المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني يؤكد عدم وقوع أي هجوم صاروخي خارجي    أسعار الأسماك واللحوم اليوم 19 أبريل    اليوم.. وزارة الأوقاف تفتتح 8 مساجد    الطيران الحربي الإسرائيلي يستهدف منطقة شرق مخيم جباليا شمال قطاع غزة    موعد مباراة جنوى ولاتسيو في الدوري الايطالي    ترتيب هدافي الدوري المصري قبل مباريات اليوم الجمعة 19- 4- 2024    بعد تعليمات الوزير.. ما مواصفات امتحانات الثانوية العامة 2024؟    مخرج «العتاولة»: الجزء الثاني من المسلسل سيكون أقوى بكتير    شريحة منع الحمل: الوسيلة الفعالة للتنظيم الأسري وصحة المرأة    رد فعل صادم من مصطفى يونس على واقعة إخفاء الكُرات فى مباراة القمة    الجزائر تتعهد بإعادة طرح قضية العضوية الفلسطينية بالأمم المتحدة    عيار 21 يرتفع لأعلى مستوياته.. سعر جرام الذهب بالمصنعية اليوم الجمعة 19 إبريل 2024 بالصاغة    طلب إحاطة في البرلمان لإجبار أصحاب المخابز على خفض أسعار "الخبز السياحي"    أصعب أيام الصيف.. 7 نصائح للتعامل مع الحرارة الشديدة    «ستاندرد أند بورز»: خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية    حظك اليوم برج العذراء الجمعة 19-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    سوزان نجم الدين تتصدر تريند إكس بعد ظهورها مع «مساء dmc»    فاروق جويدة يحذر من «فوضى الفتاوى» وينتقد توزيع الجنة والنار: ليست اختصاص البشر    تقارير أمريكية تكشف موعد اجتياح رفح الفلسطينية    ملف رياضة مصراوي.. ليفربول يودع الدوري الأوروبي.. أزمة شوبير وأحمد سليمان.. وإصابة محمد شكري    "ليست أول فرصة يهدرها في حياته".. كلوب يعلق على الانتقادات ضد صلاح    أسعار العملات الأجنبية اليوم الجمعة.. آخر تحديث لسعر الدولار عند هذا الرقم    3 ليال .. تحويلات مرورية بشارع التسعين الجنوبي بالقاهرة الجديدة    حزب الله اللبناني يعلن استهداف جنود إسرائيليين في محيط موقع الراهب بقذائف المدفعية    عز بعد الانخفاض الجديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 19 إبريل بالمصانع والأسواق    صدمة .. إصابة أحد صفقات الأهلي في الميركاتو الصيفي    هدف قاتل يحقق رقما تاريخيا جديدا في سجل باير ليفركوزن    وعد وهنوفي بيه، الحكومة تحدد موعد إنهاء تخفيف أحمال الكهرباء (فيديو)    منهم شم النسيم وعيد العمال.. 13 يوم إجازة مدفوعة الأجر في مايو 2024 للموظفين (تفاصيل)    شاهد.. نجوم الفن في افتتاح الدورة الثالثة ل مهرجان هوليود للفيلم العربي    متحدث الحكومة: دعم إضافي للصناعات ذات المكون المحلي.. ونستهدف زيادة الصادرات 17% سنويا    محمود عاشور يفتح النار على رئيس لجنة الحكام.. ويكشف كواليس إيقافه    تعديل ترتيب الأب.. محامية بالنقض تكشف مقترحات تعديلات قانون الرؤية الجديد    #شاطئ_غزة يتصدر على (اكس) .. ومغردون: فرحة فلسطينية بدير البلح وحسرة صهيونية في "زيكيم"    «علاقة توكسيكو؟» باسم سمرة يكشف عن رأيه في علاقة كريستيانو وجورجينا (فيديو)    البابا تواضروس خلال إطلاق وثيقة «مخاطر زواج الأقارب»: 10 آلاف مرض يسببه زواج الأقارب    انهيار منزل من طابقين بالطوب اللبن بقنا    والد شاب يعاني من ضمور عضلات يناشد وزير الصحة علاج نجله (فيديو)    الجامعة العربية توصي مجلس الأمن بالاعتراف بمجلس الأمن وضمها لعضوية المنظمة الدولية    انطلاق برنامج لقاء الجمعة للأطفال بالمساجد الكبرى الجمعة    الإفتاء تحسم الجدل بشأن الاحتفال ب شم النسيم    بسبب معاكسة شقيقته.. المشدد 10 سنوات لمتهم شرع في قتل آخر بالمرج    جريمة ثاني أيام العيد.. حكاية مقتل بائع كبدة بسبب 10 جنيهات في السلام    إصابة 4 أشخاص فى انقلاب سيارة على الطريق الإقليمى بالمنوفية    أحمد الطاهري يروي كواليس لقاءه مع عبد الله كمال في مؤسسة روز اليوسف    سكرتير المنيا يشارك في مراسم تجليس الأنبا توماس أسقفا لدير البهنسا ببني مزار    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    دعاء للمريض في ساعة استجابة يوم الجمعة.. من أفضل الأوقات    النشرة الدينية.. هل يجوز تفويت صلاة الجمعة بسبب التعب؟.. وما هي أدعية شهر شوال المستحبة؟    روسيا: أمريكا أظهرت موقفها الحقيقي تجاه الفلسطينيين بعد استخدامها الفيتو    وزير الخارجية الأسبق يكشف عن نقاط مهمة لحل القضية الفلسطينية    طريقة عمل الدجاج سويت اند ساور    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    نبيل فهمي يكشف كيف تتعامل مصر مع دول الجوار    شعبة الخضر والفاكهة: إتاحة المنتجات بالأسواق ساهمت في تخفيض الأسعار    بسبب أزمة نفسية.. فتاة تنهي حياتها بالحبة السامة بأوسيم    أخبار 24 ساعة.. مساعد وزير التموين: الفترة القادمة ستشهد استقرارا فى الأسعار    فحص 1332 مواطنا في قافلة طبية بقرية أبو سعادة الكبرى بدمياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبيل عمرو يكتب : غزة تدق جدار الخزان
نشر في الوفد يوم 21 - 01 - 2017

حتى الآن وإلى أجل غير مسمى، تظل غزة وفق مقياس المآسي والعذابات تحتل
المرتبة الأولى، وإذا كانت الأخبار في زمن الربيع العربي تتحدث عن الموصل
وإدلب والرقة، وعن السيارات المفخخة وعن مداهمات المطاعم والملاهي،
واستخدام السلاح الكيماوي، فكل ذلك على هوله وفداحة خسائره، يظل متواضعًا
بالقياس إلى أصغر أرض معركة اسمها غزة، التي لا تتجاوز مساحتها مساحة حي
متوسط من أحياء مدن الربيع العربي، ولا يوازيها في الكثافة السكانية أي
مكان في العالم.
