هناك إيجابيات فى الانتخابات البرلمانية أهمها الإقبال الكبير من الناخبين على الإدلاء بأصواتهم بصورة لم تشهدها مصر منذ عهد الفراعنة، كما أن هناك تجاوزات وقعت من تيار الإسلام السياسى أثَّرت على نتائج باقى القوى السياسية التى خاضت الانتخابات، وفى مقدمتها الوفد وهذه المظاهر لا يجب أن تتركها تمر مرور الكرام، ولكن لابد من دراستها دراسة متأنية للاستفادة من مساحة الإيجابيات والعمل على زيادتها، ووقف التجاوزات ووضع قيود صارمة لمنع وقوعها مرة أخرى، وإذا كانت التجاوزات قد وقعت نتيجة التراخى فى التصدى لها وتركها تتكرر فى مراحل الانتخابات الثلاث، إلا أن قانون مباشرة الحقوق السياسية ليس فى أفضل حالاته ويحتاج إلى حوار مجتمعى واسع إلى جانب قانونى مجلسى الشعب والشورى لاقتراح تعديلات جديدة فى ضوء الصعوبات التى كشف عنها الواقع العملى للانتخابات. ومن الآن فإن على جميع الأحزاب والقوى السياسية الأخرى الممثلة فى برلمان الثورة طى صفحة الانتخابات والقيام بعمل توافقى بعيداً عن آليات الأغلبية والمعارضة لتغليب روح التعاون فى إنقاذ سفينة الوطن قبل أن تستسلم للأمواج العاتية التى تحاول أن تهوى بها إلى القاع. وإذا قامت الهيئات البرلمانية المختلفة بتنحية خلافاتها حول نتائج الانتخابات، وحوَّلت البرلمان الى برلمان الإنقاذ ليمد يده الى حكومة الانقاذ فإن الفائز هو الوطن الذى وقفنا جميعاً نطالب بتحريره من عصابة حولته الى مقبرة لأحلامنا فى حياة كريمة، كما بذل شبابنا دماءهم فى أطهر ميادينه ثمناً لإقصاء الرئيس الفاسد وحاشيته، إن هناك مساحات مشتركة للتعاون بين كافة التيارات داخل البرلمان لمناقشة القضايا ذات الأهمية فى المرحلة الحالية المتعلقة بالنواحى السياسية والاقتصادية والاجتماعية لوضع الأطر الأساسية التى تساعد الحكومة على تنفيذها للعبور من عنق الزجاجة، وتجاوز المحنة الحالية، وسد الثغرات أمام المحاولات الخارجية لبث الفرقة وزرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، وجر مصر الى حرب أهلية تقضى على الأخضر واليابس، إن مجلس الشعب الحالى لابد أن يكون مختلفاً، فى طريقة تناوله للقضايا عن المجالس السابقة، وأن يدار بطريقة جماعية، وأن يكون متعاوناً مع الحكومة أكثر منه محاسباً لها، وأن يكون متمسكاً بممارسة سلطاته الدستورية دون أن يكون جائراً على اختصاصات السلطات الأخرى، وبرلمان الانقاذ لابد أن تختفى منه الصراعات على المناصب، وأن يتم اختيار رئيسه بالتوافق حتى لو جاء من أصغر هيئة برلمانية، طالما رؤى فيه توافر مقومات إدارة برلمان الثورة دون تحيز لجماعة أو لرأى، وأن يكون الفيصل فى الموافقة على ما يعرض على المجلس أو الرفض هو التوافق أو اللجوء الى التصويت، ولن يكون برفع الأيدى كما كان يحدث فى السابق، ولكن كما قال لى الصديق المستشار سامى مهران الأمين العام لمجلس الشعب والدينامو الذى لا يهدأ حتى يعود الشكل العام لبرلمان الثورة فى أبهى صورته لاستقبال النواب الجدد.. إن التصويت سيكون فى برلمان الثورة عن طريق بصمة النائب أو ادخال الكارت الخاص به فى جهاز داخل القاعة لضمان العدد الصحيح للذين صوتوا بنعم أو الذين صوتوا ب لا، وقال مهران إن وزارة الاتصالات تتولى إعداد الأجهزة الألكترنية التى تسمح بالتصويت بهذه الطريقة فى أى مكان داخل قاعة الجلسات. وحتى ينجح برلمان التوافق فى العبور بالوطن الى بر الأمان لابد ان يكون النواب على قدر عال من المسئولية، وأن يتعاملوا مع الحصانة البرلمانية على أنها قُررت لهم من أجل تمكينهم من التعبير عن آرائهم وأفكارهم تحت قبة البرلمان، وليس لشىء آخر، وأن يعترفوا بأنهم حصلوا على عضوية البرلمان عن طريق أصوات الناخبين وليس عن طريق القوى العاملة، وأن عليهم واجباً نحو الناخبين وهو التعبير عن مشاكلهم والعمل على حلها، وأن يعتز النواب بأنهم نواب عن الأمة فى مناقشة مشروعات القوانين والقيام بالرقابة على أعمال الحكومة، وليس للبحث عن مكاسب شخصية، وأن يحترم النواب القسم الذى يؤدونه فى بداية عملهم، ويعلموا أن الحنث به إثم عظيم.