مطران دشنا يترأس قداس عيد القيامة المجيد بكاتدرائية الشهيد العظيم مار جرجس    مصطفى بكري: اتحاد القبائل العربية كيان مدني يقف خلف الدولة والقوات المسلحة    عيار 21 الآن وسعر الذهب اليوم بعد ارتفاعه الأحد 5 مايو 2024    ضياء رشوان: نتنياهو لن يجرؤ على مهاجمة رفح الفلسطينية    تساحي هنجبي: القوات الإسرائيلية كانت قريبة جدا من القضاء على زعيم حماس    بعد 28 عاما داخل الزمالك، ياسمين نوح تعلن اعتزالها بعد التتويج بلقب إفريقيا للكرة الطائرة    مواعيد مباريات اليوم الأحد 5- 5- 2024 في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    طاقم تحكيم مباراة البنك الأهلي وإنبي في الدوري المصري    عاجل.. تأكد رحيل ثلاثي الأهلي في نهاية الموسم    خبير لوائح: لا توجد حالة رياضية مشابهة لقضية الشحات والشيبي    «أمطار تضرب هذه المناطق».. بيان عاجل من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم (احذروا التقلبات الجوية)    عبارات تهنئة بمناسبة عيد شم النسيم 2024    "حب جديد هيدق بابك".. بشرى سارة لمواليد برج الجوزاء اليوم (توقعات الصعيد المهني والمادي)    جيانكارلو اسبوزيتو بطل Breaking Bad ينضم لعالم Marvel    شقيق ياسمين صبري يتعرض للإغماء في أمريكا    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    مستشار الأمن القومي الإسرائيلي: كنا قريبين من القضاء على السنوار واجتياح رفح قريب جدا    البابا تواضروس الثاني يصلي قداس عيد القيامة في الكاتدرائية بالعباسية    انخفاض جديد في أسعار الأجهزة الكهربائية وهذا سر ارتفاع سعر التكييفات (فيديو)    لغز روشتة الأطباء أبرزها، شعبة الأدوية تكشف أسباب نقص الأدوية رغم انتهاء أزمة الدولار    بسبب الاستحمام.. غرق طفل في مياه ترعة بالقليوبية    رئيس جامعة دمنهور يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكاتدرائية السيدة العذراء    احتدام المنافسة بانتخابات البرلمان الأوروبي.. الاشتراكيون في مواجهة تحالف المحافظين مع اليمين المتطرف    مدير أمن أسيوط يتفقد الخدمات الأمنية استعداداً لعيد القيامة وشم النسيم    مختار مختار: محمود متولي لاعب رائع وسيضيف للأهلي الكثير    بمشاركة مصطفى محمد.. نانت يتعادل مع بريست في الدوري الفرنسي    محافظ القليوبية يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكنيسة السيدة العذراء ببنها    بسبب ماس كهربائي.. المعمل الجنائي يعاين حريق مخزن قطع غيار بالعجوزة    الزراعة تعلن تجديد اعتماد المعمل المرجعي للرقابة على الإنتاج الداجني    بعد الوحدة.. كم هاتريك أحرزه رونالدو في الدوري السعودي حتى الآن؟    "إسكان النواب" تكشف أسباب عدم تطبيق التصالح في مخالفات البناء    نميرة نجم: حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها غير موجود لأنها دولة احتلال    سعاد صالح: لم أندم على فتوى خرجت مني.. وانتقادات السوشيال ميديا لا تهمني    صيام شم النسيم في عام 2024: بين التزام الدين وتقاطع الأعياد الدينية    خاص| زاهي حواس يكشف تفاصيل جديدة عن البحث على مقبرة نفرتيتي    إصابة 10 أشخاص فى أسيوط إثر انقلاب سيارة "تمناية"    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    بمناسبة عيد القيامة.. رئيس قضايا الدولة يشارك في احتفال الكاتدرائية المرقسية    عوض تاج الدين: تأجير المستشفيات الحكومية