية نوسيلة أبو العمرو، والنائبة نعمت قمر، حزب السلام الديمقراطى، دائرة المحلة الكبرى، محافظة الغربية، والتى لم تتحدث سوى مرتين عن أزمة الصحفيين ووزارة الداخلية، وقامت بمهاجمة الصحفيين، وأيضاً عن بيان الحكومة وتصديقها عليه بشكل عفوى، وأيضاً النائبة ألفت كامل، عن حزب مصر الحديثة، التى لم تشهد المضابط حديثاً لها إطلاقاً سوى حلف اليمين. وخلال هذه الفترة رصدت «الوفد» نائبتين آثرتا مشكلات، وقف أمامه المجلس والرأى العام المصرى، الأولى منها النائبة زينب سالم، التى اتهمتها وزارة الداخلية بالاعتداء على ضابط شرطة فى مدينة نصر، وعلى أثره حدثت أزمة كبيرة بين الداخلية والبرلمان، انتهت بالتصالح، ولكنه دامت أزمة على فترة كبيرة، فى الوقت الذى أثارت النائبة إيناس عبدالحليم أزمة مع جامعة المنصورة بسبب مستحقاتها المالية، وتمت مناقشتها بمجلس النواب، وتدخل رئيس المجلس بشخصه بطلب لوزير التعليم العالى لصرف مستحقاتها، وهو ما أثار أزمة خاصة أن الجامعة رفضت وأكدت أنها ليس لها أى مستحقات. «نقص خبرة «أم «فشل» ولم يخرج عن البرلمان أى قانون يخدم المرأة بشكل فعَّال سوى قانون تغليظ عقوبة ختان الإناث، بينما تقدمت النائبة أنيسة عصام حسونة و214 نائباً بمشروع قانون مفوضية المساواة وعدم التمييز، بالإضافة إلى مشروع قانون مقدم منها والنائبة شادية محمود ثابت بشأن العدالة الانتقالية، على خلاف تقدم نائبات أخرى بمشروعى القانونين، وذلك بحذف الفقرة (و) من المادة 98 من قانون العقوبات الخاصة بازدراء الأديان. وفشلت النائبات فى تشكيل تحالف يجمع القوى النسائية حول منصة واحدة وهى الدفاع عن حقوق المرأة، فبعد تشكيله، جاءت أولى خطواته داخل البرلمان بعقد اجتماع مع رئيس المجلس الدكتور على عبدالعال لعرض مشكلاتهن من حيث صعوبات طلب الكلمة والحديث فى المناقشات العامة أسوة بالنواب الرجال، وكذلك عدم أخذ حقهن فى السفر بالوفود البرلمانية. «قانون المرأة المعيلة، الأحوال الشخصية، العنف ضد المرأة، تغليظ عقوبة التحرش، تجريم إنكار النسب، الدفاع عن القاصرات ومنع الزواج المبكر وتنظيم المجلس القومى للمرأة» كلها قوانين لم تستطع النائبات أن تحقق انتصاراً فيها لصالح المرأة، بل إن بعضها لم تتم مناقشته بعد، وذلك على الرغم من أهمية هذه القوانين فى حل مشاكل المرأة، حيث يوجد 90 ألف حالة تطالب بإثبات النسب من جانب الفتيات، مع ارتفاع نسبة التحرش وحوادث الاغتصاب، وسوء أحوال المرأة المعيلة التى لا تجد قوت يومها وأولادها. وكشفت واقعة النائبة البرلمانية التى تقدمت بتعديلات على قانون الأحوال الشخصية بالبند الخاص بالرؤية وحضانة الطفل عن انعدام خبرة عدد كبير من النائبات، حيث جاء التعديل لصالح الرجل على حساب المرأة، وذلك بمنع الأم عن حضانة طفلها فور الزواج بآخر.