حزمة قرارات جديدة من قناة السويس تعرف عليها (تفاصيل)    ارتفاع عدد الضحايا جراء القصف الإسرائيلي على مدرسة بالنصيرات إلى 32 شهيدًا    الحوثيون يعلنون استهداف سفنا في البحرين الأحمر والعربي    موقع نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بوابة التعليم الأساسي رابط مباشر برقم الجلوس جميع المحافظات    رجل الأعمال باسل سماقية يحتفل بخطبة ابنته (صور)    وفاة أول إصابة بمتحور أنفلونزا الطيور.. ماذا قالت الصحة العالمية؟    هل يستطيع منتخب مصر العبور إلى مونديال 2026؟.. هشام عبدالرسول يرد    وزير خارجية قبرص: نعمل على تهيئة الظروف للانتهاء من المشروعات المشتركة مع مصر    رئيس برلمان سلوفينيا: الاعتراف بالدولة الفلسطينية قرار في غاية الأهمية بالنسبة لنا    حاتم صلاح يوجه رسالة ل أحمد فهمي بعد مشاركته في فيلم «عصابة الماكس»    «موجوع لفراقك».. محمد صبحي يوجه رسالة مؤثرة للفنانة الراحلة سعاد نصر    لماذا اخفى الله قبور الأنبياء إلا قبر سيدنا محمد؟ أمين الفتوى يجيب    هشام نصر: الزمالك كان مديونا بأكثر من 35 مليون جنيه لاتحادات الطائرة واليد والسلة    «بايك» تُعلن التحدى مع «ألكان أوتو» فى مصر    طارق السيد: عمر كمال الأفضل لمركز الظهير الأيسر أمام بوركينا فاسو    ملف رياضة مصراوي.. تصريحات صلاح.. مؤتمر حسام حسن.. تشكيل منتخب مصر المتوقع    البابا تواضروس: سألنا مرسي عن 30 يونيو قال "عادي يوم وهيعدي"    ضبط المتهم بتشويه مطلقته بمادة كاوية فى منشأة القناطر    رئيس جامعة سوهاج يتسلم جائزة مؤسسة الأمير محمد بن فهد لأفضل إنتاج علمي    البابا تواضروس يكشف كواليس اجتماع 3 يوليو في وزارة الدفاع    نشرة التوك شو| تأثير انقطاع الكهرباء على أسعار الدواجن وموعد تشغيل محطة الضبعة    بوسي تستعرض جمالها في أحدث ظهور لها والجمهور يعلق (صور)    خطة بايدن لوقف إطلاق النار بغزة.. حماس تسمع عنها في الإعلام ونتنياهو يسعى لوفاتها قبل أن تولد    واجبات الحج الأربعة.. معلومات وأحكام شرعية مهمة يوضحها علي جمعة    الأزهر للفتوى: الاجتهاد في السعي على طلب الرزق في الحر الشديد له ثواب عظيم    10 % نسبة الزيادة المحتملة، موعد إعلان أسعار البنزين والسولار الجديدة    عبد الرحمن مجدي: الأهلي تراجع عن ضمي.. وطلبات الإسماعيلي منعت انتقالي إلى الزمالك    لأسباب شخصية وعائلية .. ممثل الكيان الصهيونى يستقيل من منصبه في "العدل الدولية"    ملخص وأهداف مباراة فرنسا ضد لوكسمبرج الودية    درجة الحرارة تصل لذروتها.. الأرصاد توجه نصائح للمواطنين    مصرع شاب إثر حادث تصادم موتوسيكل مع سيارة فى تمى الأمديد بالدقهلية    البابا تواضروس يروى كواليس اجتماعه في وزارة الدفاع يوم 3 يوليو    «الرى» تُنشئ 20 محطة مياه وسدودًا لحصاد الأمطار بجنوب السودان    أسعار الذهب اليوم الخميس 6 يونيو 2024 في الصاغة وعيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع    تنسيق الثانوية العامة محافظة الشرقية 2024-2025 بعد ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية (التوقعات)    مهرجان جمعية الفيلم يعرض فيلم «شماريخ» تحت شعار «تحيا المقاومة لتحيا فلسطين» (تفاصيل)    حظك اليوم برج الأسد