بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد النصر بالعريش    وزير التعليم العالي يهنئ الفائزين بمُسابقة أفضل مقرر إلكتروني على منصة Thinqi    مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. في القاهرة والمحافظات    رئيس قناة السويس: ندرس تنفيذ مشروع للتحول لمركز إقليمي لتوزيع قطع الغيار وتقديم خدمات الإصلاح والصيانة السريعة    حماية العمالة غير المنتظمة.. "العمل": آلاف فرص العمل ل"الشباب السيناوي"    الإسكان: تنفيذ 24432 وحدة سكنية بمبادرة سكن لكل المصريين في منطقة غرب المطار بأكتوبر الجديدة    بالفيديو والصور- ردم حمام سباحة مخالف والتحفظ على مواد البناء في الإسكندرية    الاتصالات الفلسطينية: عودة خدمات الإنترنت بمناطق وسط وجنوب قطاع غزة    معلق مباراة الأهلي ومازيمبي في دوري أبطال أفريقيا    فانتازي يلا كورة.. جدول مباريات الجولة 35 "المزدوجة"    مصرع شخص في حادث تصادم ببني سويف    انتداب الطب الشرعي لمعاينة جثث 4 أشخاص قتلوا على يد مسجل خطر في أسيوط    25 مليونًا في يوم واحد.. سقوط تجار العُملة في قبضة الداخلية    "المكون الثقافي وتأثيره في السياسات الخارجية المصرية" ندوة بمكتبة الإسكندرية    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية جديدة إلى أوكرانيا    خبير دولي: مصر رفضت مخطط التهجير الخبيث منذ اليوم الأول للعدوان على غزة    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    أسعار البيض والدواجن اليوم الجمعة.. البلدي ب 117 جنيهًا    المندوه: لاعبو الزمالك في كامل تركيزهم قبل مواجهة دريمز    تواجد مصطفى محمد| تشكيل نانت المتوقع أمام مونبلييه في الدوري الفرنسي    تشافي يطالب لابورتا بضم نجم بايرن ميونخ    اتحاد جدة يعلن تفاصيل إصابة بنزيما وكانتي    11 مساء ومد ساعة بالإجازات.. اعرف المواعيد الصيفية لغلق المحلات اليوم    كاتب صحفي: الدولة المصرية غيرت شكل الحياة في سيناء بالكامل    منها «ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن».. 7 أهداف للحوار الوطني    أمن القاهرة يكشف غموض بلاغات سرقة ويضبط الجناة | صور    وزير الخارجية الأمريكي يلتقي مع الرئيس الصيني في بكين    عرض افلام "ثالثهما" وباب البحر" و' البر المزيون" بنادي سينما اوبرا الاسكندرية    شاهد البوسترات الدعائية لفيلم السرب قبل طرحه في السينمات (صور)    في ذكرى ميلادها.. أبرز أعمال هالة فؤاد على شاشة السينما    احتجت على سياسة بايدن.. أسباب استقالة هالة غريط المتحدثة العربية باسم البيت الأبيض    موضوع خطبة الجمعة اليوم: تطبيقات حسن الخلق    دعاء صباح يوم الجمعة.. أدعية مستحبة لفك الكرب وتفريج الهموم    الصحة: إجراء الفحص الطبي ل مليون و688 ألف شاب وفتاة ضمن مبادرة «فحص المقبلين على الزواج»    تنظيم قافلة طبية مجانية ضمن «حياة كريمة» في بسيون بالغربية    طريقة عمل هريسة الشطة بمكونات بسيطة.. مش هتشتريها تاني    نائب وزير خارجية اليونان يزور تركيا اليوم    حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد الجيش الإسرائيلي يوم الخميس    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    انطلاق انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء الأسنان بالشرقية    خبير: أمطار غزيرة على منابع النيل فى المنطقة الإستوائية    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان في الولايات المتحدة    جامعة الأقصر تحصل على المركز الأول في التميز العلمي بمهرجان الأنشطة الطلابية    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    حكاية الإنتربول مع القضية 1820.. مأساة طفل شبرا وجريمة سرقة الأعضاء بتخطيط من مراهق    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟    أبناء أشرف عبدالغفور الثلاثة يوجهون رسالة لوالدهم في تكريمه    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميًّا    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللواء حمزة البسيوني.. العسكري الأسود!!
نشر في الوفد يوم 18 - 11 - 2010

في‮ 19‮ نوفمبر عام‮ 1971‮ كانت سيارة تحمل رجلا وشقيقه في طريقهما الي القاهرة عائدين من الاسكندرية عندما واجهتهما فجأة سيارة نقل محملة بأسياخ الحديد واصطدمت بسيارتهما وماتا علي الفور‮ . كان المفجع أن اسياخ الحديد اخترقت جثة سائق السيارة والذي لم‮ يكن سوي الفريق حمزة البسيوني مدير السجون الحربية في عهد عبد الناصر‮ . وقتها رقص الناس طربا ومرحا كما‮ ينقل مصطفي أمين لمصرع الرجل الذي عذّب وقتل العشرات في سجون الثورة المباركة‮.. ولاشك ان قصة الرجل تصلح كبحث مختصر حول آخرة الطغيان والظلم‮ .
