يشهد ماراثون إعلانات شهر رمضان منافسة شرسة بين الشركات المتنافسة، فلم يعد التنافس مرتبطًا بالمنتجات وجودتها فحسب، وإنما وصل الأمر إلى التشهير بالشركة المنافسة. قديما كانت الاعلانات تظهر عيوب المنتجات المنافسة لها علي استحياء وبدون إظهار اسم الشركة أو بمجرد التلميح بأنها الافضل، ولكن احتدام المنافسة بات الأمر علانية الآن، مثلما حدث بين شركتي "اتصالات وفودافون" العام الماضي حول شخصية المارد الذي تحول من اللون الأحمر إلى الأخضر في إشارة إلى تحوله من فودافون إلى اتصالات، قامت الشركتان المتنافستان "قطونيل" و"دايس" للملابس الداخلية بإعلان الحرب الإعلانية هذا العام، حيث قدمت شركة "دايس" إعلاناً يستهدف شعار "قطونيل" وهو "القطن بيتكلم مصري"، حيث أظهر الإعلان الشاب الذي يرتدي منتجات قطونيل كمريض في جلسة علاج نفسي ، وواصلت "قطونيل" إسفافها وتوجها غير الأخلاقي في الإعلانات، حيثُ ظهرت بإعلانين هذا العام الأول بعنوان "من جوة زنقه ومن برة مرتاح، والآخر "كل واحد له قعدة". "قطونيل" vs "دايس" يكسران الحياء لدي المراهقين.. وفي هذا السياق يقول الدكتور محمد عادل الحديدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة المنصورة، وزميل الجمعية الأمريكية للطب النفسى وعلاج الإدمان :"يبدو أن الشركات المتنافسة التي تنتظر شهر رمضان على أحر من الجمر لاطلاق حملاتها الإعلانية بشعارات خادشة للحياء بغية تحقيق ربح مادي كبير دون اعتبار للمعايير الدينية والاخلاقية تناست أن رمضان شهر الصوم والعبادة، والتحرر من السلوكيات والعادات السيئة، واجتناب الألفاظ الجارحة والمبتذلة، كما تناسوا أيضًا أن المشاهدين من فئة الأطفال والمراهقين وليس للكبار فقط". وأوضح أن الشركتان "قطونيل" و "دايس" لم يعيروا أي اهتمام لمعايير المجتمع وصحة الأطفال والمراهقين المشاهدين، وأن همهم الأول هو مصلحتهم الشخصية والربح المادي. وأشار إلى أن "قطونيل" تلجأ إلى الإيحاءات الجنسية في إعلانتها لجذب عدد كبير من المشاهدين مثل عبارة "ودي قعدة أووووووه" في اعلانها الأخير "قعدة مهمة وكل واحد له قعدة"، موضحًا أنها ليست المرة الأولى التي تعتمد فيه "ٌقطونيل" على هذا الأسلوب في إعلانتها، فقد تعرضت لموجة من الانتقادات اللاذعة العام الماضي في اعلانها الذي قام ببطولته الفنان الكوميدي هاني رمزي. ويؤكد "الحديدي"، أن هذه النوعية من الإعلانات تكسر الحياء لدي المراهقين والأطفال، وتحثهم على تردد الألفاظ الخادشة للحياء، وتشهير "دايس" ب"قطونيل" في اعلانها الأخير يساعد على تنمية روح العداء والحقد والكراهية والمنافسة غير الشريفة لدي المراهقين والأطفال المشاهدين. ويناشد "الحديدي" الرقابة الإعلانية بالتحقق من مضمون الإعلانات قبل عرضها على المشاهدين، أو عرضها في ساعات متأخرة من الليل للتأكد من خلود الأطفال والمراهقين إلى النوم، أو وضع اشارة مثلما تفعل الدول الأوروبية على الإعلانات التي تحوي على مشاهد عنف أو محتوي جنسي لتكون جرس تنبيه للأسر لمنع أبنائهم من مشاهدة تلك الإعلان. ومن جانبه، يوضح الدكتور مجدي أبراهيم استشاري الطب النفسي بجامعة عين شمس، أن ما تفعله شركة "دايس" للملابس الداخلية من إساءة للخصم المنافس "قطونيل" يدل على انحدار الأخلاق، ويعرف في الطب النفسي ب"السيكوباتية" هو ذاك الشخص الذي لا يهمه سوي نفسه واشباع رغابته وحاجاته