أطلقت نقابة الصيادلة منذ فترة تحذيرات مثيرة، بوجود الكثير من الأدوية المنتهية الصلاحية في الأسواق المصرية، فضلًا عن أدوية معاد تدويرها، مما يؤدي إلى وقع العديد من جرائم الغش، بعد رفض شركات الأدوية استلام مرتجعاتها. وأضطر نقيب الصيادلة محيي عبيد، تقديم استقالته المسببة من اللجنة العليا للدواء بوزارة الصحة، واتهامه لوزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين، عدة اتهامات منها التقاعس في ملف الدواء. ويشرح عبيد، في حواره مع "بوابة الوفد"، الأسباب الحقيقية وراء أزمة الدواء في مصر، لاسيما الدواء المعاد تدويره وصرفة مره أخرى في الصيدليات، ناهيك عن أزمة نقص المحاليل الطبية التي أصابت المستشفيات والصيدليات. وإلى نص الحوار... هل هناك خلاف شخصي بينك وبين وزير الصحة لذا قدمت استقالتك من الهيئة العليا للدواء؟ ان استقالتي من اللجنة الاستشارية العليا للدواء بوزارة الصحة لم تكن ضد الدكتور أحمد عماد وزير الصحة، ولكن اعتراضًا على فشله في إصلاح المنظومة الدوائية، فالدكتور أحمد يحمل نوايا طيبة، ولكن النوايا لا تبنى دولًا، وهذا هو شعاري الدائم. لماذا اتهمت وزير الصحة بالتقاعس؟ اتهمت الدكتور أحمد عماد الدين راضى وزير الصحة والسكان بالتقاعس، بشكل واضح جدًا، لآني أرى أنه أهمل كثيراً في ملف الدواء، ولم يفتح تحقيقات في أزمة الدواء المنتهي الصلاحية، كما أنه ليس لديه الرغبة في تطوير قطاع الدواء، كما اتهمته بالمماطلة في إنشاء هيئة للدواء، لاسيما عدم نجاحه في مواجهة الأدوية المغشوشة، وأنا أتسائل كيف لم يستطيع السيطرة على هذا الفساد حتى الآن؟. وماذا إذا ثبتت صحة اتهاماتك؟ في حالة ثبوت صحة تلك الاتهامات، سنحتاج حينذاك إلى تحقيق برلماني وسياسي، وأنا أعتقد أنه بالفعل الموضوع خطير ويحتاج إلى فتح تحقيق، لما له من مساس بصحة المواطن. ما كمية الأدوية المنتهية الصلاحية الموجودة في الصيدليات؟ تقدر الأدوية المنتهية الصلاحية الموجودة في الصيدليات حالياً بحوالي 600 مليون جنيه متراكم، ومن المؤسف أن بعض مندوبي شركات الأدوية يجمعون هذه الأدوية من الصيدليات ويعيدون تدويرها مرة أخرى، ويصرفوها للمرضى. ما الأضرار التي تصيب المواطنين إذا تناولوا دواء معاد تدويره؟ إن تناول دواء خاطئ من ملف الأدوية، أو دواء منتهي الصلاحية ومعاد تدويره، يؤدي إلى إصابة المواطنين بالسرطان، ويمرضهم بالفشل الكلوي، فضلا عن الجلطات التي تكون نهايتها الموت، فيجب إنشاء هيئة للدواء تكون مسئولة عن سلامة الدواء وصلاحيته، بالإضافة إلى الزام الشركات بسحب بالأدوية المنتهية الصلاحية والتفتيش عليهم. ما هي مشكلة المحاليل التي ظهرت في الآونة الأخيرة؟ نشبت أزمة نقص المحاليل الطبية بالسوق المصرى في يوليو 2015، بعد قرار وزارة الصحة وقف إنتاج شركة المتحدون فارما للمحاليل الطبية، إثر تسمم ووفاة 6 أطفال بمحافظة بنى سويف، لكنها ازدادت في الفترة الأخيرة، فقد أختفى الكثير من أنواع المحاليل الطبية من السوق، وعجز المئات من المرضى عن توفيرها وشرائها من السوق السوداء بأسعار عالية. وقام عدد من الصيادلة برفع أسعارها استغلالاً للأزمة، الأمر الذى دفع نقابة الصيادلة لإرسال خطاب عاجل لوزير الصحة؛ لمطالبته بالتدخل العاجل لتوفير المحاليل الطبية باعتبارها من أدوية الحالات الحرجة والطوارئ. ودفع النقص الحاد فى المحاليل الطبية، إلى ارتفاع أسعارها فى السوق السوداء إلى 200 جنيه للكرتونه بدلاً من 80 جنيهاً. وإن النقابة تسعى بكل جهودها لتوفير المحاليل على مستوى جميع المحافظات، على الرغم أن هذا ليس دورنا إلا وأن النقابة تهتم بصحة المريض اولاً. ما هو رد فعل وزارة الصحة على تلك الأزمة؟ وزارة الصحة تشاهد ولا تفعل شىء تجاه هذه الكارثة التي تعاني منها مستشفيات وصيدليات مصر في الفترة الحالية، على الرغم من أنها ترى ما تفعله مافيا المحاليل، والتي تتلاعب بالصيادلة من خلال رفع اسعار المحاليل، وبيعها بأضعاف مضعفه. في حين أن النقابة قامت بإبلاغ قطاع التفتيش الصيدلى التابع لوزارة الصحة عن مخزن محاليل سري، وبالفعل تم ضبط 10 الآف زجاجة محلول ملح في مستشفى القصر العيني في الوقت الذي تعاني منه جميع المستشفيات والصيدليات والعيادات من نقص المحاليل وخاصة محلول الملح. من المسئول عن تلك الأزمة؟ أن المسئول الأول عن نقص المحاليل في مصر هو وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين، ونحن لا نعلم أين هو من كل تلك الكوارث التي تحل بالملف الدوائي يومياً، فكثير من المواطنين تموت في كل ثانية والوزارة "لاحس ولا خبر". هل بالفعل تنشئ النقابة مصنع لإنتاج المحاليل الطبية؟ نعم بالفعل تعتزم نقابة الصيادلة، إنشاء مصنع جديد لإنتاج المحاليل الطبية، بمحافظة سوهاج، بتكلفة مبدئية 120 مليون جنيه، كما إن هناك وفداً من النقابة التقى بأيمن عبد المنعم محافظ سوهاج، لبحث تخصيص أرض بالمجان لصالح النقابة، لإنشاء المصنع خلال الفترة المقبلة، ونقابة الصيادلة ستمول تكاليف المشروع بالكامل، عبر اشتراكات الأعضاء. هل أزمة المحاليل الأخيرة لها دخل لعزم النقابة على إنشاء المصنع؟ بالطبع لها دخل قوى، فإن السوق المصرى يعاني من نقص حاد فى المحاليل الطبية، خاصة فى المستشفيات الحكومية، وأن النقابة تسعى لسد العجز فى أقرب وقت ممكن عبر إنشاء مصنع جديد. فقد كان يغطي مصنع "المتحدون فارما" 60% من احتياجات السوق المصرى من المحاليل، مقابل 40% لشركات حكومية تتبع قطاع الأعمال العام، ولكن بعد توقفه حدث عجز كبير في المحاليل. ويصل حجم استهلاك السوق المحلى من المحاليل الطبية 120 مليون زجاجة، توفر "المتحدون فارما" 50 مليون زجاجة، مقابل 40 مليوناً لشركتى النصر والنيل التابعتين للشركة القابضة للصناعات الدوائية، فيما يتم تدبير النسبة المتبقية (30 مليون زجاجة) من شركات خاصة. ما السبب وراء تأخر فتح مصنع "المتحدون"؟ أنا لا أعلم أسباب تأخر إعادة فتح مصنع "المتحدون" مرة أخرى، رغم تفاقم أزمة نقص المحاليل فى المحافظات بشكل مؤثر، لكن ما نستطيع فعله هو أننا وفرنا 600 ألف عبوة محاليل الفترة الماضية للنقابات الفرعية، من خلال شركة النصر للأدوية، رغم محاربة الادارة المركزية لشئون الصيادلة للنقابة لمنعها من التدخل فى حل الأزمة. ولكن طالبت لجنة الصحة بمجلس النواب وزارة الصحة بسرعة استئناف تشغيل مصنع "المتحدون فارما"، لمواجهة النقص الشديد فى المحاليل، موضحه أنه لم ينتهِ من الإجراءات والاشتراطات التى طالبت بها وزارة الصحة لإعادة التشغيل مرة أخرى. وكانت قد تعاونت اللجنة مع نقابة الصيادلة، لتوفير 4.2 مليون عبوة محاليل من الشركة القابضة للصناعات الدوائية، ووقف توريد 3 ملايين عبوة محاليل كانت متجهة للعراق لسد احتياجات السوق. ما هي أخر أخبار أسعار الدواء؟ إن الدواء مسعر تسعيرة جبرية ولا يسمح لأي صيدلي في مصر بالبيع بأسعار عشوائية، لكن إذا صادف أحد المرضى زيادة مريبة في سعر الدواء فعليه إبلاغ نقابة الصيادلة ومباحث التموين والتفتيش الصيدلي. والسبب الأول والأخير في إحداث تلك البلبلة بالنسبة لأسعار الأدوية هي وزارة الصحة، حيث قامت الوزارة بطرح أربع تسعيرات للدواء الواحد في أسبوعين فقط، فأصبح كل صيدلي يبيع بأي سعر يريده من الأربعة. "فالقيل والقال" هذا جعل المواطنون يظنوا بأن الصيدلي هو من يتلاعب بالأسعار وأحمل المسؤولية الكاملة لوزارة الصحة، لأنها غير قادرة على ضبط السوق وتوفير المحاليل، فعلى جثثنا ارتفاع الأسعار مرة آخرى.