يدرس بعناية والأولوية لخدمة المواطن    لطلاب الثانوية العامة 2024.. خطوات للوصول لأعلى مستويات التركيز أثناء المذاكرة    ب 150 ألف مقدم.. تفاصيل شقق الإسكان المتميز قبل طرحها بأيام- (صور)    رئيس الغرفة التجارية بالجيزة: شركات عدة خفضت أسعار الأجهزة الكهربائية بنسب تصل إلى 30%    أهالي الجنود لجيش الاحتلال: اقتحام رفح يعني فخ الموت.. لم نعد نثق بكم    قتيلان وجرحى في هجمات روسية على 3 مناطق أوكرانية    أوكرانيا تعلن إسقاط طائرة روسية من طراز "سوخوي - 25" فوق دونيتسك    مهران يكشف أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في التأمين    محافظ بني سويف يشهد مراسم قداس عيد القيامة المجيد بمطرانية ببا    فستان حورية البحر.. نجوى كرم تثير الجدل بأحدث إطلالة| شاهد    قداس بدولة الهند احتفالا بعيد القيامة    التحالف الوطني يكرم ذوي الهمم العاملين بالقطاعين العام والخاص بالأقصر    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    دعمتم مناقشة هذا الأمر | رمضان عبد المعز يوجه الشكر ل المتحدة    نجل «موظف ماسبيرو» يكشف حقيقة «محاولة والده التخلص من حياته» بإلقاء نفسه من أعلى المبنى    تحذير من الأرصاد بشأن الطقس اليوم: عودة الأمطار وانخفاض مفاجئ فى درجات الحرارة    المنيا تستعد لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    "زلزال".. تعليق صادم من تامر أمين على صورة حسام موافي وأبو العينين (فيديو وصور)    من القطب الشمالي إلى أوروبا .. اتساع النطاق البري لإنفلونزا الطيور عالميًا    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفريق عفيفي: الإهمال سبب رئيسي لكوارث السيول
نشر في الوفد يوم 31 - 10 - 2016

قال الفريق «يوسف عفيفى»، محافظ البحر الأحمر الأسبق، إن السبب الرئىسى فى الأثر الكارثى لسيول البحر الأحمر يرجع الى الإهمال الشديد فى عدم متابعة مناطق السيول وتجهيز الدعم الفنى اللوجستى قبل حدوث السيول، مشيرًا إلى أن الكثير من المحافظين يهتمون بصيد الأسماك وأكل الجمبرى والإستاكوزا والسعى إلى الرحلات الترفيهية دون تقديم عمل حقيقى يشعر به المواطن.
وأكد «عفيفى» أن النجاح يحتاج أملًا ودراسة وتخطيطًا وإبداعًا وبراعة وإرادة وتصحيحًا ودأبًا فى عمل مستمر وأن الوطن يحتاج الى تحريك الهمم وتحفيز العزائم المتراخية وتعظيم الانتماء للوطن.
ولفت عفيفى الى أن التنمية السياحية تحتاج الى انفتاح وأضواء وإعلام وحركة دائمة وغزو تعليمي وثقافي مؤكداً أن التطوير يبعث الصحوة بين الجماهير فترتقى حضارياً وسلوكياً.. وبدأ الحوار:
قبل ساعات ضربت السيول فى البحر الأحمر فبدت المحافظة وكأنها غرقت فى «شبر ماء».. فكيف كنت تواجه السيول؟
كنت أتعامل مع السيول بمنع بناء أية مساكن فى الوديان وكنت أوجه بناء المساكن فى الأرض المرتفعة بعيداً عن مخرات السيول، وعندما جاءت الشركة العامة للبترول قامت ببناء مساكن العمال والمهندسين، فوق المرتفعات، وكنت أتابع باستمرار تنفيذ هذه التعليمات لأن المواطن لا يعرف خطورة البناء فى الوديان.
وهل مواجهة السيول تتوقف عند منع البناء فى الوديان فقط؟
بالطبع لا، بل كنت أذهب الى مناطق السيول باستمرار خاصة القصير ورأس غارب ومرسى علم وقمت بمد مواسير أو «برابخ» ضخمة لتصريف مياه السيول وللحد من خطورتها وأثرها المدمر، وكنت أتابع صيانتها لعدم سدها والحفاظ على كفاءتها.
