بعد عقود من النفوذ والتغلغل الغربى فى منطقة الشرق الأوسط ، عبر علاقات مع الأنظمة الديكتاتورية فى المنطقة ، يبدو ان شمس الغرب ستغيب فى هذه المنطقة واشارت مجلة "الايكونوميست" الى انه من الافضل للغرب ان يبنى علاقات على أسس جديدة مع حكومات افضل وانظمة جديدة فى المنطقة العربية ، حتى لو كانت هناك خسائر على المدى القريب . واكدت المجلة ان الرفض العراقى لبقاء قوات امريكية بعد نهاية العام الحالى يعد تأكيدا على أن هناك تغييرا قد حدث لدى شعوب المنطقة فى التعاطى مع الغرب . ومما لاشك فيه أن الوضع فى الدول العربية التى شهدت تحولا فى انظمتها الحاكمة أفضل بكثير مما كان عليه من قبل . وحتى اذا كانت الاقتصاديات العربية تعانى بعض الشىء الا أن المستقبل سيكون أفضل بكثير خصوصا عندما يتم انتخاب حكومات ديمقراطية تتعامل بشفافية مع الشعوب وتخضع للمساءلة . فها هى تونس تخطو نحو الديمقراطية وستلحقها مصر التى تستعد لإجراء انتخابات برلمانية الشهر المقبل وتتبعها ليبيا . واكدت المجلة انه على الغرب والعلمانيين فى العالم العربى الا يخشوا سيطرة الاسلاميين على الحكم كما حدث فى تونس بالنسبة لحزب النهضة وما قد يحدث فى مصر مع جماعةالإخوان المسلمين . فهذه الجماعات والأحزاب عانت كثيرا من اضطهاد الانظمة الديكتاتورية لها ، واذا كان الناخبون قد صوتوا لهم فإن هذه يعنى ان هناك ثقة فى سياساتهم وبرامجهم . كما أنهم حريصون على التأكيد دائما على انهم ملتزمون بالدولة المدنية.ولعل أفضل ما فى الثورات العربية انها نجحت دون مساعدة من الخارج كما هو الحال فى مصر وتونس ، وحتى ليبيا التى لم تكن تنجح لولا مساعدة "الناتو" ، الا ان الغرب لم يتورط بإرسال قوات برية كما حدث فى العراق التى ظلت بها القوات الغربية 8 سنوات وتعثرت فيه الديمقراطية بعد ان لقى حوالى 150 الف عراقى و5 الاف امريكى واجنبى مصرعهم . وقد تسببت المأساة فى العراق فى تكوين صورة سيئة للغرب وامريكا بصفة خاصة فى اذهان العرب ، ورغم ان الصورة تحسنت جزئيا بعد تولى الرئيس "اوباما" السلطة مقارنة بعهد الرئيس السابق جورج بوش . الا ان صورة الولاياتالمتحدة مازالت سيئة بسبب الدعم المطلق لإسرائل وتحدى المشاعر العربية فيما يخص الحقوق الفلسطينية ، اضافة الى دعم امريكا للانظمة الديكتاتورية التى تم الاطاحة بها ، ويأتى تعيين الامير نايف بن عبد العزيز وليا للعهد فى السعودية وهو المعروف بتشدده ، ليصعب المهمة على امريكا فى امكانية تحسين علاقاتها وصورتها مع العرب . ومع ذلك فإن علاقات الغرب بالعالم العربى ستظل قائمة حتى فى ظل تولى الإسلاميين السلطة ، لأن النموذج الغربى فى الاقتصاد والسياسة وليس النموذج الايرانى او السعودى او الصينى هو المفضل لدى هذه الشعوب العربية . وفى النهاية فإن النفوذ الغربى سيظل ولكن بشكل مختلف يقوم على التعاون فى مجالات الاستثمار والتعليم والاقتصاد اى انه سيكون صحيا.