لايزال الجميع يتجاهل الحقيقة وراء السقوط الكبير للبعثة المصرية فى أوليمبياد ريو دى جانيرو وحصول البعثة على 3 برونزيات بمبلغ يقترب من 14 مليون دولار، بخلاف الدعم السنوى للاتحادات منذ انتهاء دورة لندن 2012 أي أن الحقيقة أن ما تم صرفه هو 3 أضعاف المعلن عنه رسمياً من جانب وزارة الرياضة الشريك الأساسى فى الفشل. وحتى لا ندفن رؤوسنا فى الرمال مثل النعام حتى لا يرانا أحد فإننا نوالى فى «الوفد» كشف الحقائق وراء خيبة أمل الرياضة المصرية والتى حذرت منها الوفد مراراً وتكراراً مشيرة إلى البطولات الوهمية التى تغنت بها الاتحادات الرياضية وحولت خلالها اللاعبين إلى أبطال عالم من الدرجة الأولى، وكالعادة انهالت مكافآت الوزير خالد عبدالعزيز دون النظر لحقيقة تلك البطولات التى حذرنا منها وقلنا إن الدورة الأوليمبية ستكون كاشفة للوهم الذى نعيش فيه فى زمن «عبدالعزيز» وهشام حطب رئيس اللجنة الأوليمبية. أولى الحقائق التى يتجاهلها الجميع والتى حذرت منها «الوفد» هو الجمع بين رئاسة وعضوية الاتحادات وعضوية اللجنة الأوليمبية... وهو زواج غير شرعى بين من يحاسب ومن يُحاسب.. ورغم أن العامرى فاروق وزير الرياضة السابق بدأ العمل على إلغاء هذا الجمع إلا أن الوزير خالد عبدالعزيز تجاهل الأمر تماماً والسبب معروف للجميع أن الوزير يرفض الدخول فى أى مشاكل مع الاتحادات التى ساعدته على التخلص من المستشار خالد زين رئيس الجنة الأوليمبية السابق بصورة مؤسفة وعودة لعصور مراكز القوى. الوزير ساند الاتحادات وتركها تفعل ما تشاء بالرياضة المصرية ورغم أن الجميع كان يعلم أننا ذاهبون فى طريق السقوط إلا أن أحداً لم يتحرك وكأنهم من بلد آخر وكأن المال العام حلال هدره طالما أن الهدف هو الحفاظ على أهل القمة أصحاب الجاه والسلطان. الخلافات كانت المعيار الأساسى فى العلاقة بين اللاعبين والاتحادات، وكثيرا ما تعالت صرخات اللاعبين تطلب الإنقاذ من الوزير ولكنه لا يملك الحل لأنه لا يستطيع أن يواجه الاتحادات أو يتصدى للأخطاء الرهيبة فهم رجاله الذين يساعدونه ويشيدونه فى كل مناسبة بتحركات الوزير ويساعدونه فى نقل صورة مغلوطة للمسئولين عن وهم الإنجازات لتنهال عليهم المكافآت بالملايين. والأخطر أن اللاعبين إذا تقدموا بالشكوى للجنة الأوليمبية فإن من ينظر فى شكواهم هم أنفسهم رؤساء الاتحاد المشكو فى حقهم.. أى أن أعضاء اللجنة هم القاضى والجلاد.. والوزير شاهد شاف وبارك كل حاجة. وبعد انتهاء الدورة الأوليمبية سوف تبدأ اللجنة الأوليمبية فى محاسبة الاتحادات الرياضية أى أن أعضاء اللجنة سوف يحاسبون أنفسهم وبالطبع النتيجة معروفة مثلها مثل ما حدث فى كل الدورات السابقة هاهي تحقق إنجاز فى ظل ضعف الدعم المادى وخلافه رغم أن هناك دولاً تعانى فقراً مالياً وبشرياً ومع ذلك نتائجها أفضل منا كثيرا. الخطأ الثانى هو غياب وتجاهل دور الأندية سواء الشعبية أو الهيئات أو الخاصة فى اللجنة الأولمبية لماذا لا يتواجد أعضاء من الأندية فى عضوية اللجنة؟ وإلى متى تستمر الأمور فى يد الوزير دون غيره يفعل ما يشاء وقتما يشاء دون حساب؟ لقد تجاهل الوزير كل الصرخات وأصر على استمرار الأوضاع بكل مشاكلها دون حساب. وتحولت مراكز الشباب إلى عزب خاصة للمحاسيب مع عودة رجال مجالس النواب وأتباعهم للسيطرة عليها.. وغاب الدور الرياضى تماما والدليل أن هذه المراكز التى كانت المورد الأساسى لأبطال الألعاب الفردية مثل رفع الأثقال والملاكمة والمصارعة والجودو أصبحت الآن مجرد صالات للأفراح والليالى الملاح، مع بعض السبوبة بتأجير الملاعب وخلافه.. ولولا أندية القوات المسلحة والشرطة لتم القضاء نهائيا على تلك الألعاب الشهيدة. حتى المركز الأوليمبى المخصص للفرق الوطنية أصبح مجرد مكان استثمارى يدر ربحاً للوزارة بعد أن تم الإطاحة بالعديد من القيادات الناجحة به لرفضهم سياسة الوزير ومنهم مدير المركز السابق. الغريب أن رؤساء الاتحادات تجاهلوا كل الحقائق وبالفعل بدؤوا فى الدفاع عن أنفسهم إعلاميا قبل أن يبدؤوا رحلة الحصول على البراءة من تحقيقات اللجنة الاولمبية التى يتولون الإشراف أيضا عليها، وقد أدى هذا إلى موجة غضب عارمة فى الشارع المصرى.. وشهدت مواقع التواصل الاجتماعى هجوماً مكثفاً ولاذعاً على رؤساء اتحادات الألعاب التى شاركت فى الأوليمبياد خاصة بعد تصريحاتهم «السخيفة» التى أدلوا بها للإعلام، بشأن الاخفاقات المذلة للاعبين المصريين وتحقيقهم مراكز «ذيل» القائمة. وانهالت التعليقات الساخرة على «الفيس بوك».. خاصة بعد بيان أحد أعضاء اللجنة الأولمبية الذى قال فيه «عملنا اللى علينا وربنا موفقناش».. وقد لاقت هذه المقولة سخرية كبيرة.. حيث تم تدشين «هاشتاج» بعنوان.. «هو ربنا بيوفق كل الناس ومصر لأ».. فيما دشن هاشتاج آخر بعنوان «لاعبو مصر عاوزين نضارات مش ميداليات». ويبدو أن البعثة المصرية ذهبت للبرازيل بشعار «يا بخت من زار وخفف».. فى إشارة إلى المثل الشعبى الشهير.. وبالفعل إذا استعرضنا نتائج اللاعبين المصريين سنجدها جميعاً- باستثناء الثلاثة أبطال أصحاب الميداليات- قد ساروا على نهج «ليه تحلم لما ممكن تبرر». واذا تطرقنا إلى المسئول الأول عن البعثة.. ألا وهى اللجنة الأوليمبية - سنجد انها كانت بمثابة «عزبة» الجميع يتهافت على جنى ثمارها.. واشتعل الصراع بين أصحاب الكراسى.. وكانت المصالح الشخصية هى شعار المرحلة التى سبقت الحدث الرياضى الكبير.. وكانت لعبة المصالح أهم ما شغل رئيس وأعضاء اللجنة الأوليمبية ورؤساء الاتحادات الرياضية الذين تناسوا أن هناك دورة أوليمبية ولاعبين يحملون أحلام المصريين وسمعة بلادهم.. وكان الاهمال واللامبالاة هما سمة برامج اعداد اللاعبين الاولمبيين الذين دخلوا الأوليمبياد وهم يعانون من أمراض نفسية جلبتها لهم «نفسنة» المهندس هشام حطب وحاشيته. لقد نجح القائمون على الرياضة فى مصر برئاسة المهندس خالد عبدالعزيز وزير الشباب والرياضة والمهندس هشام حطب فى أن يحلم الجميع بأن احفاد الفراعنة سيكتسحون المنافسين فى ريو دى