الخميس 6-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    مسئولون أمريكيون: بايدن أعلن مقترح غزة دون الحصول على موافقة نتنياهو    هشام نصر يكشف مفاجأة: الزمالك لم يتم التعاقد مع محترف فريق الطائرة حتى الآن    «الأهلي» يكشف تفاصيل تجديد كبار الفريق.. وموقف علي معلول    عبدالله السعيد: بعد رحيلي عن الأهلي سقف الرواتب "اتضرب"    منعًا لتلف المحرك.. تعرفي على الوقت الصحيح لتشغيل الثلاجة بعد التنظيف    وزير الصحة يستقبل نظيره الزيمبابوي لبحث سبل التعاون وتبادل الخبرات بين البلدين    تاكيدًا لانفراد «بوابة أخبار اليوم».. تفاصيل العثور على جثة الشاب السعودي «هتان شطا»    حظك اليوم| برج الثور الخميس 6 يونيو.. «يومًا أكثر استقرارًا وانتاجية»    أكرم القصاص: طلبات المصريين من الحكومة بسيطة..والفترة الماضية شهدت انخفاض فى الأسعار    السفارة الأمريكية: إطلاق مبادرة جديدة للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات    «سقط من نظري».. البابا تواضروس يروي موقفًا صادمًا مع «مرسي»    البابا تواضروس: أخبرت نائب محمد مرسي عن أهمية ثقة المواطن في المسئول فصمت    عيد الأضحى 2024.. الشروط الواجب توافرها عند الذبح    ضمن برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر.. دورة تدريبية عن مهارات القيادة    وزيرة التخطيط تشارك بمنتدى دول البريكس الاقتصادي الدولي في نسخته ال 27    إيه هو مشروع فالي تاورز وليه سعره لُقطة.. فيديو    أخبار × 24 ساعة.. هيئة الدواء: تسعير الأدوية جبرى وإجراءات ضد المخالفين    رئيس شعبة الدواء: لدينا 17 ألف صنف.. والأدوية المصرية نفس جودة الأجنبية    شاب متهور يدهس عاملا بالتجمع الأول أثناء استعراضه بالسيارة في الشارع    عقب سيجاره يشعل النيران في أشجار النخيل بمركز ابشواي بالفيوم    السعودية ومصر تعلنان موعد غرة ذي الحجة وعيد الأضحى 2024 غدًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"حرب أكتوبر" .. طمسها المخلوع ونصرتها "يناير" - الفريق الشاذلي
مرسي كرم رموزها بعد أن همشهم النظام البائد
نشر في التغيير يوم 06 - 10 - 2012

منذ وفاة الرئيس الراحل محمد أنور السادات في الاحتفالات بنصر أكتوبر عام 1981 ولم يعد لهذه الاحتفالات أي رونق وكأن المخلوع حسني مبارك عمد إلى اختزال هذا النصر العظيم في شخصه فقط وفي دوره في الحرب ثم تعمده فيما بعد وبشكل ملحوظ في طمس كل ما له علاقة بهذا الحدث سواء شخصيات أو أحداث تاريخية في محاولة منه لإرضاء العدو الصهيوني الذي وصفه قادته بعد تنحيه بالكنز الاستراتيجي لهم.
وقامت ثورة الخامس وعشرين من يناير وكأنها أتت لإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي وإعطاء كل ذي حق حقه وحجمه الحقيقي دون تضخيم أو تهميش فكان بداية تكريم د.محمد مرسي رئيس الجمهورية للواء جلال هريدي مؤسس سلاح الصاعقة في الجيش المصري والفريق سعد الدين الشاذلي مهندس حرب السادس من أكتوبر والذي توفي في 10 فبراير 2011 أي قبل تنحي المخلوع بيوم واحد وكأن الزمن أراد للفريق أن يرى ذل المخلوع وزوال سلطانه قبل أن يموت ثم أخيرا تكريم الرئيس الراحل أنور السادات صاحب قرار الحرب ومنحه قلادة النيل ووسام نجمة الشرف.
