في المشروع الإسلامي بات حتميا؛ واجتهاد العلماء الشرعيين أولى أن ينصرف لتقديم الفتاوى المعاصرة والاجتهادات، لا إصدار البيانات وتفضيل المُرشحين للرئاسات. والله أعلم! كتبت هذا بالأمس، وصدرت تعليقات عن بعض الأخوة تستلزم التدقيق والنقاش. فلم أقل بالفصل بين الدعوي والسياسي بل التمايز بينهما، وهو يعني وجود علاقة ديناميكية وتفاعلية. فمجالس العلماء والهيئات الشرعية والعلمية انشغلت على مدار العام الماضي بالسياسة عن الاجتهاد الشرعي؛ وحين اجتهدت في السياسة لم تكن دوما في المربع السليم من الناحية السياسية. وقليل منهم من استشار أهل العلوم الاجتماعية، وحين فعلوا لم يتبعوا ما نصح به لأسباب تخصهم، بينما يبقى تحديد المساحات والأدوار هام جدا، وكذلك تجنب الخلط من الرشد وترتيب المهام ونقاط التقاطع وحدود التداخل وضوابطه هي المهمة الأصعب. لكنها واجب الوقت— والقول بأن الأنبياء كانوا ملوكا وساسة خارج النقاش، فما زالت ملفات المصالح تنتظر أهل الهمة والاجتهاد ثم أهل العزم والرشاد. ملاحظة عابرة في المنطق لم أفهم منطق دعاية الإخوان القائلة أن مرشح الرئاسة الذي يقدمونه ميزته أنه تقف وراءه جماعة قوية ولن يكون فردا! هذا المنطق في غاية الخطورة، فنحن قمنا بثورة لنسترد الدولة، ولو فاز بانتخابات الرئاسة الدكتور محمد مرسي ليس مطلوبا من الجماعة أن تسانده، بل سيحمد لها آنذاك أن تنصرف لشئونها، ويتحول هو لرئيس دولة يختار رجال المؤسسة الرئاسية والسلطة التنفيذية بمعيار الكفاءة وليس الثقة، ويضع حساباته من أجل وطن لا من أجل فصيل. لا تجعلوا منطق الانتخابات ينسينا منطق الدولة .. نريد استرداد الدولة بالمعنى السليم العادل. إنها أداة لتحقيق الشورى وحفظ إنسانية الإنسان .. هذا ما أفهمه تحت عنوان الإسلامية والشريعة: قيادة لشعب وإدارة لوطن بما يحقق المقاصد، وأولها حفظ الكرامة وتحقيق العدالة ووحدة الجماعة الوطنية ورعاية مصالح الناس، مع كل الاحترام للجماعة والحزب والمرشح. مجرد ملاحظة عابرة في المنطق .. فقط.