فقد جاتويش كورنيوت الطفل البالغ من العمر ست سنوات إحدى ساقيه. وهو في مستشفى بنتيو الضحية الأصغر سنا للألغام الجديدة التي حولت ولاية الوحدة في جنوب السودان الى منطقة خارجة عن أي سيطرة مركزية سكانها معوقون واقتصادها مشلول. واوضحت ماري ناجاك والدة جاتويش وهي تحضنه برفق وتبتسم له انه ولد في الخرطوم وانها اتت به الى جنوب السودان عند اعلان استقلال البلاد في يوليو. وروت: "كنا سعداء جدا بالقدوم ولم يكن هناك ما نخشاه". لكن في سبتمبر، ادى انفجار لغم مضاد للمدرعات الى مقتل اربعة أشخاص من بينهم جدة جاتويش على طريق في منطقة مايوم المتمردة. وفي سرير مجاور لجاتويش، روى توتر تشيوك وهو جندي في ال19 كيف فقد ساقه اليمنى على الطريق نفسها مثل جاتويش. ولم يشارك تشيوك بسبب صغر سنه في الحرب الأهلية بين شمال وجنوب السودان والتي استمرت 21 عاما قبل ان يفسح اتفاق سلام في العام 2005 المجال أمام إعلان استقلال الجنوب. والتحق بجيش جنوب السودان لمحاربة الميليشيات المسلحة، العدو الجديد من الداخل. وقال تشيوك: "كنا نقاتل لمساعدة سكان مايوم على طرد الميليشيات المسلحة من المدينة، واصبنا بانفجار لغم" بينما كان على متن شاحنة تابعة للشرطة. وفي اكتوبر، أسفر هجوم للمسلحين على مايوم عن مقتل قرابة ثمانين شخصا. وتتهم السلطات في جنوب السودان الخرطوم بتمويل هذه الميليشيات التي ازداد نطاق نشاطها منذ اختار الجنوب الانفصال، وخصوصا في ولاية الوحدة واعالي النيل وهما منطقتان حدوديتان غنيتان بالنفط في شمال وجنوب السودان. وينفي الشمال هذه الاتهامات باستمرار ويندد بعودة الجنوب الى دعم المتمردين الذين يقامون جيش الخرطوم في الجانب الاخر من الحدود في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق. وصرح قائد جيش جنوب السودان مانغار بيونغ ان "للشمال مصالح في الجنوب، في هذه الموارد"، ولا نية له في خسارتها. لكن النفط لم يكن ابدا مصدر ثراء في هذه المنطقة الصحراوية التي يتوزع سكانها القلائل في منازل مبنية من الطوب. واعتبرت اليزابيث تنديل المساعدة في مستشفى بنتيو، كبرى مدن ولاية الوحدة انه من المحزن رؤية مثل هذا العنف في البلد الجديد بعد الاستقلال الذي طال انتظاره. وقالت "لم تكن هناك مشاكل مؤخرا. المشاكل بدأت منذ حصلنا على استقلالنا. وأوضحت ان الألغام وعلى الرغم من جهود الاممالمتحدة لنزعها "ترسل سيلا من الاشخاص المحطمين الى المستشفى" وايضا تثنى سكان المنطقة عن الخروج من منازلهم. واضافت "نحن لا نتحرك في المنطقة ولا نستقل السيارة ابدا وعندما نتنقل مشيا، نسير على حافة الطريق. وفي سوق بنتيو من شبه المستحيل العثور على خضار وفاكهة، وارتفع سعر حبوب السورجوم ثلاثة اضعاف منذ اندلاع المعارك في يونيو في جنوب كردفان المجاورة بين جيش الخرطوم ومتمردين مما ادى الى انقطاع سلسلة التموين شبه السرية القادمة من الشمال. الا ان تنديل تظل متفائلة مع انها تحمل علبة حليب مجفف للمستشفى ارتفع سعرها من سبعة دولارات الى 34 دولارا. وقالت: ان "الحياة ستتحسن. بعد سنتين او ثلاث سنوات ... (وبانتظار ذلك)، علينا ان نبذل كل جهدنا واستيراد الطعام من كينيا وأوغندا.