وضع حجر الأساس لمشروع إنشاء الحديقة المركزية في مدينة العريش    شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء    7 أيام خلال 12 يومًا.. تفاصيل أطول إجازة للعاملين بالقطاع العام والخاص    نقابة الأسنان تجري انتخابات التجديد النصفي على مقعد النقيب الجمعة المقبل    وضع حجر الأساس لإنشاء الحديقة المركزية في مدينة العريش    محافظ الجيزة يناقش طلبات تأجير الأكشاك الحضارية والمحال التجارية    محافظ الجيزة يناقش الطلبات المقدمة من المواطنين والعلامات التجارية لتأجير البارتشينات الحضارية    حسام هيبة يلتقى وفد المجلس الصيني للمنسوجات والملابس الجاهزة    بعد انهيار أرباحها.. إيلون ماسك: "تسلا" ليست شركة سيارات كهربائية    المشاط: الدول النامية تحصل على 10% فقط من مبادرات التمويل المناخي    أسامة ربيع يبحث سبل التعاون مع ترسانة هيونداي للصناعات الثقيلة بكوريا الجنوبية    استعد لتقديم ساعتك 60 دقيقة.. تعرف على موعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024    للمرة الثانية.. وزير الخارجية الأمريكي يصل إلى الصين |تفاصيل الزيارة    وزير الخارجية الأيرلندي: نسعى للاعتراف بالدولة الفلسطينية    إبادة جماعية.. جنوب إفريقيا تدعو إلى تحقيق عاجل في المقابر الجماعية بغزة    في ظل الهجمات الإسرائيلية.. إيران تقلص تواجد ضباطها ومستشاريها في سوريا    القنوات الناقلة لمباراة سلة الأهلي وسيتي أويلرز الأوغندي    كأس الكؤوس الأفريقية، خيري يغادر بعثة «الأهلي لليد» بسبب الإصابة    عمرو الحلواني: مانويل جوزيه أكثر مدرب مؤثر في حياتي    الإسكواش، تعرف على مواجهات اليوم في ربع نهائي بطولة الجونة    أيمن يونس: "زيزو هو الزمالك لا يمكن بيعه.. وشيكابالا كان يريد التجديد لعام واحد فقط"    وزير الشباب يشيد بتنظيم البطولة العربية العسكرية للفروسية    الأمن يضبط قضايا اتجار بالنقد الأجنبي في المحافظات بمضبوطات 50 مليون جنيه    نتائج جهود الأجهزة الأمنية بالقاهرة لمكافحة جرائم السرقات    قرارات عاجلة بشأن تأمين امتحانات الترم الثاني 2024 في المدارس    خلافات تنتهي بمق تل عامل على يد سائق في المنوفية| تفاصيل    بسبب المخدرات.. مصرع شخص فى مشاجرة بالقليوبية    ضبط شخصين بالجيزة لقيامهما بالاستيلاء على أكثر من 5 مليون جنيه من ماكينات الصراف الآلى    نوال الكويتية تتعرض لوعكة صحية مفاجئة    إيرادات فيلم شقو تتخطى 52 مليون جنيه في أسبوعين    رحلة "عم خالد" من المنوفية إلى سانت كاترين على الدراجة البخارية    مع ارتفاع درجات الحرارة.. «الإفتاء»: اكثروا من قول هذا الدعاء    الكشف على 1335 مريضا في قافلة علاجية بقرية أبو نور الدين بالدقهلية    ضبط 16965 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    بدء اليوم الثاني من مؤتمر وزارة العدل عن الذكاء الاصطناعى    «برلمانية الوفد بالشيوخ» مهنئة السيسي بتحرير سيناء: مسيرة طويلة من التضحيات    انتفاضة في الجامعات الأمريكية ضد حرب غزة.. والخيام تملأ الساحات    لتأكيد الصدارة.. بيراميدز يواجه البنك الأهلي اليوم في الدوري المصري    نصيحة مهمة لتخطي الأزمات المالية.. توقعات برج الجوزاء في الأسبوع الأخير من أبريل    بالسعودية.. هشام ماجد يتفوق على علي ربيع في الموسم السينمائي    الصحف الأوروبية| لو باريزيان: باريس يسعى لضم لامين يامال.. تليجراف: أرسنال ومانشستر سيتي يتنافسان لضم نجم نيوكاسل    مدبولي: دعم الصناعة أصبح يؤتي ثماره في العديد من القطاعات الإنتاجية    طريقة عمل عصير الليمون بالنعناع والقرفة.. مشروب لعلاج الأمراض    حظر سفر وعقوبات.. كيف تعاملت دول العالم مع إرهاب المستوطنين الإسرائيليين بالضفة الغربية؟    