لكن السيول كل عام تتسبب فى كوارث اقتصادية وضحايا فى البشر؟
للأسف رغم أن موعد السيول غالباً ما يكون معلوماً للمسئول إلا أن الكثيرين لا يقدمون الدعم الفنى واللوجستى للتخفيف من آثار السيول المدمرة والمدعمة، ولا يوجد مسئول يستفيد من إيجابيات المسئول السابق عليه، لأن الكثيرين يفعلون كما يفعل الأجداد قدماء المصريين عندما يهدمون القبور ويستولون على القصور.
ماذا تقصد؟
أقصد أن كل مسئول يأتى لا يكمل إنجازات من سبقوه، أو يأخذ فى الحسبان توصياته أو نصائحه، لأنى رفضت إقامة خط سكة حديد لنقل الفوسفات والقمح بسبب تكاليفه العالية وعدم جدواه لانه كان فى مخرات السيول، وبعد انتقالى محافظاً للجيزة، تم اقامة هذا الخط، بمئات الملايين من الجنيهات وبعد الانتهاء منه بشهر واحد تم تدميره كاملاً بواسطة السيول وفى يوم واحد فقط، ثم اننى كنت نفذت تخطيط طريق الكورنيش بترك مساحة «5» أمتار فى وسط الطريق وبه مناطق للبالوعات وأماكن للمرافق الا انه تم الاستيلاء عليها وتحويلها الى ممشى فجاءت السيول ودخلت البيوت والمحلات ودمرتها تدميراً، وكانت القرى السياحية نقلت الصرف الصحى الخاص بها مسافة 3كم2 فى فوضى غير مسبوقة
.
كثير من المسئولين وخاصة المحافظين يتجملون ويضللون الرئيس ولا يقولون الواقع والحقيقة.. فما رأيك؟ وهل أصبح التضليل أسرع وسيلة فعلاً لنجاح الفاشلين؟
من المفترض فى المسئول أن يقول الحقيقة دون أن يتلون أو ينسب الى نفسه انجازات لم ينفذها، بالكذب والنفاق والتدليس، لأن بعض التفاصيل التى ذكرت فى إحدى الصحف من خلال حوار مع أحد المحافظين كانت على غير الواقع والحقيقة وللأسف قد تستقر فى ذاكرة الناس مع انها أكاذيب وخرافات وادعاءات غير حقيقية، ولو أن الذين يعرفون الحقيقة آثروا الصمت فبذلك يدخل التاريخ أسرع الناس حركة وأعلاهم صوتاً، وتسدل الستائر على أبطال ورجال نذروا لله وللوطن وللقيم أنفسهم وقدموا كفاحهم وتضحياتهم ولا يبتغون من وراء ذلك جزاءً ولا شكورا.
لك تجربة مهمة فى تنمية محافظة البحر الأحمر.. كيف استلهمت هذه التجربة؟
الحقيقة العارية بما يرضى الله، عندما توليت موقعى كمحافظ فى يناير 1981 لم أتعامل مع هذا الموقع باعتبار انه منصب سياسى فحسب بل أدركت منذ اللحظة الأولى ضرورة إحداث تغيير فى هذه البقعة الرائعة على أرض مصر، التى تحمل خصائص فريدة، ولم يكن بوسعى إحداث هذا التغيير بمفردى وأقول بكل تواضع إن أفضل ما نجحت فى تحقيقه خلال هذه التجربة هو تحريك الهمم وتحفيز العزائم المتراخية، وتعظيم الانتماء لدى مواطنى البحر الأحمر مركزة فى فئاتهم وقبائلهم بالاضافة الى استقطاب وتشجيع مجموعة ممتازة من رجال الأعمال ولولا قناعاتهم وانتماؤهم الوطنى وإخلاصهم ما كان يمكن أن يتحقق كل هذه الانجازات في محافظة البحر الأحمر.
