محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    قوات الاحتلال تشن حملة اقتحامات واسعة لعدد من مدن وبلدات فلسطينية    حدث ليلا.. مظاهرات تجتاح أوروبا دعما لغزة ومحاكمة دولية تنتظر إسرائيل    الجيش الأمريكي: جماعة الحوثي أطلقت صواريخ على سفينتين في البحر الأحمر    الشرطة الألمانية تفض بالقوة اعتصاما داعما لفلسطين في برلين    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    مجلس جامعة كولومبيا يصوت على قرار للتحقيق مع الإدارة بعد استدعاء الشرطة لطلبة متضامنين مع غزة    4 أيام متواصلة.. تعرف على عطلة شم النسيم وعيد العمال والإجازات الرسمية حتى نهاية 2024    اليوم.. جلسة محاكمة مرتضى منصور بتهمة سب وقذف عمرو أديب    للحماية من حرارة الصيف.. 5 نصائح مهمة من وزارة الصحة    تحذير دولي من خطورة الإصابة بالملاريا.. بلغت أعلى مستوياتها    د. هشام عبدالحكم يكتب: جامعة وصحة ومحليات    "اتهاجمت أكثر مما أخفى الكرات ضد الزمالك".. خالد بيبو يرد على الانتقادات    نتيجة انتخابات نادي القضاة بالمنيا.. عبد الجابر رئيسًا    د. محمد كمال الجيزاوى يكتب: الطلاب الوافدون وأبناؤنا فى الخارج    «المركزية الأمريكية»: الحوثيون أطلقوا 3 صواريخ باليستية على سفينتين في البحر الأحمر    واشنطن تعلن عن مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 6 مليارات دولار    حقيقة انفصال أحمد السقا ومها الصغير.. بوست على الفيسبوك أثار الجدل    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 27 إبريل بعد الانخفاض الآخير بالبنوك    عاد لينتقم، خالد بيبو: أنا جامد يا كابتن سيد واحنا بنكسب في الملعب مش بنخبي كور    وزير الرياضة يُهنئ الأهلي لصعوده لنهائي دوري أبطال أفريقيا للمرة ال17 في تاريخه    قبل مواجهة دريمز.. إداراة الزمالك تطمئن على اللاعبين في غانا    2.4 مليار دولار.. صندوق النقد الدولي: شرائح قرض مصر في هذه المواعيد    والد ضحية شبرا يروي تفاصيل مرعبة عن الج ريمة البشعة    رسالة هامة من الداخلية لأصحاب السيارات المتروكة في الشوارع    بعد حادث طفل شبرا الخيمة.. ما الفرق بين الدارك ويب والديب ويب؟    محمد هلب: السيارات الكهربائية بمثابة مشروع قومى لمصر    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    دينا فؤاد: الفنان نور الشريف تابعني كمذيعة على "الحرة" وقال "وشها حلو"    حضور جماهيري كامل العدد فى أولي أيام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير .. صور    حدث بالفن|شريهان تعتذر لبدرية طلبة وفنان يتخلى عن تشجيع النادي الأهلي لهذا السبب    شعبة البن تفجر مفاجأة مدوية عن أسعاره المثيرة للجدل    3 وظائف شاغرة.. القومي للمرأة يعلن عن فرص عمل جديدة    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل.. فيديو    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    عاصفة ترابية وأمطار رعدية.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم السبت: «توخوا الحذر»    أرقام مميزة للأهلي بعد تأهله لنهائي دوري أبطال أفريقيا    وسام أبو علي يدخل تاريخ الأهلي الأفريقي في ليلة التأهل للنهائي    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    رغم قرارات حكومة الانقلاب.. أسعار السلع تواصل ارتفاعها في الأسواق    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    في سهرة كاملة العدد.. الأوبرا تحتفل بعيد تحرير سيناء (صور)    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    حريق يلتهم شقة بالإسكندرية وإصابة سكانها بحالة اختناق (صور)    الأمن العام يضبط المتهم بقتل مزارع في أسيوط    تعطيل الدراسة وغلق طرق.. خسائر الطقس السيئ في قنا خلال 24 ساعة    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصريون «على البلاطة»
نشر في الوفد يوم 07 - 07 - 2016

غول الأسعار التهم كل ما وراءهم وما أمامهم. خمس سنوات عجاف أكلت كل ما ادخروه، وتساوى الجميع فى المعاناة.. موظف.. عامل.. تاجر.. صنايعى الكل فى المعاناة سواء.
