الفقيه والمتفيهق والداعية والمدعى والعالم والمتعالم، اللغة العربية تبدع في الوصف، نحن في زمان يا صديقي تستطيع أن تشرح فيه هذه الكلمات دون عناء لأن نماذج الإيضاح كثيرة بالصوت والصورة، تستطيع الاثبات بالدليل والبرهان حتى دون أن تنطق الأسماء. فقط انشر بعض المواقف وابحث في بعض التفاصيل، ستجد الدليل. إلى شيوخ القنوات الفضائية، شيوخ الفيبر الحراري والموبايل المعجزة ذي "الاوبشنز" التى لا مثيل لها "كشاف وقائمة أسماء وكاميرا ..." وطقم الصيني ال1500 قطعة ومصاريف الشحن علينا، إلى الشيوخ الذين تم طباعة صورهم كدعاية انتخابية علي حوائط الشوارع، وتحولوا إلى اشياء او اعلانات تجارية تروح للمنتج مثل اعلانات الحاجة الساقعة التي تغري العطشان عندما تعرض الزجاجة " المشبرة " في عز الصيف، تحياتي إلى الحملات الانتخابية التي شعرت بعطش الشعب إلى شماعات تعلق عليها اعذار ترييح الدماغ عن البحث وراء المرشح المثالي فوضعوا لهم " شيوخ علي البوسترات "، إلى شيخ الازهر عضو لجنة السياسات، إلى مفتى الديار وحامى الذمار، هل تخبرنى يا مفتينا هل نقبل يد العلماء تعظيما لمكانتهم أولى أم نقف "نضرب تعظيم سلام" لجنرلات الجيش أولى؟! فهو أمر محير. إلى الشيخ الثائر الفلتة الذي فجر المفاجأة وكشف أسرار شقة العجوزة، ما هو حكم اتهام الناس في أعراضهم يا شيخ ؟! إلى الاعلامي الجهبذ صاحب الكباسين، إلى بلاكمة البرلمان، إلى الفقيه العالم العلامة الذي وصف أتباع الديمقراطية بقوم لوط، إلى دعاة "الخروج علي الحاكم حرام"، وعندما خرجنا عليه، قفزوا على خروجنا وقالوا "الشعب يريد تطبيق شرع الله"! ولا اعلم هل الشرع سيقوم على فعل حرام كما وصفتم! صحيح نسيت فالخروج علي الحاكم الجديد حرام، عندما يتمكن الحاكم من الكرسي فالخروج عليه حرام، لا استطيع تفسير هذا الموقف تفسيرا انسانيا صحيحا! الا انه يذكرني بعادل امام عندما قال "يا بيه اللي يحكمني اسقف له وادعي له"! رسالة إلى كل هؤلاء من الزمن الغابر – مش غابر اوي يعني – علكم تفهمون فحواها او لا تفهمون لا يهم. «روى الجبرتي أن الفلاحين في قرية من قرى بلبيس شكوا في شهر ذي الحجة سنة 1209 هجرية – 1795 ميلادية – إلى الشيخ عبد الله الشرقاوي كبير علماء الأزهر ظلما لحق بهم من اتباع محمد بك الألفي أمير المماليك المشهور، فأبلغ الشيخ شكواهم إلى كل من مراد بك وابراهيم بك ليخاطبا الألفي بك في هذه الشكوى، ويطلبا اليه أن يكف اتباعه عما يوجبها، وانقضى الزمان على هذا البلاغ بغير جدوى. فجمع الشرقاوي علماء الأزهر وتشاوروا في الأمر مليا وانتهوا إلى إنذار الأمراء جهرة بالمقاومة، واتفقوا على اغلاق أبواب الجامع ودعوة التجار أصحاب الاعمال إلى إغلاق الدكاكين وحوانيت التجارة واعلان ما نسميه اليوم بالاضراب العام. ثم ركب الشيخ الشرقاوي والعلماء في اليوم التالى وتبعتهم جماهير الشعب إلى منزل الشيخ السادات