«فرص عمل للشباب» جملة كثيراً ما تعلنها الحكومة لمواجهة البطالة، وفي حقيقتها سراب يحسبه الظمآن ماء، امنيات وأحلام انتابت الشباب فور الاعلان عن وظائف أو قروض للمشروعات الصغيرة تتحطم جميعها على أبواب الوزارات فور السؤال عن شروط وضمانات الاقتراض في محاولة للتصدي لشبح البطالة في ظل عجز الدولة عن توفير اعانة لمن تعثروا في الحصول على أمل. في مصر يتزايد عدد طالبي اعانة البطالة كلما قلت فرص العمل بسبب الازمات الاقتصادية المختلفة التي تمر بها البلاد وهو ما رفضته الحكومة في مختلف العهود السياسية بدعوي أن إعانة البطالة تتطلب توفير ميزانيات ضخمة لا تستطيع الدولة تحملها خاصة مع ضخامة اعداد العاطلين عن العمل والذي يصل في التقديرات الرسمية الى حوالي 4 ملايين عاطل «الرقم غير الرسمي يصل ل 10 ملايين عاطل» وبالطبع فإن حكومات العهود المختلفة لم يكن بوسعها أن تتحمل دفع مليارات الجنيهات شهرياً للشباب الذي أدت سياساتها الاقتصادية الخاطئة الى انضمامهم الى حزب العاطلين عن العمل كأكبر التجمعات المصرية عدداً وأقلهم تأثيراً. لذلك لا تسمع عن اعانات البطالة الا في الدولة الاوروبية التي توفر اعانة بطالة لمن لا يجدون فرصة عمل، ورغم اختلاف مسمياتها اما اقتصادية وتعني حث الفرد على البحث عن فرصة عمل خلال مدة محددة او بطالة هيكلية والتي يبحث فيها الفرد عن الوظيفة التي يرغب فيها وبالراتب الذي يطلبه ويناسب قدراته الشخصية ومؤهلاته العملية، فالدول الأكثر رفاهية تلجأ الى تقديم اعانة بطالة للعاطلين عن العمل جراء فقد وظائفهم، او لتخفيف الاثر السلبي للبطالة على الاقتصاد، فالولايات المتحدةالامريكية تصرف اعانة بطالة بحد اقصى 26 اسبوعاً وتمثل ثلث اجمالي متوسط الرواتب بما يعادل 350 دولاراً وذلك حسب كل ولاية. اما في مصر فتلجأ الحكومة نظرياً من حين لآخر الى طرح مبادرات مختلفة لتشجيع الشباب العاطل عن العمل الى القيام بمشروعات صغيرة تقضي على البطالة من ناحية وتزيد من الناتج القومي وذلك عن طريق تقديم قروض للشباب بفائدة بسيطة لدعم المشروعات الصغيرة، ولكن عملياً واجهت معظم ان لم يكن جميع هذه المبادرات الحكومية مشاكل كثيرة سواء من حيث الاجراءات الحكومية او من ناحية التمويل المتوفر لهذه المشروعات حتى بعد قيام الدولة بانشاء الصندوق الاجتماعي للتنمية لم تنته هذه المشاكل وبالتالي لم تحدث طفرة في المشروعات الصغيرة في مصر، كما حدث في شرق آسيا التي قامت نهضتها الاقتصادية بداية من ثمانينيات القرن الماضي على المشروعات الصغيرة. مشروعك مبادرة «مشروعك» اقترحتها وزارة التنمية المحلية اثناء تولي اللواء عادل لبيب مسئوليتها وتبنتها حكومة محلب معلنة عن أنها ستمنح الشباب الحل الأفضل لكافة العراقيل التي يجدونها في البحث عن عمل، بالتعاون مع 4 بنوك، وهى: الأهلي، مصر، الائتمان الزراعي، وناصر، ما أعلنت عنه الحكومة وقتها كان مخيباً للآمال بداية من اعلان اللواء عادل لبيب في مارس 2015 عن انشاء موقع الكتروني تابع لمركز المعلومات بوزارة التنمية المحلية، وذلك للتعرف على سبب قبول ورفض المشروعات المقدمة ليتعرف صاحب المشروع على اسباب الرفض لكن لم يتم الاعلان عن أي شىء في هذا الاطار. ابتزاز اما عن شروط القرض والتي يراها الكثيرون انها مجحفة فالشريحة الأولى للقرض من 1000 جنيه الى 25000 جنيه، وبفائدة 28٪ والسداد على فترة 12 شهرا وهو ما يجعل المقترض مجبرا على سداد 32 ألف جنيه في النهاية، فالقروض تمنحها البنوك لتجني اضعافها من الشباب في فترة وجيزة، وهو ما يثير تخوف الشباب من عدم القدرة على السداد، ولتضمن البنوك أموالها وضعت عائقا امام المبادرة وهو شرط وجود ضامن من موظفي الدولة او لديه سجل ضريبي، لضمان الحجز على الراتب حال تعثر المستفيد، عن السداد اما الشريحة الثانية