جميعهم يعانون من حكومات فشلت فى مواجهة ارتفاع الأسعار وتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين.
أصبحوا يعيشون فى أزمات دائمة حتى وسائلهم التقليدية لمواجهة الأزمات ومنها السلف والتقسيط و«الجمعيات» لم تعد تجدى نفعاً، ومن ثم لم يعد لديهم سوى الدعاء إلى الله لرفع البلاء عنهم.
ملايين الأسر المصرية على اختلاف دخولها وميزانياتها أصبحت تعانى الأمرين.. يمر عليها اليوم «بالعافية» وتأتيها المواسم والأعياد بالهم بدلاً عن الفرحة.
والحكومة التى تتحدث دائماً عن رفع المعاناة عن المواطنين أعلنت عجزها وفشلها وتركتهم وحدهم فريسة لمعاناة لا تنتهى.. ويستوي في ذلك الفقراء و«الطبقة المتوسطة».
أفواه جائعة
جاء من محافظة المنيا بحثاً عن الرزق الشحيح هناك، لعله يستطيع إطعام 6 أفواه جائعة تركهم أبوه فى رقبته ورحل عن الدنيا التى لم تمنحه من الفرح إلا أقل القليل.
جاء حالماً بالعودة لأهله بأموال تغنيهم شر الحاجة، إلا أن أحلامه تحطمت على صخرة الواقع الأليم.
أحمد محمود شاب فى ال26 من عمره، توفى والده تاركاً 4 شقيقات والأم والعمة التى كان يعيلها، فانتقلت التركة الثقيلة إلى الابن الوحيد الذى حمل هم الأسرة على عاتقه.
جاء إلى القاهرة حالماً بالرزق الوفير، إلا أن أحلامه لم تتحقق، فعمله بأحد الجراجات لم يضمن له سوى 300 جنيه شهرياً، بالإضافة إلى ما يجود به عليه أهل الخير.
يقول أحمد: «أرسل ال300 جنيه لأسرتى شهرياً، وأعيش بما يجود به الله على.. لكن المشكلة أن الأسعار كل يوم فى الطالع، بيقولوا الدولار هو السبب، طيب احنا ذنبنا إيه؟ نموت من الجوع يعنى؟.
وأضاف: أصبحت أسافر لأهلى مرة أو اثنين فى السنة لأن أسعار المواصلات زادت حتى أصبح السفر يكلفنى 120 جنيهاً ذهاباً وعودة.
ويرفع أحمد يده بالدعاء لله قائلاً: «ربنا يرحمنا برحمته».
الموظفون فى الأرض
أحوال الموظفين فى مصر كانت دائماً سيئة، فهم أصحاب المعاناة الدائمة بسبب ثبات دخولهم وتآكلها أمام ارتفاع الأسعار الرهيب، معاناتهم معتادة وشكواهم طالت عنان السماء ولا مجيب.
حمدى عبدالسلام موظف بالحكومة أكد أن راتبه بعد الزيادة أصبح 2300 جنيه يدفع منها 600 جنيه للإيجار، ولديه 3 أبناء بمراحل التعليم المختلفة، يدفع لهم حوالى 1000 جنيها دروساً خصوصية وما يتبقى ينفقه على الطعام والشراب.
ويتساءل حمدى: «ماذا أفعل و كل ما أحصل عليه لا يكفى شيئاً؟ فما كادت الدراسة تنتهى ونستريح من مصاريف الدروس الخصوصية حتى جاءنا رمضان، فالمواسم والمناسبات تمر علينا بالعافية، وما كاد شهر رمضان ينتهى بمصاريفه، حتى جاء العيد بمتطلباته من ملابس وكحك وخلافه، والمرتب لا يكفى لشىء، ربنا وحده العالم بنا والحكومة لا تشعر بنا.
