لا تريد نجوي فؤاد الانسحاب من الحياة مهزومة.. لا تريد أن يطير رماد الذكريات من بين يديها.. تؤمن بأن العمر يمضي ولم يتبق الكثير.. تؤمن أن وهج الصبا هجر مكانه ولن يعود.. ورغم ذلك تتمسك بجمال الحاضر ولديها نظرة مشرقة للمستقبل. صحيح أن عدد المعجبين تراجع للخلف والأضواء غابت.. لكنها مازالت تثق في نفسها وتري أنها تنتمي إلي جيل يستحق الثناء والتقدير.. نجوي فؤاد باختصار شديد فنانة حقيقية..تعتز بنفسها وترفض طرق الأبواب سعياً وراء فرصة عمل وترفض أيضاً تقديم تنازل يشعرها بالخجل في آخر أيام العمر. نحاول في هذا الحوار الإبحار معها في أحداث أيام جميلة مضت ونحاول فك ألغاز حياتها التي بدأت صعبة وامتلأت بأشخاص لهم وزن وحجم. في البداية نريد أن نعرف كيف كان الطريق إلي الشهرة والأضواء؟ - لا أبالغ إذا قلت إن نشأتي كانت صعبة وقاسية جداً.. والدي كان موظفاً في جمارك الإسكندرية وأمي فلسطينية، وأصيبت بمرض السرطان واتهم أهل أمي والدي بالإهمال في علاجها لذا طلبوا منه الذهاب إلي فلسطين وهناك ماتت أمي.. كان عمري في هذا الوقت سبعة شهور، واضطر والدي للزواج من سيدة تركية وعندما قامت حرب 48 عدنا جميعاً إلي مصر. وكيف كانت تعاملك زوجة الأب؟ - علي عكس السائد تماماً.. كانت سيدة عاقر وعاملتني بكل لطف وحنان.. لكن والدي أهملني جداً وكان نفسه في ولد.. لذا كان يكرهني جداً، وتزوج من سيدة مصرية وأنجب منها محمد ويحيي.. وأمام إهماله لي قررت الهروب إلي القاهرة بحثاً عن أمل في حياة أفضل.. الغريب والجميل أن زوجة أبي العاقر رفضت أن تتركني وفضلت العيش معي في القاهرة، بدلاً من الإقامة مع زوجها في الإسكندرية.. كان والدي قاسياً جداً وأراد أن يزوجني وعمري 14 سنة برجل أكبر منه في العمر لذا كان الهروب هو القرار السليم.. باختصار أنا طفشت بسبب سوء معاملة والدي. وهل وجدت صعوبة في مواجهة ظروف الحياة والبحث عن عمل؟ - من حسن حظي أن زوجة والدي كانت تجيد الخياطة، قمنا بتأجير شقة في منطقة شعبية ب»جنيه ونصف الجنيه« في الشهر.. وبعد مشوار من البحث ذهبت للعمل في مكتب توكيل فنانين وكنت أقوم بالرد علي التليفون، وذات يوم سألني صاحب المكتب واسمه »عرابي« عن رغبتي في العمل بالفن، وقلت له نفسي أغني وعلي الفور اصطحبني لمقابلة الموسيقار العظيم محمد عبدالوهاب وكان شخصاً حنوناً وودوداً جداً، وغنيت له »أنا والعذاب وهواك« وبعد سماع صوتي أعطاني جنيهاً، وقال لي: »شوفي شغلة تانية«، دارت الأيام ومرت ولحن لي عبدالوهاب استعراض »قمر 14«.. علي كل حال بعد خروجي من مكتب عبدالوهاب سألني وكيل الفنانين عن إمكانياتي في الرقص وعندما شاهدني أرقص انبهر بأدائي ومن هنا احترفت الرقص وأصبحت نجمة استعراضية ثم انتقلت إلي شاشة السينما. وماذا عن زواجك الأول.. وهل كان نتيجة لقصة حب؟ - فاتني أن أقول إنني لجأت لتكبير نفسي خمس سنوات حتي أستطيع الرقص في الفنادق.. ووضعت اسم زوجة والدي واسمها »زهرة« لعمل مستخرج بذلك. وعندما حاولت تصحيح الأمر باءت محاولاتي بالفشل، وحتي اليوم أسافر باسم زهرة رغم أن اسمي الحقيقي »عواطف«، وتزوجت من الموسيقار أحمد فؤاد حسن عندما شاهدني في فرح والحقيقة أنني لم أتزوجه عن حب وإنما تزوجته لأنني أريد حماية من نظرات لا ترحم.. وكان يكبرني ب27 سنة والحقيقة أنه أراد الإنجاب مني ولكني رفضت ولذا وقع الانفصال بعد خمس سنوات. وكيف لفتاة تبحث عن الحماية ولا تريد الإنجاب من رجل له اسم كبير مثل أحمد فؤاد حسن؟ - رفضت الإنجاب لأنني بدأت أخطو خطوات كبيرة تجاه الشهرة.. وبصراحة كنت خائفة من الإنجاب فيتأثر جسمي ولا أستطيع استعادة رشاقتي، خاصة أنه لم يكن هناك في الماضي عمليات شفط ونفخ مثل هذه الأيام. كم عدد أزواج نجوي فؤاد وأيهم كان الأكثر حباً؟ - تزوجت خمس مرات منها أحمد فؤاد حسن ثم سامي الزغبي وهو شخص لبناني وهو الإنسان الذي أحببته بإخلاص شديد، ووقع الطلاق بعدما اكتشفت خيانته لي مع صديقة عمري وطليقة عمر خورشيد واسمها أمينة السبكي.. وتزوجت من كمال نعيم وتزوجت من أحمد رمزي »17 يوماً« فقط واللواء محمد السباعي، مساعد وزير الداخلية أيام حسن الألفي، والذي اعتزلت الرقص بسببه.. أنا دفعت في هذه التجارب ثمن الخيانة والغدر وكل قصة كانت تبدأ بابتسامة وتنتهي بالدموع. لو عادت الأيام للوراء ستفكرين في الإنجاب والبحث عن الأمومة؟ - بصراحة منذ خمس سنوات كنت حزينة لعدم الإنجاب.. كنت أتألم من الوحدة لكن قراءة الصحف اليومية، وانقلاب الأبناء علي الآباء والأمهات والحوادث البشعة التي أراها وأسمعها جعلتني أتعايش مع الوضع وأتوقف عن الندم. هل كانت هناك علاقة بينك وبين السياسة في يوم ما؟ - علي الإطلاق، أنا لا أفهم في السياسة، لكن دخلت بيت الرئيس جمال عبدالناصر ورقصت في فرح مني وهدي وأتذكر أنني أردت مجاملة الرئيس في فرح »مني« وابتكرت حيلة لطيفة لإبهار المعازيم وكنت أرقص علي أغنية »زغروتة حلوة رنت في بيتنا«، حيث كان الفرح يقام في منزل بمنطقة منشية البكري وأطلقت حماماً أبيض أثناء الرقصة فظن الحرس أنني أرمي قنبلة علي المعازيم، وفي غمضة عين نزلت الستارة وضربني رجال عبدالناصر، بشكل رهيب.. عندما علم الرئيس بما حدث منحني 500 جنيه بقشيش وقال لي »معلش«.. بصراحة كان رجل طيب لكن العز والهنا كان أيام السادات الرجل العظيم. وماذا عن قصة إعجاب هنري كسينجر وزير خارجية أمريكا؟ - في الحقيقة لمست وتأكدت من إعجاب هنري كسينجر بي، وكان كلما يأتي إلي مصر يطلب من الخارجية المصرية مشاهدة استعراضاتي وعندما تزوج اختار امرأة تشبهني إلي حد كبير أو تقدر تقول نسخة طبق الأصل مني واسمها »نانسي«. ألا تتفقين معي في أن نسبة أو مستوي الجمال في السينما تراجع كثيراً؟ - أتفق معك تماماً.. الجمال في الماضي كان جمالاً حقيقياً، أما اليوم هو جمال صناعي.. الشعر مزيف والأسنان مزيفة ولا تنس الشفط والنفخ.. لكن في الماضي، كانت الأنثي تفيض بالجمال والدلال. من هي الفنانة التي تغار منها نجوي فؤاد؟ - أنا أثق في نفسي ولا أغار من أحد.. قديماً قالوا فيه خناقات بيني وبين سهير زكي وفيفي عبده لكن في الحقيقة هذا لم يحدث. وكيف ترين تجربة فيفي عبده في الرقص والتمثيل؟ - فيفي عبده راقصة لطيفة وجه بلدي.. وعلي فكرة فيفي ظهرت كبيرة وليست صغيرة لأنها كانت مهتمة بالسفر للخارج وهي متواضعة جداً كممثلة، وأنصحها بأن تستعين بمدرب أو مدرس تمثيل، أداؤها في أحيان كثيرة يكون غير مقنع. كنت راقصة جميلة ومثيرة فهل تعرضت لمضايقات وما هي حجم التنازلات في حياتك؟ - في ناس كثيرة طمعوا في نجوي فؤاد وجمالها.. لكن لم أقدم تنازلات ولم أصاحب أميراً عربياً ولم أتزوج من أمير عربي.. أنا لست رومانسية ولو أعجبت برجل أتزوجه وأعيش معه في الحلال.. وعلي فكرة أنا عايشة مستورة، ولم أجمع ثروة كبيرة.. ويجب أن تعلم أن الأمير وليد بن طلال وقف بجانبي عندما تعرضت لحادث خطير وسدد لي مبلغ قدره 70 ألف جنيه تكاليف جراحة وعلاج ولم يكن بمقدوري تدبير هذا المبلغ.. أنا سيدة بسيطة أعيش لنفسي ولن أطرق الأبواب مهما حدث ولن أتنازل. تردد أنك تزوجت من الراحل رشدي أباظة.. ما مدي صحة ذلك؟ - هذا الكلام لا يمت للحقيقة بصلة.. رشدي أباظة كان يعاملني مثل شقيقته ومرة قال لي: »مش انت الست اللي تملا عيني« كان بصراحة محترم ومتواضع وكريم إلي حد كبير جداً.. وكانت تربطني به علاقة طيبة هو والراحل عبدالحليم حافظ. بالمناسبة ما مدي صحة زواج عبدالحليم وسعاد حسني؟ - لم يحدث أن تزوج عبدالحليم حافظ من سعاد حسني، كان عبدالحليم صديقي جداً وكنت مخزن أسراره وذات مرة اعترف لي بحبه الشديد للرائعة سعاد حسني لكنه لا يستطيع الزواج منها لأنه يعيش بربع كبد ولا يقدر علي القيام بدوره كرجل.. وعلي فكرة كانت سعاد حسني تعشقه جداً لكن كانت تفسر كلامه علي أنه رغبة في الهروب من الارتباط الرسمي. يقال إن الوسط الفني تسيطر عليه حالة الجحود ما تعليقك؟ - أتفق معك في هذا الكلام.. ولا تندهش إذا قلت لك إنني حزينة لأن الفنانة يسرا تسأل عني رغم أنني من منحها الفرصة وأنتجت لها فيلم »ألف بوسة وبوسة« وكنت أتوقع أن تسأل عني بعد نشر خبر مرضي في الصحف لكن خاب ظني، وأعتبر هذا نكراناً للجميل، فهي لا ترفع سماعة التليفون كي تسأل عني. ماذا تتمني نجوي فؤاد في الأيام المقبلة؟ - أتمني دائماً أن أكون عند حسن ظن الجمهور وأتمني أن تعرف وتتغلغل روح الود والمحبة الوسط الفني ويسأل كل فنان عن زملائه.. فما أحلي الحياة وسط مشاعر حب صادقة. سؤال أخير.. هل يوجد في الوسط تنازلات تقدمها الفنانة من أجل الشهرة؟ - نعم يوجد تنازلات.. وأنواع هذه التنازلات مختلفة وقد تكون تنازلات جنسية.