دون اعتبار للمعايير الدينية والأخلاقية. ويؤكد الدكتور إبراهيم، أن الإيحاءات والحركات الجنسية التي اعتمدت عليها "قطونيل" خلال الأعوام الماضية في إعلانتها شجعت "دايس" على اللجوء لهذا الأسلوب بهدف الربح المادي دون أن يعيروا الشركتين بإضرار ما يفعلونه على المشاهد، لافتًا إلى أن إعلانتها ساهمت في استسهال الإباحية والبذاءة، وافتقار الاخلاقيات بين الأطفال والمراهقين. رامز بيلعب بالنار يصيب الأطفال بالتبلد.. "إذا كانت اعلانات "قطونيل" و "دايس" يكسران الحياء فاعلان برنامج "رامز بيلعب بالنار" بيكسر المشاعر والقيم" هكذا علقّ الدكتور محمد عادل الحديدي أستاذ الطب النفسي، عن الجملة الصادمة التي يقولها رامز بكل فخر والسعادة تغمر عينيه في اعلان برنامجه "أن من الممتع أنك تشوف واحد بيولع قدام عنيك" دون أن يعي بمدي تأثير وقوع تلك الجملة التي تحتوي على كم كبير من العنف والفكر الانتقامي على مسمع الأطفال. ويتابع "الحديدي" :"ما يفعله رامز يندرج في الطب النفسي تحت اسم "السادية" يستخدم هذا المصطلح لوصف اللذة والمتعة التي يتم الوصول إليها عن طريق إلحاق أذى جسدي أو معاناة أو تعذيب لشخص آخر، أو التلذذ بعذاب الآخرين". مؤكدًا أن برنامجه دعوة صريحة لبث العنف بين الأطفال مستشهدا بالمأساة التي حدثت في أوروبا بموت عدد كبير من الأطفال في أحدي المدارس الأوربية بسبب فيلم "رامبو"، حيث حمل عدد من الأطفال المسدسات والأسلحة وقاموا باطلاق النار على ذويهم في المدرسة تقليدًا لأحدي مشاهد الفليم. ويشير الحديدى، إلى أن برنامج رامز بيلعب بالنار، الذى يعرض حاليًا على إحدى القنوات الفضائية يتسبب فى نشر العنف بالمجتمع، ويصيب الأطفال بتبلد المشاعر والاحساس، ويسلب الإنسانية من المشاهدين وينشر السادية وهو التلذذ بعذاب الآخرين دون تقديم العون لهم". "الدندو" بين البذاءة والمعلومات المغلوطة.. تعرض إعلان جهينه هذا العام لانتقادات لاذعة من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي؛ بسبب إعلانها الأخير الذي اعتمدت فيه على الأطفال للترويج لمنتجاتها، حيثُ يظهر الأطفال وكأنهم راشدين يستخدمون إيحاءات خارجة في كلامهم مثل عبارة "مش قادر أنسى الدندو"، ويقول الدكتور مجدي إبراهيم استشاري الطب النفسي، أن جهينة تناست أن الإعلان يقدمه أطفال، فمن الخطأ استخدام عبارات وإيحاءات جنسية متركبة على صوت الأطفال، لأن هذا يعد دعوة صريحة للإباحية خاصة في جملة "ولا عمرك هتنسي الدندو" أي ثدي الأم، بخلاف المعاني الضمنية الذي يحتوي عليها الإعلان وهي أن الأطفال لازم تسترجل وتتفطم وبلاش دلع، مؤكدا أن لغة الحوار بين الأطفال في الإعلان التي لا تتناسب مع أعمارهم يمكن أن يقلدها غيرهم من الأطفال المشاهدين للإعلان. "كفاية ابتذال.. كفاية مهزلة.. كفاية سم في العسل"، هكذا اعربت الدكتورة مي سعد الدين محمود استشاري رضاعة طبيعية، عن استيائها من إعلان "الدندو" الذي يظهر الأطفال في صورة غير إخلاقية لا تتناسب مع أعمارهم، فضلا عن المعلومات المغلوطة التي يحتويها الإعلان، بأن جهينة مثل لبن الأم، ودعوة صريحة أن لابد من فطم الطفل مبكرًا وهو ما يتنافي مع القرآن الكريم كافة الدراسات التي تحث الأم على الرضاعة لمدة عامين على حد قولها. وتطالب سعد الدين، بضرورة وقت الإعلان لأنه ضد حقوق الطفل ومنظمة الصحة العالمية؛ لأنه بيحرض علي الفطام مبكرًا".