بدايات‮ غامضة‮
‮ لم‮ يرد اسمه في مذكرات قادة ثورة‮ يوليو كواحد ممن لعبوا دورا في تنظيم ثورة‮ يوليو عام‮ 1952‮ وانما نسب الي الضباط الاحرار كواحد ممن انضموا الي الحركة قبل ليلة‮ 23‮ يوليو‮ . وعلي الرغم من أن القائمة التي أعلنها الرئيس الراحل أنور السادات للضباط الاحرار في القرار الجمهوري رقم‮ 1386‮ لسنة‮ 1972‮ لم تتضمن اسمه بين‮ 168‮ ضابطا تم اقرار معاش لهم‮ يعادل معاش الوزراء‮ ،‮ الا أنه ورد ضمن قوائم الضباط الاحرار المعلنة في مذكرات كل من عبد اللطيف بغدادي وصلاح نصر والتي تضمنت اكثر من‮ 300‮ ضابط كانوا اعضاء بالتنظيم‮ .
وطبقا لمنهجنا البحثي المستبعد للاحكام الرسمية والمعلومات الصادرة عن مؤسسات الدولة‮،‮ فإننا سنأخذ بقوائم اعضاء تنظيم ثورة‮ يوليو‮،‮ وهم خارج السلطة‮ ،‮ لذا فإننا نؤكد معلومة عضوية حمزة البسيوني في تنظيم الضباط الاحرار‮ . وقد ورد اسم الرجل في قائمة الضباط الاحرار التي كتبها عبد اللطيف بغدادي في مذكراته ضمن ضباط القاهرة باسم‮ "‬سيد حمزة حسين البسيوني‮ ". وقد كانت رتبة حمزة البسيوني وقت قيام ثورة‮ 23‮ يوليو‮ صاغ‮ أي رائد‮،‮ وهو ما‮ يشير الي أن الرجل كان عمره في حدود ثلاثين أو واحد وثلاثون عاما بمعني أنه من مواليد‮ 1922‮ أو‮ 1923‮ . والحقيقة أن أيا من الكتب التي تحدثت عن الرجل لم تشر من قريب أو بعيد عن تاريخ مولده‮ ،‮ حتي أن موسوعة العسكريين المصريين لم تقدم تاريخ ميلاده ضمن المعلومات المتاحة عنه‮ .
ويبدو أن الصاغ‮ سيد حمزة البسيوني لم‮ يكن‮ يهتم بلعب أي دور سياسي في سنوات عمله الاولي‮ وهو ما جعله‮ غائبا عن مذكرات‮ وذكريات معظم قادة الضباط الاحرار أمثال اللواء محمد نجيب‮ ،‮ خالد محيي الدين‮ ،‮ وجيه اباظة‮ ،‮ عبد اللطيف بغدادي‮ ،‮ حسين الشافعي،‮ كمال الدين حسين‮ ،‮ وحتي أنور السادات نفسه في كتابيه قصة الثورة كاملة‮ ،‮ والبحث عن الذات‮.
ولم‮ يعرف اسم حمزة البسيوني الا في عام‮ 1954‮ حيث أوكلت له مهمة الاشراف علي السجن الحربي‮ بمدينة نصر والذي هدمه الرئيس انور السادات فيما بعد في اطار اطلاق الحريات‮ . في ذلك الوقت بدأ الناس‮ يسمعون همسا باسم‮ " حمزة البسيوني‮ " أو الوحش‮ ،‮ وبدأ البعض‮ يردد حكايات وقصصا مفزعة عن‮ " الاوبرج‮ " أو‮ " الباستيل‮" كناية عن السجن الحربي الذي احتضن كثيرا من المدنيين من الساسة والكتاب والمفكرين في وقائع ربما لم تشهدها مصر من قبل ولم تتكرر من بعد‮ .

عام الصراعات‮
ومن المهم ونحن نستعرض جوانب شخصية حمزة البسيوني أن نشير الي الظروف التي صاغت تلك الشخصية النادرة والرجال الذين احاطوا به وساهموا في تشكيل سلوكه وتصرفاته بشكل عام‮ . لقد كان عام‮ 1954‮ هو أعنف أعوام المواجهة بين ثورة‮ يوليو وأعدائها كما‮ يذكر المؤرخون‮ . هذا العام دخل عبد الناصر معركة شرسة مع رئيس مجلس قيادة الثورة محمد نجيب ونجح في اقصائه وتحديد اقامته‮ ،‮ وتخلص عبد الناصر من جميع الساسة القدامي في محاكمات شرسة أجرتها محكمة الثورة‮ ،‮ ثم تخلص من جماعة الاخوان المسلمين بإصدار قرار بحلها ثم بتدبير حادث المنشية أو بتشجيع بعض عناصر الاخوان بالقيام به‮ ،‮ ثم التخلص من معارضيه داخل مجلس قيادة الثورة نفسه مثل خالد محيي الدين ويوسف صديق‮ .