وأضاف أسعار الكهرباء نار والمياه زادت بشكل غريب والخضار والفاكهة واللحوم وصل سعرها ل 90 جنيهاً للكيلو، في حين أن المرتب ثابت والزيادة التى تأتى عليه لا تستطيع مواجهة هذا الارتفاع الرهيب فى الأسعار.
وأضاف: «كل أيامنا أصبحت معاناة دائمة، حتى الكحك أصبحنا نشتريه بالتقسيط لأننا لا نستطيع دفع ثمنه مرة واحدة».
وأكد أنه فضل شراء الكعك جاهز لأنه بالتقسيط، أما لو فكرنا فى عمله فى المنزل فرغم أنه أوفر إلا أننا سنضطر إلى شراء الخامات «كاش» وهو ما سيجعلنى أدفع 200 جنيه على الأقل دفعة واحدة وهذا صعب على ميزانية موظف بسيط مثلى.
الصنايعية اشتكوا
دائماً كان أصحاب المهن أو الحرف المختلفة من أقل فئات الشعب المصرى معاناة.. لكن هذا الوضع وفقاً لعادل على «نجار» تغير.. و«الحال تغير» تماماً منذ ثورة 25 يناير 2011، والشغل قليل جداً، مضيفاً: «أصبحت بيوتنا تسير بستر ربنا فقط، والأسعار فى ارتفاع مستمر وليس لدينا دخل ثابت ومع ذلك نقول الحمد لله على كل شىء.
وتساءل عادل عن دور الحكومة فى رفع المعاناة عن الناس، فى ظل هذا الارتفاع الرهيب فى الأسعار ووقف الحال الذى يعانى منه المواطنون.
ويلتقط جمال إبراهيم تاجر موبيليا طرف الحديث قائلاً بانفعال: «الأسعار مولعة والحال واقف والناس تعبانة والحكومة مش عارفة تدير البلد وتضبط الأسعار، احنا أحوالنا بقت طين وما حدش حاسس بينا».
وأضاف: «عندى 5 أبناء منهم واحد فى ثانوية عامة أدفع له دروس 1500 جنيه كل شهر، غير مصاريف البيت، أحياناً تمر على شهور لا أبيع شيئاً، حتى المبالغ البسيطة التى كنت أدخرها من قبل لمستقبل الأولاد أنفقتها ولم يعد لدى شىء وأصبحنا نسير بستر ربنا».
المصريون شعب مؤمن بطبعه يلقون بحمولهم على الله دائما، ومن ثم فرغم كل معاناته بدأ سعيد بيومى «سمكرى» سيارات حديثه بعبارة «الحمد لله مستورة، الأسعار نار والدخل ثابت ولكن الحمد لله على كل شىء».
وأضاف قائلاً: الناس مخنوقة من الأسعار وتصرخ ولكن الحكومة لا تسمع، وأضاف نحن نعيش ببركة ربنا فقط، فلا الحكومة ستنجح فى عمل شىء ولا أى بشر يمكنه أن يرحمنا سوى الله».
أما سعيد أو أبو أدهم «57 عاماً» فهو يعمل من الساعة الثامنة صباحاً حتى العاشرة مساء.. ويرضى بالقليل كما يقول، ويعتقد أن هذا الرضا هو سبب ما فيه من خير.
يقول: «أنا أرضى ب 3 جنيهات أو 5 جنيهات.. وكل ما يرزقنى به الله خير، لذلك ربنا يبارك فى القليل والحمد لله على كل شىء».
أما حمدى محمد موسى صاحب مخبز فيقول: «جميعنا أصبح يعانى، فكل شىء غالى، وسعر شيكارة الدقيق وصل إلى 100 جنيه، وهى تنتج حوالى 1000 رغيف، وبعد إضافة تكلفة الإنتاج إليها حيث يقدر أجر العامل ب 100 جنيه يومياً ولدى 3 عمال فى المخبز يحصلون على 300 جنيه يومياً.. بعد خصم تكلفة المازوت والماء أجد نفسى فى النهاية لا أكسب شيئاً، ومع ذلك نقول الحمد لله على الستر والصحة».
ولم ينج العمال الذين ارتبطت أعمالهم بمواسم بعينها من هذه المعاناة، فقد كان موسم الصيف بشكل عام وشهر رمضان بشكل خاص فرصة بالنسبة لطارق عاطف «بائع العرقسوس والتمر» الذى جاء من محافظة سوهاج ليعمل فى القاهرة، حيث البيع والشراء كثير والأرباح كثيرة أيضاً.
