تنتخب قرغيزستان رئيسها الأحد للمرة الأولى منذ الثورة الدامية وأعمال العنف الإثنية التي وقعت في 2010، أملا في إعادة الاستقرار في هذا البلد حيث بإمكان القوميين زعزعة هدوء هش. ولم تشهد هذه الجمهورية في آسيا الوسطى في تاريخها أي انتقال سلمي للسلطة منذ استقلالها عام 1991. وواجهت في مارس 2005 ثم في ابريل 2010 ثورتين داميتين وأعمال عنف اثنية دامية في يونيو 2010، استهدفت خصوصا الأقلية الأوزبكية في جنوب البلاد. وتعتبر الولاياتالمتحدة استقرار قرغيزستان أمرا اساسيا اذ تملك في هذا البلد قاعدة مهمة لانتشار قواتها في افغانستان. كما تملك روسيا فيها بنى تحتية عسكرية. ومنذ ثورة العام 2010 التي اطاحت بالرئيس كرمان بيك باكاييف، نجحت رئيسة البلاد بالانابة التوافقية روزا اوتونباييفا بصعوبة في تجنيب البلاد الانفجار، إلا أنها لا تملك الحق في الترشح الى انتخابات الاحد. ألا أن هذا البلد الفقير الغني بالجبال والذي يضم خمسة ملايين نسمة يشهد انقسامات عدة: بين القرغيز والاوزبك، بين الشمال المتمدن والمزدهر نسبيا والجنوب الفقير وذي الطابع القروي، وايضا بين المحسوبين على النظام السابق واولئك التابعين للنظام الجديد. وفي هذا الإطار، يعتبر الماظ بيك اتامباييف الذي يتراس الحزب الاشتراكي الديموقراطي المرشح الأوفر حظا للانتخابات الرئاسية. وقبل الانضمام الى معسكر الثوار، حاول اتامباييف طويلا الى دفع الرئيس باكاييف في اتجاه الاصلاح. وسعى هذا المرشح الى ابراز صورة القائد البراجماتي والذي يعمل بكد وضمانة استقرار قرغيزستان. ويؤكد على موقعه الاكتروني "انا مرشح للرئاسة لأنني لا استطيع القيام بغير ذلك. على عاتقي تقع مسؤولية ضخمة: صون وحدة البلاد". وتعطي استطلاعات الرأي تقدما كبيرا لاتامباييف على باقي المرشحين ما يخوله الفوز من الدورة الاولى للانتخابات، بحسب سيرجي كوكلين الذي يدير معهد "أم فكتور" لاستطلاعات الرأي. إلا أن نتائج استطلاعات الرأي قد تكذبها صناديق الاقتراع كما يقر اتامباييف نفسه. ويضيف كوكلين "لا يمكن ابدا توقع نتائج المعركة السياسية (في قرغيزستان) وقد شهدنا في التاريخ الحديث حالات انقلب فيها الرأي العام جذريا بسرعة قياسية". وفي حين يتنافس في المحصلة 16 مرشحا بعد انسحاب ثلاثة اخرين الخميس قبل ثلاثة ايام من الانتخابات، اثنان منهم فقط هما القوميان اداخان وكامتشي بيك تاكييف يشكلان منافسين حقيقيين لاتامباييف، بحسب محللين. وهذان الرجلان كانا من المقربين للرئيس المخلوع ويبنيان قاعدة انتخابية قوية في صفوف غالبية القرغيز في الجنوب الفقير ما قد يقلق الاقلية الاوزبكية، لكن أيضا في الشمال الذي يضم القسم الاكبر من النخبة السياسية والاقتصادية. وحل حزب "اتا يورت" الذي يترأسه تاكييف في الطليعة خلال الانتخابات التشريعية عام 2010 لكن بسبب الفشل في إيجاد شريك للحكم، يدعم من دون حماسة الحكومة الائتلافية لاتامباييف. الا ان المحللين يشيرون إلى أن الخطر يتمثل في ان تصب غالبية أصوات شمال قرغيزستان الاكثر كثافة سكانية في اتجاه في حين يصوت الجنوبيون لصالح مرشح آخر. وقال المتخصص المستقل في العلوم السياسية تابيلدي اكيروف ان "الامر الاسوا الذي قد يحصل هو ان يسعى الجنوب مستخدما نفوذه الى فرض مطالبه من خلال تظاهرات ضخمة قد تؤدي بحال اساء الحكم التصرف الى ثورة جديدة".