تنهال طلبات المقابلات الصحفية على نادين لبكى منذ فوز فيلمها "وهلأ لوين؟" بجائزة الجمهور في مهرجان تورونتو للسينما، وحلم الحصول على جائزة أوسكار أولى بدأ يداعب الكثير من اللبنانيين الفخورين بنجمتهم الشابة التي بلغت شهرة عالمية في زمن قياسي. في مقهى صغير في بيروت، تتحدث نادين بتأثر عن اختيارها، وتقول "النجاح مسئولية، ويجعلني أشعر بأنني ناطقة باسم بلادي". وقد حاز فيلم "ذا كينج سبيتش" (خطاب الملك) العام 2010، جائزة الجمهور في مهرجان تورونتو، قبل وقت قصير من ترشيحه الى جوائز الاوسكار حيث فاز بأربع جوائز. وسيشكل مجرد ترشيح "وهلأ لوين؟"، وهو فيلم يبرز عبثية الحروب، الى هذه الجائزة العريقة سابقة بالنسبة الى لبنان حيث الصناعة السينمائية شبه غائبة. وكان الفيلم الأول للمخرجة والممثلة نادين لبكى، "سكر بنات" الذي يروى سيرة نساء يعملن في صالون تزيين، لاقى نجاحا كبيرا عام 2007، وتم عرضه خلال فاعلية اسبوعى المخرجين في مهرجان كان السينمائي. ويلاقي فيلم "وهلأ لوين؟" الترحيب ذاته منذ خروجه الى الصالات في منتصف سبتمبر في باريس ومنذ أكثر من أسبوع في لبنان. وكتبت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية ان "لبكي تملك سلاحا لوقف الحرب"، بينما وصفته "لوفيجارو" بأنه "الفيلم الأكثر حماسا لهذا الموسم". وسجل الفيلم رقما قياسيا بين الأفلام اللبنانية على الإطلاق إذ شاهده خلال الأيام الأربعة الأولى لعرضه أكثر من 21 ألف مشاهد، على ما أفادت الشركة الموزعة في لبنان. وترغب نادين لبكي، من خلال ظهورها على الساحة العالمية، أن تحمل صوت بلدها الذي ما زالت حواجز الخوف فيه قائمة بين أبنائه بعد نحو عشرين عاما على انتهاء الحرب الأهلية. وتؤكد انه "عندما يقال لي لقد رفعت اسم لبنان عاليا، تغلبني الدموع. وأشعر أنني لا أريد ان أخيب آمال الناس أو أن أعكس صورة غير دقيقة عن بلدي". عاشت نادين لبكي طفولتها في لبنان، الذي كان يرزح آنذاك تحت حرب اهلية مدمرة استمرت من العام 1975 الى العام 1990. وفي سن مبكرة وجدت نادين في الصورة ملجأ لها من الملل. وتقول "كان التليفزيون هو الملاذ الوحيد لطفلة صغيرة عاشت حبيسة الجدران الأربعة في أيام الحرب". تلقت نادين دروسها في جامعة القديس يوسف في بيروت حيث نالت إجازة في المرئي والمسموع، وأعدت فيلما للتخرج بعنوان "11 شارع باستور" حصل على جائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان السينما العربية في معهد العالم العربي في باريس العام 1998. ثم عملت بعد ذلك على تعزيز حضورها في عالم الإخراج من خلال العمل في مجال الاعلانات التجارية والفيديو كليب التي تلقى رواجا كبيرا في لبنان. وتقول "تعلمت في لبنان، حيث لا يوجد مخرجون يشكلون مرجعيات في هذا المجال" مضيفة "لا أعرف ما إذا كنت أحسن القيام بعملي، لكن مجرد وصول الفيلم الى مهرجاني تورونتو وكان يمنحني الثقة بالنفس". ولا يروق لنادين لبكي، التي تعمل دائما مع المنتجة الفرنسية آن دومينيك توسان وشركة الانتاج "لي فيلم دو تورنال"، أن يقال إنها تخرج أفلاما "تعجب الجمهور الغربي" من خلال إظهار نساء شرقيات جريئات في إطار يتخلله الهزل وتطغى عليه روح الفكاهة اللبنانية. وترد قائلة "ليس لدي وصفة معينة اتبعها، أنا أتبع احساسي". يروي فيلم "وهلأ لوين" قصة نساء قرويات يسعين لمنع رجالهن من المشاركة في الحرب، وهن لا يترددن في سبيل ذلك، عن الاستعانة بخدمات راقصات أوكرانيات يعملن في مراقص ليلية. ترى نادين لبكي ان النكتة "سلاح قوي جدا"، لاسيما في مواجهة الاسلحة الحقيقية. وهي بدأت بكتابة سيناريو الفيلم في مايو من العام 2008 بالتزامن مع وقوع اشتباكات مسلحة في العاصمة بيروت وبعض مناطق الجبل، وكانت حاملا آنذاك. وتشير نادين، وهي متزوجة من خالد مزنر الذي ألف الموسيقى التصويرية للفيلم الى أنه "في بضع ساعات، تحول الناس الذين عاشوا مع بعضهم الى أعداء". وتقول للذين يعتبرون ان فيلمها ينطوي على رسائل مباشرة لا بل ساذجة "أريد أن تكون الرسالة مباشرة، لا أريد ان أرى المزيد من النساء المتشحات بالسواد يرين ابناءهن يموتون امام أنظارهن". وتقول نادين إن إخراج الافلام بالنسبة إليها فيه شيء من "العلاج". ولم تفصح نادين لبكي عن مشروعاتها المستقبلية، لكنها تؤكد أنها ستعمل دائما على "استكشاف هذا الخوف من الآخر، وإظهار الرغبة في بلوغ عالم أفضل".