كيف ومحافظة البحر الأحمر كانت صحراوية نائية؟
هذا صحيح.. ولكن تركت محافظة البحر الأحمر بعد «10 سنوات» والنصف وقد تم انجاز «16» ألف غرفة سياحية فتحت حوالى «20» ألف فرصة عمل وجذبت السياحة التى تعتبر قطار التنمية الشاملة الذى يجر وراءه «10» مهن وتجاوز الدخل حينها فى محافظة البحر الأحمر ال18 مليار دولار وفرت للدولة دون أن تنفق شيئاً لأن التنمية تمت بالجهود الذاتية ومحافظة البحر الأحمر كانت محافظة صحراوية منسية لم يضع لها أى حسابات فى الموازنة العامة للدولة، وعندما طلبت من الحكومة وضع مبلغ لها قالت: لا يوجد وهذه محافظة نائية.
وماذا فعلت حينها وكيف بدأت التنمية؟
قلت سأبدأ التنمية بالجهود الذاتية، وعرضت مشروع الغردقة كعاصمة للبحر الأحمر على «3» وزراء سياحة ولم يوافقوا عليه، قائلين: ستضع الحصان قبل العربة أم العربة قبل الحصان؟ فقلت: سأضع العربة التى ستحضر الحصان وحصلت على تخطيط الدكتور «سيد كريم» المهندس المعمارى الشهير لمدينة الغردقة لمدة «50 سنة» ومجاناً وذهبت الى المرحوم «فؤاد محيى الدين» رئيس الوزراء وقلت له: اعرض هذا المشروع على لجنة الإنتاج برئاسة الوزراء ليقولوا رأيهم فيه، وبالفعل تم العرض وكان بها وزراء سياحة وتخطيط وكهرباء وإسكان، وجميعهم وافقوا بشرط ألا تتحمل الدولة تكلفة أى مرافق ولكن تعود متحصلات الرسوم والضرائب الى الدولة، وليس للمحافظة، ووافقت وفكرت كيف ننفذ هذا المشروع، وأثرت الهمة فى الناس وأشعرتهم بأن لهم دورًا فى بناء وطنهم فعملوا بجد واجتهاد وبدأ العمل فى تنمية المحافظة.
كيف تعاملت مع السلبيات؟
قمت بعملي كمحافظ ولم أسع الى صيد الأسماك والسعى الى حفلات الجمبرى والاستاكوزا ولم أسافر الى رحلات كما يفعل البعض بل بدأت العمل على أرض الواقع وداست قدماى أرض المحافظة شبراً شبراً من أقصاها الى أقصاها حتى أكون قدوة لمواطنى المحافظة وهو ما دفعهم للعمل وتحقيق النجاح، ومنذ اللحظة الأولى التى توليت فيها المسئولية اعتبرت تكليفى استمراراً لمسيرة الكفاح التى شاركت خلالها فى جميع الصراعات العربية الإسرائيلية بداية من حرب «48» وحتى حرب أكتوبر 1973 وعاهدت الله والوطن ان اواصل مشوار الكفاح فى زمن السلم لأجعل محافظة البحر الأحمر النائية المنسية تجربة فريدة فى التنمية والرخاء وكان لزاماً علىَّ أن أنحى جانباً كل السلبيات التى تعترض التنمية، وما أكثرها لأن بعض مواطنى البحر الأحمر عاشوا ظروفاً كان من المستحيل معها تحقيق ما تم تحقيقه لأنهم قبائل تسيطر عليهم النزعة القبلية، ولم يكن لهم قوة سياسية واقتصادية لأنهم كانوا من أقل المحافظات عدداً.
وماذا عن الايجابيات؟
بحثت عن الايجابيات وما كان أقلها وأفقت على حقيقة تعلمتها من قراءاتى للتاريخ بأن الأقلية فى كل شىء كانوا بناة عالم جديد فهم الذين حولوا الظلام الى نور والضعف الى قوة وصار العدم بكفاحهم وجوداً والقلة كثرة ووفرة عندما كرسوا حياتهم لقضية الخير والحق، واكتشفت فى محافظة البحر الأحمر منجماً لا ينضب أبداً ومورد عطاء لا يمكن ان ينفد وهو السماء الصافية والشمس الدافئة والهواء الذى ليس له مثيل والمياه بلون الفيروز والرمال الذهبية والجبال البديعة وهذه كانت ايجابيات.
