تعودت لأكثر من 10 سنوات أن أكون وسط رجال الشرطة يوم عيدهم.. لأنه ببساطة عيد كل المصريين لارتباطه بحدث تاريخى يوم ارتبط كل رجال الشرطة بالشعب، يوم 25 يناير 1952.. لأنه ببساطة كان يوماً مصرياً عظيماً.. وسيظل. وكان أكثر ما يشدنى فى احتفالات عيد الشرطة هو هذا الطابور الرائع.. طابور تكريم أسر الشهداء.. وتكريم أعضاء الشرطة المميزين.. ويشدنى تكريم شهداء الشرطة من ضباط وجنود أعطوا لبلدهم أروع وأبدع ما يملكون وهو حياتهم. أعطوها ليدافعوا عن أبناء الوطن.. ضد من يروعونها بالعنف والإرهاب.. وأيضاً من المجرمين.. ومن المهربين للمخدرات وللسلاح.. أو من يسرق طعام الأمة.. لا فرق بين ضابط كبير.. أو ضابط فى بداية مشواره الشرطى.. أو جندى مجند يؤدى الخدمة العسكرية.. فكلهم وكل واحد منهم أعطى دون أن ينتظر مالاً أو حتى شكراً.. ** وشدتنى نماذج رائعة من شرطة مصر.. هذا الضابط فى متوسط مشواره العسكرى الذى ترك زوجته وطفلته لجين ذات الشهر ونصف الشهر هما كل عمرها عندما استشهد الأب ضابط الشرطة الذى ترك طفلته وترك زوجته، الأولى لم تتعرف على وجه والدها الشهيد والثانية ترملت وهى دون الثلاثين من عمرها.. والأب لواء الشرطة الذى قدم ابنه للوطن.. لمصر الحبيبة.. وشدنى صورة المجند البسيط الذى رفض أن يبيع نفسه للشيطان رغم إغراءات المال. وبعيداً عن هذا وذاك من شهداء الشرطة هناك صورة رائد الشرطة فى مركز كفر صقر: الرائد محمد عبدالرحيم، الذى رفض رشوة بالملايين، 82 مليون جنيه أو كما أغروه بملايين الدولارات ليسهل للمجرمين سرقة تاريخ مصر، المسجل على مسلة فرعونية.. إنه أيضاً نموذج من رجال الشرطة كم هو عظيم.. رفض رقماً لا يصدقه عقل لكى يحمى تراث مصر.. ** وردت مصر الجميل لهؤلاء الشهداء، منحتهم أوسمة الشهداء.. هم شهداء من كل مدن وقرى مصر.. وهؤلاء بالتأكيد يمسحون صورة من يسئ لهذا الجهاز.. وهم فى نظرى هؤلاء الشهداء الجانب الأكثر لمعاناً والأكثر إيجابية.. وتأثيراً.. أما التكريم الثانى فشمل رجالاً ونساء من ضباط وضابطات الشرطة من من مختلف الرتب.. الالتزام الشرطى.. وأداء الواجب.. لحماية المجتمع وقيمه ومقدساته. ولم يفرق التكريم بين ضباط برتبة لواء ومجند بسيط.. فالكل مصريون قدموا حياتهم فداءً للشعب.. ** وعندما أعلن الرئىس مبارك فى مقدمة كلمته أمس.. تهنئته لرجال الشرطة لتوصلهم لمرتكبى حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية. أحسست أن هذا الجهاز رغم قذارة هذا العمل ضد شعب مصر استطاع أن ينجح فى كشف مرتكبى هذا الحادث رغم كل الضغوط النفسية التى صاحبت هذه الجريمة، التى استهدفت شعب مصر ووحدته.. وإذا قارنا أحداث الإرهاب فى العالم كله.. بما يحدث عندنا نقول إن جهاز الشرطة المصرى قادر على أن يحمى مصر، ربما أكثر مما يستطيعه جهاز أى دولة أخرى.. ** ونعترف أن مصر مستهدفة.. وما عمليات الإرهاب التى تعرضت لها مصر إلا نموذجاً لمخطط قذر يستهدف أمن وأمان هذا البلد.. ونعترف أن جهاز الشرطة نجح فى توجيه ضربات موجعة للإرهاب والإرهابيين.. مهما عدد الإرهابيون ونوعوا من أساليبهم لضرب مصر شعباً ووطناً.. وإذا كان احتفال هذا العام يحمل رقم 59 فإنه بكل الاحترام يذكرنا بالمعارك الكبيرة التى خاضها جهاز الشرطة على مدار عشرات السنين، سواء كان عدد سكان مصر دون العشرين مليوناً، كما كنا عام 1952، أو 82 مليوناً الآن مما يعنى زيادة العبء على هذا الجهاز، الذى هو جزء أصيل من شعب مصر.. ونتذكر أن مصر هى المستهدفة.. ** ومصر التى احتفلت أمس بعيد الشرطة فإنما تحتفل بامتزاج الشرطة مع الشعب منذ 25 يناير 1952 عندما اتحدت كل القوى الوطنية فى الجهاد ضد الاستعمار الإنجليزى.. عندما تصدت إرادة رجال الشرطة بأسلحتهم البسيطة ضد أعتى الأسلحة.. تصدت البندقية لى انفيلد ضد الدبابة السنتوريون ومدافع الهاون والميدان.. ولكنها إرادة رجل الشرطة المصرى. ومنذ هذا اليوم زاد امتزاج جهاز الشرطة مع الشعب المصرى ولا خلاف أن هذا الجهاز الآن يواجه حرباً شرسة مع الإرهاب والإرهابيين.. وإذا كان رجال الشرطة قد تصدوا للاستعمار البريطانى عام 1952.. فانهم الآن يواجهون جيوش الإرهاب، المعروفة مصادرهم.. وغير المعروفة.. ولكن هذا الجهاز يتصدى أيضاً لمثيرى الفتنة الطائفية.. ** إنه يوم نتذكر فيه رجلاً رحل عن حياتنا منذ سنوات هو فؤاد سراج الدين وزير داخلية مصر الذى أعطى للشرطة يومها معنى النضال من أجل الشعب.. ونتذكر أيضاً كل شهداء هذا الجهاز الذى يتحمل ما هو فوق الطاقة.. ليحمى الوطن.. ويحمى الشعب.