أثار نقل قضية «محاكمة القرن» التي يعاد فيها محاكمة الرئيس الاسبق محمد حسني مبارك لاتهامة بالتحريض علي قتل متظاهري ثورة 25 يناير إلي أكاديمية الشرطة، أزمة جديدة بين محكمة النقض من جهة وبين وزارتي العدل والداخلية من جهة أخري. حيث تري محكمة النقض ان نقل مكان انعقادها خارج دار القضاء يعد اهانة لها، في حين تري وزارة الداخلية صعوبة تأمين «مبارك» في منطقة وسط البلد وذلك لدواعي أمنية، وأوصت الداخلية منذ اولي جلسات إعادة محاكمة مبارك بنقل المحكمة لأكاديمية الشرطة حتي تتمكن من نقله وتأمينه. بدأ الخلاف بين محكمة النقض ووزير العدل يظهر علي السطح ، عندما نشرت جريدة «الوقائع المصرية» أول أمس الأربعاء، قرار وزير العدل المستشار أحمد الزند رقم 189 لسنة 2016، بنقل مقر انعقاد جلسات الطعن رقم 655 لسنة 85 قضائية والخاصة بالرئيس الأسبق حسنى مبارك، إلى مقر أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة. وتبين أن قرار وزير العدل الذي نشرته «الوقائع» صدر في 6 يناير الماضي وينص على نفاذه من 21 يناير، وهو القرار الذي تلقته محكمة النقض التي تنظر القضية برئاسة المستشار أحمد عبدالقوي في جلسة 21 يناير الماضي، ورفضت تنفيذه، لعدم استقلالية وعدم ملاءمة الأكاديمية لانعقاد المحكمة. وأجلت القضية إلى 7 أبريل المقبل لاتخاذ إجراءات اختيار مكان مستقل ومناسب لانعقاد المحكمة بحضور مبارك، داخل مدينة القاهرة.واختلف القضاة فيما بينهم حول قرار الزند بنقل المحاكمة حيث بعضهم يري ان النقل الي اكاديمة الشرطة يعد اهانة لقضاة النقض ، في حين يري البعض الآخر ان القرار صائب وذلك بسبب دواع امنية خاصة بالقضية. ومن جانبه أكد المستشار عادل الشوربجي النائب الاول لرئيس محكمة النقض في تصريحات خاصة ل«الوفد» ان محكمة النقض تصر علي موقفها وترفض الانتقال الي أكاديمية الشرطة، وتطالب بتخصيص مكان لقضاة النقض فقط يكون داخل القاهرة وان يكون ملائما للمحكمة ، لافتا إلي أن المحكمة لا ترفض مبدأ الانتقال ولكن تعترض علي المكان ، وقال مشددا «عايزين مكان مخصص لنا فقط فاليوم ننظر محاكمة مبارك وغدا قد ننظر محاكمة أي شخص آخر فهل يعقل ان تكون في مقر الشرطة». وبسؤال المستشار «الشوربجي» عن موقف محكمة النقض من قرار «الزند» وهل سترسل المحكمة خطابا رسميا له توضح فيه موقفها ورفضها للانتقال الي الاكاديمية ، أجاب قائلا «احنا مش هنبعت حاجة لحد»، مؤكدا انه في حالة عدم توفير مكان خاص بالنقض ويلائم طبيعة عملها فسوف تعقد جلسة مبارك القادمة داخل دار القضاء العالي ولن تنتقل الي اكاديمية الشرطة. موضحًا أن هيئة المحكمة سبق وأبدت اعتراضها علي نقل الجلسات إلى أى مكان آخر غير مستقل عن جميع الأطراف، وأن وزارة العدل أكدت فى وقت سابق، ضرورة انعقاد الجلسات فى مكان محايد وعدم ملاءمة أكاديمية الشرطة لانعقاد الجلسات هناك. بينما يري المستشار جمال القيسوني رئيس محكمة استئناف اسيوط ان وزير العدل له الحق الكامل في تحديد مكان انعقاد الجلسات حسب الظروف الامنية لكل قضية ، وان قرارات الوزير الزامية ولا يحق لأي جهة التدخل فيها ، قائلا «ان الوزير له الحق في نقل اي محاكمة لأي مكان سواء الي وادي النطرون او برج العرب او اقصي ولا يمكن التدخل في قراراته»، لافتا إلي ان قرار «الزند « بنقل المحكمة هو قرار إداري فقط وهذا لا يعد تدخل في عمل القضاة . وأشار «القيسوني» إلي ان وزير العدل خصص قاعة مكيفة لقضاة النقض لنظر القضية في ظروف امنية مناسبة ، موضحا انه لا يمكن نقل مبارك لدار القضاء لان ذلك يستلزم اخلاء منطقة وسط البلد وهذا مستحيل أمنياً. ويري المستشار رفعت السيد رئيس محكمة جنايات القاهرة الاسبق ان الاصل المقرر قانونا أن تجري المحاكمات سواء جنائية او مدنية في القاعات المخصصه لهذا الغرض ، وانه علي سبيل الاستثناء يتم نقل الدائرة التي تنظر قضية معينة الي مقر خارج قاعات المحكمة وذلك لاسباب امنية او لاي اسباب يراها رئيس الدائرة او الجهات الامنية ، موضحا انه في حالة عدم تحقيق الامن والامان سواء للقضاة او المتهمين او اعضاء هيئة الدفاع ومشاهدي المحاكم العلانية يتم اختيار مكان اخر لتحقيق فيه الدواعي الامنية . وقال «السيد» ان محاكمات رجال نظام مبارك والمتهمين من خلايا جماعة الاخوان وعلي رأسهم الرئيس الأسبق محمد مرسي تم نقلهم الي أماكن مخصصه لمحاكمتهم وذلك لتوفير الامن لهم، حيث انه تم نقلهم بواسطة طائرات مخصصه الي أكاديمية الشرطة كما ان بعض اعضاء المحاكم تم نقلهم بذات الوسيلة، لذلك يري «السعيد» ان قرار وزير العدل بنقل محاكمة مبارك قرار صائب، قائلا: «آه من الصعب ان تعقد محاكمة مبارك بدار القضاء وفي وسط البلد لان بها اكثر من ألف عامل وموظف كما يرد اليها ما لا يقل عن الف مواطن لديهم مطالب وقضايا ، وهذا يجعل عملية تأمين الجلسة مغامرة لا يمكن تفادي عواقبها». وعلي الجانب الآخر صرح مصدر أمني بمحكمة دار القضاء العالي ل«الوفد» بأنه يجوز نقل محكمة النقض الي اكاديمية الشرطة وذلك لتواجدها داخل النطاق الجغرافي المحدد في القانون، والذي نص بأن يكون مكان انعقاد المحكمة داخل العاصمة وهي القاهرة. وتساءل المصدر مستنكرا هل إذا وقع لدار القضاء أي حدث طارئ، وعقدت محكمة النقض جلساتها في مكان آخر فهل هذا غير قانوني؟!، مؤكدا ان أي مكان تنظر فيه محكمة النقض قضاياها يعد مقرا للمحكمة طالما ان أعضاء هيئة المحكمة موجودون. والجدير بالذكر ان مبارك استنفذ جميع مراحل التقاضي في قضية «محاكمة القرن ، ليقف في محطتها الأخيرة أمام محكمة النقض التي تنظر القضية في الموضوع لذلك فإنه يلزم حضور مبارك بنفسه جلسات محاكماته. ويعد حكم محكمة النقض علي «مبارك» نافذا وواجبا ولا يقبل الطعن عليه مرة اخري.