ومن هنا جاءت فكرة التنمية من خلال السياحة؟
نعم.. وجعلت الهدف الرئيسى اقامة صناعة للسياحة على أرض المحافظة واصبح الهدف حلماً ناضلت حتى يتحول الى حقيقة وجعلت التنمية السياحية مهمة أساسية كافحت لتحقيقها وكانت مهمة صعبة بكل المقاييس لأن الأهالى قلة ومعظمهم يعمل فى المناجم وصيد الاسماك وينتمون الى قبائل وعشائر تحكمها العصبية القبلية فتحولوا الى مجتمع مغلق وقرى تكاد تكون خاوية ويوجد من يستغل هذه العزلة فى تحول البعض للعمل فى عمليات تهريب عن طريق البر والبحر، وكان اكبر عون لهؤلاء عزلة المنطقة واتساع حدودها والذين يعملون فى الجهاز الإدارى للدولة لديهم احساس انهم خرجوا من دائرة الحياة وانهم يعيشون فى منفى وكل هذه السلبيات فرضت نفسها على أفراد المجتمع.
إذن كان المناخ العام صعباً فى تقبل التغيير والتطوير فكيف تحقق النجاح؟
المناخ كان غير مناسب للعمل والتنمية ،غير صحى على الاطلاق وخاصة ان التنمية السياحية تحتاج الى تعاون كامل لكل الظروف والعوامل، وصناعة السياحة هى رائدة التنمية الاقتصادية وقاطرتها الى الانفتاح والرخاء والأضواء، وهى حركة دائبة ودائمة وإعلام وغزو تعليمى وثقافى وتعمير للصحراء وهذا يعنى كشف المستور والعمل فى النور وهذا يهدد الذين استثمروا انعزال المجتمع لمنافعهم الخاصة فكانت ظاهرة مقاومة التغيير والتطوير واضحة لانها ستأتى بمردود لا يرضى واقعهم ويصطدم مع مصالحهم، لأن التطور سوف يبعث الصحوة بين الجماهير بما يرتقى بهم حضارياً على مستوى الفكر والسلوك وما يسمح لهم بالتمييز بين مسارات النور والظلام. وهذا سيؤثر على مصالحهم الخاصة.
هذه الجماعات متواجدة في كل العصور.. كيف تعاملت معهم؟
اشتعلت نيران الحرب بينهم وبين الدولة متمثلة في المحافظة، وتناثرت الشظايا وتطايرت وشن حزب أعداء النجاح بطريقته المألوفة الكذب والتضليل ولكن هذه الأساليب لم تكن قادرة على إبعادي عن المعركة التي اخترتها وصممت على السير في طريقي اتطلع الي المستقبل دون النظر الي الوراء حتى لا أتعثر. وكان إيماني الصادق والشجاع هو منهجي وسبيلي في معركة فرضتها علي ظروف صعبة فزادتني قوة في مواجهة من كانوا يرغبون وبأي ثمن فى اعاقة مشاريع التنمية، وكأي انسان لم أكن قادرا على ارضاء الجميع وهناك من لا يرضى وغيره يكذب فأخلصت النية لله في العمل في كل صغيرة وكبيرة حتي اقتربت من تحقيق الحلم، وخلال سنوات قليلة استطاعت محافظة البحر الأحمر تحقيق انجازات كثيرة واحتلت مكانة رفيعة في مجال السياحة والتنمية والتطوير وتحققت المعجزة وتغيرت ملامح الصورة، وليس كما يقول الكذابون والمضللون انه لم يكن هناك أي تنمية وأن التنمية تمت خلال السنتين الأخيرتين.
