بإيجاز واختصار ووضوح، أرى مسارين في الانتخابات الرئاسية، (وهما متناقضان! ولا أجزم أن الأمور تسير باتجاه أحدهما). يشترك الاثنان في السبب والمبرر، إذ لم يتمكن الزخم الثوري من الحسم وإزاحة العسكر من المشهد السياسي والتمهيد لتسليم حقيقي وكامل للسلطة أو حتى المشاركة الفعلية الحقيقية فيها. لكنهما يختلفان كثيرا في المآل وطريقة التعامل ودورنا تجاههما. فالمسار الأول أن يتم الدفع بأحمد شفيق للرئاسة— وهوالرجل الثالث في النظام القديم— بدعم من الحزب الوطني وكوادره وقواعده التي لا زالت فاعلة، والمؤسسات الأمنية والعسكرية والمخابراتية، والسفارات المصرية، ودوائر النفوذ والتأثير وشبكات المصالح، والمحيط الإقليمي العربي، وربما بتأييد أمريكي، مع تهيئة الأجواء لوصوله لسدة الرئاسة من خلال افتعال حادث أمني أو حدودي يظهر فيه شفيق باعتباره الأمل والمخلص وطوق النجاة، أو تزوير طفيف أو واسع يضمن فوزه في جولة الإعادة، ويعيد بعدها إنتاج النظام القديم بخطته الانتقامية التي باح بالقليل منها في حواراته الإعلامية! المسار الثاني هو محاولة «توريط» الدكتور محمد مرسي أو الدكتور عبد المنعم أبوالفتوح في الرئاسة بدون قدرة أو سلطة حقيقية لاتخاذ القرار وبدون صلاحيات رئاسية فعلية، ساعد على ذلك عدم وجود تصور حقيقي لكليهما لإزاحة العسكر، وباستمرار سلطة حقيقية وفعلية وواقعية للعسكر والنظام القديم المتحكم بمفاصل الدولة بحكم موازين القوى المختلة(!) مما يمهد لإفشال التجربة والانقلاب عليها وإجهاض آمالها وأحلامها وأشواقها وطموحاتها وبرنامجها والعودة للأوضاع للقديمة! في كل الأحوال، هناك ثوابت أو محددات هي: 1. مناقضة ومناهضة أحمد شفيق (وموسى بدرجة أقل) واجب وطني وثوري، ينبغي ألا تشغلنا عنه المنافسة الانتخابية. 2. التصعيد الثوري والضغط الشعبي والتواجد الميداني المدعوم شعبيا هو الأداة الوحيدة لتسليم السلطة وحماية مشروع الثورة وضمان وجود سلطة حقيقية بيد رئيس ثوري دستوري، كما أنه الضمانة الوحيدة لعدم تزوير الانتخابات في ظل لجنة انتخابات بلطجية لا تعبأ بأحكام القضاء ولا توصيات البرلمان ولا طلبات الشارع والثوار. 3. التوافق الوطني والسياسي والشعبي والمجتمعي على مشروع ثوري أهم مطالبه ضمان تسليم حقيقي كامل للسلطة (الرئاسة – البرلمان – الحكومة – الدستور) أولوية وطنية وثورية عاجلة وملحة، وينبغي ممارسة كل الضغوط الممكنة لإجبار القوى السياسية على نبذ خلافاتها والتوافق حول هذا المشروع المشترك. 4. المعارك الهامشية وغزوات طواحين الهواء(!) على شاكلة «خناقات» مناصري المرشحين الرئاسيين تضر بالمشروع الوطني والثوري، وينبغي نبذها أخلاقيا واستنكارها وإدانتها. 5. الاستعانة بالله واللجوء إليه في ظل حالة الإفلاس والذل وانعدام الحيل التي وصلنا إليها، وفي ظل اختلال موازين القوى المادية واجب إيماني لا بديل عنه، والتفريط فيه تقصير لا يزول ببذل الوسع واستفراغ الجهد!