ولكن هذا العام وفقاً لكلام «طارق» مختلف، فأسعار كل شىء زادت، حتى جوال العرقسوس الذى كان يشتريه فى العام الماضى ب 1670 جنيهاً، أصبح سعر5 1970 جنيهاً والزبون الذى يدفع جنيهاً فى الكيس لا يتحمل أى زيادة، لذلك فأنا أتحمل فارق السعر وحدى.
وأضاف: «فى الشتاء أعمل على توك توك وفى الصيف أبيع المثلجات حتى أستطيع أن أنفق على أسرتى المكونة من زوجتى و3 أطفال صغار أتمنى أن أعلمهم حتى لا يصبحوا مثلى ويعيشوا هذه المعاناة، ورغم أن الرزق قليل، إلا أننا نحمد الله على الستر والصحة».
كانت هذه صور من معاناة المصريين مع الأسعار والدخل الثابت.. الكل فى المعاناة سواء، موظفون أو عمال أو تجار.. كل فئات المجتمع تعانى، والحكومة عاجزة عن المواجهة، والمصريون لا يملكون سوى عبارة «الحمد لله».
والأوطان أيضاً تفلس!!
هل يمكن أن تفلس دولة؟ سؤال يطرح نفسه بعد أن أعلن المواطنون إفلاسهم والتجار والشركات وتراكمت الديون على مصر كلها، وأصبح هذا السؤال يتردد على ألسنة الكثيرين، خاصة أن هناك سوابق أعلنت فيها دول اقترابها من إعلان إفلاسها، مثلما حدث مؤخراً فى اليونان بعد عجزها عن سداد ديونها وإعادة جدولتها مرات ومرات، ويؤكد الخبراء أن إفلاس الدول يعنى عدم القدرة على الوفاء بالدين، وبما أن ديون مصر بلغت مستويات غير مسبوقة فالأمر ينذر بكارثة وشيكة، حيث تقدر ديون مصر الخارجية ب53.4 مليار دولار أمريكى وفقاً لتقديرات البنك المركزى، الذى أوضح فى تقريره زيادة حجم الدين الخارجى لمصر فى نهاية مارس الماضى بمعدل 11.2% حيث كان يقدر ب48.1 مليار دولار فى نهاية يونيو 2015 أى بارتفاع قدره 5.4 مليار دولار خلال 9 أشهر فقط، بينما ارتفع حجم الدين الداخلى ليصل إلى 2 تريليون و496 مليار جنيه بزيادة قدرها 128 مليار جنيه خلال نفس الفترة.
وهذه الزيادة الرهيبة فى الدين العام دفعت مؤسسات عالمية مثل فيتش الدولية للتصنيف الائتمانى ومؤسسة طومسون رويترز لتصنيف مصر ضمن 18 دولة مهددة بالإفلاس من بينها الأرجنتين وأوكرانيا وفنزويلا واليونان.
ورغم تأكيدات المسئولين أن مصر تقوم بواجبها نحو سداد أقساط خدمة الدين، إلا أن الأمر يحتاج لخطة متكاملة لإنقاذ الاقتصاد المصرى وسداد الديون حتى يشعر المواطن بالاطمئنان.
من ياميش رمضان وكعك العيد إلى جهاز البنات
للمصريين ابتكارات عديدة لحل الأزمات المالية أو «فك الزنقة»، ومواجهة الأزمات الكثيرة التى يمرون بها فى حياتهم، خصوصا أن المواسم والمناسبات تتوالى و«العين بصيرة واليد قصيرة».
لذلك فغالباً ما تكون الجمعية والتقسيط و«النوتة» هى أفضل وسائل مواجهة هذه الأعباء التى لا تقوى الدخول على مواجهتها.
الطريف فى الأمر أن الجمعيات كانت هى الوسيلة الأشهر لدى المصريين خاصة عند المناسبات الكبرى ومنها الزواج أو جهاز البنات أو شراء الشقق وما إلى ذلك.
ولكن هذه الأيام الأمر اختلف.. حتى كعك العيد و«ياميش» رمضان أصبح يشترى بالتقسيط.
