رصدت أعين العالم وصحفه الكبرى الأوضاع في مصر بمنتهى الدقة والحذر، فباتت تحلل كبرى الصحف البريطانية منها والأمريكية والإسرائيلية أيضا الحالة المصرية، من جميع النواحى الإقتصادية والسياسية، لتطرح اليوم نظرة مؤكدة وهى أن الإقتصاد المصري غامض الحاضر والمستقبل، وأن الماراثون البرلماني، ومعركة التصويت ربما لا تؤدي إلى استقرار المشهد السياسي الملتهب. .. أكدت صحيفة ( فايننشيال تايمز) البريطانية, أن التوقعات بتراجع الاحتياطي المصرى من النقد الاجنبى الى 15 مليار دولار بحلول نهاية شهر يناير المقبل، تجعل مستقبل الاقتصاد المصرى غامضا. وقالت الصحيفة إنه رغم ما تمر به البورصة المصرية من انتعاش, في أعقاب المرحلة الاولى من الانتخابات البرلمانية, إلا أن ذلك ليس مؤشرا على تعافى الاقتصاد. وأضافت الصحيفة أن تصريحات "محمود نصر" رئيس الهيئة المالية العسكرية الاخيرة كشفت أن الاحتياطى سيتراجع الى 10 مليارات دولار، وهو ما يؤكد حالة التشاؤم التي تتملك من المسئولين المصريين والمراقبين الدوليين للواقع المصري. وقالت الصحيفة إن الاحتياطي المصري يتأثر بمدى الاستقرار السياسي الموجود بالبلاد, فقد وصل الاحتياطى المصرى إلي 20,2 مليار دولار, مقارنة بنوفمبر العام الماضي الذى وصل فيه الاحتياطي إلي 35,5 مليار دولار. ومن جانبها أخذت الصحافة الإسرائيلية تلوم كل من ساهم من قريب او من بعيد في مساعدة الإسلاميين على الظهور، في أحد أشكال جلد الذات وربما السباب أحيانا، بعد أن أصبح الوحش الإسلامي يشكل لهم أكبر مصادر الرعب على أمنهم واستقرارهم، ولا شك أن تخوف إسرائيل على نفسها من السياسة المصرية وحالة الرعب التي تعيشها، سيقودها بشكل أو بآخر للتخبط في قراراتها أو الاحتكاك مع مصر بشكل يضر بالأمن المصري والسياسة بالمنطقة. وأخذت صحيفة "هايوم" الإسرائيلية تلوم الرئيس الأمريكي باراك اوباما على دعمه للثورة المصرية التي أتت بالإسلاميين في أول تجربة ديمقراطية لها، فقال الكاتب الإسرائيلي الدكتور "إسحق رونين" أن إدارة جورج بوش الرئيس الأمريكى السابق عملت على تثبيت حكم مبارك وإقصاء الاسلاميين، إدراكا منهم بأن الديمقراطية ستأتي بالإسلاميين، ففضل بوش إقصاء الديمقراطية عن المنطقة، وهو الدرس الذي لم يفهمه باراك أوباما الذي وقف مدافعا عن الديمقراطية وطالب حسني مبارك بالتنحى فظهر الاسلاميون على سطح الحياة السياسية. وفي نفس المعنى أكدت مجلة "إيكونوميست" البريطانية أن الديمقراطية في مصر أتت بالإسلاميين وأقصت الفلول وأثارت مخاوف الأقباط على مستقبلهم في ظل دولة دينية. وجاءت الصحافة الأمريكية لتبرز الصراع المحتدم بين الطائفتين الإسلاميتين اللتين تسيطران على الانتخابات البرلمانية منذ الجولة الأولى، وأكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن النتائج الجيدة التي حققها السلفيون في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية والتي تشير لإمكانية حصولهم على 25% من البرلمان، لا تمثل مبعث قلق لليبراليين والعلمانيين فقط، ولكنها تمثل تحديا أيضا لجماعة الإخوان المسلمين، خاصة أن السلفيين يرغبون في تطبيق صارم للشريعة الإسلامية فور تسلمهم الحكم، فيما يفضل الإخوان إرجاء هذا الأمر قليلا. وقالت الصحيفة إن السلفيين الذين جاءوا في المركز الثاني خلف الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية، يطالبون بتطبيق صارم للشريعة وإقامة الحدود، وهو ما سوف يشكل نقطة خلاف مع الإخوان الذين يرغبون في تطبيق الشريعة، لكن ليست بالطريقة الصارمة التي يريدها السلفيون. وأضافت الصحيفة أن النجاح غير المتوقع للسلفيين والذي وصفته صحيفة "تليجراف" البريطانية بالمفاجأة عكس فوز الإخوان المتوقع مسبقا، أصاب الليبراليين المصريين بالرعب وأثار قلق الغرب، ولكن نفوذهم الجديد يمثل تحديا أيضا لجماعة الإخوان المسلمين، فقد ركزت نقاشات السلفيين حول تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر الديمقراطية، فيما تجنب الإخوان مناقشة هذا الأمر حتى الآن. ثم جاءت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية لتكشف جانبا آخر من العراك السياسي والفكري والإستراتيجي بين الإخوان المسلمين والنور في مقالة لها بعنوان "الإسلام عليكم..في مصر الدينية"، وليس السلام عليكم، توصيفا منها للمشهد في مصر في ظل حكم الإسلاميين، مؤكدة ان حزب الحرية العدالة الوجهة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين يتنصل في كل مشهد وساحة من السلفيين وأفكارهم، ويعلن براءته منهم كأنه وباء يلتصق بثيابه السياسي. ودللت الصحيفة على صدق اعتقادها بتصريحات عصام العريان رئيس حزب الحرية والعدالة، في مقابلة هاتفية مع وكالة أسوشيتدبرس الامريكية مؤكدا أن الإخوان غير معنيين بفرض القيم الإسلامية في مصر، احتراما للأقلية المسيحية الكبيرة، وغيرهم ممن يعترض على أن تخضع مصر لقيود إسلامية صارمة، وأنهم بعيدون كل البعد عن منهج حزب النور السلفي المتشدد.