كانت النهاية محتومة بالنسبة للقذافى، ليس لأنه كان محاصراً ولكن هذه النهاية بالذات كانت معروفة منذ سنوات، أمثال ذلك الحاكم تكون نهايتهم مأساوية دامية، تذكرت وأنا أسمع تفاصيل اللحظات الأخيرة للقذافى وأتابع صوره قتيلاً ذليلاً.. تذكرت آخر لقاء رأيت فيه الطاووس معمر القذافى فى احتفالياته بمرور 40 عاماً على ثورته، ومازلت أتذكر حالة الغثيان والغضب التى أصابتنى رغم أننى رفضت الاستمرار فى ليبيا أكثر من 48 ساعة. وأعتقد أننى مصاب بمرض الارتكاريا من الديكتاتورية وأشعر بالاختناق فى أى دولة أزورها وأرى حال الشعوب المسكينة الجاهلة التى تعانى فى صمت.. حدث هذا معى فى تونس ثم ليبيا وسوريا، وما يحدث الآن فى تلك الدول هو عملية غسيل إنسانى لدولة بأكملها. كانت نهاية القذافى محتومة لأنه وصل الى مرتبة شعر معها أنها فوق كل شىء حتى إرادة الله شخصية تحتاج إلى أعظم أطباء علم النفس لدراستها... كانت أمامه كل فرص النجاة ورفضها لأنه مثل غيره لم يكن يصدق أن هذا اليوم سيأتى وأنه سيموت على أيدى شاب ليبى لا يعرف اسمه ولا يوجد حوله الحرس ولا القادة ولا القوات. لاشك أن اللحظات الأخيرة فى حياة هذا الديكتاتور كانت قاسية... يقف مصاباً يستجدى حياته ثم يقبع قتيلاً فى سيارة نقل وتتحول جثته إلى إثبات على قدرة الله فى ضرب الأمثال للناس،درس لكل ديكتاتور فى العالم سيعيش طويلاً فى الأذهان.... عندما تحتقر شعبك هذه هى نهايتك. ولا أنكر أننى شعرت ببعض الحزن والأسى وأنا أرى القذافى فى لحظاته الأخيرة التى سعى إليها بغباء وسحب معه ابنيه. منظر مؤسف حقاً لرجلكان منذ شهرين فقط يهدد بأنه سيقتل ويدمر ويحرق لأنه لا يريد التخلى عن الحكم... وفى النهاية مات فى صفيحة زبالة وأخرجوه من ماسورة مجارى وسحلوه وجرجروه واستهزأ أبناء بلده به وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ذليلاً مقهوراً رغم كل الجبروت الذى مارسه على مدى«42 عاماً» حكم فيها بلاده. كان استمرار القذافى فى الرئاسة ممكناً ولكنه كان يحاج الى قرارات وتغييرات وتنازلات رفضها جميعاً بعجرفة رجل يعتقد أنه فوق الجميع.. فانتهى تحت أقدامهم... وهكذا يكون القذافى أغبى الحكام الذين شاهدنا بأنفسنا وعشنا حكايته... ويكون التاريخ والقدر قد ضربا مثلاً عنيفاً صادماً لكل البشرية بنهايته التى تابعناها ولن ننساها... غباء الحكام الآن انهم مازالوا يتمسكون بالكراسى... البقية فى الطريق... واحدم ات والثانى هرب والثالث يحاكم... ماذا بعد؟