وبالنسبة للفريق سعد الدين الشاذلي فقد ولد بقرية شبراتنا مركز بسيون في محافظة الغربية, والتحق بالكلية الحربية في فبراير 1939 وكان عمره وقتها 17 سنة، وتخرج برتبة ملازم في يوليو 1940 ثم انتدب للخدمة في الحرس الملكي من 1943 إلى 1949 وقد شارك في حرب فلسطين عام 1948 ضمن سرية ملكية مرسلة من قبل القصر وانضم إلى الضباط الأحرار عام 1951 وأسس أول قوات مظلية في مصر عام 1954 وشارك في العدوان الثلاثي عام 1956 وشارك في حرب اليمن كقائد للواء مشاة بين عامي 1965 1966 وشكل مجموعة من القوات الخاصة عرفت فيما بعد (بمجموعة الشاذلي) عام 1967.
حظى بشهرته لأول مره خلال الحرب العالمية الثانية عام 1941 عندما كانت القوات المصرية والبريطانية تواجه القوات الألمانية في الصحراء الغربية، وعندما صدرت الأوامر للقوات المصرية والبريطانية بالانسحاب بقي الملازم الشاذلي ليدمر المعدات الثقيلة المتبقية في وجه القوات الألمانية المتقدمة.
أثبت الشاذلي نفسه مرة أخرى في نكسة 1967 عندما كان برتبة لواء ويقود وحدة من القوات الخاصة مجموع أفرادها حوالي 1500 فرد والمعروفة بمجموعة الشاذلي في مهمة لحراسة وسط سيناء ووسط أسوأ هزيمة شهدها الجيش المصري في العصر الحديث وانقطاع الاتصالات مع القيادة المصرية وكنتيجة لفقدان الاتصال بين الشاذلي وبين قيادة الجيش في سيناء، فقد اتخذ الشاذلي قرارا جريئا فعبر بقواته الحدود الدوليه قبل غروب يوم 5 يونيو وتمركز بقواته داخل الأراضي الفلسطينيه المحتله بحوالي خمسة كيلومترات وبقي هناك يومين إلى أن تم الاتصال بالقيادة العامة المصرية التي أصدرت إليه الأوامر بالانسحاب فورا فاستجاب لتلك الأوامر وبدأ انسحابه ليلا وقبل غروب يوم 8 يونيو في ظروف غاية في الصعوبة، باعتباره كان يسير في أرض يسيطر العدو تمامًا عليها، ومن دون أي دعم جوي، وبالحدود الدنيا من المؤن، واستطاع بحرفية نادرة أن يقطع أراضي سيناء كاملة من الشرق إلى الشط الغربي لقناة السويس (حوالي 200 كم) وقد نجح في العوده بقواته ومعداته إلى الجيش المصري سالماً، وتفادى النيران الصهيونية، وتكبد خسائر بنسبة 10% إلى 20%، فكان آخر قائد مصري ينسحب بقواته من سيناء.
بعد هذه الحادثه اكتسب سمعة كبيرة في صفوف الجيش المصري، فتم تعيينه قائدًا للقوات الخاصة والصاعقة والمظلات، وقد كانت أول وآخر مرة في التاريخ المصري يتم فيها ضم قوات المظلات وقوات الصاعقة إلى قوة موحدة هي القوات الخاصة.
تعيينه رئيساً لأركان القوات المسلحة
في 16 مايو 1971، وبعد يوم واحد من إطاحة الرئيس السادات بأقطاب النظام الناصري، فيما سماه بثورة التصحيح عين الشاذلي رئيسًا للأركان بالقوات المسلحة، باعتبار أنه لم يكن يدين بالولاء إلا لشرف الجندية، فلم يكن محسوبًا على أي من المتصارعين على الساحة السياسية المصرية آنذاك.
يقول الفريق الشاذلي :"كان هذا نتيجة ثقة الرئيس السادات به وبإمكانياته، ولأنه لم يكن الأقدم من الناحية الشكلية لقيادة هذا المنصب، لكن ثقته في قدراته جعلته يستدعيه، ويتخطى حوالي أربعين لواء من الألوية الأقدم منه في هذا المنصب".