لكن الظروف تتغير والحلول أيضاً فكيف يتم اعادة السياحة الى مصر ولك تجربة وضع السياحة في البحر الأحمر على خريطة السياحة العالمية؟
لابد من ابتكار حلول تتواءم وتتكيف مع الظروف الحالية، وأذكر في حرب الخليج الأولي توقفت السياحة في الشرق الأوسط كله وكانت بداية التنمية في البحر الأحمر، ووجدت قافلة بحرية عسكرية تسير من الشمال الى الخليج، فاتصلت بقائد القاعدة البحرية في سفاجا وقلت عندما تصل اليك القافلة البحرية أبلغ قائدها أن محافظ البحر الأحمر يريد مقابلته وبالفعل في اليوم الثاني أرسل قائد البحرية ضابطًا يقول لي: يشرفني أنك تقابل قائد الأساطيل وسوف يأتي وتقابلنا وقلت له: أين يقضي جنود البحرية الأمريكية اجازاتهم؟
فقال: في اسرائيل..فقلت: ولماذا لا يقضونها هنا؟
فسألني: وهل لديكم سياحة هنا؟ فقلت: أرسل أحدًا من العلاقات العامة ليري ماذا لدينا؟ وافق وأرسل مندوب علاقات عامة ومر مع رجل العلاقات العامة المصري علي جميع القري السياحية في البحر الأحمر، ووافق على قضاء الجنود اجازاتهم في البحر الأحمر.
ولكن هؤلاء كانوا يحتاجون خدمات خاصة؟
لا.. هم فقط طلبوا تخصيص ميناء لهم، وكنت أنشأت ميناء جديدة للصيادين فخصصتها لهم.
وطلبت من بنكي الأهلي ومصر فتح مكتبي صرافة لتغيير العملات في الميناء وجمعت سائقي التاكسيات وقلت لهم إن السياح الجنود سيأتون باللنشات الي الميناء وطلبت منهم استقبالهم جيداً علي أنهم سيحصلون علي 10 جنيهات نظير توصيل كل جندي الي الفندق أو أي من القري السياحية علي أن يركب كل فرد في تاكسي بمفرده وبالفعل بدأ الجنود يتدفقون كسياح وذهب مجموعة الطيارين الي قريتين سياحيتين وضباط البحرية شغلوا قرية ثالثة اقامة كاملة أما باقي الجنود فكانوا يحضرون في منتصف النهار وينصرفون أول الليل وكانت القري السياحية تريد إسعادهم فكانوا يظلمون الديسكو في النهار ويقدمون به فقرات فنية ظهرا بدلا من الليل وكان الجنود يستخدمون السنترالات وتليفونات القري السياحية للاتصال بأصدقائهم وعائلاتهم وهذا يتكلف كثيرا ومنهم من ذهب الي السوق لشراء المنتجات وأصبحت البحر الأحمر هي المحافظة الوحيدة في الشرق الأوسط التي جاء اليها السياح، وبعد انتهاء الحرب سألت البنكين الأهلي ومصر كم حصيلة تغير العملات فقالا: «300» مليون دولار كل 15 يومًا وهي اجازة الجنود هذا بخلاف ما تم انفاقه دون تغيير بالعملة المصرية، وهذا أعطي دفعة قوية لقيام المستثمرين بالعمل المتواصل.
اذن المستثمرون كان لهم دور مهم في التنمية؟
بالطبع.. وكانوا يملكون عزيمة جبارة من خلال الدافع الوطني وأذكر أن أحد المستثمرين طلب ترخيصًا لقرية سياحية وكان له قرية أخري ووافقت وذهبت معه الي جبل في وسط المدينة علي مساحة 5 آلاف كم وارتفاع 16 مترًا من الجرانيت والحجر الجيري وقلت اهدم هذا الجبل وساوه بالأرض وسوف أخصصها لك لتنشيء عليها القرية السياحية ووافق فربت علي كتفه وقبلته وقلت: برافو عليك، وبالفعل هدم الجبل في 3 سنوات وأنشأ 600 حجرة للسياحة وأصبح من أفضل الفنادق في الغردقة.
