ناقشنا فى سلسلة ملفات غياب ملامح الشخصية المصرية عن الدراما المصرية فى الفترة الأخيرة، حيث غابت كل السمات الإيجابية واكتفى أهل الإبداع بتقديم التشوهات والسلبيات.. وأجمع عدد من المبدعين على أن السبب هو الاقتباس من الخارج وعدم الاستغراق فى تفاصيل الواقع الأمر الذى أفقدنا هويتنا الحقيقية على الشاشة.. واليوم نلتقى مع عدد من رؤساء جهات الإنتاج لمعرفة الأسباب التى أضاعت ملامح الشخصية المصرية. رغم كثافة الإنتاج الدرامى المصرى وتواجد كبار النجوم الدراما والسينما فى منافسة أصبحت الآن مستمرة خارج صندوق رمضان إلا أن عدداً كبيراً من هذه الأعمال غير مؤثرة فى وجدان وسمع وبصر المشاهد وينتهى تأثيرها بمجرد انتهاء عرضها نظراً لما تحمله من انحدار فى المضمون الذى لا يتماشى مع التغيرات والتطوير فى الصورة والإخراج وأصبحت تدعو للعنف والقتل والبلطجة وتداعب مشاعر الجمهور بسلوك انحرافى من أجل المال وضاعت فيها القدوة والشخصية المصرية الأصيلة التى شاهدناها عبر أعمال الكبار الذين اختفوا بفعل المنطق التجارى للدراما أمثال الكاتب الكبير محفوظ عبدالرحمن الذى قدم «أم كلثوم» و«بوابة الحلوانى» وغيرهما من الروائع واختفاء الكاتب المبدع محمد جلال عبدالقوى صاحب «المال والبنون» و«الغربة» و«نصف ربيع الآخر» وقلة الإنتاج لمبدع مثل يسرى الجندى بأعماله الرائعة منها «جمهورية زفتى» و«المصراوية» ورحيل أسامة أنور عكاشة ومحمد صفاء عامر وغيرهما هذا من جانب لكن الجانب الآخر هو اختفاء الإنتاج الرسمى الذى يمثل إنتاج الدولة مثل صوت القاهرة وقطاع الإنتاج ومدينة الإنتاج الإعلامى وكلها جهات إنتاج قوية قدمت روائع الدراما وهذه الجهات توقفت عن الإنتاج باستثناء المدينة التى انخرطت بحكم المنافسة والسوق الدرامية فى نوعية الأعمال التى تجارى القطاع الخاص للأسف. أسامة هيكل، رئيس مدينة الإنتاج الإعلامي، أكد أن هذه الخسارة جاءت نتيجة عدم تقديم منتج درامى جيد يخلد فى الذاكرة مثل أعمال الكبار وإنتاج الدولة زمان والذى تربى عليه وجداننا ومشاعرنا ومازلنا نحفظ ونتذكر هذه الأعمال جيداً. ويكمل: لهذا السبب قررنا إعادة النظر فى إنتاج المدينة من خلال نصوص تدعو للقيم والأخلاق والانتماء وتواكب المرحلة التى نعيشها مثل الدعوة للعمل وحب الوطن والدعوة للقيم النبيلة وإظهار الشخصية المصرية المناضلة والمعطاءة التى ضحت لبلدها وشعبها وهو ما نجتهد لإنتاجه فى خطة المدينة القادمة، وفق معايير مهنية وإنتاجية وتسويقية وجماهيرية راقية. المخرج أحمد صقر، القائم بأعمال رئيس قطاع الإنتاج بالتليفزيون، قال: اختفت بالفعل الأعمال الدرامية التى تقدم الشخصية المصرية الأصيلة التى تدعو للقيم والعادات والتقاليد والقدوة والانتماء وذلك لاختفاء إنتاج قطاعات الدولة وسيطرة القطاع الخاص على سوق الدراما وهو يقدمها وفق معايير المنافسة من وجهة نظره ونزلت بمستوى الدراما لألفاظ ومشاهد خادشة وتدعو للقتل والسرقة والفساد وظهرت الفجوة كبيرة بين إنتاج القطاع الخاص والعام واختفت الدراما الإيجابية نتيجة غياب التمويل لدينا منذ عامين وتوقفنا عن الإنتاج. وأضاف: لدينا فى خطة القطاع 6 مسلسلات عملان دينيان وسطيان فى الأزهر الآن وعملان آخران يدعوان للانتماء والوطنية وعمليان اجتماعيان يدعوان لعودة القيم والعادات والتقاليد والقدوة وجميع هذه الأعمال تعيد الشخصية المصرية الأصيلة التى اختفت لكن ظهور هذه الأعمال للنور مرتبط بوجود التمويل المالى اللازم. وأضاف: إن شاء الله سيحدث لأن الرئيس نفسه مهتم بعودة هذه النوعية من الأعمال ووعد بعودة إنتاج الدولة فى صورة راقية ومحترمة وتناقش قضايا قومية ووطنية مهمة لا تهدف إلا للربح الوجدانى والعقلى والتنويرى وليس الربح المادى فقط الذى يسعى له المنتج الخاص. وفى صوت القاهرة أكد المخرج محمد العمري، رئيس مجلس إدارة الشركة، أنه يتم حالياً استكمال أعمالها المتوقفة منذ عامين التى اختارها رئيس الشركة الأسبق سعد عباس وفيها تجسيد جيد للشخصية المصرية الأصيلة مثل دور المرأة المكافحة الطموحة فى جداول لسهير رمزى والدعوة لقيم الانتماء ونبذ الأنانية وحب الذات فى «كش ملك» وكشف الدور الجيد والوطنى للشرطة فى مسلسل «ضابط وضابط». وأضاف: لدينا خطة بها أكثر من عمل تسعى لبث روح الانتماء والعمل والطموح والاعتدال وتتميز بالمضمون الراقى لكنها تحتاج لسيولة مالية فى التنفيذ وهو ما ننتظره من الدولة لدعمنا، وأشار إلى أن صوت القاهرة وقطاعات الإنتاج الرسمية لديها المقومات الفنية والإنتاجية التى تمكنها من تقديم هذه النوعية الأصيلة من الدراما والتى حققت بها القطاعات الإنتاجية الرسمية من قبل تواجداً قوياً وسيطرت بها على سوق الإنتاج الدرامية وصدرتها للوطن العربى كله، ونحن بحاجة ماسة لها لأن تكون القوة الناعمة الحقيقية التى تساند أفكار وتوجهات الدولة والرئيس للانطلاق للمستقبل لذلك يجب أن يكون لدينا إنتاج درامى بناء وناقد بحيادية وتقديم الشخصيات القدوة المخلصة لكن المهم توفير السيولة المالية اللازمة للإنتاج.. وأرفض الاتهام بالتقصير لأننا نحاول تقديم أعمال جيدة ومفيدة للمجتمع، وأوضح: نقاتل من أجل ظهور عملين مهمين يحملان قيماً ومضموناً مهماً مثل «طلعت حرب» و«نجمة سينا»، وكلاهما يدعو للانتماء والوطنية والقدوة.