فاروق سلامة عازف الأكورديون الذى سوق لهذه الآلة حتى وصل للعزف خلف سيدة الغناء العربى أم كلثوم، وصار يذكرنا بها، ونشعر بأن عليه مسحة من عبق هذا الزمن الجميل. يقول سلامة إن أغنية «انت عمرى» التى لحنها الموسيقار محمد عبدالوهاب كانت سبباً فى انطلاقه، بعد نجاح الأغنية بشكل هائل تركت جميع الملحنين فى حيرة ماذا يفعلون بعد هذا اللحن الأسطورى، جاءنى الموسيقار بليغ حمدى وطلب أن يصاحبنى فى الأفراح، حتى يلحن أغنية تقترب من لغة الشارع وكان بليغ وقتها قد لحن لأم كلثوم عدة أغنيات ناجحة بداية "حب ايه" مروراً ب"أنساك وسيرة الحب وكل ليلة وكل يوم"، و"أنساك" لحنها بطريقة الشيخ زكريا أحمد، ثم عرفنى "بليغ" على "أم كلثوم" التى كانت تمانع انضمام الأكورديون إلى فرقتها لكنها حين سمعتنى وافقت، وكانت الفرقة ذاتها تخاف أن يصحبها عازف أكورديون لا يرقى إلى مستواها، فاشتركت فى عزف أول أغنية لى مع أم كلثوم وهى «سيرة الحب» من ألحان بليغ وآلة الأكورديون كاشفة إذا كان اللحن جميلاً أم قبيحاً، ثم واصلت المشوار معها. ويضيف سلامة: إن حال الغناء الآن يشبه حال منطقة وسط البلد التى كانت منطة نظيفة، ونجد السائرين فيها تغمرهم السعادة، وتشعر بنجاحهم بأنهم بشر طبيعيون، الآن تغيرت منطقة وسط البلد التى كنا نقيم فيها الحفلات سواء شارع قصر النيل أو شارع فؤاد أو مسرح الأزبكية الذى تحول إلى جراج. الغناء الحالى هبط إلى أدنى مستوى وأصبح صداعاً وقبحاً منقطع النظير وكما تغير شارع محمد على الذى أصبح سوقاً للموبيليا وتحول من بيع الآلات الموسيقية إلى تجارة المحمول، كانت الآلات الموسيقية معلقة تزين هذا الشارع، وترى الفنانين يتجولون فى الشارع ويجلسون على مقاهيه. ويقول سلامة: إن الفارق بينى وبين أخى جمال سلامة أنه درس الموسيقى الغربية وأخذ فيها الدكتوراه من روسيا وأكثر أعماله بالروح الغربية، أما أنا فقد تخرجت من شارع محمد على وعزفت مع فرق عطية شرارة وصلاح عرام وسعيد هيكل والماسية وعبدالعظيم حليم وكذلك مع أم كلثوم، الأمر الذى أهلنى للحصول على الدكتوراه الشرفية من معهد الموسيقى العربية، لتبقى بعد كل هذا المشوار ذكريات ما كنت أعزفه ومازلت أما الآن فماذا أعزف وأين؟! إن الماضى مازال هو النهر العظيم الذى أواصل السباحة فيه.