في تلك الاثناء كانت كفة السياسة تميل بشكل واضح تجاه عبد الناصر ذلك الرجل الذي استطاع أن‮ يبني لنفسه زعامة اقليمية وشعبية‮ غريبة‮ ،‮ وكان علي جميع الطامحين في الصعود السياسي أن‮ يعلنوا ولاءهم الكامل والتام الي عبد الناصر شخصيا‮ ،‮ وعرفت مصر وقتها ظاهرة كتابة التقارير واعلانات الولاء والنفاق الي أقصي درجة‮ .
ومع اطلاق الرصاص علي عبد الناصر في ميدان المنشية بالاسكندرية وهتافه وقتها‮ " أنا جمال عبد الناصر‮ ،‮ الذي علمتكم العزة والحرية والكرامة‮ " كان من الواضح ان ذلك الرجل اختار الطغيان وتحويل جميع الناس الي عبيد‮ . لقد تعجب الكاتب العظيم عباس محمود العقاد من تلك العبارة وقال لتلاميذه ستعيشون لترون هذا الرجل‮ يحول الشعب الي عبيد‮ . وبالفعل رحل العقاد عام‮ 1964‮ ولم‮ يشهد كافة جرائم العهد الناصري التي افتضحت بعد نكسة‮ يونيو‮ 1967‮ ثم انكشفت تماما بعد وفاة عبد الناصر في سبتمبر عام‮ 1970‮ .
في عام‮ 1954‮ بادر كثير من الساسة والكتاب الي تأييد الرئيس عبد الناصر تأييدا واسعا‮ ،‮ وحتي زملائه في مجلس قيادة الثورة كان عليهم توضيح مساندتهم للرجل الذي اصبح زعيما كبيرا‮ ،‮ فاتجه كثير منهم الي مخاطبة عبد الناصر بكلمة‮ " ريس‮ " بدلا من‮ "‬جمال‮ " كما كانوا‮ ينادونه قبل ذلك‮ . ومع استعانة عبد الناصر بزملاء السلاح في تدعيم اركان نظامه والتوسع في منح العسكريين سلطات داخل كافة المؤسسات المدنية سارع كثير من العسكريين باعلان ولائهم للرجل عن طريق محاربة والتنكيل بمن اعتبروهم أعداء له حتي تم الاعتداء علي القاضي الشهير عبد الرازق الدستوري في مجلس الدولة وعلي الزعيم الوطني احمد حسين زعيم مصر الفتاة وقد برزت أسماء عديدة لعسكريين برعوا في ضرب الساسة والتنكيل بهم بل وتعذيبهم كان منهم أحمد أنور‮ ،‮ وحسن خليل بل وصلاح سالم نفسه‮ ،‮ الذي كان‮ يضرب وكلاء وزارة الزراعة وكبار موظفيها ب"الشالوت‮ " كما‮ يذكر الكاتب والمؤرخ احمد رائف‮ .
في هذه الظروف نما وترعرع‮ حمزة البسيوني وفي تلك الاثناء بدأ‮ يكشر عن أنيابه وبدأ الناس‮ يسمعون اسمه وحكاياته‮ .
مولد جلاد‮
في كتابه‮ " الاخوان المسلمين بين ارهاب فاروق وعبد الناصر‮ " يحكي علي صديق بداية رؤيته لحمزة البسيوني في السجن الحربي بعد حادث المنشية في‮ 26‮ أكتوبر عام‮ 1954‮ . يقول الرجل‮ " لقد اشتركت كافة اجهزة الدولة في تعقب الاخوان والقبض عليهم ونقلهم الي سجن مصر أو سجن القلعة‮ . وكان مجلس قيادة الثورة‮ يبعث في طلب من‮ يريده ليجري عليه عمليات التعذيب الجسدي من نفخ من الخلف الي وضع الطوق الحديدي حول جمجمته الي الضرب بالسياط ثم اعادتهم الي السجن مرة اخري‮. "
ويحكي سيد عبد النبي احد اعضاء الاخوان الذين اعتقلوا بالسجن الحربي عام‮ 1954‮ في حوار مع‮ " اخوان اون لاين اغسطس‮ 2010‮ " : " كانت مساحة السجن الحربي‮ من‮ 5‮ - 6‮ أفدنة وبه سجن‮ 3 وسجن‮ 4 والسجن الكبير وسجن‮ "‬الشفخانة‮"‬،‮ وأذكر أننا كنا نصعد إلي المكاتب بالأسماء للتحقيق،‮ و"الميكرفونات‮" تنشد أغنية أم كلثوم التي‮ تمدح عبد الناصر أثناء ضربنا،‮ وتشدو بأغنية‮ "‬يا جمال‮ يا مثال الوطنية‮."‬
التعذيب بالكلاب‮
ويحكي مصطفي أمين في كتابه الشهير‮ "‬سنة أولي سجن‮ " نقلا عن أحد المعتلقين الذين التقاهم داخل السجن الحربي كيف استقبل عند دخوله‮ " الاوبرج‮ " عام‮ 1954‮ بكلبين هما‮ " ميمي‮ " و‮" ليلي‮ " ،‮ حيث التفا حوله لينهشا لحمه‮ . ويقول إن حمزة البسيوني اصطحبه الي معتقل‮ " 3‮" وتركه فريسة للكلبين‮ ،‮ ثم أحضر له ورقة وقلم وطلب منه كتابة كل شيء عن حياته‮ . ثم‮ يكشف الكاتب الكبير قصة الكلب الاكبر والاقوي‮ " لاكي‮ " الذي لا‮ يمكن أن‮ يصدق أحد أنه كلب نظرا لضخامته ووحشيته وقد كان الضباط‮ يخشونه ويسرعون الخطي اذا تم جلبه لأحد‮ .