وكيف تعاملت مع الشباب؟
الشباب هم أمل المستقبل ولديهم طاقة قوية تحتاج الي تحفيز ببث الثقة فيهم ووضعهم علي بداية الطريق فقد شجعت الشباب للقيام بالعمل بل كان الشباب الأكثر فقرا وكانوا أكثر وأذكر منهم 2 صيادين ومعهما ابن عمهما، وقلت لماذا لا تقيموا قرية سياحية، فسألوني: يعني ايه قرية سياحية؟ فقلت هاتوا كرتونة نتيجة وضعوا عليها 10 علب كبريت متفرقة وبالفعل فعلوا ذلك فقلت هذه العلب شاليهات وجزء منها الادارة والكافتيريا فقالوا: لكننا لا نملك أي جنيه، فقلت: أعرف ولكني أريد أن أجعلكم قدوة للشباب حتي يعملوا وهم مفلسون فسألوا عن الأرض؟ فقلت سأعطيها لكم دون مقدم كما يحدث ولكن ستدفعون متأخراً بعد ذلك مع غرامة التأخير فسألوا عن الامكانات التي سيبنون بها القرية؟ فقلت ستذهبون الي حي الميناء وكنت اتفقت مع الأهالي هناك علي رفع جميع المخلفات التي فوق الأسطح وكانت تتسبب في اشعال الحرائق لانها كانت عبارة عن أخشاب وشباك الصيادين القديمة وبهذه المخلفات يبنون القرية وبالفعل تم بناؤها.
وماذا عن الكهرباء؟
طلبوا كهرباء فقلت استخدموا الشموع وعندما كان السياح يرون اضاءة الشموع كانوا يذهبون اليهم وكانت ليلة المبيت مع وجبة عشاء من الأسماك بثلاثة دولارات، وتم بناء 20 شاليه وأثناء زيارة الرئيس «مبارك» البحر الأحمر 1986 طلبت منه زيارة هذه القرية لتشجيع الشباب ووافق وتمت الزيارة والاعلام قال ان الرئيس يشجع الشباب وبعد شهر من هذه الزيارة جاء إلي هذه القرية طائرة شارتر مخصوص من ايطاليا، وبعد 7 سنوات هدموا القرية وأقاموا مكانها 3 فنادق كل فندق ب 15 مليون جنيه مع أنهم كانوا بدأوا من الصفر وبعد ذلك طلب مستثمرون جدد بناء قري سياحية ووافقت ولهذا تم بناء 16 ألف غرفة سياحية في 4 سنوات.
هذا كان له صدى عالمي؟
نعم.. وقد زارني «توماس كوك» أشهر رجل في التسويق السياحي علي مستوي العالم وسألني لديك كم سرير؟ فقلت 10 آلاف سرير، فقال لو لديك 3 ملايين سرير سأشغلهم لك بالسياحة. فقلت كيف؟ فقال: لأن فائض السياحة في أوروبا أكثر من 40 مليونًا وبالفعل أصبحت محافظة البحر الأحمر كاملة العدد في السياحة، وأذكر انه كان يوجد سائح اسرائيلي سألني مندهشا في غضب مكتوم متي أنجزت هذا وكيف؟ فقلت له: لأن السياحة في البحر الأحمر أثرت علي السياحة في اسرائيل؟ فلم ينف ذلك فقلت ليس لك شأن بهذا ونحن ننجز ما نريد انجازه وكما نشاء فانصرف علي الفور ولم يرد.
وهل عملت علي تشجيع السياحة الداخلية وكيف؟
بالطبع.. في أوقات الركود السياحي الخارجي كنت أتصل بكبار الصحفيين وأدعوهم الي زيارة محافظة البحر الأحمر بعد أن اتفق مع القري السياحية والفنادق علي استقبال هؤلاء الصحفيين عدة أيام مجانا وبالطبع يكتبون عن هذه التجربة التي تكون أفضل دعاية للسياحة، وبالفعل تتم الزيارة والنشر في الصحف بالمجان فيتشجع الكثير من المصريين الي أن يأتوا الي الغردقة التي اشتهرت لدرجة انها كانت تعتبر «مجاويش» التي أنشأت ناديا للفرنسيين في البحر المتوسط. وكانت مخصصة فقط للفرنسيين.