دخل الفريق الشاذلي في خلافات مع الفريق محمد أحمد صادق وزير الحربية آنذاك حول خطة العمليات الخاصة بتحرير سيناء، حيث كان الفريق صادق يرى أن الجيش المصري يتعين عليه ألا يقوم بأي عملية هجومية إلا إذا وصل إلى مرحلة تفوق على العدو في المعدات والكفاءة القتالية لجنوده، عندها فقط يمكنه القيام بعملية كاسحة يحرر بها سيناء كلها فوجد الفريق الشاذلي أن هذا الكلام لا يتماشى مع الإمكانيات الفعلية للجيش، لذلك طالب أن يقوم بعملية هجومية في حدود إمكانياته، تقضي باسترداد من 10 إلى 12 كم في عمق سيناء.
بنى الفريق الشاذلي رأيه ذلك على أنه من المهم أن تفصل الإستراتيجية الحربية على إمكانياتك وطبقا لإمكانيات العدو وسأل الشاذلي الفريق صادق :"هل لديك القوات التي تستطيع أن تنفذ بها خطتك ؟ فقال له : لا فقال له الشاذلي : على أي أساس إذن نضع خطة وليست لدينا الإمكانيات اللازمة لتنفيذها ؟ ثم أقال الرئيس السادات الفريق صادق وعين المشير أحمد إسماعيل علي وزيراً للحربية .
خطة المآذن العالية
يقول الشاذلي عن الخطة التي وضعها للهجوم على إسرائيل واقتحام قناة السويس التي سماها "المآذن العالية" : إن ضعف قواتنا الجوية وضعف إمكاناتنا في الدفاع الجوي ذاتي الحركة يمنعنا من أن نقوم بعملية هجومية كبيرة .. ولكن في استطاعتنا أن نقوم بعملية محدودة، بحيث نعبر القناة وندمر خط بارليف ونحتل من 10 إلى 12 كيلومترا شرق القناة وكانت فلسفة هذه الخطة تقوم على أن لإسرائيل مقتلين : المقتل الأول : هو عدم قدرتها على تحمل الخسائر البشرية نظرًا لقلة عدد أفرادها ، والمقتل الثاني : هو إطالة مدة الحرب ، فهي في كل الحروب السابقة كانت تعتمد على الحروب الخاطفة التي تنتهي خلال أربعة أسابيع أو ستة أسابيع على الأكثر ؛ لأنها خلال هذه الفترة تقوم بتعبئة 18% من الشعب الإسرائيلي وهذه نسبة عالية جدًّا.
ثم إن الحالة الاقتصادية تتوقف تمامًا في الكيان الصهيوني والتعليم يتوقف والزراعة تتوقف والصناعة كذلك؛ لأن معظم الذين يعملون في هذه المؤسسات في النهاية ضباط وعساكر في القوات المسلحة؛ ولذلك كانت خطة الشاذلي تقوم على استغلال هاتين النقطتين.
الخطة كان لها بعدان آخران على صعيد حرمان الكيان الصهيوني من أهم مزاياها القتالية يقول عنهما الشاذلي :"عندما أعبر القناة وأحتل مسافة بعمق 10: 12 كم شرق القناة بطول الجبهة (حوالي 170 كم) سأحرم العدو من أهم ميزتين له؛ فالميزة الأولى تكمن في حرمانه من الهجوم من الأجناب؛ لأن أجناب الجيش المصري ستكون مرتكزة على البحر المتوسط في الشمال، وعلى خليج السويس في الجنوب، ولن يستطيع الهجوم من المؤخرة التي ستكون قناة السويس، فسيضطر إلى الهجوم بالمواجهة وعندها سيدفع الثمن فادحًا".
وعن الميزة الثانية قال الشاذلي :"يتمتع العدو بميزة مهمة في المعارك التصادمية، وهي الدعم الجوي السريع للعناصر المدرعة التابعة له؛ حيث تتيح العقيدة القتالية الغربية التي يعمل الكيان الصهيوني بمقتضاها للمستويات الصغرى من القادة بالاستعانة بالدعم الجوي، وهو ما سيفقده لأني سأكون في حماية الدفاع الجوي المصري، ومن هنا تتم عملية تحييد الطيران الصهيوني من المعركة".