ويقول صاحب كتاب‮ " سنة اولي سجن‮ " ايضا‮ : كان حمزة هو الملك‮ ،‮ وكلاب السجن هم أصحاب السمو الامراء‮ ،‮ فقد كان في المعتقل رقم‮ 3‮ محموعة من الكلاب اكبرها لاكي وكان هناك الكلب ركس الذي‮ يعتز به حمزة البسيوني والكلبة عنايات زوجة ركس وكانت هناك كلبة تدعي جولدا‮ . وكان أفخر انواع اللحم مخصصا للكلاب وأحقرها للمسجونين السياسيين‮ ،‮ وكانت الكلاب تأكل اولا ثم‮ يأكل الحراس‮ ،‮ والويل للحارس الذي‮ يأكل من اللحم قبل أن تنتهي الكلاب من طعامها‮ . إن سعادة ملك التعذيب اشترط ان‮ يكون خدم الكلاب من حملة الشهادات العليا ووقع الاختيار علي خريج من كلية الاداب‮ ،‮ وآخر من كلية الهندسة وثالث من كلية العلوم ورابع من كلية الطب‮ .
وينقل مصطفي أمين في كتابه‮ " سنة ثالثة سجن‮ " عن المستشار حسن الهضيبي المرشد الثاني لجماعة الاخوان المسلمين أنهم اكتفوا في السجن الحربي بحبسه داخل زنزانة فيها‮ 15‮ كلبا وكانت تلك الكلاب تتبول عليه وتتشاجر وتقذف عليه‮ .
ويحكي فريد عبد الخالق في حواره مع احمد منصور في برنامج‮ "‬شاهد علي العصر‮ " في قناة الجزيرة كيف تم وضعه خلال اعتقاله في زنزانة صغيرة مع كلب جائع‮ ،‮ وكيف لم‮ يقترب منه الكلب وحاول الخروج بأي شكل‮ !
أساليب تعذيب مبتكرة‮
وتفيض مذكرات المساجين السياسيين بدءا من زينب الغزالي وعلي جريشة وحتي مصطفي أمين وضحايا كمشيش سردا لأساليب التعذيب وفنونه المبتكرة التي سادت في السجن الحربي والتي نقلها بعض الضباط فيما بعد الي‮ غيرها من السجون‮ . إن الطريقة التقليدية للتعذيب كانت التعليق في الشباك أو السقف أو في‮ سارية والضرب بالسياط‮ بعد دهن الجسد كله بالزيت حتي‮ يكون اللسع أكثر ايلاما‮ . وهناك آلة النفخ التي‮ يحكي علي صديق السجين الاخواني كيف رآهم‮ يستخدمونها مع المعتقل علي الفيومي‮ ،‮ وتتم عن طريق ادخال منفاخ صغير الي دبر المتهم ويتم النفخ فيه حتي تمتليء بطنه بالهواء وبعدها‮ يقف أحد الحراس‮ .
وهناك طريقة أخري اسمها‮ " التعليقة‮ " وهي عبارة عن خطاف‮ يعلق في اطراف البنطلون وتمتد حتي سقف الغرفة ويبقي المتهم في وضع مقلوب عدة ساعات‮ .‬
ومن الطرق الاخري اغراق المتهم في برميل مياة مليئة بالقاذورات حتي‮ يضطر الي ابتلاع كميات كبيرة منها‮ . وكان‮ " التعطيش‮ " من الاساليب المتبعة في الضغط علي المساجين السياسيين للاعتراف امام حمزة البسيوني‮ .
ويذكر علي عشماوي في كتابه‮ " التاريخ السري للاخوان المسلمين‮ " أنه كان معلقا ويتم ضربه بالكرباج وأمامه شمس بدران مدير مكتب المشير عبد الحكيم عامر‮ يدعوه للاعتراف عندما دخل عليهم رجل طويل أبيض له شارب‮ غليظ وقال له شمس بدران‮ : تفضل‮ يا باشا‮ . وأمسك ذلك الرجل الذي علم علي عشماوي فيما بعد انه حمزة البسيوني برقبته وأخذ‮ يضغط علي الحنجرة ضغطات معينة كان من الواضح انه مدرب عليها وكلما ضغط قارب الرجل المعلق علي الاغماء فيتركه قليلا وهكذا وكان العذاب لا‮ يحتمل‮ .