مصر تفوز بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الإفريقية    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    «خيال الظل» يواجه تغيرات «الهوية»    رئيس هيئة الرعاية الصحية: خطة للارتقاء بمهارات الكوادر من العناصر البشرية    رئيس «المستشفيات التعليمية»: الهيئة إحدى المؤسسات الرائدة في مجال زراعة الكبد    متحدث "البنتاجون": سنباشر قريبا بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة    دعاء العواصف والرياح.. الأزهر الشريف ينشر الكلمات المستحبة    تعرف على مدرب ورشة فن الإلقاء في الدورة ال17 للمهرجان القومي للمسرح؟    بالتزامن مع حملة المقاطعة «خليه يعفن».. تعرف على أسعار السمك في الأسواق 24 أبريل 2024    بايدن يعتزم إرسال أسلحة جديدة لأوكرانيا اعتبارا من "هذا الأسبوع"    مصطفى الفقي: مصر ضلع مباشر قي القضية الفلسطينية    ‏هل الطلاق الشفهي يقع.. أزهري يجيب    ما حكم تحميل كتاب له حقوق ملكية من الانترنت بدون مقابل؟ الأزهر يجيب    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مأمون فندي يكتب : السياسة والكرسي المتحرك
نشر في الوفد يوم 02 - 05 - 2016

لا أتحدث هنا عن حركة كراسي الحكم، ولا أتحدث أيضا عن الكرسي المتحرك
بالصورة الذهنية المرتبطة بالمرضى، والذين تقدموا في العمر، أو أصحاب
الاحتياجات الخاصة، إنني أتحدث عن الكرسي المتحرك في الفضاءات العامة في
المدن الحيّة، فوجود مكان لكرسي متحرك أو ثابت لك في المدينة، يعني أنك في
بلد يحترم المواطنة، أما إذا كان الكرسي الذي تحدّده في المدينة هو في مقهى،
أو في مول تجاري؛ فأنت في بلد يراك مستهلكا لا مواطنا، وشتان بين
المفهومين. إذا كان لك مكان على كورنيش النيل فأنت في بلد قابل للانفتاح،
أو هناك أمل أن يتحول إلى بلد منفتح، أما إذا تآكل الكورنيش لمصلحة الأندية
الخاصة فأملك في الديمقراطية، لا بد أن يكون شبه معدوم؛ فأول الديمقراطية
هو إزالة التعديات على الأماكن العامة. ودعني أفصّل أكثر.
الكرسي المتحرك: هل لك مكان في هذه المدينة؟ أول ما يفرق ما بين المدن
الديمقراطية ومدن الديكتاتورية هو ذلك الكرسي المتحرك التي تستأجره في
المتنزهات، حيث هناك مكان لك، ليس هذا وحسب، بل مكان تحدده أنت من حيث قربك
وبعدك ممن حولك.
موقعك من المدينة ومن السياسة مرتبط بوجود مكان لك فيها، مكان في المساحات
العامة، وليس في الأماكن المغلقة. إذا ما كان لك مكان أو كرسي متحرك في
متنزه المدينة التي تعيش فيها، فأنت في مدينة حرة، أما إذا لم يكن لك مكان
إلا في المجمعات التجارية (المول)، أو في أماكن مغلقة؛ فأنت في مدينة غير حرة.
حتى في الديمقراطيات العريقة هناك معركة بين المصالح التجارية متمثلة في
المول وبين المتنزه والحديقة، وما يفرق الحكم الرشيد من غيره هو الانحياز
للفضاءات العامة في المدن، مقابل الانحياز للمولات والأماكن الخانقة. كلما
زادت المساحات الخضراء في المدن، عرفت أنك في مكان أقرب من الليبرالية
السياسية والانفتاح، وكلما زادت المولات التجارية على حساب المتنزهات،
فاعلم أن النظام يتجه نحو الانغلاق وتضاؤل الحريات. الحرية هي مضاد الأماكن
المغلقة والمدن المغلقة. بداية الديمقراطية هي تلك المدن المفتوحة. أما
المدن التي يتضاءل فيها الفضاء العام والمساحات الخضراء فهي مدن تتجه نحو
الموت، موت الحياة العامة، ومعها موت السياسة وموت الثقافة، مدن منتهية.
