تصاعدت مشاعر العداء بين مشجعي كرة القدم في مصر وبين وزارة الداخلية منذ كارثة ستاد بورسعيد التي راح ضحيتها 74 على الأقل من مشجعي الألتراس الأهلاوي، وهو ما يهدد الوضع الأمني لمصر في تلك المرحلة الانتقالية الحساسة. وذكرت صحيفة "شيكاغو تريبيون" الأمريكية في مقال بعنوان :"المشجعون الغاضبون يهددون أمن مصر الهش"، أن العديد من مشجعي كرة القدم يتملكهم الاقتناع بأن حادث بورسعيد هو مخطط أمني مدبر بزعم أن ضباط الداخلية لا يزالون ينتمون بولائهم إلى نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، وأن الداخلية أرادت تأديب مشجعي الأهلي الوافدين إلى بورسعيد لدورهم في الإطاحة بمبارك، وحمل تحقيق برلماني مسؤولية المجزرة لمشجعي النادي المصري ومدير أمن بورسعيد الذي تمت إقالته على الفور عقب المذبحة. وأضافت الصحيفة أن التردد الحالي من الأمن فيما يتعلق بتأمين مباريات كرة القدم، وما صاحبه من عدم استكمال بطولة الدوري، اعتبره البعض خطوة حتمية بعد الأحداث المروعة، في حين ينظر إليه البعض الآخر باعتباره انتصارا للفوضى، وإذعانا لرغبات الطامحين في تكريسها. من جهته، قال اللواء السابق فؤاد علام والخبير الأمني :"تأمين المباريات تعد المهمة الأسهل لجهاز الشرطة، شريطة أن يتم وضع خطط أمنية مناسبة، فإذا فشل الأمن في تأمين مباراة، فكيف يتمكن في تأمين وطن بأكمله". واستطردت الصحيفة أن الخطوة التالية للمشجعين ستعتمد على الأحكام القضائية التي ستصدر في حق 75 شخص، بينهم تسعة ضباط شرطة، ضالعين بشكل أو بآخر في أحداث بورسعيد بحسب اتهامات النيابة الرسمية. وحدثت معظم حالات الوفاة في ستاد بورسعيد إما نتيجة الإلقاء المتعمد من مدرجات الاستاد، أو الضرب حتى الموت، أو الدهس في معمعة الفوضى التي غمرت الاستاد ليلة الكارثة، كما تم إغلاق البوابة الحديدية، مما منع المشجعين المذعورين من الفرار من بطش المعتدين، بالإضافة إلى إطفاء متعمد لأضواء الاستاد أثناء الكارثة. بينما أرجع بعض مشجعي المصري المذبحة إلى التوتر المتراكم بين جماهير الأهلي وبورسعيد الذي وصل إلى الذروة ليلة المباراة بحسب تأكيدات عمرو عوف المشجع البورسعيدي. يأتي ذلك في الوقت الذي اتهم فيه الناقد الرياضي المصري علاء صادق الحكومة المصرية بالضلوع في المذبحة. وأردفت الصحيفة أن العلاقة بين الكرة والسياسة بدأت في مصر منذ ظهور الألتراس منذ عقد من الزمان، كشكل غير تقليدي من أشكال التشجيع الكروي في مصر، واتسم تشجيعهم بالتعصب الشديد وتبادل العداء بين طوائف المشجعين المختلفة. وقال أحد أعضاء الألتراس الذي عرف نفسه باسم شريف :"بينما لم يكن هنالك أحزاب سياسية، أو اتحادات دراسية لجأنا لعالم كرة القدم، بدافع الرغبة في الانتماء، ووجدنا مبتغانا في الألتراس". واختتمت الصحيفة أن النادي الأهلي ارتبط تاريخيا بكونه ناديا وطنيا أسس بغرض محاربة الهيمنة البريطانية على مصر آنذاك، بينما ارتبط اسم الزمالك في بداية تأسيسه بالملكية التي كانت تدين بولائها للاحتلال البريطاني، مما أوجد صراعا دائما بين أنصار القطبين. وأضافت "شيكاغو تريبيون" أن انضمام مجموعة من الشباب محدودي الثقاقة داخل صفوف الألتراس التي امتدت للعديد من الأندية المصرية جعل من الصعوبة السيطرة على أنشطتهم، مما أحدث الكثير من المواجهات بينهم وبين الشرطة التي دأبت على استخدام العنف تجاههم في الفترات الأخيرة من حكم الرئيس المخلوع. وكانت ثورة 25 يناير بمثابة فرصة سانحة للألتراس للانتقام من قمع الشرطة لهم، حيث كان لهم تواجدا مؤثرا في الثورة. إلا أن تنحي مبارك لم يخفف من رحي المعركة بينهم وبين الشرطة، ففي نوفمبر وديسمبر من العام المنصرم، ارتبط اسم الألتراس باحتجاجات ضد المجلس العسكري أسفرت عن اشتباكات بينهم وبين قوات الأمن. وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من المصريين يؤمنون بدور الألتراس الإيجابي في كسر جدار الخوف الذي بناه الرئيس المخلوع، إلا أن شهيتهم المستمرة للاحتجاجات تعارضت مع رغبة الكثير في مصر لوضع حد لعدم الاستقرار الذي هبط بالاقتصاد المصري وزاد من معدل الفقر سوءاً.