حرب أكتوبر
في يوم 6 أكتوبر 1973 في الساعة 14:05(الثانية وخمس دقائق ظهراً) شن الجيشان المصري والسوري هجومًا كاسحًا على العدو الصهيوني، بطول الجبهتين، ونفذ الجيش المصري خطة "المآذن العالية" التي وضعها الفريق الشاذلي بنجاح غير متوقع، لدرجة أن الشاذلي يقول في كتابه حرب أكتوبر :"في أول 24 ساعة قتال لم يصدر من القيادة العامة أي أمر لأي وحدة فرعية .. قواتنا كانت تؤدي مهامها بمنتهى الكفاءة والسهولة واليسر كأنها تؤدي طابور تدريب تكتيكي".
موقفه من تطوير الهجوم
وقد أرسلت القيادة العسكرية السورية مندوبًا للقيادة الموحدة للجبهتين التي كان يقودها المشير أحمد إسماعيل تطلب زيادة الضغط على القوات الصهيونية على جبهة قناة السويس لتخفيف الضغط على جبهة الجولان، فطلب الرئيس السادات من إسماعيل تطوير الهجوم شرقًا لتخفيف الضغط على سوريا، فأصدر إسماعيل أوامره بذلك على أن يتم التطوير صباح 12 أكتوبر فعارض الفريق الشاذلي بشدة أي تطوير خارج نطاق ال12 كيلو التي تقف القوات فيها بحماية مظلة الدفاع الجوي، وأي تقدم خارج المظله معناه أننا نقدم قواتنا هدية للطيران الصهيوني.
بناءً على أوامر تطوير الهجوم شرقًا هاجمت القوات المصرية في قطاع الجيش الثالث الميداني (في اتجاه السويس) بعدد 2 لواء، هما اللواء الحادي عشر (مشاة ميكانيكي) في اتجاه ممر الجدي، واللواء الثالث المدرع في اتجاه ممر متلا.
وفي قطاع الجيش الثاني الميداني (اتجاه الإسماعيلية) هاجمت الفرقة 21 المدرعة في اتجاه منطقة "الطاسة"، وعلى المحور الشمالي لسيناء هاجم اللواء 15 مدرع في اتجاه "رمانة" وكان الهجوم غير موفق بالمرة كما توقع الشاذلي، وانتهى بفشل التطوير، مع اختلاف رئيسي، هو أن القوات المصرية خسرت 250 دبابة من قوتها الضاربة الرئيسية في ساعات معدودات من بدء التطوير بسبب التفوق الجوي الصهيوني.
بنهاية التطوير الفاشل أصبحت المبادأة في جانب القوات الصهيونية التي استعدت لتنفيذ خطتها المعدة من قبل والمعروفة باسم "الغزالة" للعبور غرب القناة، وحصار القوات المصرية الموجودة شرقها خاصة وأن القوات المدرعة التي قامت بتطوير الهجوم شرقاً هي القوات التي كانت مكلفة بحماية الضفة الغربية ومؤخرة القوات المسلحة وبعبورها القنال شرقاً وتدمير معظمها في معركة التطوير الفاشل ورفض السادات سحب ما تبقى من تلك القوات مرة أخرى إلى الغرب، أصبح ظهر الجيش المصري مكشوفاً غرب القناة فيما عرف بعد ذلك بثغرة الدفرسوار.
ثغرة الدفرسوار
اكتشفت طائرة استطلاع أمريكية لم تستطع الدفاعات الجوية المصرية إسقاطها بسبب سرعتها التي بلغت ثلاث مرات سرعة الصوت وارتفاعها الشاهق وجود ثغرة بين الجيش الثالث في السويس والجيش الثاني في الإسماعيلية ، وقام الأمريكان بإبلاغ الكيان الصهيوني ونجح أرئيل شارون قائد إحدى الفرق المدرعة الصهيونية بالعبور إلى غرب القناة من الثغرة بين الجيشين الثاني والثالث، عند منطقة الدفرسوار القريبة من البحيرات المرّة بقوة محدودة ليلة 16 أكتوبر، وصلت إلى 6 ألوية مدرعة، و3 ألوية مشاة مع يوم 22 أكتوبر واحتل شارون المنطقة ما بين مدينتي الإسماعيلية والسويس، ولم يتمكن من احتلال أي من المدينتين حيث كبدته القوات المصرية والمقاومة الشعبية خسائر فادحة.
