من المعتاد أن نناقش قضية السكان على أنها مشكلة عامة تخص مصر ككل؟ فى حين أنها مشكلة المدن بوجه خاص، وفى الواقع يمكننا القول بأن العكس صحيح بالنسبة لكثير من المناطق الريفية، حيث نلاحظ التناقص المستمر فى الأيدى العاملة المتوفرة للزراعة ومن الملاحظ أيضاً هجرة نسبة كبيرة من الريف إلى المدن ويرجع ذلك إلى وجود المناطق الصناعية حول المدن الرئيسية وإلى ارتفاع مستوى الخدمات الموجودة فيها بالمقارنة بأى مكان آخر، ولذلك فإن إيجاد فرص عمل مجزية فى مجتمعات جديدة بعيدة عن المدن الحالية تعتبر مساهمة جديدة فى حل المشكلة. كما ترتبط مشكلة زيادة السكان أيضاً بمستوى إنتاجية الفرد حيث طالما يستهلك الفرد كوحدة من الكل أكثر مما ينتج سنظل نعانى من مشكلة زيادة السكان حتى إذا افترضنا مجازاً أن فرداً واحداً يمثل الشعب كله. ويمكن الحل على مستوى التخطيط القومى فى إنشاء مجتمعات جديدة ذات أساس اقتصادى يساهم فى زيادة إنتاجية الفرد بحيث يصبح أكثر من استهلاكه، وفى هذه الحالة أى زيادة فى الإنتاج والخدمات هى الحل الأمثل لمواجهة الزيادة فى عدد السكان وحتى ذلك الوقت علينا الاكتفاء ببعض الحلول المؤقتة مثل تنظيم الأسرة. ومادام لا يوجد سبيل لتوسع التجمعات السكانية داخل الرقعة الزراعية على امتداد وادى النيل وعلى امتداد محاور وطرق الاتصال الموازية له، فإن المساحات الخضراء ستستمر فى التدهور والنقصان. لذلك فإنه من المهم وضع خطة على المستوى القومى للمساهمة فى حل هاتين المشكلتين، إنتاجية الفرد، وتدهور الأرض الزراعية، هذا وقد تم تنفيذ جزء من هذه الخطة بداية عام 1982 فى محافظة البحر الأحمر ونقلتها من حافة التخلف والنسيان إلى آفاق التنمية والعمران بتصنيع السياحة. لم يأت ذلك من فراغ، ولكن برؤية الواقع الذى يؤكد أن الصحراء الشرقية هى الرصيد الذى احتفظ به القدر وادخره لمستقبل مصر.. بما تحمل فى داخلها أعمدة وأساسات قوية فهى منجم المستقبل بكل ما فيها من ثروات طبيعية هائلة لم يستغل منها إلا القليل القليل، كما أنها المجال الوحيد المفتوح أمام الوادى الضيق، حيث تشغل الصحراء خمس مساحة مصر وأكثر من 200 ألف كيلومتر مربع وساحل البحر الأحمر بطول 1280كم إن وضعنا الاقتصادى حالياً يحتم الإسراع فى اتخاذ خطوات فى سبيل تحقيق استمرارية هذه الخطة والمشروع.. وفيما يلى عرض مختصر لتلك الخطة: التركيز على الصحراء الشرقية كظهير صحراوى شرق الوادى الضيق بالتوسع والتنمية والبناء والتعمير فى المساحات الصحراوية الواسعة التى لا تبعد عن وادى النيل الضيق كثيراً، كما أنها الامتداد الطبيعى لنقل الكثافة الزائدة فى السكان بتوطينها بشكل مخطط ومنظم قبل أن تتحول بالإهمال واللامبالاة والتسيب إلى عشوائيات سرطانية. ويتم ربط الوادى بالصحراء الشرقية بتحويل اتجاه المراكز السكانية والإدارية والخدمية الحالية بجميع محافظات الوجه القبلى فى اتجاه الشرق نحو الصحراء الشرقية على امتداد الطرق الممتدة من عواصم تلك المحافظات، والتى تتقاطع جميعها مع شريان أو محور الخدمات الشمالى الجنوبى الموازى لوادى النيل خارج المنطقة الزراعية شرق الوادى. يحقق هذا المشروع المزايا التالية: - تحقيق اللامركزية على المستوى العام - تغيير اتجاه توسع المجتمعات العمرانية على حساب الأراضى الزراعية - إنقاذ الرقعة الزراعية فى ريف الوادى الضيق من الاستهلاك والتدهور بالتحول من الاتجاه الرأسى الموازى للنيل إلى الاتجاه الأفقى فى اتجاه الشرق. - القضاء على إنشاء مناطق عشوائية فوق الأراضى الزراعية فى الوادى الضيق. - إنشاء مجتمعات جديدة ذات أساس اقتصادى يساهم فى زيادة إنتاجية الفرد، وفى هذه الحالة أى زيادة فى السكان ستقابلها بالتالى زيادة الإنتاج والخدمات. - إنشاء مدن سكنية تعتبر ظهيراً للمدن السياحية وإنشاء الموانئ البحرية العالمية الدولية على امتداد ساحل البحر الأحمر لربط آسيا بأفريقيا بالتجارة العالمية. - اتجاه الصناعات إلى التوسع على امتداد خطوط الاتصال الجديدة. - إيجاد فرص عمل جديدة تخفف الضغط على مدن وادى النيل وأثر إيجابى على العاصمة بشكل خاص. - توفير مئات البازارات والمطاعم وخدمات الموانئ البحرية وسياحة اللنشات. - فتح مجالات جديدة للعمل والنشاط الاقتصادى وفتح أسواق جديدة. - تحقيق آمال الشباب المشروعة فى البناء والعمران والتمليك. - تحقيق كثير من المطالب والاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية والنفسية للمواطنين. ولتحقيق هذه الخطة بجدية وسرعة يراعى ما يلي: - مشاركة الصندوق الاجتماعى فى تمويل الشباب بالقروض والمعونات لإنشاء مشروعاتهم الخدمية والسكنية. - مساهمة البنوك والجمعيات التعاونية فى البناء والتعمير لمعاونة الشباب. - قيام القطاع الحكومى فى التخطيط والمعاونة الفنية. - قيام القطاع الحكومى بإنشاء المرافق العامة فى المجتمعات الجديدة. - معاونة مراكز تدريب القوات المسلحة فى تدريب الشباب مهنياً وحرفياً. - فيام الشباب بتكوين الجمعيات وقيامهم بالإنشاءات والتشييد بأنفسهم لتنظيم العمل الجماعى. - تمليك الشباب أراضى الإسكان والمشروعات الخدمية بأسعار تمكنهم من تنفيذ الإنشاءات بحيث لا يزيد ثمن متر الأرض على 5٪ من قيمة المشروع وتتراوح النسبة ما بين (5٪ و15٪) طبقاً لنوع المشروع. -------------- محافظ البحر الأحمر والجيزة الأسبق