فاشترطت وجود تعاملات بنكية قبل الاقتراض. وفيما يخص اعلان الوزارة عن مساهمة المبادرة في انشاء الكثير من المشروعات الصغيرة والمتوسطة نجد أن الكثير من المكاتب الموجود بالاحياء قد أغلقت لعدم وجود مستفيدين من المبادرة كحي المعادي ومصر الجديدة، وارسال من يرغب في الحصول على القرض الى الاحياء المجاورة التي لم تغلق مكاتبها بعد. معاذ صالح 26 عاماً أكد ذهابه لمقر المشروع في الحي التابع له بالمعادي وفوجئ بأن المكتب المخصص للمبادرة مغلق فتوجه الى حي البساتين، فاكتشف أن الشروط التي وضعتها وزارة التنمية في تسديد القرض بالكامل خلال 12 شهراً تمهد لخسائر لا قبل له بمواجهتها حيث تجعله في نهاية الأمر قاب قوسين من السجن حال فشل المشروع. اما مصطفي ضياء فيري أن المبادرة مشروع فاشل فكل التراخيص المطلوبة للحصول على القرض على حسابنا الشخصي وهو عبء يتكلف على أقل تقدير 5 آلاف جنيه، الى جانب ان فكرة الضامن تمثل عائقاً فمن يجازف براتبه الشهري من أجل مشروع قابل للخسارة؟ فالضامن هو الخاسر قبل صاحب المشروع. وهم «انطلق» كباقي مبادرات البلدوزر «ابراهيم محلب» التي اعلن عنها تحت اسم «انطلق» لدعم انشاء 1000 مصنع بالقاهرة تتيح 50 ألف فرصة عمل جديداً، الى جانب دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بأسعار فائدة مخفضة 4٪ على المشروعات الصناعية و5.5٪ للمشروعات غير الصناعية و7٪ للمؤسسات غير الرسمية، وكباقي المبادرات لم نر أو نسمع عن شيء جديد، والبطالة تسير بخطى ثابتة نحو قلب الاقتصاد. على خطى الصندوق الاجتماعي للتنمية الذي تم تأسيسه عام 1991 لمواجهة العمالة العائدة من حرب الخليج والذي اوقع بالكثير من العملاء المتعثرين، وحرم مصر من المشروعات الصغيرة التي تلعب دوراً مهماً في دعم الاقتصاد المصري، حيث كان يعيب الصندوق الاجتماعي عدم دراسة الموقف الائتماني للعميل، بالاضافة الى عدم وجود خبراء اقتصاديين يتولون مسئولية تحديد التمويل المناسب حيث يعدون دراسة جدوى وفقاً لرؤية العميل. دكتور صلاح هاشم استاذ التنمية والتخطيط بجامعة الفيوم يرى أن السياسات الاقتصادية المتبعة في مصر لم تثبت فاعليتها في القضاء على البطالة بل أصبحت عبئاً على الشباب بسبب التعثر في السداد لأنها تقوم علي الاقتراض، فهى سياسات مصرفية بحتة تحمل غطاء وهميا تحت مسمى القضاء على البطالة سواء تم تطبيقها عن طريق وزارة التنمية المحلية أو الصندوق الاجتماعي، فمعظم المشروعات القائمة على الاقتراض هى مشروعات وهمية لعدم وجود دراسات جدوى جادة لاحتياجات سوق العمل، بالاضافة الى عدم وجود وحدة داخل الاجهزة للمتابعة والتقييم، الى جانب أن الضمانات التي تطلبها تلك المؤسسات هى ضمانات مصرفية، وهو ما جعل الشباب يبتعد عن المبادرة لصعوبة اشتراطاتها على شباب يبدأون حياتهم. ويوضح هاشم أن مبادرات الدولة تقتل بعضها فمن مبادرة مشروعك بفائدة 28٪ ومبادرة الرئيس البالغ حجمها 200 مليار جنيه بفائدة 5٪ كلها تعد ضربة للصندوق الاجتماعي ومبادرة مشروعك، إذ لا يوجد تنسيق في الاعلان عن المشروعات. معلومات مبادرة مشروعك الشريحة الأولى من 1000 جنيه حتى 25 ألفاً نسبة الفائدة 28٪ والسداد حتى 12 شهراً الشريحة الثانية أكثر من 25 ألفا وحتى 100 ألف نسبة الفائدة 10٪ والسداد بحد أقصى 5 سنوات الشريحة الثالثة أكثر من 100 ألف وحتى 250 ألفا نسبة الفائدة 15٪ السداد بحد أقصى 5 سنوات الشريحة الرابعة أكثر من 250 ألف حتى 2 مليون نسبة الفائدة 30٪ السداد بحد أقصى 5 سنوات الشريحة الخامسة من مليون لمليوني جنيه نسبة الفائدة 40٪ السداد وفق ما تسفر عنه دراسة المشروع. مبادرة «انطلق» 1000 مصنع تحت الانشاء بالقاهرة 50 ألف فرصة عمل 4٪ فائدة للمشروعات الصناعية 5.5٪ فائدة للمشروعات غير الصناعية 7٪ فائدة للمؤسسات غير الرسمية