يُعد عزيز المصري من الضباط الوطنيين الذين لعبوا أدواراً بارزة ومؤثرة في تاريخ مصر القومي، وفي حركة اليقظة العربية ضد الحكم العثماني، فقد قام بأدوار وطنية متعددة حملت في جوانبها تجارب غنية وخصبة، كان خلالها مثالاً للشجاعة النادرة والوفاء الكبير لوطنه. وُلد عزيز المصري بالقاهرة، وتلقي تعليمه الثانوي في المدرسة التوفيقية بشبرا، وسمع خلال دراسته كيف دخل الإنجليز مصر بعد هزيمتهم لجيش عرابي في التل الكبير وكيف تعرض المصريون لآلام الهزيمة وعاد إليهم الأمل بظهور حركة البعث الوطني أيام مصطفي كامل ومحمد فريد وسعد زغلول. وبعد أن حصل علي البكالوريا أراد الالتحاق بالمدرسة الحربية ليكون ضابطاً عسي أن يثأر لهزيمة التل الكبير ويخلص البلاد من حكم الإنجليز، ولما رفضت السلطات البريطانية طلبه سافر إلي الأستانة والتحق بالمدرسة الحربية هناك، وانضم إلي الجيش العثماني، كما شارك في جمعية الاتحاد والترقي وأسهم بنصيب وافر في الدعوة إلي القومية العربية، وحوكم عسكرياً نتيجة لانضمامه إلي الثورة العربية الكبري في عام 1916م وحكم عليه بالإعدام ثم أُفرج عنه وسمح له بالعودة إلي مصر، حيث التحق بالجيش المصري، وفي ديسمبر عام 1928 عين ناظراً لمدرسة الشرطة حيث أظهر نشاطاً واضحاً في إدارتها ولما سمع الملك فؤاد بذلك اتصل كبير أمناء القصر الملكي بعزيز المصري يبلغه برغبة الملك فؤاد في زيارة المدرسة، وبعد أن تمت الزيارة أُعجب الملك بنظامها وبقدرة عزيز المصري علي إدارتها، وعرض عليه أن يكون رائداً لابنه الأمير فاروق ولي العهد خلال دراسته بإنجلترا. وقد تناول عزيز المصري تكليف الملك فؤاد له بكل جد، وتولي مهام البرنامج اليومي للأمير فاروق في إنجلترا من حيث إيقاظه مبكراً وتعويده علي النظام والخشونة ولكن هذه المهام لم تستمر طويلاً حيث قام (أحمد حسنين) بالتحريض ضده عند (الملكة نازلي)، ونتيجة لذلك استقال عزيز المصري من مهمته، وسافر إلي ألمانيا فترة ثم عاد إلي مصر بعد وفاة الملك فؤاد، حيث تم تعيينه مفتشاً عاماً للجيش المصري في عهد وزارة محمد محمود باشا. وفي عام 1939 قام علي ماهر بتعيينه رئيساً لأركان حرب الجيش المصري، ومنحه رتبة الفريق، وخلال ذلك وأثناء قيام الحرب العالمية الثانية ظهر ميل عزيز المصري تجاه الألمان ومحاولاته الاتصال بهم، فاتهمه الإنجليز بالتعاون مع أعدائهم وطلبوا من الحكومة المصرية إبعاده عن الجيش، واستجابة لرغبة السلطات البريطانية أُحيل عزيز المصري إلي المعاش وترك عمله بالجيش، ولما بدا واضحاً انتصارات الألمان وتقدمهم تجاه الحدود المصرية حاول عزيز المصري الوصول إلي قوات المحور في الصحراء الغربية، ولكن الطائرة التي أقلته سقطت، وتم القبض عليه في مايو 1941، وقدم للمحاكمة العسكرية التي لم تلبث أن توقفت وأفرج عنه في مارس 1942، ثم تكرر اعتقاله واستجوابه بعد ذلك في مناسبات مختلفة. وفي عام 1951 وبعد إلغاء معاهدة 1936 تم الاستعانة بخبراته العسكرية في إعداد كتائب التحرير التي شكلت لدعم المقاومة الشعبية في منطقة قناة السويس. وعندما قام الضباط الأحرار بثورتهم في يوليو 1952 اعتبروه الأب الروحي لهذه الثورة، وكان يتمتع بينهم باحترام وتقدير كبيرين، فعينوه سفيراً لمصر في موسكو عام 1953، ولما حدث الخلاف بين نجيب وعبدالناصر خلال أزمة مارس 1954 اختاروه رئيساً لجمهورية مصر بدلاً من محمد نجيب، ولكنه اعتذر عن ذلك. حقيقة لقد كان عزيز المصري وطنياً قومياً يمتلك قدرات متعددة، وثقافة واسعة، وكان محباً للقراءة، حماسه جعله يتحدي جميع المخاطر، ووفاؤه وسخاؤه في غير تظاهر جعله موضع احترام وتقدير للجميع. لقد كان عزيز المصري يري في الشباب مستقبل الأمة، وكان المئات منهم يترددون عليه، ويسمعون منه وصية لا يمل من تكرارها وهي (اقرأوا.. اقرأوا) وكان يجيد الحديث بعدة لغات كالتركية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والإيطالية، وظل عزيز المصري يواصل عطاءه لوطنه وأمته حتي توفي في الخامس عشر من يونيو 1965.