هل الصحفيون يسعون إلى صحافة بلا عقاب أو أخلاق؟، هل يريدون أن يخطئوا ولا تقع عليهم عقوبة؟، لماذا يرفضون دائما القوانين التي تعاقبهم عند التجاوز؟، هل الصحفيون أفضل من سائر المواطنين؟، هل على رأسهم ريشة تحميهم من العقاب؟، هل الصحافة كالحصانة تحمى الصحفي من العقاب؟، لماذا يعاقب الطبيب والمهندس والمحاسب والمدرس والوزير والقاضي والفنان عندما يخطئ ولا يعاقب الصحفي؟، ألا يعد هذا التمييز مخالفا للدستور؟. ليس صحيحا أن الصحفيين يخططون إلى صحافة بدون أخلاق، أو كتابة تهين أو تبتز الآخرين، وليس صحيحا أنهم يرون أنفسهم أفضل من سائر المواطنين، أو أنهم يبحثون عن حصانة في الدستور أو القانون تحصنهم ضد العقاب، بل أن كل الموضوع أن طبيعة عملهم تدفعهم فى بعض الحالات إلى الوقوع في الخطأ، وقد تكون بعض الأخطاء عن جهل بالقانون، وقد يقع فيها الصحفي لضعف المعلومات التى بين يديه، وربما لتسرعه فى تقدير الوقائع، لكن فى النهاية الصحفي كان يسعى لخدمة الصالح العام، ولم يكن فى خصومة ثأرية أو كان يصفى حسابات شخصية، لهذا من الصعب أن نزج به إلى السجن مع المجرمين وتجار المخدرات، نفس الشيء يقال على الإعلامي، فحسن النية والصالح العام يشفعان له، أضف إلى ذلك أن الصحفي الوحيد الذي يكون في مواجهة الحكومة، ودائما وغالبا ما يكون في طليعة من يتم اعتقاله بتهم عديدة أصغرها التحريض على قلب نظام الحكم. من هنا كنا ومازلنا نطالب بإتاحة المعلومات أمام الصحفيين والإعلاميين لكي نسهل لهم خدمة الصالح العام، وكنا كذلك ومازلنا نرفض أية قوانين تقيد حرية الكتابة والنشر، ووقفنا عدة مرات ضد محاولات بعض أعوان الرئيس السابق لتشريع قوانين تعمل على تكميم الأفواه، وقد جاهدنا كثيرا حتى نجحنا فى إلغاء بعض المواد من قانون العقوبات التي كانت تقضى بإغلاق الصحف، وسوف نظل نجاهد ونحارب من اجل إسقاط قوانين الحبس. هذا لا يعنى أن الصحفيين يبحثون عن حرية بلا قيود، أو كتابة تتجاوز القيم والأعراف وخصوصيات المواطنين والمسئولين، على العكس فإننا نطالب بوضع قوانين تتناسب وحجم الجريمة، بأن تكتفي مواد القذف والسب في قانون العقوبات بالغرامة المالية، وفى حالة تكرار الخطأ من نفس الصحفي تضاعف الغرامة، وفى المرة الثالثة يتم إيقافه عن الكتابة لمدة شهر أو حسب ما يتفق عليه قانونا، وعلينا أن نبتعد تماما عن فرض عقوبة على الجريدة أو القانون، فلماذا العقاب الجماعي؟، ما ذنب سائر الصحفيين والفنيين والعمال والموظفين الذين ينفقون على بيوتهم من الجريدة أو القانون. وبالنسبة للدستور نظن أن المادة 48 الموجودة بالدستور الدائم كافية بعد إضافة بعض التعديلات عليها، وهى تنص على: «حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة، والرقابة على الصحف محظورة وإنذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري محظور، ويجوز استثناء في حالة إعلان الطوارئ أو زمن الحرب أن يفرض على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام رقابة محددة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي، وذلك كله وفقًا للقانون» . على أن نجعل الاستثناء في حالة الحرب فقط بحكم قضائي وليس بقرار إداري، وأن يشمل الاستثناء الإنذار والمصادرة فقط، بحيث تصبح الجملة كالتالي: «والرقابة على الصحف وإنذارها ومصادرتها محظورة سوى بحكم قضائي في حالة الحرب». وأغلب الظن أن النص دستوريا بصياغته هذه كافيا بالإضافة إلى المواد الخاصة بتأسيس الصحف، مع إدراج مادة تؤكد على حرية التعبير عن الرأي بشكل عام، وإتاحة المعلومات للصحفيين والإعلاميين، أما ما تفكر فيه الحكومة أو المجلس العسكري الآن في منح السلطة التنفيذية حق فرض عقوبات جماعية على العاملين بالصحيفة بفرض الرقابة والمصادرة والتعطيل فهذا يعد ردة وانتكاسة للحريات في مصر لا نقبله ولن نسمح به، ما حققناه في عصر مبارك لن نتراجع عنه.