ويحكي‮ " عشماوي‮ " ايضا كيف كان حمزة البسيوني‮ يضربه بالسوط بنفسه فيلسع به احدي خصيتيه فلا‮ يخطئها في كل ضربة كأنه فنان‮ .
ويقول احمد رائف في كتابه الموسوعي‮ " البوابة السوداء‮ " ساردا اهوال السجن الحربي الذي أمضي فيه سنوات طويلة‮ " إن العذاب‮ يبدأ من الاهانة والصفع والضرب بالعصا‮ ،‮ ثم‮ يتنوع لنجد أن‮ يتولي بعض المساجين صرب بعضهم بعضا‮ ،‮ ثم هناك الزحف علي أربع‮ ،‮ واطلاق اصوات الاغنام‮ ،‮ والسير حفاة عراة علي ألواح بها مسامير‮ ،‮ ثم كنس الارض من الزجاج بالايادي العارية‮ . فاذا أصيب احد بجروح تركوه في العراء حتي‮ يجف جرحه‮ . " ومن انواع العذاب الاخري التي‮ يسردها‮ "‬رائف‮ " أن‮ يتم ايقافه علي هاوية معصوب العينين ويقال له اقفز لقد تقرر اعدامك‮ . فيتمنع ثم‮ يحاولون معه مرة اخري حتي‮ يعترف بما‮ يريدون‮ .
لكن أقصي مشاهد التعذيب تلك التي كانت تحكيها زينب الغزالي في كتابها‮ "‬صور من حياتي‮ " والتي وصلت الي حد تعرية الاناث والتهديد‮ ومحاولة الاغتصاب‮. ومهما كانت درجة صحة تلك المقولات فإنه كان من الواضح ان الجلادين في السجن الحربي وعلي رأسهم حمزة البسيوني لا‮ يعرفون الرحمة أبدا‮ .
ضحايا بالمئات‮
كثيرون كانوا ضحايا الجلاد حمزة البسيوني‮ . قبض عليهم وعذبوا وحقق معهم واعترفوا بهتانا وظلما بما لم‮ يفعلوا‮ . كان معظم الضحايا من الاخوان المسلمين والذين تعرضوا لاكبر المحن خلال عهد عبد الناصر فقد اعتقلوا في‮ 1954،‮ ثم في‮ 1965‮ تحت زعم مؤامرات التخلص من عبد الناصر‮ . ولاقي الاخوان تعذيبا وحشيا في السجن الحربي علي‮ يد حمزة واعوانه ومات كثيرون داخل أسوار السجن تحت وطأة التعذيب وتم تحرير محاضر بهروبهم‮ . لقد تعددت الشهادات والروايات حول من قتلوا تعذيبا وأبلغ‮ عن هروبهم‮ ،بل وتمت محاكمتهم بعد ذلك والحكم عليهم‮ غيابيا‮ .
وتعد حادثة مصرع اسماعيل الفيومي تحت التعذيب في السجن الحربي واحدة من تلك الحوادث وكان الفيومي ضابطا في الحرس الجمهوري وتم اتهامه بالتآمر علي قتل عبد الناصر ضمن تنظيم الاخوان المسلمين عام‮ 1965‮ .
وتحكي مذكرات الاخوان كيف قتل اسماعيل الفيومي في السجن الحربي‮ . لقد عُلِّق‮ في‮ "‬الفلقة‮"‬،‮ وأخذ الزبانية‮ يضربون ويستريحون،‮ واشترك في‮ ضربه أربعة من جزاري‮ السجن الحربي‮ هم‮:‬
،‮ سعيد بدوي‮ - صفوت الروبي،‮ محمد رجب محمد بكر،‮ .‬نجم الدين مشهور‮.‬
اثنان‮ يتبادلان الضرب واثنان‮ يستريحان‮.. واستمر التعذيب من الصباح‮.. حتي هتف المؤذن‮ "‬الله أكبر‮" لصلاة العصر‮.. عندها لفظ الشهيد إسماعيل الفيومي‮ آخر أنفاسه،‮ وصعدت روحه إلي بارئها وهو معلق علي‮ "‬الفلقة‮".. وفي‮ هذه الأثناء‮.. مرَّ‮ اللواء حمزة البسيوني‮ ،‮ ونظر في‮ رأس الضحية ورقبته مدلاة من الفلقة،‮ فقال‮: الواد مات‮.. خلاص‮.. بلغوا عنه فرار‮.‬
‮ وجاء عسكريان‮ يحملان جردلين وقطعة من القماش ودخلا زنزانة إسماعيل الفيومي،‮ وبعد فترة خرجا منها وأطفئت أنوار السجن وأنزلوا إسماعيلَ‮ ملفوفًا في‮ بطانية وحملوه في‮ عربة‮.
