وصف اقتصاديون أزمة السكر الحالية وارتفاع أسعاره التى وصلت ل9 جنيهات للكيلو بأنها حلقة جديدة من حلقات صراع التجار والحكومة، واستغلال الوضع الراهن وسوء التنظيم والتخطيط من قبل الحكومة تجاه مراقبة وتوفير السلع بأسعارها العادية، متهمين التجار بإحداث الوقيعة بين الدولة والمواطنين. واستمرت أزمة أسعار السكر بين ارتفاع سعره واختفائه من الأسواق، فى ظل حالة من الغضب الشعبى تجاه جشع التجار، واستيلائهم على الكميات المدعومة التى ضختها القوات المسلحة خلال الأيام الماضية بسعر 5 جنيهات للكيلو بطرق ملتوية عبر مواطنين تابعين لهم فى المجمعات والمنافذ لاستمرار الأزمة. وعن حديث المواطنين خلال الأيام الماضية عن حتمية تطبيق «التسعيرة الجبرية»، قالت الدكتورة يمنى الحماقى، رئيس قسم الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن هذا الطرح لا يتناسب تماماً مع الاقتصاد الحر الذى تسير عليه مصر، مشيرة إلى أن تطبيق التسعيرة الجبرية سيزيد من الأزمة بشكل مخيف واوسع من الوضع الحالى- بحسب قولها. وأكدت أستاذة الاقتصاد فى تصريحات ل«الوفد» أن التسعيرة الجبرية تزيد من السوق السوداء وتجبر المنتجين على التوقف بسبب انخفاض السعر قائلة «ربما يكون الحل الأفضل فيما يسمى السعر العادل، وهو التقدير الفعلى للسلعة حتى وصولها للتاجر وحساب ربحه ووضع السعر على ذلك دون زيادة». وأشارت «الحماقي» إلى أن غياب التخطيط والتنظيم من قبل الحكومة جعل رجال الأعمال والمحتكرين يتربصون بها ويتحكمون فى السلع، على غرار ما حدث فى أزمة الأرز الأخيرة، مطالبة الدولة بوضع آلية لضبط السوق ومواجهة الاحتكار بعد أن أصبح المستهلك ضحية صراع رجال الأعمال من أجل حصد المكاسب. واتفق معها فى الرأى، الدكتور مختار الشريف، خبير وأستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة الذى أكد أن الحل يتمثل فى زيادة السلع المعروضة لمواجهة الأزمة وليس فى التسعيرة الجبرية التى تزيد من الأزمة وتخلق السوق السوداء لكل سلعة بسبب زيادة تكلفتها عن التكلفة الأصلية، قائلاً «التسعيرة الجبرية تعنى السعر أقل من سعر السوق، وهذا من الصعب تطبيقه وتنفيذه حالياً». وأضاف «الشريف» أن هناك عدداً من رجال الأعمال ومحتكرى عمليات الاستيراد والتصدير يواصلون تصدير الأزمات للحكومة الحالية مستغلين الوضع الاقتصادى وأداء الأجهزة الرقابية دون أى شعور أو إحساس وطنى بخطورة المرحلة التى نعيشها. وقال «الشريف» إن حكومة الدكتور شريف إسماعيل فى ورطة كبيرة بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ولابد من مواجهة ما نعيشه بوضع آليات لضبط السوق، وترشيد الاستهلاك، وهو الأمر الذى يتبعه الأوروبيون ويسمى «ثقافة الاستهلاك» للحصول على أكبر قدر من الاستفادة. وأرجع «الشريف» الأزمة الحالية للسكر إلى سوء التخزين والتعبئة والتغليف، ومن ثم يلجأ التجار والمحتكرون لتوفير نفقات التخزين وسوء التعبئة بزيادة الأسعار ليتحملها المستهلك البسيط قائلاً «السوق غير ناضج، ولا يوجد بناء مؤسسى لمراقبة ذلك بجدية، ولا بديل عن زيادة المعروض من السلع، والتسعيرة الجبرية ليست الحل الأمثل كما يتخيل كثيرون». من جانبه، طالب خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، الرئيس عبدالفتاح السيسى بالتدخل بقرارات فورية حاسمة وصارمة لمواجهة جشع واحتكار التجار الذى نتج عنه غضب شعبى كبير خلال الأيام الماضية، فى الوقت الذى حذر فيه من تفاقم الأزمة وتكرارها مع سلع أخرى، مثلما حدث فى الأرز خلال الفترة الماضية. وتساءل «الشافعي» فى تصريحاته ل«الوفد»: هل سيظل المواطن ضحية مافيا التجار وضغطهم على الحكومة للحصول على مكاسب، أم سيبقى الوضع كما هو عليه لنجد أنفسنا أمام أزمة تتعلق بسلعة جديدة خلال أيام أيضاً» متهماً التجار بإحداث الوقيعة بين الدولة والمواطنين عن طريق احتكار السلع وزيادة أسعارها.