فى الوقت الذى تطالب به الدكتورة غادة والى بدراما نظيفة خالية من العنف، ومنح جائزة مالية تصل لمليون جنيه لأحسن مسلسل تنويرى، تطل علينا مسلسلات تعطى جرعة اكتئاب يوميا، وتأخذ المشاهد إلى عالم مليء بالحالات النفسية وعدم الاتزان، رغم أنه يحاول ان يهرب من مشاكله مع نجمات أحبهن، ولكنه عاش صدمة الاضطرابات النفسية معهن، فتظهر نيللى كريم مريضة نفسيا فى «سقوط حر»، وتعانى يسرا من مرض نفسى فى مسلسل «فوق مستوى الشبهات»، وتدخل غادة عبدالرازق «الخانكة» أثر حادثة اغتصاب تعرضت لها، ويعلل أطباء علم النفس بوجود مسلسلات تثير الجدل، يرجع لافتقاد الكتاب الحس الاجتماعى، وقد يكون هم أنفسهم يعانون من أمراض نفسية، فأرادوا توظيفها فى أعمالهم، دون وعى انها تدمر ما تبقى من اتزان نفسى للمشاهد، وحتى لا يقع فريسة للاكتئاب عليه، تَجنب رُؤية المسلسلات الدرامية المحزنة، أو مُشاهدة الأخبار التى تحتوى على مشاهد الكوارث وعلينا ألا نجعل مشاهدة المسلسلات فى الشهر الكريم كل الحياة ونهاية المطاف. وتحلل الدكتورة منى رضا أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس مسلسلات رمضان، وتقول إن الحلقات الأولى من المسلسلات، تحمل مشاهد عنف صادمة لفئة من الشعب فى شهر يوصف بأنه شهر الرحمة والمغفرة والتواصل، خاصة أن المسلسلات تنال قدرا لا بأس به من الاهتمام الإعلامى، ومن الممكن ان تقوم بدور القوى الناعمة لتصويب انحرافات وتعديل سلوك فئات من الشعب، ونشر وعى لدى المشاهدين عن قيمة العمل والوقت، وتقبل الآخر والتراحم والتسامح ونشر ثقافة الحوار ورفع درجة الانضباط فى الحديث. ولكن للأسف رؤيتى لبعض مسلسلات رمضان 2016 وجدت أنها غير متماشية مع سبق عرضه. بل أكاد أقول يدعو لعكسه. وأضافت: بعض الحالات النفسية التى تم التعرض لها فى الخانكة وهى ودافنشى، وفوق مستوى الشبهات، موجودة فى المجتمعات، وكأطباء نراه بحكم عملنا ولا نجزم بانتشاره فى المجتمع، ولكن الدراما دائما يهمها الغريب والمتطرف فى التصرفات. وعن أسباب لجوء الكتاب لهذا، قالت: يلجأ بعض الكتاب للحالات النفسية، لأنها غريبة عن المجتمع العادى، وهى تبدو مثيرة وغامضة لغير المتخصص مما يترك له المجال فى الإبداع الفنى الذى إذا لم يراجع من قبل متخصص، فهو عرضة للشطط الذى لا يكتشفه المشاهد العادى ولكن يتعرف عليه المتخصصون فقط. وتابعت حديثها قائلة: الاضطرابات النفسية معظمها أكثر انتشارا فى الإناث، لأسباب عدة منها البيولوجى مثل تغيير مستويات الهرمونات شهريا والآخر والأكثر شيوعا هو الأسباب البيئية التى تقهر المرأة وتحملها ضغوطا تجعلها أكثر عرضة للوعكات النفسية. وأضافت: كأستاذ طب نفسى، أنا مهتمة بشأن المرأة، كنت أتمنى من الدراما ان تتناول تأثير الضغوط الحياتية أو عدم وجود الدعم المعنوى لاحتياجات المرأة، وتأثير ذلك على وعكاتها النفسية لنرفع درجة الوعى للأسلوب الأفضل للتعامل مع المرأة. وأضافت: الطب النفسى من المجالات المثيرة والمليئة بالقصص، التى تجذب المؤلفين لصنع دراما، لكن للأسف لا تستخدم هذه الدراما لرفع الوصمة عن المريض النفسى، لا أنكر أن الوضع تحسن عن الماضى فى الأفلام و«الدراما»، ولكن لا يزال امامنا الكثير حتى نظهر المريض النفسى بشكل يليق بإنسانيته واحتياجاته من المجتمع بنفس الشكل الذى نظهر به مريض الفيروس الكبدى ومريض القلب والسرطان. المرض مهما اختلف اسمه فهو ينال من حياة الإنسان. وعن الاحتياج للطب النفسى قالت: الاحتياج للطبيب النفسى فى العالم كله ارتفع، وذلك لأن الأمراض النفسية أصبحت تحتل المراكز الأولى من الأمراض، ولابد ان تلعب الدراما والإعلام دورا إيجابيا فى فهم المجتمع للمريض النفسى. وأضافت: نسبة العنف فى المريض النفسى، لا تتعدى نسبة العنف فى الأصحاء، ولكن الدراما تصور لنا أن العنيف هو المريض النفسى، مما يؤثر سلبا على استقبال المشاهد لحقيقة المريض النفسى.