بين السادات ومبارك.. وثورة 25 يناير!! بقلم : نصر القفاص منذ 1 ساعة 17 دقيقة يوم السادس من أكتوبر عام 1981.. كنا في حديق نقابة الصحفيين نتحدث عن شئ ما تنتظره مصر..للحقيقة ان اكثرنا توقعا وشرحاً لانفجار قادم.. كان الأستاذ «فتحى رزق» عضو مجلس النقابة آنذاك ومدير مكتب جريدة الأخبار فى مدينة الإسماعيلية.. انصرفنا فى تمام العاشرة صباحاً. كل منا توجه الى ج ريدته.. ساعات قليلة وعدنا الى مقر النقابة بعد ان تأكد كل منا ان الرئيس «انور السادات» قد رحل برصاصات ما يسمى أعضاء الجماعة الاسلامية.. تفاوتت مشاعرنا بين الرعب من المستقبل وحالة ارتياح لرحيل صاحب قرارات الخامس من سبتمبر..وأذكر هنا ان جريدة الجمهورية جعلتها «ثورة 5 سبتمبر» فى صفحتها الأولى!!..وكان رئيس التحرير فى هذا الوقت هو الأستاذ «محسن محمد».. ودارت عجلة الأحداث بتولى «محمد حسنى مبارك» مسئولية الحكم وكم كانت مصر محظوظة انذاك لوجود الدكتور «فؤاد محيى الدين» رئيس الوزراء الأسبق كبطل من أبطال المسرح السياسى. ليلة 28 يناير من عام 2011.. كنت فى طريقى الى قناة «الحرة» فالتقيت بالصديق الدكتور «عمرو الشوبكى»..وجدته فى حالة انتعاش شديدة وسألنى عن شعورى فى تلك الساعات.. قلت له:«أشعر بتفاؤل شديد جداً».. فأكد لى الدكتور «عمرو» ان مصر ستشهد حدثاً عظيماً فى الساعات القادمة..ودعنا بعضنا البعض وانهيت حوارى على الهواء في قناة «الحرة» وفى طريق عودتى الى جريدة الأهرام سيراً على الاقدام التقيت بالزميل والصديق «أحمد مصطفى» الصحفى المعروف بجريدة اليوم السابع.. خلال حوارنا وقوفاً.. مرت بجوارنا سيارة توقفت أمامنا.. فاذا به الدكتور «جمال زهران» عضو مجلس الشعب والمعارض المعروف.. ألقى علينا التحية بحالة ابتهاج وسعادة واضحتين.. وما إن تحركت سيارته حتى لاحظنا ثلاث سيارات لأمن الدولة تتبعه.. عرفنا ذلك من نظراتهم تجاهنا.. ثم من أولئك الذين أحاطونا وحاولوا الاقتاب منا!!.. ودعت الزميل «أحمد مصطفى» وقلت له: «هؤلاء أغبياء.. فهم ضباط فى أمن الدولة..يراقبون من كان يمكن ان يجعلوه صمام أمانهم».. وكنت أقصد ان المعارضة عبر البرلمان وقنوات العمل السياسى الواضح، هى صمام امان أى نظام..وحدثته عن يوم السادس من اكتبور فى عام 1981.. وتذكرت الأستاذ «فتحى رزق» القائل: «السادات اعتقل كل الذين كانوا يمثلون صمام امان نظامه».. وغادرت الزميل «أحمد مصطفى» متأكداً ان هناك فرداً من رجال أمن الدولة يتبعنى حتى ركبت سيارتى من أمام جريدة الأهرام وغادرت فى طريقى الى بيتى. كان الرئيس «السادات» مبالغاً فى الاحتياط حيث اعتقل معارضيه المعلنين.. وكان «حسنى مبارك» أشد حرصاً وأكثر مبالغة بمراقبة وذبح كل معارضيه المعلنين.. وفى الحالتين انتهى النظام. يمكن ان يتكرر المشهد ذاته بعد سنوات طويلة..لكن ثورة «25يناير» المتفردة تختصر الزمن من السنوات الى الشهور..فقد انتجت رئيس وزراء اسمه «عصام شرف» تمكن من استبعاد كل الموهوبين وقاتل كل المخلصين والمحترمين..استعان بفلول النظام على مرتين فى حكومتيه.. التزم الصمت وكم كان صاخباً بصمته وفىصمته.. فحالته فرضت على الوطن ان يعيش غلياناً مستمراً.. فهو يلقى باشارة المرور يميناً، ويتجه يساراً بأقصي سرعة.. اقصد بذلك انه يلمح بأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يفرض عليه مالا يرضاه.. وعندما يفوضه ذلك المجلس بكل شىء وفى كل شىء.. يذهب لاختيار الأسوأ وتجيد الصمت والصبر والملل.. يطبق قاعدة لا أرى لا أسمع ولا أتكلم.. لكنه يعيث فى الوطن اضطراباً ويشعل نيران أزماته.. هو يملك قدرة صنع مناخ العواصف وتهيئة المسرح للحريق!!.. ويتوارى صامتاً خجولاً.. فهو يتمسك بوزير داخلية جعل الشرطة تعاملنا على اننا أعداؤنا.. بل جعلنا نرفض التصالح معها لمجرد تمسكه باللواء «منصور العيسوى».. استقدم اضعف من فينا لتبؤ مواقع المسئولية فى الاعلام مكتوباً ومرئياً ومسموعا وكانت تغييراته بين المحافظين هدفها تجويد حالة الاضطراب وتفجير الأزمات..وكل خطواته تصب فى صالح جماعة الاخوان المسلمين والاحزاب المفقوسة منها سلفية وجهادية الى اخر قائمة البحث عن التهام الوطن..وكم كان ذلك غريباً أن يجد «حسنى مبارك» رجلاً بقيمة وقامة «فؤاد محيى الدين» لحظة الأزمة.. ثم لا تجد مصر غير «عصام شرف» في عز الأزمة!1 عبقرية «فؤاد محيى الدين» تجلت فى استيعابه السريع للحظة رحيل «أنور السادات» وتولى «حسنى مبارك»..وعبقرية «عصام شرف» انه لم يستوعب غير صدمة انسانية تتمثل فى انه اصبح رئيساً للوزراء فى غفوة من الزمان وغفلة من شعب ثورة «25 يناير».. لذلك فقد كانت شهادة المحترم اللواء «حسن عبدالمجيد» فى قضية قتل المتظاهرين.. كفيلة بابعاده ليس فقط عن الشرطة بل عن الوطن كله1!.. والتربص بالدكتور «عمرو الشوبكى» واحتجازه لارهاب فى مطار القاهرة..وتسليط الرقيب على أمثالى بأن يشطب ماأكتبه من انتقاد لطيف لأحد اعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ثم يسارع بتسليمه نسخة من الأصل.. ومثل هذا المخبر يعتقد ان فى جريمته مؤهلاً لتبؤ منصب رفيع.. والتفاصيل تكمن فيها فضيحة سأكشفها فى مقالى القادم!! أقول قولى هذا وأترحم على الزعيم «جمال عبدالناصر» فى ذكرى رحيله [email protected]