وقتها نشرت الصحف خبرين عن اسماعيل الفيومي أحدهما من مكتب شمس بدران إلي مكتب الرقابة ومفاد الخبر الأول هو أن الشرطي‮ إسماعيل الفيومي‮ قد هرب من السجن الحربي،‮ وكان متهمًا في‮ قضايا الإخوان المسلمين‮.. والغريب أن خبر هروب الفيومي‮ نُشر بالصحف ومعه الجملة التالية‮ "‬مكافأة مالية لِمَن‮ يُرشد عنه‮.‬
‮ : والثاني نشرته جريدة الأهرام أيضًا علي أنه وارد من جميع وكالات الأنباء مفاده‮ "‬أن الشرطي‮ إسماعيل الفيومي‮ قد تمكَّن من الهرب إلي سويسرا‮"‬،‮ ولم تكتفِ‮ الصحيفة بهذا الشق من الخبر‮.. بل أوردت أن الشرطي‮ المصري‮ المسكين عقد مؤتمرًا صحفيًّا‮ "‬بالفرنسية‮" في‮ جنيف العاصمة السويسرية،‮ وهاجم في‮ المؤتمر المزعوم نظام الحكم في‮ مصر في‮ ذلك الحين‮.
وهناك قصص أخري عديدة نشر عن بعضها المستشار محمد عبد السلام في كتابه الشهير‮ "‬سنوات عصيبة‮ " وكان الرجل نائبا عاما في مصر وقد تلقي عرائض اتهام بالتعذيب لم‮ يستطع تحقيقها بسبب اعفائه من منصبه‮ . كان من بين تلك القصص قضية المواطن محمد نظمي سلطان الذي اعتقل في السجن الحربي‮ في فبراير‮ 1967‮ وتعرض للتعذيب‮ بالضرب بالسوط المجدول والوضع في الماء المثلج‮ ،‮ ثم التعليق في خطاف بالوضع المقلوب وهو ما كان‮ يتم بحضور اللواء حمزة البسيوني قائد السجن الحربي‮ .
ومن بينها ايضا أن اربعة مواطنين هم محمود فهمي دياب‮ ،‮ احمد مجمد الروبي‮ ،‮ جرجس ابراهيم سعد‮ ،‮ ابراهيم حسنين بخيت اعتقلوا في‮ 10‮ يناير‮ 1965‮ وتم اقتيادهم الي السجن الحربي وضربوا للاعتراف باختلاس اموال الدولة‮ . ومنها كذلك أن رجال الشرطة العسكرية اعتقلوا المواطن عثمان العوضي واقتادوه الي السجن الحربي وعلقوه في فلكة وضربوه بالسوط‮ . كذلك ففي‮ 27‮ نوفمبر‮ 1966‮ تم اعتقال احمد عبد الفتاح نعيم واحمد حسن العزب وعذبا لنفس الغرض وتركا في‮ غرفة مليئة بالكلاب ومغمورة بالماء‮ .
كما جاء في التحقيق رقم‮ 40‮ لسنة‮ 1968‮ أن محمد احمد الشامي وحافظ داود قد عذبا في السجن الحربي‮ يوم‮ 19‮ يونيو‮ 1966‮ وضربا بالسياط وتم اطلاق الكلاب عليهما لحملهما علي الاعتراف في قضية رشوة‮ . ولعل أبشع أنواع التعذيب قد ظهرت كما‮ يقول النائب العام السابق محمد عبد السلام في التحقيقات رقم‮ 3و4ن و5 و7 و14 و20‮ و27 و28و34 و36‮ و39 و5و6و47 و48 و54‮ و58‮ و66‮ و67‮ و68‮ و86‮ و92‮ و96‮ و102‮ و106‮ لسنة‮ 1968‮ عريضة تعذيب فيما‮ يخص التحقيق في الجناية رقم‮ 22‮ لسنة‮ 1967‮ المعروفة بقضية كمشيش جيث تم تعذيب المتهمين باقتلاع اظافرهم وضربهم بالسياط والباسهم ملابس نسائية في السجن الحربي‮ .
ويؤكد محمد عبد السلام أن الخطير في معتقلي قضية كمشيش أن اربعة من المتهمين توفوا بعد خروجهم من السجن تأثرا باصابات نتجت عن التعذيب‮ ،‮ وهم عبد الحميد شبل‮ ،‮ عبد الحميد تعلب‮ ،‮ سالم الزرقاني‮ ،‮ عبد الغني أبو رواش‮ .
السجان‮ يتحول الي سجين
لقد ترقي حمزة البسيوني سريعا وصعد من رتبة رائد عام‮ 1952‮ الي لواء بداية الستينيات من القرن الماضي قبل أن‮ يحصل علي رتبة الفريق قبل حرب‮ 1967‮ . ويحكي المساجين السياسيين انه خطب في السجن الحربي قبل النكسة بأيام وقال انه هو القانون والدستور‮ ،‮ وأنه هو الآمر الناهي‮ ،‮ وانه‮ يحيي ويميت‮ . وبعد أيام من النكسة صدرت قرارات تصفية رجال عبد الحكيم عامر في مصر وصدر قرار باحالة البسيوني علي المعاش ثم القبض عليه والتحقيق معه فيما هو منسوب اليه من انحرافات‮ .