تم تطويق الجيش الثالث بالكامل في السويس، ووصلت القوات الصهيونية إلى طريق السويس القاهرة، لكنها توقفت لصعوبة الوضع العسكري بالنسبة لها غرب القناة خصوصاً بعد فشل الجنرال شارون في الاستيلاء على الإسماعيلية وفشل الجيش الصهيوني في احتلال السويس مما وضع القوات الصهيونية غرب القناة في مأزق صعب وجعلها محاصرة بين الموانع الطبيعية والاستنزاف والقلق من الهجوم المصري المضاد الوشيك.
في يوم 17 أكتوبر طالب الفريق الشاذلي بسحب عدد 4 ألوية مدرعة من الشرق إلى الغرب؛ ليزيد من الخناق على القوات الصهيونية الموجودة في الغرب، والقضاء عليها نهائيًّا، علماً بأن القوات الصهيونية يوم 17 أكتوبر كانت لواء مدرع وفرقة مشاة فقط وتوقع الفريق الشاذلي عبور لواء صهيوني إضافي ليلا لذا فطالب بسحب عدد 4 ألوية مدرعة تحسبا لذلك وأضاف أن القوات المصرية ستقاتل تحت مظلة الدفاع الجوي وبمساعدة الطيران المصري وهو ما يضمن التفوق المصري الكاسح وسيتم تدمير الثغرة تدميرا نهائيا وكأن عاصفة هبت على الثغرة وقضت عليها (حسب ما وصف الشاذلي)، وهذه الخطة تعتبر من وجهة نظر الشاذلي تطبيق لمبدأ من مبادئ الحرب الحديثة، وهو "المناورة بالقوات"، علمًا بأن سحب هذه الألوية لن يؤثر مطلقًا على أوضاع الفرق المشاة الخمس المتمركزة في الشرق.
لكن السادات وأحمد إسماعيل رفضاً هذا الأمر بشدة، بدعوى أن الجنود المصريين لديهم عقدة نفسية من عملية الانسحاب للغرب منذ نكسة 1967، وبالتالي رفضاً سحب أي قوات من الشرق للغرب، وهنا وصلت الأمور بينهما وبين الشاذلي إلى مرحلة الطلاق.
خروجه من الجيش
في 13 ديسمبر 1973 وفي قمة عمله العسكري بعد حرب أكتوبر تم تسريح الفريق الشاذلي من الجيش بواسطة الرئيس أنور السادات وتعيينه سفيراً لمصر في إنجلترا ثم البرتغال وفي عام 1978 انتقد الشاذلي بشدة معاهدة كامب ديفيد وعارضها علانية مما جعله يتخذ القرار بترك منصبه ويذهب إلى الجزائر كلاجئ سياسي.
في المنفى كتب الفريق الشاذلي مذكراته عن الحرب والتي اتهم فيها السادات باتخاذ قرارات خاطئة رغماً عن جميع النصائح من المحيطين أثناء سير العمليات على الجبهة أدت إلى التسبب في الثغرة وتضليل الشعب بإخفاء حقيقة الثغرة وتدمير حائط الصواريخ وحصار الجيش الثالث لمدة فاقت الثلاثة أشهر كانت تصلهم الإمدادات تحت إشراف الجيش الصهيوني.
كما اتهم في تلك المذكرات الرئيس السادات بالتنازل عن النصر والموافقة على سحب أغلب القوات المصرية إلى غرب القناة في مفاوضات فض الاشتباك الأولى وأنهى كتابه ببلاغ للنائب العام يتهم فيه الرئيس السادات بإساءة استعمال سلطاته وهو الكتاب الذي أدى إلى محاكمته غيابيا بتهمة إفشاء أسرار عسكرية وحكم عليه بالسجن ثلاثة سنوات مع الأشغال الشاقة ووضعت أملاكه تحت الحراسة، كما تم حرمانه من التمثيل القانوني وتجريده من حقوقه السياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.