في مدن مثل لندن ونيويورك هناك متنزهات مفتوحة، وكلما زاد عدد السكان،
تطورت المباني في المدينة، إما رأسيا لتجنب الجور على المساحات الخضراء
مثلما هو الحال في نيويورك، أو تتمدد أفقيا مع الوضع في الحسبان تلك النسبة
بين الخاص والعام، وبين مصالح التجار من أهل المولات، وبين مصالح البشر من
المشاة ممن يعيشون ويتجوّلون في المدينة.
في نيويورك طوروا أماكن السكك الحديدية، التي توقفت عن العمل إلى حدائق
عامة، أما عندنا، في النظرية على ما يبدو، أن نواة المدينة هو المول
التجاري المغلق في بلدان نادرا ما يزورها المطر.
إنه الفارق بين تفكير الحرية، حرية الناس في أن يكون لها ممشى وكرسي في
متنزهات المدينة، وبين دول ترى أن المول هو الاقتصاد وهو حياة المدينة،
فارق بين مدن أساسها الاقتصاد، وأخرى أساسها الاجتماع والسياسة.
بينما ترى نيويورك تصارع نفسها مع زيادة عدد الكراسي الثابتة على نهر
الهيدسون وفي المتنزهات، ترى القاهرة تهمل الكورنيش وتحوله إلى أندية خاصة
للضباط من الجيش والشرطة وللقضاة، وحتى المحامين، كلها بطول شريط النيل؛
وبهذا يغلق المكان العام لمصلحة المكان الخاص.
فلا تتوقع ديمقراطية في القاهرة، حيث الأماكن المغلقة، وجور المصلحة الخاصة
على المصلحة العامة، وتآكل الأماكن العامة لمصلحة الأماكن الخاصة.
الأندية المغلقة لا تنتج سياسة عامة، بل سياسة خاصة. فمهما تحدثت النقابات
عن الديمقراطية في مصر، فلا ديمقراطية عندما يكون لنقابتك أو جماعتك نادٍ
خاص على النيل على حساب الكورنيش العام، ناديك الخاص بني على مكان كرسي
متحرك أو كنبة ثابتة لمواطن من أهل المدينة.
«طلع لنا في المقدر»، كما نقول بالعامية، قوم يرون في المولات والاستثمار
التجاري بناءً لأوطان ومدن. هذه الرؤية التي ترى الناس زبائن (customers) أو
مستهلكين تختلف تماما عن رؤية الدولة التي ترى السكان مواطنين، لهم حق في
حرية الحركة والمشي في مدنهم، لهم حقوق وعليهم واجبات. حقوق مدنية لا
تجارية. إن أخطر ما يحدث لمدننا اليوم، هي تلك العقلية التي ترى التنمية
نموا اقتصاديا. الدول تبنى بالبشر وثقافتهم وحركتهم فيها. هذه الرؤية تنتج
مستهلكا لا مواطنا.
معركتنا في العالم العربي ليست بين «داعش» وبين المدنية، بل بين المول
التجاري والمتنزه. «داعش» والآيدولوجيات المغلقة هي نتاج الأماكن المغلقة.
المدنية هي نتيجة المدن المفتوحة المفعمة بالحركة الحرة والحياة المدنية
وذلك الكرسي المتحرك، الذي يسمح لها بحرية القرب والبعد ممن هم حولنا.
الديمقراطية أساسها تلك العلاقات الحرة في المساحات المفتوحة؛ ففي انفتاح
المكان العام انفتاح للعقل، وفي ضيق المكان وانغلاقه، انغلاق للعقل والروح معا.
توقع انفتاحا من المدن المفتوحة والحيّة، أما المدن المغلقة والميتة فمهما
كان نموها الاقتصادي فلا تنتج إلا الأماكن الخانقة. توقع في مصر مثلا
ديمقراطية عندما ترى الكراسي مليئة بالبشر على كورنيش النيل بطول القطر
وعرضه، أما إذا وجدت مكان الكورنيش أندية مغلقة؛ فلا تحتاج إلى ذكاء شديد
لتدرك أنك في مكان مغلق، مهما قيل لك. المعادلة بسيطة والملاحظة بسيطة، لا
تحتاج إلى كثير من الشرح أو السفسطة.
نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.