لإشراكه وإشراك اتباعه معهم في مقاومة الأمراء حتى يستجيبوا لمطالبهم، وكان لابراهيم بك قصر بجوار بيت السادات فرأى هذه الجموع التي لا يكف عنها المدد مما حوله، وهالته كثرتها. فأرسل من يسأل عن سبب اجتماعها ثم علم السبب فلم يجسر على الذهاب بنفسه إلى مكان الاجتماع واناب عنه الدفتردار أيوب بك للاستماع لأقوال العلماء والسعي في تنفيذ ما طلبوه، فعلم منهم انهم يريدون كف المظالم وصيانة الأموال والأرواح ورفع المكوس والضرائب دفعة واحدة الا ما يرتضيه الرعية، فخاطبهم أيوب بك في تخفيف بعض هذه المطالب والاكتفاء بتعجيل بعضها مما قد يرفع شيئا فشيئا وإلا (ضاقت علينا المعايش والأرزاق). فصارحه العلماء قائلين: إن الأمراء ينفقون الأموال في البذخ والترف والاستكثار من الجوارى والمماليك ؟ إن الأمير يعطي ولا ياخذ ما في ايدي وإن الإنفاق علي اللذات وضروب الزينة الفانية إسراف وفضول. ولما لم يسمع العلماء جوابا شافيا في ذلك المجلس، فباتوا ليلتهم في حرم المسجد على أن يخرجوا في الصباح إلى الميادين والساحات العامة معلنين الامراء بخلع الطاعة والاستجابة إلى أحكام الشريعة، فبادر إبراهيم بك إلى طلب المعذرة منهم. وأحال التبعة في رفض مطالبهم إلى اصرار المخالفين له من أمراء المماليك، وعلي رأسهم صاحبه مراد بك، وأبلغهم أنه يؤيدهم ويحارب في صفوفهم إذا أصر المخالفون على الرفض والمراوغة، وكاشف مراد في الأمر مستحثا له عمل شيء عاجل لتهدئة المدينة قبل انفجار الشعب كله بالعصيان، وعلي رأسهم صاحبه مراد بك، وأبلغهم، وكان الوالي الأكبر يرقب الحالة لينظر ما يصنعه أمراء المماليك لتدارك الخطر قبل استفحاله. فلما كان اليوم الثالث، ولم يصنعوا شيئا، قصد إلى قصر إبراهيم بك وجمع هناك كبار الجند وأصحاب الكلمة النافذة في عساكر المماليك وأرسلوا إلى العلماء والرؤساء يدعونهم للمشاورة، ويعدونهم بابرام الأمر علي ما يحبون، فحضر كل من الشيخ الشرقاوي والشيخ السادات والسيد عمر مكرم والشيخ البكرى، وهم نواب الأمة المختارون لهذة الملمات. وانفض الاجتماع بعد طول الأخذ والرد بقبول ما طلبه العلماء وكتابة موثق بذلك على الأمراء أن يتبعوه، ولا يخالفوه ووقعوا جميعا على الحجة الشرعية التي تسجل هذا الموثق وخلاصتها: أن يدين الأمراء بقضاء المحاكم في قضايا الحقوق، وأن تفرض الضرائب بموافقة الرعية على حسب الأحكام الشرعية، وأن يمتنع عدوان الحاكم بغير جريرة من المحكومين وسميت هذة الوثيقة بالحجة الشرعية على عادة قضاة الشرعية في تسمية هذة العقود. ولو انها كتبت في بعض البلاد الأوربية الآن، لجاءنا خبرها مع كتب القوم في علوم السياسة الحديثة بعنوان من تلك العناوين الكثيرة مثل: حقوق الشعب أو الدستور الأكبر أو " الماجنا كارتا " وما اليها من المصطلحات». مقتبسة من كتاب: عبقري الإصلاح والتعليم الإمام محمد عبده، لعباس محمود العقاد. أظن الرسالة وصلت!