عادة ما يولد الانسان في اسرة مكونة من ام واب إلا ان مكانة ومركز الطفل في اسرته تتحدد بترتيبه بين اخوته فهنالك من يولد ويكون الطفل البكر لوالديه ويسمى الطفل الاول وهنالك من يكون آخر اخوته ويكون الطفل الضغير او ما يسمى بالعامية بآخر العنقود. وقد اثبتت الدراسات والابحاث في عالم الاطفال ان لمكانة الطفل اهمية كبرى في تكوين شخصيته وتنشئته الاجتماعية وعلاقته مع الآخرين وسنحاول ان نتحدث من خلال هذه المادة عن الطفل الاول والبكر ، وكذلك عن الطفل الاصغر. 1- الطفل الاول البكر : الطفل الاول يمثل بداية لحياة جديدة في الاسرة فمنذ ولادة الطفل يصبح الزوج والزوجة والدين لاول مرة . الام التي تحمل لاول مرة يكون لديها توقع مصحوب بالقلق قبل الولادة مما يجعلها تقوم باستشارات وطلب النصائح الطبية بشكل مكثف ومستمر وهذا الامر ضروري بشرط ان لا ينقلب لقلق دائم الذي بدوره يعمل على مضايقة الام الحامل . لا شك ان النظرة الاولى للطفل يكون ملؤها الفرح وعادة ما يكون الطفل الاول مجالا للمحاولة والخطأ في كثير من امور التربية والرعاية العادية ، فمن خلال التربية والعناية به يتعلم الاب والام وظيفة الابوين فالطفل الاول هو ( مكلف نوعا ما ) لاجله يتخذ الابوان كل الاحتياطات الطبية وكذلك يتم شراء كل لوازمه . قد يجد الوالدان صعوبة في بداية الامر في التوافق مع الوضع الجديد والتغير الذي طرأ على حياتهما ، فحرية الحركة والزيارات تصبح محدودة ولا بد من وضع نظام جديد للاسرة يشمل في اغلبه التعامل مع الطفل الجديد ، وقد تشعر الام الجديدة بحالات من الضيق لم تشعر بها من قبل ، وقد يتحول اهتمام الام عن زوجها الى الطفل مما يجعل الاب يشعر بنقص بالاهتمام من قبل زوجته. ومع نمو الطفل الاول فانه يصبح محط انظار الابوين حيث يعمل الوالدان على دفع الطفل لتحقيق امنياتهما وقد تكون آمال الابوين ممكن تحقيقها من قبل الطفل او غير ممكنه وذلك يتعلق بقدراته وامكانياته وقد ينتج عن ذلك احد الامرين اما ان يتحقق حلم الاهل وتسير الامور على ما يرام ، او قد يحدث العكس فينشأ لدى الطفل القلق والاحباط والحساسية الزائدة . هذا وقد ينال الطفل الاول الكثير من الحماية الزائدة والتدليل ، او ان تعمل الام على القيام بتغذية الطفل بأكثر مما يحتاجه فيتقيأ مباشرة وقد تقوم الام بالاعتناء بنظافة طفلها لدرجة الوسوسة . ويشعر الطفل الاول انه مركز الاهتمام لدى افراد الاسرة وقد يشعر عند ولادة اخ له جديد ( الطفل الثاني) واذا لم يكن قد اعد لذلك اعداداً خاصا يساعده على تقبل الضيف الجديد في الاسرة فسيشعر الطفل بان ولادة اخيه عبارة عن ( كارثة) قد حلت به فقد يشعر بغيرة من اخيه مما يجعله يتصرف تصرفات لم يكن يتصرفها من قبل ، وقد يشعر الطفل بتغير معاملة والديه له عند ولادة اخوته بعده ، وقد يكون هذا التغير طفيفا لا يؤدي الى ردود فعل سلوكية ، وقد يكون تحولا كبيرا يؤدي بدوره الى عواقب وتغير سلوكي صعب على الولد والاهل في آن واحد. لقد دلت البحوث ان الطفل الاول يكون اول اخوته في عملية الجلوس والزحف والكلام والمشي ، وعندما يكبر يستطع ان يتعامل مع المجتمع المحيط به واستعمال المعايير الاجتماعية بصورة مختلفة عن بقية اخوته ، ويكون اقدر على حل المشكلات في المواقف الاجتماعية ، ويميل كذلك الى القيادة والسيطرة في الاسرة في المدرسة وبين اصدقائه . وفي الوقت نفسه فقد يعاني الطفل الاول من بعض المشكلات خاصة من الناحية الجسمية ، وذلك من امكانية ولادته صغير الحجم وقد يعود ذلك لاسباب عديدة منها الولادة الاولى للام وما يتبعها من مشاكل وقد تكون عملية الحمل الاولى صعبة وعسيرة ، وقد تكون مرحلة الرضاعة فيها صعوبات تؤثر على عملية رضاعة الطفل لحليب الام وما يحمل من فوائد لنمو الطفل الجسدي . 2- الطفل الاصغر : هنالك مكانة خاصة للطفل الاصغر في قلبي والديه ، وذلك لكونه الاصغر والاضعف وآخر العنقود ( يقول المثل العامي : آخر العنقود سكر معقود ) ، قد يتفوق الطفل الاصغر على اخوته واخواته ويكون نموه حسنا وذلك نتيجة لاستفادته من كل خبراتهم ويكون والداه قد اصبحا على مستوى اعلى من الخبرة في تربيته . قد يقع الطفل الاصغر او الذي يسمي الطفل الاخير في ترتيبه بين اخوته تحت سلطة والديه واخوته الاكبر ، ويكون اكثر اعتمادا على الكبار ، وقد يشعر بالنقص وعدم الكفاية عند مقارنته بالاكبر منه ، وقد يظهر لديه بعض علامات الخجل والانطواء والخوف من التعامل مع الغرباء. وان كان هنالك فجوة زمنية بينه وبين الاخ او الاخت الاكبر منه فقد يصبح موقفه مشابها لموقف الطفل الوحيد حيث يتركز اهتمام والديه حوله ، والمشكلة تكون حينما يولد الطفل رغم ارادة والديه وهنا قد يطلق عليه اسم المولود الزائد او الولد الغلط !! او النظر اليه على انه عبء غير مرغوب فيه فان لذلك تأثيراً سيئاً على نمو الطفل . لذا على الاهل ان يتعاملوا مع الطفل الاصغر بالحنان والتفاهم والصبر فهنالك العديد من الاهل الذين وصلوا لجيل معين قد فقدوا الصبر وعدم القدرة على تربية الطفل الاخير ، كما فعلوا مع الاولاد الكبار مما يجعلهم يشعرون بالذنب تجاة الابن الاصغر . لذا فاننا ننصح الاباء ان يتقبلوا كل طفل فهو عبارة عن هبة من الله جل جلاله والعمل على تربيته واعطائه الحنان والمحبة وحتى ان اقتضى الامر طلب المساعدة من الاخوة الاكبر منه ، فمن واجبهم ان يهتموا بالاخ الاصغر .