جانيرو وسيكون لمصر نصيب الأسد من الميداليات الأوليمبية.. ولكن فى الحقيقة إن ما قيل وتردد قبل الأوليمبياد «وهم» كبير.. وخدعة كبرى للشعب المصرى الذى كان يمنى النفس ببصيص من الأمل يرفع عنه الاكتئاب والحزن الذى يعيشه جراء المعاناة المادية للدولة المصرية وغلاء الأسعار وارتفاع فواتير المعيشة.. ورغم كل هذا لم ينظر أبناء المحروسة «المطحونون» الى ما تم صرفه من ملايين الجنيهات على البعثة.. وكان ما يشغل بال المصريين فقط هو التمثيل المشرف أمام العالم وحصد الميداليات.. ولكن كان السقوط الكبير وخيبة الأمل هما شعارنا فى البرازيل. وبدأت الوفد فى محاورة بعض رؤساء الاتحادات والرياضيين وكالعادة أيضا جاء تبادل الاتهام بين الجميع المعيار الأساس.. فى البداية أكد وليد عطا رئيس اتحادى ألعاب القوى أن هشام حطب والمسئول عن تدمير الرياضة متسائلاً كيف يكون حطب رئيس للجنة الاولمبية وهو رئيس اتحاد فاشل ولا يملك مؤهلات تجعله على رأس المنظومة الرياضية، متعجباً من اللامبالاة التى يعتمد عليها «حطب» فى استفزاز خصومه، ووجه «عطا» رسالة إلى «حطب» يقول فيها «كيف تصرح بأنك مستمر حتى أوليمبياد طوكيو رغم فشلك فى أوليمبياد ريو» والاستهتار بعواطف الشعب المصرى. وطالب وليد عطا باستقالة هشام حطب فوراً بعد إخفاقات بعثة البرازيل، مستشهداً بما فعله رئيس اللجنة الأولمبية فى دولة رومانيا «ألان بتراتش» والذى قدم استقالته من منصبه بعد اعترافه بتراجع مستوى الرياضة فى بلاده من واقع نتائجه السيئة فى الدورة الأوليمبية وحصول لاعبى رومانيا على 4 ميداليات فقط منها ميدالية ذهبية كما قرر «بتراتش» أنه قبل تقديم استقالته سيعاقب المذنبين مهما يكن الموقع الذى يشغلونه. أما على السرجانى رئيس اتحاد الكرة الطائرة السابق فأكد أن التفكك وعدم الانسجام وغياب التنسيق بين القائمين على المنظومة الرياضية السبب الرئيسى وراء المهزلة التى شاهدناها فى البرازيل.. مطالباً بضرورة تطبيق مقولة «الرجل المناسب فى المكان المناسب» خلال الفترة القادمة، بالإضافة إلى جذب أصحاب الكفاءات والخبرات مرة أخرى لرفع سمعة الرياضة المصرية أمام العالم خاصة فى المحافل الدولية الكبرى. وأشار «السرجانى» إلى أن مصر كان لديها العديد من الألعاب التى لها صيت وباع كبير على المستوى العالمى مثل الطائرة والجمباز ولكن غياب الاعداد الجيد وعدم اكتشاف مواهب جدد وخلق جيل آخر من الموهبين أدى إلى المستوى الذى نراه حاليا على المستوى الأوليمبى. وقال رئيس اتحاد الطائرة السابق إن المشاكل التى أحاطت باللجنة الأوليمبية والاتحادات الرياضية قبل المنافسات الأوليمبية تعد أحد الأسباب الرئيسية لما نحن عليه الآن من فشل وإخفاق.. مشددا على إنهاء فكرة تعيين المحاسيب أو الاختيار على حسب الأهواء الشخصية بعيداً عن من لهم خبرة فى مجال الرياضة.. مؤكداً فى الوقت على ضرورة اختيار اللاعبين بدقة وعناية إضافة إلى عودة مشروع البطل الأوليمبى حتى لا نبكى على اللبن المسكوب مرة أخرى.