قرار مفاجيء يثير العديد من التساؤلات، أقبل عليه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين بالأمس، والمعروف بدعمه لنظام بشار الأسد في سوريا منذ بداية الأزمة بها منذ أكثر من 5 سنوات، فجاء قراره بسحب القوات الروسية الرئيسية من سوريا. وأعطى بوتين أوامره لوزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، بسحب القوات الرئيسية من سوريا بدءا من اليوم الثلاثاء، وجاء هذا عقب لقاء ثلاثي جمعه بوزير الدفاع والخارجية الروسي أمس في الكرملين. و أعرب بوتين، عن أمله بأن بدء سحب القوات الروسية من سوريا سيشكل دافعًا إيجابيًا لعملية التفاوض بين القوى السياسية في جنيف، وأن القرار ببدء سحب الجزء الأساسي من مجموعتهم الحربية جاء لأنه تم تنفيذ أغلب مهمات وزارة الدفاع والقوات المسلحة، مع استمرار القاعدة البحرية والجوية الروسية في سوريا. ذكر محمد حمزة، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن هناك توافقات على حل قادم في سوريا بعد نجاح التهدئة بها، ومما يزيد احتمال أن يتبلور حل الأزمة في سوريا خلال مباحثات "جينيف3". وأوضح في تصريحات خاصة ل "بوابة الوفد"، أن قرار بوتين بسحب قواته الأساسية من سوريا يؤكد وجود توافقات روسية أمريكية حول الأزمات في دمشق، مشيرًا إلى أن هذا القرار جاء بعد أن رأت روسيا أنها قدمت خدمات قوية لنظام الأسد لكنها قررت التوقف عند هذا الحد. وأكد حمزة، على أن هذا القرار يعد تراجع للحل العسكرى، والاتجاه نحو الحل السياسي، الذي يسعى لإعادة تركيب الدولة السورية على أساس فيدرالى أو كونفدرالى، وتأجبل النظر في مصير الرئيس السورى بشار الأسد. وفي المقابل، أكد نظام بشار الأسد في بيان صادر عن الرئاسة السورية على أن قرار بوتين تخفيض عديد القوات الجوية الروسية في سورية، مع استمرار وقف الأعمال القتالية، جاء باتفاق الجانبين السوري والروسي، والإشارة إلى أن روسيا تعهدت بمواصلة دعم سوريا في مجال محاربة الإرهاب. قال مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن هناك عدة دلالات واحتمالات قد ادت إلى هذا القرار المفاجىء من بوتين بسحب قواته من سوريا، وهو أنه ربما يكون هناك ضغط أو تفاهم بين التحالف الإقليمى والدولى حول الوضع في سوريا. وتابع، في تصريحات خاصة ل "بوابة الوفد"، الاحتمال الثانى أن تكون روسيا أدركت ارتفاع التكلفة العسكرية بالنسبة لها، ومن الممكن أن يكون هناك خلاف "روسي_سورى" فيما يتعلق بمباحثات "جينيف3" لحل الأزمة السورية حول طريقة التعامل وآليات الطرح، مشيرًا إلى أن هذا هو الإحتمال الأقرب وراء قرار موسكو بسحب قواتها الرئيسية من سوريا. واعتبر غباشي، أن قرار سحب روسيا لقواتها الرئيسية ربما يكون دفعة وأمل لنجاح مباحثات "جينيف 3"، خاصة وأنه كانت هناك مخاوف من أن تلقى هذه المباحثات مصير"جينيف 1 و2"، فى ظل تشدد النظام السورى في بعض الشروط. وأكد غباشي أن هذا القرار سيكون دفعة للمعارضة السورية وضغط على نظام بشار الأسد، الأمر الذى قد يسهل مهمة التوصل لحل يتعلق بالأزمة السورية العالقة. وأشار غباشي، إلى أنه لابد من الأخذ في الاعتبار إن هذا الانسحاب جزئي وليس كلي، حيث أن بعض القواعد العسكرية والجوية الروسية ما زالت موجودة بالفعل على الأراضي السورية، وما قامت به موسكو هو تقليل من حدة ضرباتها وطلعاتها الجوية. وعلقت إيران على قرار سحب القوات الروسية من سوريا، باعتباره إشارة إيجابية لوقف إطلاق النار، ودليل على أن موسكو لا ترى حاجة للقوة للحفاظ على وقف إطلاق النار، ويساعد على التوصل إلى تسوية سياسية بدمشق، وجاء ذلك على لسان محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني في تصريحات صحفية له. وأكد يسري العزباوي، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن قرار روسيا بسحب قواتها سيفيد في التوصل لحل حول الأزمة السورية العالقة، حيث سيجعل نظام بشار الأسد يتواضع في مطالبه ويتجه نحو الحلول الوسط، خاصة في ظل تعنته في اتخاذ إجراءات ناجزة لحل الأزمة. وقال في تصريحات خاصة ل "بوابة الوفد"، إن القرار تأكيد لوجود توافق امريكى روسي، وأن الأمور تتجه نحو تعظيم طرق الحل السياسية، والتخلى عن فكرة الحل العسكرى، مشيرًا أن قرار بوتين بسحب قواته جاء أيضًا بسبب التكلفة الاقتصادية العالية التى يتحملها، ولم يعد باستطاعته تحمله لها أكثر من ذلك. وكان الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، قد رحب بقرار نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، بالبدء بسحب القوات الروسية الموجودة في سوريا، بإعتبار أن سوريا كانت في أشد الحاجة إلى الحد من العنف منذ بداية اتفاق وقف الأعمال العدائية. وشدد أوباما على أن استمرار الأعمال الهجومية من قبل قوات النظام السوري، التابع للرئيس السوري، بشار الأسد، يُقوض جهود وقف الأعمال العدائية والعملية السياسية التي تقودها الأممالمتحدة.