الفقر وحده ليس هو سبب المشكلات السلوكية والانحرافات التي يعاني منها أبناء الفقراء، هذا ما أكده بحث هولندي أعده الدكتور فريك بيكس الباحث بمكتب التخطيط الاجتماعي والثقافي، والذي أكد ان الاطفال الذين يتربون في أسر فقيرة، يعانون من مشكلات سلوكية تبلغ ثلاثة أضعاف المشكلات السلكية التي قد تواجه نظراءهم من أبناء الأسر الغنية. ولكنه اكد ان نقص المال في حد ذاته ليس سبب المشكلات السلوكية، بقدر فشل الأبوين في التعامل مع العجز المالي أو حياة الفقر بأسلوب متوازن نفسياً،وهو ما يعكس أثاره علي الأطفال سلباً فالآباء في الأسر الفقيرة،لا يكونون راضين عن انفسهم أو حياتهم بالتالي ينتقل هذا الشعور الي الأطفال، ويترجم الي سلوك سلبي، سواء حيال الآباء والأسرة أو تجاه المجتمع الخارجي المحيط بالطفل. وأرجع الباحث مشكلات السلوك لأطفال الفقراء الي عدة أسباب، منها شعور الأطفال بالحرمان، مما هو متيسر لغيرهم من أقرانهم أبناء الأغنياء، خاصة اذا كانت تجمعهم مدرسة واحدة، وعدم ادراك الاطفال لأسباب هذا الحرمان، وغالباً ما يكون الآباء الفقراء من الحاصلين علي تعليم متوسط أو دونه، ولا يتمتعون بثقافة اجتماعية أو تربوية، تمكنهم من خلق معادلة أو توازن، بين قلة الدخل وبين تعويض الأطفال عن الحرمان المادي باشباع نفسي، لأن الآباء أنفسهم يعانون من الضغوط. لجوء هؤلاء الآباء الي سياسة العقاب فقط دون الثواب، لأن الثواب سيكلفهم مزيداً من الأعباء المالية، لمكافأة الطفل علي تصرف جيد قام به، وبالتالي يشعر الطفل انه لا فارق بين سلوك سيئ أو حسن، وانه سيعاقب فقط ولن يكافأ، فيتلاشي لديه الاحساس او الرغبة في السلوك الجيد، وقيام الأم بجانب الأب بالعمل ساعات طويلة، لسد احتياجات الأسرة الفقيرة، يؤدي أيضاً الي حرمان الطفل من حنان الأم بصورة طبيعية،لأنها تعود مرهقة بعد ساعات العمل، أما الأم في الأسرة الغنية، فهي قد لا تضطر للنزول للعمل، أو تعمل بعض الوقت، وهو ما يمنحها توازناً نفسياً ينعكس علي أطفالها، ويقلل من حدة توترها واضطراباتها العاطفية. وأكد الباحث ان علاج المشكلات السلوكية لأطفال الأسر الفقيرة، يبدأ بالعلاج النفسي للآباء أنفسهم، اذ يجب ان يستعيد الآباء قناعتهم وثقتهم بأنفسهم، وأن يغرسوا لدي الأطفال رغبة تحسين المستوي والدخل، من خلال التحصيل الأفضل للتعليم، والتمسك بالدراسة في مستويات عليا، لأن النجاح والتعليم المتميز السبيل الي العمل الجيد والكسب المربح في المستقبل، أي أن يدفع الآباء الأطفال الي الأمام، ليعوضوا ما خسروه هم أنفسهم،أو ما لم يستطيعوا النجاح فيه وتحقيقه فيحياتهم، وذلك بدلاً من الانخراط في الأحزان والهم ونعي الحظ، وخلق الاحقاد لدي الأطفال. يذكر أن تقريراً حقوقياً لمركز الأرض لحقوق الانسان اكد وجود «48» مليون فقير في مصر يعيشون في «1109» منطقة عشوائية بدون خدمات أو رعاية اقتصادية أو اجتماعية، وأن «45٪» من المصريين يعيشون تحت خط الفقر ويحصلون علي أقل من دولار في اليوم، وأن «46٪» من الأسر المصرية لا تجد الطعام الكافي.