لم يكن أحد فى جيلى المقبل على العقد السادس يحلم بالقدرة على اسقاط نظام السادات فى السبعينيات. وكان اقصى ما استطعنا عمله هو الاعتراض داخل الحرم الجامعى سواء فى جامعة القاهرة أو عين شمس. وعندما كنا نخرج من أبواب جامعة القاهرة مثلا كان الأمن المركزى فى انتظارنا أمام الجامعة أو أمام الفنون التطبيقية. وغالبا ما كنا نعود الى الحرم ولا نستطيع الاقتراب من كوبرى الجامعة بل يتم دفعنا الى مكتب أمن الدولة فى الدقى. وكثير من رموز العمل السياسى الآن كانوا ابطال هذه المرحلة. والتاريخ لم يكتب حتى الآن تفاصيل المشهد السياسى الذى انتهى برحيل السادات وميلاد الاسلام السياسى وحصار التيارات اليسارية والناصرية. ولكن بدون تأريخ كان صديقى المناضل المتفاعل كمال أبو عيطة رمزا مهما. فكنا نحمله وأسامة خليل فوق الاعناق داخل جامعة القاهرة وخارجها. ونهتف خلفه «سيد مرعى يا سيد بيه كيلو اللحمة بقى بجنيه» ودارت الأيام وتهتف مصر خلف أبو عيطة وأسامة فى التحرير خلال الفترة التى انتهت فى 11 فبراير: يسقط يسقط حسنى مبارك.. يسقط يسقط كل مبارك. وبكل تأكيد كان هتاف أبو عيطة مهما وجوهريا لادارة المرحلة. حيث ان سقوط مبارك الشخص ورأس النظام غير كاف لتحقيق ما قام به شباب «فيس بوك» الامه من مختلف الملل والنحل. لان آباءهم لم يستطيعوا اسقاط السادات فى السبيعينات. بل أسقط نفسه بنيران عفريت التطرف الذى أطلقه من محبسه ولم يستطع صرفه. بل لم يستطع أيضا مبارك مواجهته فوضعه فى السجون والمعتقلات وما زال نحو 4 آلاف عنصر من رجال الاسلام السياسى المتطرف طلقاء بعدما فتح العادلى السجون والمعتقلات ليضع الدولة فى ورطة. ولأن شخص مبارك نفسه ليس كافيا. فكان الهتاف يسقط يسقط كل مبارك. وهنا لابد أن نؤكد أن كل مبارك يعنى شخص مبارك وكل من انتمى واستفاد ويؤيد وأصبح جزءا من منظومة فساد مبارك النظام, والاسرة.وهذا ما لم يتم حتى الآن فنجد مسرحية المحاكمة حول سرقة عشة فراخ وليست سرقة مصر بالكامل. وهذه نكتة العصر بلد يحاكم رئيسه بتهمة سرقة حبل غسيل ولا يحاكمه على الفساد والافساد السياسى والمالى الذى اغرق فيه المحروسة. بل نجدها تفشل فى استرجاع الاموال المنهوبة. والقاصى والدانى يعلم أن بنوكا فى اسرائيل والخليج وأمريكا الجنوبية هى مرقد لكل الأموال التى نهبت ولجان عمنا الكسب غير المشروع لا تدرى. والرجل مازال يتعالى فى مركزه العالمى ويتحرك كما يريد. أما فى محكمة أكاديمية الشرطة فيذهب لها بطائرات القوات المسلحة ويتنقل على سرير وزارة الصحة الذى ينام عليه ليضع قدميه فى وجه المحكمة والشعب ويدارى وجهه حتى لا يراه المدعون بالحق المدنى. خوفا من الحسد وربما خجلا من دم الشهداء الذى سال من أجل حرية الوطن. ومن أجل عزة هذا الشعب. وبما إننا نتابع أحداث المسرحية فلا يتبقى أمامنا إلا انتظار نطق القاضى المستشار أحمد رفعت بالحق والعدل، وإلى أن يأتى الحق الموعود نبحث كيف يسقط كل مبارك سواء فى القضاء أو المحليات أو الشرطة أو الجيش أو الاعلام الفاسد، وإلى آخر مسلسل الإفساد الذى ارتوى من فساد المفساد الأكبر واسرته الحاكمة. واذا كنا فى انتظار سقوط عروش أخرى فى المنطقة فإننا ما زالنا فى انتظار سقوط كل مبارك سفك دماء الشهداء سواء فى القديسين أو التحرير أو ماسبيرو أو محمد محمود أو قصر العينى والمجمع العلمى. إنها لحظة تاريخية لتحصل مصر على العدل والعدالة. وننتظر القادم من البرلمان المنتخب بقيادة الاسلام السياسى المثل فى الحرية والعدالة أن تتحقق جوانب كثيرة وأساسية من العدالة التى ينتظرها المصريون. ويتلهف إليها كل ثائر وحب لهذه الأرض الطيبة، ويتشوق اليها كمال أبو عيطة ولا يرغب فيها أى مبارك أو كل مبارك.