وقد بقي‮ "‬البسيوني‮ " في السجن عامين‮ ،‮ الا أنه لم‮ يحاكم لأنه طبقا لرواية مصطفي أمين كان‮ يحدد اسم الشخص الذي أمر بتعذيب كل حالة من حالات التعذيب‮ ،‮ ووجدت وقتها سلطات التحقيق أن محاكمته ستفتح ملفات أناس كبار مازالوا في السلطة منهم شعرواي جمعة رجل المخابرات ووزير الداخلية‮ ،‮ وسامي شرف رئيس مكتب الرئيس عبد الناصر‮ ،‮ وزكريا محيي الدين‮ ،‮ وغيرهم‮ .
ويقول الكاتب الصحفي‮ صلاح عيسي والذي التقي حمزة البسيوني وهو مسجون في سجن القلعة‮ :"‬كان حمزة البسيوني‮ هو الشخصية الثانية البارزة التي‮ رأيتها في‮ سجن القلعة عندما عدت اليه للمرة الثانية في‮ ربيع‮ 1968‮ وكانت تهمتي‮ هي‮ المشاركة في‮ مظاهرات طلاب الجامعة التي‮ خرجت في‮ ذلك الربيع تحتج علي هزيمة‮ 1967‮ وتطالب‮ ،‮ بالكشف عن المسئولين عنها وتهتف‮ (‬وديتو فين فلوسنا‮.. واليهود بتدوسنا‮).
‮ " كنت أتلصص كالعادة من ثقب زنزانتي‮ رقم‮ 3‮ بمعتقل القلعة وكان الزمن‮ يوما من بداية صيف‮ 1968‮ حيث شاهدت رجلا وقورا شعره ابيض كالثلج‮ يتهادي في‮ الممر في‮ طريقه الي مكاتب الادارة وخلفه احد المخبرين وكان الرجل‮ يحاول ان‮ يستشف ما وراء ابواب الزنازين المغلقة، وصاح المخبر فيه‮: بص قدامك‮ يا سيد‮.. امتثل في‮ رعب للأمر،‮ وحث خطاه حين مر امام زنزانتي‮ فلم‮ يتح لي‮ وبعد ساعتين من الانتظار مر الرجل امام باب زنزانت "
ويحكي الشاعر احمد فؤاد نجم في مذكراته التي نشرتها جريدة‮ " اليوم السابع‮ " عام‮ 2010‮ أنه قابل حمزة البسيوني في السجن وكان كثير من المساجين‮ يسبونه ويضربونه وهو‮ يتعامل معهم كالفأر‮ . ويدعّي‮ "‬نجم‮ " انه ضربه بنفسه وسبه في دورة مياه السجن‮ ! ويقول انه رآه‮ يتوضأ للصلاة فقال له‮ " أنت فاكر ربنا هيسيبك تدخل الجنة ؟‮"
ورغم كل ذلك فقد رآه نجيب محفوظ علي أحد مقاهي العباسية في نهاية الستينيات‮ . يحكي جمال الغيطاني في كتابه عن نجيب محفوظ ما‮ يلي‮ : " ذات‮ يوم رأينا شخصا ابيض البشرة،‮ ابيض الشعر‮ متوسط القامة،‮ عيناه‮ غريبتان،‮ كأنهما مقلوبتان إلي الخارج،‮ وأصابع‮ يده نحيلة،‮ مدببة المقدمة،‮ كأنها مخالب الطيور،‮ عندما دخل الي المقهي ساد صمت‮ غريب‮... وأسرع الجرسون بإحضار نرجيلة وضعها بجواره،‮ وفرد أمامه الشطرنج،‮ وبدأ احد الجالسين‮ يلاعبه‮ ،‮ وسألني محفوظ‮ : من هذا ؟ فسألت الجرسون بدوري‮ ،‮ فأجاب هو حمزة البسيوني مدير السجن الحربي السابق‮ .‬فأتسعت عينا نجيب محفوظ وولدت وقتها رواية‮ " الكرنك‮ " ،‮ والتي تم تمثيلها فيلما سينمائيا قام ببطولته نور الشريف وسعاد حسني وأدي دور حمزة البسيوني فيه الفنان كمال الشناوي‮ .
نجم سينمائي‮
وفيما بعد شاعت قصص التعذيب ووجد كثير من الروائيين في شخصية حمزة البسيوني تمثيلا دقيقا لشخصية الجلاد السادي الذي لا‮ يكترث بالآلام والصرخات والدماء ويدوس علي الاخلاق لخدمة سادته‮ . في تلك الاثناء كتب الاديب نجيب الكيلاني روايته‮ " رحلة الاخوين الي الله‮ " وتحدث فيها عن السجن الحربي واختار قائده شخصا فظا بلا دين هو عطوة الملواني‮ ،‮ والذي‮ يستمتع وهو‮ يعذب ضحاياه‮ .‬
‮ وكتب فاروق صبري فيلما سينمائيا بعنوان‮ " احنا بتوع الاتوبيس‮ " عن واقعة حقيقية حكاها جلال الدين الحمامصي في كتابه‮ " حوار خلف الاسوار‮ " وقد قام ببطولته كل من عادل امام وعبد المنعم مدبولي،‮ وظهرت شخصية حمزة البسيوني في السجن باسم‮ "‬رمزي‮ " ومثل دوره الفنان سعيد عبد الغني والذي مات في نهاية الفيلم نتيجة ثورة السجناء عليه بعد قتله لأحد المعتقلين خلال التعذيب‮ .
