53 عامًا، هم عُمر العلاقات التي جمعت مصر وموريتانيا، والتي تميزت بطابع خاص طوال هذه السنوات، ومازال التعاون بين القاهرةونواكشوط مستمرًا ومثمرًا، تتوجه زيارة جديدة يقوم بها الرئيس الموريتاني ولد عبدالعزيز حاليًا، للقاهرة. واستقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، نظيره الموريتاني ولد عبدالعزيز، بمطار القاهرة الدولي، في زيارة تستغرق يومين، هي الأولى من نوعها منذ أربعين عامًا، يبحث خلالها الجانبان سُبل تعزيز علاقات التعاون على جميع الأصعد. ويتضمن برنامج الرئيس الموريتاني عقد لقاء ثنائي مع نظيره المصري، تعقبه جلسة مباحثات موسعة تضم وفدي البلدين، ثم يشهد الرئيسان التوقيع على عدد من اتفاقيات التعاون الثنائي في مجالات مختلفة. وتأتي هذه الزيارة قبل 3 أشهر من استضافة موريتانيا أول قمة عربية منذ انضمامها لجامعة الدول العربية 1973، لتتوج العلاقات بين البلدين. «العلاقات السياسية»: عام 1963، وضعت مصر وموريتانيا أول حجر أساس في بناء علاقتهما على الصعيد السياسي، حيث قام أول وفد رسمي موريتاني بزيارة مصر، بدعوة من حكومتها ليكون ذلك بداية العلاقات بين البلدين، التي شهدت في هذه الفترة انفراجة كبيرة. وبعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1967، تبرع الشعب الموريتاني لنظيره المصري، بمبلغ 420 ألف فرنك أفريقي. وفي عام 1989، لعبت مصر دورًا هامًا في تسوية الصراع الذي نشأ بين موريتانياوالسنغال، والتي استمرت عهودًا طويلة، لكن تمت تسوية الأزمة من خلال توقيع اتفاقية سلام بين البلدين بوساطة مصرية في عام 1992. وعززت الزيارات المتبادلة من التعاون بين البلدين، حيث عقدت الدورة الأولى، للجنة المشتركة المصرية الموريتانية في نوفمبر 2006، بحثا خلالها الجانبان أوجه التعاون السياسي بينهم، وخرجت بعدة نتائج منها، التوقيع على ست اتفاقات تتضمن مذكرة تفاهم للتعاون بين وزارتي الخارجية. وفي عام 2008، زار مساعد وزير الخارجية للشئون العربية الموريتانية، القاهرة؛ للتشاور في إطار مذكرة التفاهم بين وزارتي خارجية الدولتين. وفي سبتمبر 2009، زار وفد موريتاني رفيع المستوي، يرأسه محمد محمود ولد بوخير، رئيس هيئة تنشيط السياحة الموريتانية، القاهرة لبحث سبل تنشيط السياحة بين البلدين، وأطلع الوفد الموريتاني آنذاك علي الخبرة المصرية المتميزة في مجالات السياحة المتنوعة، وتشجيع رجال الأعمال المصريين علي الاستثمار في موريتانيا في المجال السياحي. وتوقفت العلاقات بين البلدين، إثر ثورة 25 يناير، لكنها عادت من جديد، عام 2014، من خلال زيارة أحمد ولد تكدي، وزير الشئون الخارجية والتعاون بالجمهورية الموريتانية، التقى فيها الرئيس السابق عدلي منصور. وحرص «تكدي»، على نقل تحيات وتقدير الرئيس الموريتاني عبدالعزيز، إلى نظيره المصري، معربًا عن تأييد ودعم بلاده لمصر، وعن تمنيات موريتانيا، دولة وشعبًا، لمصر بنجاح المرحلة الانتقالية وإنجازها على الوجه الأكمل. وأطلع وزير الخارجية الموريتاني، الرئيس، على جهود بلاده فيما يتعلق باستئناف مصر لأنشطتها في الاتحاد الإفريقي. وفي مارس الماضي، قام أسلكو ولد أحمد ازيد بيه، وزير الخارجية الموريتاني بزيارة لمصر، التقى فيها الدكتور نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية، بحثا الجانبان التحضيرات الخاصة بعقد القمة العربية في دورتها 27، في ضوء إعلان القيادة الموريتانية استعداداتها لاستضافة تلك القمة بعد اعتذار المملكة المغربية. «العلاقات الاقتصادية»: ازدهرت العلاقات الاقتصادية بين البلدين عام 2006، بعدما تم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون الاقتصادي والفني بينهم، وتوقيع مذكرة تفاهم للتعاون السياحي، ومذكرة تفاهم آخرى للتعاون بمجال التنمية الإدارية، وتدشين برنامج تنفيذي للاتفاق الثقافي والفني والمهني. كما اتفق الجانبان، خلال انعقاد الدورة الأولى للجنة المشتركة بينهم، على دراسة المقترح الخاص بإقامة مشروع مزرعة نموذجية مشتركة في حوض نهر السنغالجنوبموريتانيا؛ لتنمية الإنتاج الزراعي والحيواني. في عام 2007 بلغت قيمة الصادرات المصرية لموريتانيا، نحو 96 مليون دولار، بينما بلغت قيمة الواردات المصرية منها نحو 75 ألف دولار. ومؤخرًا وقع كل من الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، وغرفة التجارة والصناعة والزراعة الموريتانية، اتفاقية تعاون لفتح آفاق الاستثمار المشترك ودفع التبادل التجاري. «العلاقات الثقافية»: أما على الصعيد الثقافي، فقد بدأ التعاون فيه عام 1964، من خلال توقيع اتفاق للتعاون الثقافي والفني والمهني بين البلدين، والذي بموجبه تم زيادة عدد المنح الجامعية والدراسات العليا من 12 إلى 30 منحة، علاوة على عشر منح كاملة قُدمت من الأزهر الشريف. كما تم افتتاح المركز الثقافي المصري بالعاصمة الموريتانية نواكشوط عام 1964، الذي قام بدور ملموس في ترسيخ الهوية العربية بموريتانيا، من خلال تنظيم ندوات ثقافية وبرامج لدراسة اللغة العربية لغير الناطقين بها.