ماهي أشهر التسهيلات التي منحتها للمستثمرين حتي يأتوا الي محافظة نائية؟
عندما استلمت محافظة البحر الأحمر وجدت البترول ملوثًا للشاطيء وحاولت وزارة البترول تنظيفه ولم تتمكن لأن التكاليف كانت عالية، والامكانات كانت ضعيفة فأحضرت شركة أمريكية لهذا الغرض، فقالوا: تنظيف المتر المربع في الشاطيء سيتكلف 2 دولار وهذا كان يحتاج مليارات الدولارات فتم صرف النظر عن نظافة الشواطيء من البترول وعندما تم تخطيط مشروع الغردقة طلبت 3 لجان في القاهرة لتثمين الأراضي وقلت لهم اجعلوا ثمن الأرض علي الشاطيء أقل من غيرها فتعجبوا وسألوا كيف؟!! فقلت: لأن المستثمر علي الشواطىء سينظف الشاطيء من البترول فقالو: إذن كم سيكون ثمن المتر؟ فقلت: فليكن 5 جنيهات لأن بعد تنظيف الشاطيء سيحضر المستثمر الرمال من طريق قنا سفاجا ويبني الشاطي وحينها سيتكلف المتر 150 جنيها، وبالفعل اقتنعت اللجنة وأصبح سعر المتر 5 جنيهات علي الشاطيء والحقيقة أن المستثمرين جزاهم الله خيرا كانوا مقتنعين اقتناعا كاملا بأهمية التنمية، ولم يكن لدي المحافظة ميزانية نهائيا ولهذا اعتمدت المحافظة علي مواردها الذاتية.
وكيف تغلبت علي أزمة المرافق؟
قلت للمستثمرين بمنتهي الصراحة لا يوجد مرافق وعليكم الاشتراك في عمل المرافق، ووافقوا وتبرعوا ب3.5 مليون جنيه تم وضعها في البنك لحساب المحافظة، واتصلت بهيئة الطرق والكباري وكانوا يرصفون طريق رأس غارب الغردقة وطلبت منهم الدخول علي طريق الكورنيش في المرحلة الأولي لمسافة 3 كم بعرض 40 مترًا كأعمال اضافية وحولت له 200 ألف جنيه وقلت لمهندس المحافظة لقد أوقفت ترقيتك حتي يتم رصف هذا الطريق في 3 شهور وبالفعل تم الرصف وتم بناء 10 مشاريع في البداية علي هذه المساحة ثم دفع المستثمرون 250 ألفًا فاتصلت ب«ماهر أباظة» وزير الكهرباء حينها وقلت نحتاج كهرباء فقال: لا يوجد ميزانية، فقلت: لدينا الأموال فأرسل لنا المحولات والكابلات ثم اتصلت ب «حسب الله الكفراوى» لطلب مد مواسير المياه من سفاجا الي الغردقة فقال: لا يوجد أموال لشراء المواسير فأرسلت الأموال فامتدت مواسير المياه الي الغردقة، ونفس الأمر تكرر مع«سليمان متولي»وزير الاتصالات وتمت المرافق في البحر الأحمر وأصبحت تنمية نشطة.
ماهي معادلة النجاح التي اتبعتها خلال عملك كمحافظ؟
المسئول الذي يريد العمل لابد أن يعطي الأمل وهذا الأمل يحتاج الي دراسة، وتخطيط والتخطيط يحتاج الي براعة وابداع وارادة وتصحيح وعمل دؤوب والمالية تأتي في آخر المعادلة وهذا ما جعل البحر الأحمر بعد أن كانت في غياهب النسيان أصبحت في العمران وعلي الخريطة العالمية للسياحة في فترة قصيرة.
هل تم الحفاظ علي الانجازات التي تمت في عهدك؟
للأسف لا.. مثلا طريق الكورنيش كان مخططًا لخمسين سنة وبه 5 أمتار في المنتصف للمرافق مياه وكهرباء وصرف صحي ولكن تم تدمير هذ الطريق وأصبح ممشى ولهذا لم يستطيعوا عمل المرافق فاضطروا الي نقلها مسافة 3 كم فحرموا جميع القري التي علي الشاطىء من الصرف الصحي فأقامت كل قرية صرفًا صحيًا بمعرفتها وهذا لا يصح لأن كل مسئول لا يستكمل ما قام به من سبقه لاننا نفعل كما فعل أجدادنا الفراعنة هدموا القبور واستولوا علي القصور.
ومعظم الرخامات التي كان مكتوبًا عليا الافتتاحيات رفعت وكتبت بأسماء الجدد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.