كما كتب حسن محسب قصة فيلم‮ " وراء الشمس‮ " عام‮ 1978‮ بطولة شكري سرحان ورشدي اباظة ونادية لطفي ويظهر مدير السجن الحربي في الفيلم بشخصية‮ " الجعفري‮ " التي‮ يجسدها رشدي اباظة‮ . وقد تم منع عرض ذلك الفيلم نظرا لاحتوائه علي مناظر تعذيب بشعة ولحساسية القضايا التي‮ يناقشها‮ .
وكتب وحيد حامد ايضا فيلمه الرائع‮ " البريء‮" الذي قام ببطولته احمد زكي وممدوح عبد العليم واخرجه المخرج العظيم عاطف الطيب وقد ظهر حمزة في الفيلم بشخصية الضابط شركس التي قام بتمثيلها الفنان محمود عبد العزيز وظهر ساديا‮ يحب تعذيب المتهمين ويطلق عليهم الافاعي والكلاب ويسمي جميع المعتقلين السياسيين بأعداء الوطن‮ . بينما‮ يظهر نفس الضابط مع أسرته كشخصية لطيفة تحب الاطفال وتلعب معهم وتضحك وتتعامل معاملة جيدة مع الاصدقاء والاقارب‮! .
نهاية درامية‮
ظل الفريق حمزة البسيوني‮ غائبا عن الاعلام والاضواء بعد خروجه من السجن‮ ،‮ وتناسه الناس الا ضحاياه الذين أصيب بعضهم بعقد نفسية وأصيب البعض الآخر بعاهات جسدية وأصر البعض علي طلب القصاص منه‮ ،‮ بينما قال كثيرون انهم سامحوه‮ .
وفي‮ يوم‮ 19‮ نوفمبر عام‮ 1971‮ وكان موافقا لاول أيام عيد الفطر المبارك كان حمزة مسافرا من الاسكندرية الي القاهرة ومعه شقيقه راكبا الي جواره واصطدمت سيارته باحدي السيارات المحملة بحديد مبان ومات حمزة وشقيقه وتعرضت جثته لتشويه‮ غريب نتيجة دخول عدد من الاسياخ الحديد فيها‮ .
وينقل لنا الكاتب والمحامي ثروت الخرباوي عن المستشار خيري‮ رئيس محكمة الاستئناف السابق ما حكاه بشأن معاينته لجثة حمزة البسيوني حيث‮ يقول عن الحادثة‮ " كانت حادثة مروعة وكنت وقتها رئيسا لإحدي النيابات في‮ محكمة كلية وخرجنا أنا وزميل لي‮ في‮ مهمة قضائية لمعاينة الحادث ومناظرة الجثة‮ .. دلت المعاينة وشهادة الشهود علي أن سائق السيارة القتيل كان‮ يقود سيارته بسرعة‮ غريبة وكانت أمامه سيارة نقل مُحملة بأسياخ الحديد التي‮ تتدلي من مؤخرة السيارة ودون أن‮ يتنبه استمر في‮ سرعته حتي اصطدم بالسيارة النقل وحينها اخترقت أسياخ الحديد ناصية القتيل ومزقت رقبته وقسمت جانبه الأيمن حتي انفصل كتفه عن باقي‮ جسده‮ " ،‮ وبتأثر واضح قال المستشار خيري‮ : "‬لم أستطع مناظرة الجثة فقد وقعت في‮ إغماءة من هول المنظر وقام زميلي‮ باستكمال مناظرة الجثة‮ "‬
‮ مصادر الدراسة‮ :
1‮- زينب الغزالي صور من حياتي دار الشروق‮.‬
2‮- سامي جوهر الصامتون‮ يتكلمون المكتب المصري الحديث‮ .‬
3‮- علي عشماوي التاريخ السري للاخوان المسلمين ابن خلدون‮ .‬
4‮- مصطفي أمين سنة أولي سجن اخبار اليوم‮ .
5‮- مصطفي أمين سنة ثالثة سجن اخبار اليوم‮ .‬
6‮- محمد عبد السلام سنوات عصيبة‮ . مذكرات نائب عام سابق‮ . المكتب المصري الحديث‮ .‬
7‮- يوسف القرضاوي ابن الكرقرية والكتاب مذكرات دار الشروق‮ .
9‮ حوار اليوم السابع مع احمد فؤاد نجم‮ "‬2010‮ . مقال لثروب الخرباوي علي موقع المصريون‮ "‬لنسفعا بالناصية‮ " 2009‮ .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.