دعونا نجرب حسبة رقمية بسيطة. في الحروب الإسرائيلية على غزة دمر أكثر من
ثلاثين في المائة من مساكنها، وقتل عشرات آلاف بالجملة والمفرق، وفي
الصراعات الداخلية كذلك قتل عدد يصعب إحصاؤه بدقة، وصار المعاقون في شوارع
غزة وأحيائها، ظاهرة يومية بل سمة من سماتها.
هذا عنصر واحد من عناصر مأساة غزة، أما العنصر الثاني، فيتجسد في عدد من
الأجيال لا يعرف ولو مترًا واحدًا خارج الأسلاك الشائكة التي تطوق القطاع،
فالضفة بالنسبة لهذه الأجيال، مجرد مكان نسبة الموت والعذاب فيه أقل من
نسبتهما في غزة. والعمل في إسرائيل أمنية تداعب أخيلة مئات الألوف ممن لا
عمل لهم في بلدهم المحاصر، حتى لا منفذ لهم إذا ما فكروا في الهجرة ولو إلى
أعماق البحر.
وعنصر آخر يحتاج إلى روائي موهوب كي يسجله ويعرض تفاصيله وأعماقه، وهو أن
غزة تواجه أعداءً وأصدقاء مباشرين وغير مباشرين، وهؤلاء الأعداء والأصدقاء
يقدمون لغزة وسائل توفر البقاء على قيد الحياة، والحياة عند هؤلاء تساوي
مواصلة العذاب.
لا تعدم غزة من يقدم بعض الزاد بما نسميه بالتنقيط في الحلق، وهذا أيضًا وإن
أدى إلى مواصلة الحياة إلا أنه يؤدي مع ذلك إلى مواصلة العذاب.
مأساة غزة تجاوزت السياسة والمقاومة، وأوضح تجلياتها هذه الأيام حكاية
الكهرباء. أهل غزة تعودوا على التواضع في الطلبات، فهم لا يطلبون انفتاحًا
على الجزء الآخر من الوطن، فالحاجز الإسرائيلي يمنع حتى الأمنيات من
المرور، ولا يطلبون أمتارًا جديدة يسمح لهم فيها بالصيد في بحرهم وبمحاذاة
شاطئهم، ولا يفكرون حتى في المصالحة بين فتح وحماس، حتى إن أبدانهم تقشعر
لمجرد سماع هذه الكلمة، ولم يعودوا يطالبون بمنازل تقي حر الصيف وبرد
الشتاء، ولا بغرف تحتوي الأولاد الذين يعيشون في الشوارع، فكل هذه الأشياء
صارت مطالب لا أمل في تحقيقها، ولا جدوى من مجرد التفكير فيها.
إنهم يطالبون الآن بساعة إضافية، فوق الساعات الأربع التي تزور فيها
الكهرباء بعض مناطق غزة، ويسمعون أن هنالك من قدم ملايين الليترات لمحطة
توليد الكهرباء، وبعض ملايين الدولارات لسداد أثمان الوقود، وحين يدققون في
الأمر يجدون أن الحكاية في حدها الأقصى ترفع ساعات الكهرباء إلى سبع، وحتى
هذا الحد الأقصى لن يكون مستقرًا، ولا حتى متوفرًا لأكثر من شهرين أو ثلاثة.
ذروة المأساة أن تتواضع الطلبات إلى هذا الحد، وأن تتكيف الحياة مع هذا
النوع من الحرمان الدائم، وأن يشتري الموسرون حياة قريبة من العادية بمثقال
من الذهب، أما الذين لا يملكون هذا المثقال أو بعضًا منه، فقد ملكوا شيئًا
واحدًا فقط، وهو طرق الخزان الفولاذي المحكم حول حياتهم بقبضاتهم العارية،
فاكتشفوا أن مأساتهم لن تتوقف عند هذا الحد، فضرب جدار الخزان صار ممنوعًا
وربما يصير ضروريًا قطع اليد التي تدق.
غسان كنفاني، رحمه الله، كتب عن آدميين ماتوا اختناقًا وهم يطرقون خزان
شاحنة دون أن يسمعهم أحد، أما خزان غزة فممنوع على الساكنين فيه حتى أن
يطرقوا جداره.
نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.