«الدولة لا تتدخل فى شئون القضاء»، كلمة أكد عليها رئيس الجمهورية فى كثير من المناسبات التى شارك فيها سواء داخل مصر أو خارجها، للحد من محاولات التشويه التى تمارس ضد السلطة القضائية منذ ثورة 30 يونية على خلفية أحكام الإعدام التى صدرت مؤخرًا ووصفت بأنها سياسية. مجموعة الأحكام التى صدرت ضد منتمين لجماعة الإخوان فى قضايا الإرهاب والأمن القومى جميعها تم قبول النقض فيها وإعادة محاكمة المتهمين من جديد فى القضايا التى كان آخرها قضية مذبحة كرداسة التى راح ضحيتها 11 شهيدًا من قوة قسم شرطة كرداسة. طابع التشويه والتشكيك لم يتوقف، سواء من الإخوان أو من أهالى الشهداء الذين ألقوا باللوم على القضاة لتأخير البت فى قضاياهم وإرساء القصاص العادل والناجز لدماء الشهداء، حتى وصلت المطالب إلي طلب نظر القضايا أمام القضاء العسكرى لسرعة البت فيها.. «الوفد» استطلعت آراء عدد من القضاة والحقوقيين حول ما تتعرض السلطة القضائية من تشويه. الجهل.. مصدر الشائعات المستشار رفعت السيد، رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق، قال: إن القضاء فى مصر له تاريخ وله قيم وتقاليد مستقرة فى وجدان كل قاضٍ أقسم قبل أن يؤدى عمله، علي أن يحكم بين الناس بالعدل وأن يحترم الدستور والقانون وأن يسعى بكل طاقته واجتهاده إلى تطبيق القانون على الوجه الصحيح حسبما أستقر فى وجدانه. وأكد «السيد» أن نصوص القانون بطبيعة الحال حمالة أوجه وليس مواد صماء لا يختلف فى تفسيرها وفى تقييمها قاضٍ عن الآخر، بل إنها كما يقال تعد مجازاً كائنات حية تتعرض للتغيير والتبديل ويختلف حول تطبيقها الكثيرون. وأكد رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق، أن الأحكام التى تصدر من القضاء تعبر عن علم القاضى وفهمه للدعوي وقناعته بالدليل، وهو أمر بطبيعة الحال قد يكون مختلفاً بين قاضٍ وآخر، ولذا أبيح الطعن فى الأحكام ليعاد نظرها أمام جهات قضائية أعلى حتى يستقر الحكم ويصيح باتاً بقضاء المحكمة العليا وهى محكمة النقض. واعتبر «السيد» أن ما يشاع بين العامة ممن لا علم لهم بالقانون، سواء كان ذلك على قصد سيئ منهم أو عن حسن نية، مرجعه هو جهل هؤلاء بالقانون وعدم درايتهم بالنهج القضائى وكيفية إصدار الأحكام وسريتها وما يحدث فى مصر من أحكام قضائية سواء تم تأييدها من قبل المحكمة الأعلى أو نقضها والغاؤها، وإعادة المحاكمة بشأنها هى شهادة تقدير ووسام على صدور القضاة تنطق بصراحة وبلا لبس أو غموض أن فى مصر قضاء وقضاة يفخر بهما شعب مصر بأسرة، وأن أحكامهم النهائية عنواناً للحقيقية ولا يتدخل أحد من بعيد أو قريب فى عمل القضاء أو توجيهه بأى صورة من الصور، والعالم كله يحترم أحكام القضاء المصرى، والدليل أنه في القضايا العامة التى تشغل الرأى العام وينتظر الناس سرعة الفصل فيها كان القضاء المصرى يوفر لكل متهم مهما كانت جريمته ومهما بلغت بشاعته من معاداة للإنسانية والوطن، فهو يوفر لهم وسائل الدفاع عن النفس ووسائلهم المشروعة فى تحقيق هذا. العدالة الناجزة.. والأدلة القوية واعتبر المستشار زكريا السيد، رئيس مجلس إدارة نادي النيابة الإدارية، أن السرعة والإنجاز فى الحكم وإرساء الأحكام شىء مطلوب ولكن إذا توفرت الأدلة التى تدين المتهم حتى لا يتحمل القاضى ذنباً أمام الله. وقال «السيد»: إن هناك دولاً أوروبية مثل فرنسا تعمل بالمثل الشعبى «حكم ظالم بسرعة خير من دعوي متأخرة»، مؤكداً أن هذا المثل لا يمكن تطبيقه فى مصر لأن القضاء يخرج فى عمله عن نطاق القانون ويضع أمامه العدالة المطلقة. وأشار «السيد» الى أن إنجاز القضايا التى تهم الرأى العام يجب أن تتوفر فيها الأدلة المقنعة أو يتم إصدار قانون خاص لإحالة تلك القضايا إلى القضاء العسكرى، مؤكدًا أن مثل هذه الشائعات التى تطلق بين الحين والآخر لا يمكن أن تؤثر على عمل القضاء، لأن القاضى يضع الله نصب عينيه قبل أن يحكم على المتهم. مؤتمر.. للعدالة وقال جورج إسحاق عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان: إن القضاء المصرى هو حائط الصد الوحيد والملاذ الأول والأخير للمواطن المصرى ولا يمكن التشكيك فى عمله مطلقاً. وطالب «إسحاق» بعقد «مؤتمر للعدالة» فى مصر يشمل رجال القضاء وقيادات وزارة الداخلية والمجلس القومى لحقوق الإنسان لإعادة النظر فى تحريات رجال الأمن والاتهامات التى توجه للمواطن، قائلاً: «هناك حالات يتم القبض عليها فى مظاهرة يوجه لها تهمة محاولة قلب نظام الحكم».. لافتًا إلى أن هذا الأمر يجب أن يتم تغييره بما يضمن حق الدولة والمواطن. وأضاف عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن القاضى يحكم من خلال أدلة ومحضر مقدم من رجال الداخلية، وقد يكون فيه تجاوزات ويحكم القاضى من خلال الأدلة المقدمة، لافتاً إلي أن هذا الأمر يضع القضاء على المحك ويجعله عرضة للانتقاد.