ولكن تظل «الجمعية» هى سيدة الموقف والحل الأمثل لكثير من الأزمات وفقا لما أكدته ماجدة صفوت التى وصفت الجمعية بأنها أصبحت أسلوب حياة.
فقد اعتادت هى وزميلاتها فى العمل على عمل جمعيات باستمرار لتوفير نفقات المواسم المختلفة كالأعياد أو بدء الدراسة، حتى إنهم أصبحوا لا يستغنون عنها وأصبحت جزءًا من حياتهم.
وأضافت: «رواتبنا لا تزيد بنفس قيمة زيادة الأسعار، التى تزيد فى المناسبات بشكل كبير لذلك أحيانا أعمل الجمعية وأقبضها وأدخرها لوقت الحاجة».
أما هدى سعد موظفة فترى أن التقسيط هو خير معين للموظفين على حياتهم. وأضافت: «جهزت بناتى الاثنين بالتقسيط واشتريت لهما الأجهزة الكهربائية، وزوجى اشترى سيارة مستعملة بالتقسيط أيضا، وحتى كعك العيد اشتريناه بالتقسيط، فهو أفضل وسيلة لشراء كل ما نحتاجه دون أن ندفع مبالغ كبيرة مرة واحدة».
ولأن الحالة الاقتصادية للمصريين جميعا أصبحت متردية فى كل مكان فقد ظهرت عبارة «الشكك ممنوع» فى أماكن كثيرة، وبعد أن كانت البقالة والجزارة وغيرها من الطلبات «على النوتة»، والدفع «حين ميسرة».. أصبحت معظم المحال ترفض العمل بهذه الطريقة.
فالجميع لديه أعباء يريد أن يواجهها، وهو ما أكده أحمد إمام بائع دواجن، مشيرا إلى أن لديه 3 أبناء منهم طفلان فى المدرسة يدفع لهما 300 جنيه دروساً خصوصية كل شهر، و600 جنيه إيجار شقة و1500 جنيه إيجار محل، ونتيجة لارتفاع أسعار الدواجن «أصبح الحال واقف» وقال: «أريد سيولة حتى أستطيع أن أشترى وأبيع».
وأضاف: «نحن نعانى أكثر من أى شخص فعندما كانت أسعار الدواجن رخيصة كنت أكسب أما الآن فالناس لا تشترى إلا أقل القليل، ومع ذلك أحيانا يأتينى زبون أعرفه جيداً فأعطيه ما يحتاج وأكتب الحساب على النوتة ولكن هذا فى أضيق الحدود».
وإذا كانت عمليات البيع والشراء على النوتة قد قلت فى المدن إلا أنها ما زالت منتشرة فى الريف وفقا لما أكده حمام محمد عبدالحليم عامل نظافة مقيم بإحدى قرى ناهيا، والذى أشار إلى أن النوتة هى الوسيلة الوحيدة التى تساعده على الحياة، فراتبه 1350 جنيهاً ينفق منها على زوجته وأبنائه الأربعة، وأضاف قائلا: «لولا النوتة والشكك من البقال والجزار لما وجدنا ما نأكله.. فالدروس الخصوصية نحلت وبرنا كل شهر 500 جنيه على الأقل، ومياه وكهرباء وأنابيب بوتاجاز حوالى 200 جنيه، وما يتبقى من المرتب لا يكفى لأسبوع، لذلك لا نجد سوى النوتة لتنقذنا.
وأكد أن الباعة أنفسهم لا يمكنهم الاستغناء عن «النوتة» لأنها وسيلتهم لتصريف البضائع.
وأضاف: «الناس كلها تعبانة وبتستحمل بعضها، ولولا النوتة والتقسيط كنا متنا من زمان».
