لقد شهد السودان الشقيق توقيعاً ل3 اتفاقات للسلام لانهاء الصراعات بين القوي السياسية" نيفاشا2005مع الحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان، واتفاق ابوجا مايو 2006مع بعض متمردي دارفور و اتفاق اسمرة مع جبهة الشرق في اكتوبر2006" . وجاءت هذه الثلاثية لتكون بمثابة المطرقة التي هوت علي جسد وادي النيل لتمزقه ولم تكن تلك الاتفاقات لتمهد لاستقرار السودان اكثر مما كانت تستهدف تفتيته وتفتح الباب لشهية المسلحين المناوئين للخرطوم ليحذوا حذو الحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان ويطالبوا بحق تقرير المصير وهذا ما وجدناه من اصوات تعلو من دارفور تطالب بذلك فيما سبقها ما يعرف بالجبهة الوطنية لشرق السودان التي دعت للانقلاب علي الرئيس البشير. وللأسف الشديد فإن السياسة الخارجية المصرية ظلت متذبذة ولها اخطاؤها الفادحة فيما يتعلق بالملف السوداني ... وبدأت تحركات القاهرة متأخرة انطلاقا من معارضتها اي خطوة في طريق تقسيم السودان خشية من قيام كيان يمثل خطرا علي امنها القومي في الجنوب يؤثر علي تدفق مياه النيل هذا من جانب ثم سرعان ما بدأت تستفيق علي واقع مر وأليم واتجاه عالمي يتجه نحو دعم انفصال الجنوب السوداني، ليتأكد لها ان سياسة منتصف العصا لم تكن صحيحة علي الاطلاق في معظم تحركاتها مع الاشقاء في السودان اللذين لم يدخروا فرصة واحدة علي توجيه اللوم للشقيقة الكبري في معالجتها للامر....! .وشهد تقرير الازمات الدولية الصادر في مايو 2010 ان مصر عملت في مجال جعل الوحدة الجاذبة اكثر مما فعلته الخرطوم. ويمثل بتر الجنوب السوداني، اول رحلات قطار التفكيك في سلسلة انفصالات السودان خططت لها أجهزة الاستخبارات الغربية والتي من المتوقع أن يكون حصيلتها هي 5 أقاليم سودانية مفتتة، ما يعني ضربة كبيرة للأمن القومي المصري من الجبهة الجنوبية التي ظلت مستقرة علي مدار التاريخ، ومدخلا لتدخلات استخبارية لا حصر لها.ويعني هذا الامر أن موارد المياه المصرية ستكون معرضة للخطر، خصوصا أن هناك مخاوف مصرية قديمة من تغلغل صهيوني في الجنوب.والدليل علي ذلك ما قاله "آفي ديختر" وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي في محاضرة رسمية في 30 اكتوبر2008 كانت مخصصة للحديث عن الدور التخريبي الصهيوني في السودان، وكيف أن هدفه الستراتيجي هو تشجيع انفصال الجنوب ودارفور. واكد "دختر" حينذاك انه عاجلا أو آجلا سيتم تقسيم السودان إلي عدة كيانات ودول مثل يوغسلافيا التي انقسمت إلي عدة دول وقال إن الأمر متعلق بالتوقيت ومتي يتفتت السودان؟.ونشرت صحيفتا "لوموند" و" ليبراسيون"الفرنسيتان عام2006 تقريرين للمحللين العسكريين" جوزيف السوب"و"دوا سيزار". وقال" السوب" في تقريره إن هناك تنسيقًا كاملاً بين المخابرات الأمريكية و"الموساد" الإسرائيلي ومتمردي دارفور بهدف زعزعة الاستقرار في الإقليم ونشر الفوضي في السودان، من أجل دفع الشعب السوداني إلي مغادرة أراضيه ليقال إن الحرب الأهلية أدت إلي بث الرعب والخوف في صفوفه، وبهدف اكتساب تعاطف المجتمع الدولي مع قرار نشر قوات دولية. وأشار في تقريره الذي جاء تحت عنوان "أهداف الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط" إلي أن الولاياتالمتحدة نجحت بالفعل في أولي خطواتها واستطاعت أن تجبر الأممالمتحدة علي اتخاذ قرار بنشر قوات في دارفور يتجاوز قوامها 20 ألف جندي تمثل القوة الأمريكية فيها حوالي 15 ألف جندي.ورجح الباحث أن تكون الخطوة التي يتم اتخاذها في الإقليم؛ هي نشر بطاريات صواريخ أرض أرض باتجاه السد العالي في مصر وبعض المدن الكبيرة في ليبيا والشمال الأفريقي،.وتوقع أن تكون الخطوة الثانية سحق الجيش والمقاومة السودانية وإسقاط الحكومة وتشكيل حكومة موالية للأمريكيين من المتمردين لبث الخلافات بين السودان والدول العربية والإسلامية ودول جنوب وغرب أفريقيا لتتفرغ بعد ذلك القوات الأمريكية في شحن البترول السوداني إلي الولاياتالمتحدة وتحويل جزء من مياه النيل إلي إسرائيل عن طريق مد أنابيب بأقطار كبيرة جدا إلي أماكن مختلفة في إسرائيل. ونعود هنا ونذكر باتفاق عنتيبي الجديد حول تقاسم مياه النيل في مايو2010 والذي تحفظت مصر والسودان علي التوقيع عليه.