الإفلاس.. كأس يشرب منه التجار والشركات
ليس المواطنون وحدهم من أعلنوا إفلاسهم، ولكن التجار والشركات أيضاً شربوا من نفس الكأس حيث أشارت الإحصاءات إلى ارتفاع عدد حالات البروتستو - أى عدم القدرة على دفع الدين وهى الحالة التى تسبق إشهار الإفلاس – إلى 15116 حالة فى العام الماضى وعجز الأفراد والمؤسسات عن سداد 1.4 مليار جنيه ديونا مستحقة لأفراد وشركات وبنوك، وجاءت محافظة القاهرة فى المركز الأول من حيث عدد حالات البروتستو فى قيمة الدين ب2388 حالة بلغت نسبتها 15.8%، تليها محافظة أسيوط ب1634 حالة ثم محافظة المنوفية ب1364 حالة، أما العجز عن دفع الدين فقد احتلت القاهرة المركز الأول أيضا ب9678 حالة بنسبة 16.9%، ثم البحيرة ب5355 حالة ثم الغربية ب5266 حالة.
أما دعاوى الإفلاس الفعلى المنظورة أمام المحاكم الاقتصادية فقد بلغت 69 حالة تم إشهار إفلاس 4 حالات منها بالفعل، وبلغت قيمة الدين لحالات دعاوى الإفلاس حوالى 117.2 مليون جنيه، فى حين بلغت قيمة الدين لأحكام الإفلاس الصادرة بالفعل 3.3 مليون جنيه من ناحية أخرى أعلن الاتحاد العام لعمال مصر إغلاق 3500 شركة صغيرة ومتوسطة، بالإضافة إلى إغلاق 190 فندقاً ومنشأة سياحية فى محافظات البحر الأحمر وجنوب سيناء بالإضافة إلى تقليص عدد العاملين فى منشآت أخرى وهو ما انعكس على أحوال العاملين وعدم قدرتهم على الإنفاق على أسرهم.
اكتوينا ياريس
أحوال المصريين فى الحضيض، فقد كشف أحدث تقرير للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن عام 2015 أن نسبة الفقر بلغت 26.3% من المصريين، فى حين وصلت هذه النسبة فى محافظات الصعيد إلى 50%، وفى المحافظات الحضرية 17%.
واحتلت محافظة أسيوط المركز الأول بين محافظات الجمهورية الأكثر فقراً بنسبة 60 %، تلتها محافظة سوهاج ثم قنا فالمنيا وأسوان، فى حين وصلت نسبة الفقر فى سيناء إلى 20% نظراً للعمليات الإرهابية وتوقف مشروعات التنمية والسياحة.
كما بلغت نسبة السكان الذين يعيشون فى فقر مدقع -أى لا يجدون قوت يومهم- حوالى 4.4%. وكشفت بحوث الدخل والإنفاق أنه رغم انخفاض الدخول.. فالمصريون ينفقون معظم دخولهم على الطعام والشراب، حيث يستحوذ هذا البند على 37.3% من إنفاق المصريين، بمعدل 34% فى الحضر و41.4% لسكان الريف، بينما احتل الإنفاق على السكن ومستلزماته من مياه وكهرباء المركز الثانى بنسبة 18.1 %، وجاءت الرعاية الصحية والخدمات فى المركز الثالث بنسبة 9.2%، والتعليم فى المركز الرابع بنسبة 4%، بينما أنفق المصريون 4.1% من دخولهم على التدخين، و2.2 % على الاتصالات و5.2% على الانتقالات والمواصلات.
وفى حين ترتفع الأسعار بمعدلات رهيبة يوماً بعد يوم، تستمر الأجور على ثباتها أو تتحرك ببطء شديد جداً وتكشف الإحصاءات أن متوسط أجور العاملين فى القطاع الحكومى أعلى من غيرها بكثير، حيث يبلغ متوسط أجر العاملين بالقطاع العام 4833 جنيهاً شهرياً، فى حين أنه يقدر فى القطاع الخاص ب1916 جنيهاً شهرياً.. هذا فى الوقت الذى كشفت فيه الإحصاءات عن ارتفاع الأسعار بمعدلات غير مسبوقة خلال الفترة الماضية، وارتفاع معدل التضخم السنوى ليصل إلى 12.9%، وأرجعت الإحصاءات السبب إلى ارتفاع أسعار مجموعات الحبوب والخبز والأرز بنسبة 8.4% واللحوم والدواجن بنسبة 3.8% والخضراوات بنسبة 3.8%، والفاكهة 5.2%، والرعاية الصحية بنسبة 15.1% و هو ما زاد من معاناة المصريين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.